من المحتمل أنك تقضي وقتاً أطول مما ينبغي على هاتفك. ويبدو أن Apple وGoogle تعيان ذلك، ولذا أضافت الشركتان أدوات لهواتفهما تساعدك في تتبع وضبط إدمانك لهاتفك.
ولكن، هل تؤدي القيود التي تفرضها بنفسك إلى نتيجة فعالة؟
إذا كنت تستخدمها على النحو الصحيح، فمن الممكن أن تساعدك في التوقف عن عاداتك السيئة.
أصبحت خاصية أبل، المسماة Screen Time (وقت الشاشة)، متوفرة في نظام التشغيل iOS 12.
وتتيح لك هذه الخاصية مراقبة الوقت الذي تقضيه في استخدام جهازك وما الذي تفعله به.
ويوفر جوجل ميزة مماثلة في أجهزة أندرويد، تسمى Digital Wellbeing (الرفاهية الرقمية)، والتي لا توفر لك مخططاً يوضح ما تفعله على هاتفك والوقت الذي تستغرقه فحسب.
ولكنها أيضاً تقدم عدداً من الميزات الإضافية مثل تحويل الشاشة إلى اللون الرمادي ليلاً لتذكيرك بإيقاف هاتفك، أو حتى تعطيل التطبيقات مباشرة بعد وقت محدد.
ويمكن استخدام كلتا الخاصيتين في نظام الرقابة الأبوية، ولكنهما مصممتان أيضاً للمساعدة في تقليل وقت استخدامك للهاتف.
فعن طريقهما، يمكنك اكتشاف الأمور التي تستهلك وقتك، وتحديد مقدار الوقت الذي تريد عنده التوقف عن استخدام هاتفك وفرض قيود على نفسك.
ولكن، بالنظر إلى أنك تتحكم في تلك القيود، فهل هي حقاً قيود، أم مجرد اقتراحات لطيفة من ذاتك القديمة؟ لن تغير هذه الأدوات عاداتك، لكن حسب صحيفة The New York Times بوسعك استخدامها لمساعدة نفسك.
فكِّر في الطريقة التي تستخدم بها هاتفك وليس المدة
يعتقد معظم الناس أن هناك حاجة للتوقف عن استخدام الهاتف لفترة أطول.
ومع ذلك، تشير إحدى الدراسات التي أجراها باحثون في جامعة ملبورن الأسترالية إلى أن مقدار الوقت الذي تقضيه على هاتفك ليس مهماً بقدر الطريقة التي تقضي بها هذا الوقت.
فإذا كان الوقت الذي تقضيه على هاتفك مفيداً، فلن يعد ذلك إهداراً للوقت.
بمعنى آخر، قد تشعر بقدر أكبر من السعادة عند قضاء بعض الوقت في الدردشة مع شخص تحبه أو قراءة كتاب على هاتفك وليس المجادلة على الفيسبوك أو قراءة الأخبار التي تثير غضبك.
من هذا المنظور، أصبحت أداتا أبل وجوجل أكثر فائدة بكثير.
Apple تستخدم خاصية وقت الشاشة لتعقب الوقت
والعنصر الأول في خاصية «وقت الشاشة» على نظام iOS هو متعقب الوقت.
في إعدادات جهازك، يمكنك العثور على مخطط يوضح الفترة التي أكثرت فيها من استخدام هاتفك، وعدد المرات التي تتفقد فيها جهازك والتطبيقات التي تستخدمها أكثر من غيرها.
ويظهر لك أيضاً عدد الإخطارات التي تصلك من كل تطبيق، حتى تتمكن من معرفة التطبيقات التي تشغلك على مدار اليوم أكثر من غيرها.
جوجل يتيح لك التحكم بالإخطارات وفترة استخدام الهاتف
وتعمل أداة جوجل بطريقة مشابهة. اذهب إلى خاصية «الرفاهية الرقمية» في إعدادات هاتفك- تشتمل هواتف Pixel من جوجل على هذه الخاصية، وقد تصبح متوفرة في الأجهزة الأخرى عندما يجري تحديث أنظمتها لتصبح أندرويد Pie- وستجد مخططاً دائرياً يعرض التطبيقات التي تستهلك معظم وقتك.
يمكنك أيضاً إلقاء نظرة على المخططات التي توضح ساعات اليوم التي تقضيها في التطبيقات وعدد الإخطارات التي تصلك ومتى تصلك، وحتى مقدار الوقت الذي تقضيه في كل تطبيق كل يوم.
وهناك غرض وحيد وراء هذا الكم الهائل من المعلومات الذي توفره هاتان الخاصيتان في النظامين وهو:
توضيح تفصيلي للطريقة التي تقضي بها وقتك على هاتفك.
ولكن أولاً اسأل نفسك: ما الذي أستفيده؟
وقبل أن تبدأ في تنظيم إعدادات الإيقاف لتقليل وقت استخدامك للهاتف، فكر قليلاً في عادات استخدامك لهاتفك واسأل نفسك ما الذي تستفيده من هذه التطبيقات التي تستهلك معظم وقتك؟
إذا توصلت إلى أنك تقضي ساعة يومياً على تطبيق لا تستمتع به، فقد يكون هذا وحده كافياً لتتوقف عن هذه العادة.
ضع قيوداً لتنبيهك للاستخدام وليس التوقف عنه بالكامل
فور اكتشاف التطبيقات التي تستهلك معظم وقتك، قد ترغب في رسم بعض الحدود لنفسك.
ففي النهاية، إذا كان من السهل التوقف عن إدمانك إنستغرام، كنت لتصبح متوقفاً عن استخدامه الآن، أليس كذلك؟
توفر لك أبل وجوجل المزيد من الأدوات لتمكنك من ذلك، ومع ذلك، من الأفضل أن تنظر إليها على أنها أدوات تنبيه مفيدة لا أدوات حظر صارمة.
وحتى أبل تتعامل مع القيود التي تفرضها خاصيتها بهذه الطريقة.
عندما تحدد وقتاً زمنياً يتوقف بحلوله تطبيق ما في خاصية «وقت الشاشة»، سيمكنك جهاز الآيفون أو الآيباد من استخدام التطبيق دون توقف حتى تتجاوز هذا الحد الذي وضعته.
بعد ذلك، ومهما كنت تفعل في التطبيق، فسوف يظهر تحذير بملء الشاشة يخبرك أنك استنفدت وقتك.
ومع ذلك، بوسعك اختيار أن تمنح نفسك خمس عشرة دقيقة أخرى، أو حتى أن تتجاهل هذا التوقيت المحدد بالكامل.
وهذا النهج منطقي. فقد ترغب معظم الوقت في الالتزام بالقيود التي تفرضها على نفسك، ولكن قد يحدث أن تحتاج بضع دقائق زائدة في وقت من الأوقات.
لذا، فإن الضغط على زر التذكير يتيح لك الحفاظ على الحدود التي وضعتها فيما لا يزال يمنحك بعض المرونة.
جوجل أكثر تشدداً من أبل في قوانين الحظر
ولكن جوجل من جهة أخرى تتخذ نهجاً أكثر تشدداً. إذ عندما تحدد وقتاً لاستخدام التطبيق، فهذا هو الوقت المسموح به فقط.
فمثلاً، إذا كنت تقضي ساعة في اليوم على تويتر، فسيتوقف التطبيق حالما تصل إلى الدقيقة 61.
وسيتحول لون أيقونة التطبيق على شاشة هاتفك الرئيسية إلى اللون الرمادي، وإذا حاولت فتحه، فسيخبرك هاتفك بأنه لا يمكنك ذلك.
وإذا كنت ترغب في استخدامه على أي حال، فسيتعين عليك تعطيل المؤقت بالكامل.
وفي كلتا الحالتين، يمكنك التعامل مع توقف تطبيق إذا اضطررت إلى ذلك.
ومع ذلك، قد يكون من المفيد إبقاء هذه المؤقتات مُفعلة، حتى وإن كانت ستذكرك فقط بالوقت الذي قضيته في تطبيق ما.
فعندما يخبرك التحذير أنك قضيت وقتاً كافياً على التطبيق، فهذه علامة قوية على أنك بحاجة إلى التوقف.
وبالطريقة نفسها، إذا كان هاتفك يطالبك بغلقه، فيمكنك تجاوز الحدود التي وضعتها لنفسك، ولكن على الأقل لا يمكنك التعلل بأنك فقدت إحساسك بالوقت.
تقليل الاستخدام ليلاً هو السلاح السري
في حين أن قضاء وقت أكثر من اللازم على الهاتف أثناء النهار يعتمد على طبيعة الشخص، تشير دراسة تلو الأخرى إلى أنه من الضروري أن تغلق هاتفك أثناء الليل على الأقل.
وهنا تظهر براعة أداتي أبل وجوجل الحقيقية؛ إذ تتيح لك كلتاهما تحديد أوقات الراحة.
وأثناء هذه الأوقات، لا يزال بإمكانك استخدام هاتفك، ولكن قد يصلك عدد أقل من الإخطارات، أو تنبيه حاد يحثك على غلق هاتفك.
تتيح لك خاصية Downtime في أجهزة أبل تحديد بعض التطبيقات التي يمكنك استخدامها دائماً -مثل المكالمات وتطبيق الرسائل النصية- وإيقاف جميع التطبيقات الأخرى.
وهذا «الإيقاف» هو النوع نفسه من الإيقاف المخفف الذي ذكرناه، والذي لا يزال بإمكانك تجنبه.
ومع ذلك، سيتحول لون التطبيقات المتوقفة إلى اللون الداكن على شاشة هاتفك الرئيسية.
وعندما يتحول لون أغلب التطبيقات إلى الرمادي ويثير إزعاجك بدرجة تدفعك لغلقه عندما تحاول استخدام الهاتف، فقد يعني هذا أن وقت الاستعداد للنوم قد حان.
وخاصية Wind Down في أجهزة جوجل أكثر براعة. ففي البداية، سوف تُفعّل وضع عدم الإزعاج على هاتفك، والذي يمكنك ضبطه بصورة منفصلة لغلق جميع المكالمات والرسائل عدا المهم منها.
ولسوء الحظ، لا تمكنك خاصية جوجل من إيقاف تعطيل معظم تطبيقاتك مثلما تفعل خاصية أبل، لكن الإشعارات ستتوقف على الأقل.
والأهم من ذلك، تشتمل خاصية Wind Down على خيار يسمى Grayscale (التدرج الرمادي).
يعمل هذا الخيار على سحب كل الألوان من شاشة هاتفك تدريجياً. وهو منفصل عن خيار «الإضاءة الليلية»، الذي يضبط درجة لون شاشة الهاتف لتصبح بلون برتقالي محبب مما يقلل من حدة الإضاءة.
من ناحية أخرى، تحول خاصية «التدرج الرمادي» شاشة هاتفك إلى اللونين الأبيض والأسود.
وفي أحسن الأحوال، لا يثير هذا الأمر سوى القليل من الإزعاج، ولكنه قد يجعل بعض الأمور -مثل مشاهدة مقطع فيديو أو تشغيل لعبة- شبه مستحيلة.
فالألعاب والأخبار لا تستحق أن تخسر ساعات النوم من أجلها
ومن بين جميع الخصائص المتوفرة في كلا النظامين، تعدّ هذه الخاصية أقوى ما يدفعك لغلق هاتفك وهي لا توقف أي تطبيق.
إذ لا يزال بإمكانك استخدام هاتفك وهو على وضع «التدرج الرمادي»، لكنه لن يكون ممتعاً بنفس القدر.
يدخر كلا النظامين أقوى أسلحتهما لاستخدام الهاتف ليلاً.
ويمكن القول: إن هذا هو الوقت الذي تحتاج فيه إلى تلك الإجراءات التنبيهية.
إذ قد يؤدي تفقدك لهاتفك في الفراش أو في وقت متأخر من الليل إلى تجاوز مواعيد نومك أو إلى نوم مضطرب تلاحقك آثاره في اليوم التالي.
قد يكون تفقُّد هاتفك ومتابعة آخر الأخبار إدماناً، ولكنه لا يستحق أن يعيق استسلامك للنوم من أجله.