كشفت صحيفة The Guardian البريطانية أنَّ هناك ما لا يقل عن 5 أطفال أستراليين عالقين في الصين ولا يمكنهم العودة إلى ديارهم بسبب حملة الحكومة الصينية القمعية ضد مسلمي الإيغور.
جميع هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة وست سنوات هم مواطنون أستراليون وينتمون لثلاث أسرٍ مختلفة. وقد ظلوا عالقين في الصين لمدة تصل إلى عامين، وهم جميعاً مفترقون عن أحد والديهم أو كليهما.
في إحدى الحالات، يقول الوالدان إنَّ السلطات الصينية هددت بأنَّ طفلهما سيُنقل لدار للأيتام تديرها الدولة، حيث يمكن لعائلة من الهان الصينيين تبنيه، في حين سيجري اعتقال من يحمل الجنسية الصينية من أبويه.
الحكومة متهمة بالتقاعس
وقد انتقد آباء الأطفال والمدافعون عن تلك العائلات ما يعتقدون أنَّه تقاعسٌ من جانب الحكومة الأسترالية عن العمل على إعادة هؤلاء الأطفال إلى أستراليا، قائلين إنَّهم يشعرون «بخوفٍ شديد» عليهم.
في جميع هذه الحالات، والتي أكدتها مصادر عدة لصحيفة The Guardian، ينتمي هؤلاء الأطفال لأبوين أحدهما أسترالي والآخر صيني. ويرغب كلا الوالدين في جميع هذه الحالات في أن يعيش جميع أفراد الأسرة معاً في أستراليا.
تنتمي جميع العائلات لأقلية الإيغور، التي تعاني انتهاكاتٍ صارخة لحقوق الإنسان، تتضمن احتجاز مئات الآلاف منهم في منشآتٍ سرية في إقليم شينغيانغ الغربي في الصين.
وجاء هذا النبأ الذي يفيد بوجود خمسة أطفال أستراليين عالقين في شينغيانغ في أعقاب كشف صحيفة The Guardian بأنَّ هناك 17 مواطناً أسترالياً يُعتقد أنهم رهن الإقامة الجبرية، أو في السجن، أو محتجزون في مراكز «إعادة التأهيل» السرية الصينية في شينغيانغ.
قصص الأطفال
في إحدى الحالات، سافرت أم صينية مع طفليها إلى شينغيانغ لقضاء عطلة قبل عامين تقريباً. وهي متزوجة من مواطن أسترالي وكانت مقيمة في أستراليا بتأشيرة زوجة. وبعد وقتٍ قصير من وصولها إلى الصين، صودر جواز سفرها ولم تتمكن من العودة إلى أستراليا مع طفليها.
في حالةٍ أخرى، عادت سيدة صينية متزوجة من رجل أسترالي يُدعى سام إلى شينغيانغ لتكون بالقرب من أسرتها أثناء حملها بطفلها الأول. واحتُجز جواز سفرها بعد وصولها ووضعت طفلها في الصين.
اعتقلت زوجة سام في الصين لمدة أسبوعين عندما بلغ عمر طفلهما ستة أشهر. وأُطلق سراحها لأنَّها كانت لا تزال ترضعه، لكنَّها تقول إنَّهم أخبروها أنَّه عندما يبلغ طفلها عامه الأول، فسيعتقلونها مرةً أخرى وسيوضع ابنها في دار للأيتام تديرها الدولة حتى تتبناه عائلة من قومية الهان الصينية فيما بعد.
ويقول سام إنَّ أسرتها دفعت رشاوى بلغ مجموعها أكثر من 60 ألف رنمينبي (12500 دولار أمريكي) للشرطة على مدار الأشهر الستة الماضية لمنع إعادة اعتقالها.
ومع أنَّهم مواطنون أستراليون، لم يتمكن الأطفال الثلاثة من مغادرة الصين والعودة إلى أستراليا لأنَّه لا يصحبهم أحد البالغين. ولم يتمكن آباؤهم من الحصول على تأشيراتٍ للعودة إلى الصين لاصطحابهم.
وفي حالةٍ أخرى، كان الأب الأسترالي وزوجته الصينية يزوران شينغيانغ مع طفليهما الأستراليين عندما أُلقي القبض على الأم ونُقلت إلى مركز احتجاز. ويرفض الأب مغادرة البلاد لأنَّه يخشى ألَّا يُسمح له بالعودة إن فعل، وألَّا يرى زوجته مرةً أخرى أبداً.
ويقول أشخاص مطلعون على هذه الحالات إنَّ وزارة الخارجية والتجارة الأسترالية (Dfat) على دراية بما حدث للأسر الثلاث، لكنَّها لم تدعمهم بأي صورة.
«بإمكان الصين أن تفعل ما تشاء لأنَّ أستراليا صامتة»
وقال سام: «لو تدخلت الحكومة الأسترالية، كان من الممكن أن أرى زوجتي وابني هنا. لكنَّها لم تتدخل، لأنَّها خائفة. وبإمكان الصين أن تفعل ما تشاء لأنَّ أستراليا صامتة».
وقال نيك ماكيم، المتحدث باسم شؤون الهجرة والجنسية عن حزب الخضر الأسترالي، إنَّ بإمكان أستراليا أن تفعل الكثير «بالنظر إلى أنَّ الحكومة تخبرنا باستمرار بأنَّ علاقتها قوية بالصين».
وقال: «لا بد أن نُطالب بإطلاق سراح الإيغور من مواطني أستراليا أو المقيمين الدائمين فيها حتى يعودوا إلى الحرية والأمان في أستراليا».
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية والتجارة الأسترالية: «تشعر أستراليا بالقلق إزاء وضع حقوق الإنسان في شينغيانغ، وتواصل حث الصين على وقف الاعتقال التعسفي للإيغور ومجموعات المسلمين الأخرى».
وأضاف: «منذ عام 2018، وبناءً على طلب بعض أفراد أسرهم، تحرت وزارة الخارجية والتجارة عن عددٍ من الأفراد الذين لهم صلات بالإيغور الأستراليين. ونظراً لاعتبارات الخصوصية، لن نتطرق إلى حالاتٍ بعينها».
حاولت صحيفة The Guardian الاتصال بالسفارة الصينية في أستراليا مراراً لتُدلي بتعليقها، لكنَّها لم تُجب على الأسئلة التفصيلية التي وجهتها الصحيفة.