عبير السيد- عربي بوست
في عام 1945 اخترع المهندس الأمريكي بيرسي سبنسر أول ميكروويف في العالم. ومع ظهور فرن الميكروويف بالأسواق العامة في السبعينيات، غيّر معظم الناس الطريقة التي يعدون بها طعامهم، وأدى ذلك إلى ارتفاع مستوى الراحة المنزلية.
لا تُستخدم أجهزة الميكروويف في تسخين الطعام فقط، ولكن أيضاً في الطهي والخَبز والشواء وما إلى ذلك.
يسخن الفرن التقليدي الطعام ببطء شديد من الخارج، لكن فرن الميكروويف يستخدم موجات راديو صغيرة وعالية الطاقة لطهي الطعام بشكل أكثر توازناً.
لا يمكن إنكار أن الميكروويف جهاز مفيد ومريح بالنسبة لنا في المطبخ، ولكن هناك عديد من الأخطاء التي نفعلها من دون قصد، بسبب عدم فهمنا لطبيعة عمل هذا الجهاز.
تناول جانيل جودوين، أخصائي المعلومات الفنية في دائرة التفتيش على سلامة الأغذية بوزارة الزراعة الأمريكية، عديداً من المشكلات الشائعة التي يواجهها الناس عند استخدام جهاز المطبخ الشهير. سنستعرضها فيما يلي:
عدم تقليب وتدوير الطعام في أثناء الطهي
تعمل الميكروويفات على تسخين أسطح الطعام بسرعة كبيرة، لكن الحرارة قد لا تنتقل إلى مركز الطعام بسرعة كافية.
معظم الأطعمة التي نطهوها غير متجانسة، بمعنى أنها تكون مزيجاً من السوائل والأجزاء الصلبة، وجميعها تستغرق فترات متفاوتة، ليتم طهيها بشكل مناسب. على سبيل المثال، الخضراوات تحتوي على نسبة كبيرة من المياه، ولذلك يتم طهيها أسرع من اللحم.
ولذلك، فإن تقليب الطعام وتدويره في أثناء عملية الطهو أو التسخين داخل الميكروويف ستجعل العملية تتم على نحو متجانس.
تأكَّد من التوقف في منتصف عملية التسخين أو الطهي، وقم بخلط وتقليب طعامك، لضمان وصول الحرارة إلى جميع أجزاء الطبق.
يمكن أن تؤدي عملية التسخين غير المتساوي إلى انتشار البكتيريا.. يقول جانيل جوديون: «تنمو البكتيريا الضارة وتتضاعف بين درجتي 40 و140 درجة، وهذه هي بالضبط درجات الحرارة المتباينة التي يمكن أن تكون عند مركز الطعام في حالة عدم التقليب».
وضع الطعام في وعاء بلاستيكي داخل الميكروويف
لا يمكنك وضع أي وعاء بلاستيكي في الميكروويف، ما لم يكن من النوع المخصص للطهي في الميكروويف (المكتوب عليها Microwave Safe)، حتى تبتعد عن أضرار الميكروويف.
تحتوي بعض العبوات البلاستيكية على مواد كيميائية مثل «بيسفينول أ» (BPA) أو بدائل «البيسفينول أ»، وهي المواد الكيميائية التي تجعل البلاستيك مرناً والتي يمكن أن تتسرب إلى طعامك وتؤثر في مستويات هرمون التستوستيرون والإستروجين ، وتضر بنمو الأجنة للنساء الحوامل.
يمكنك تجنُّب هذه المخاطر الصحية عن طريق تسخين الطعام في الزجاج المقاوم للحرارة والذي لا يتفاعل أبداً مع الأطعمة بداخله، وهو آمن تماماً، والبيريكس والسيراميك وكل الأواني المكتوب عليها Microwave Safe.
وقال جودوين: «يعتقد كثير من الناس أن الأوعية البلاستيكية مناسبة للميكروويف، لكنها ليست كذلك. يمكن أن تنتقل البكتيريا والمواد الكيميائية الضارة إلى الطعام عندما يحدث تشوُّه أو ذوبان للوعاء».
عدم معرفة قدرة الميكروويف
قدرة الميكروويف أو قوته الكهربائية هي ما يحدد ما إذا كان الميكروويف يخدم التسخين فقط، أم التسخين والشوي، أم الأمور كافة بشكل عام. القدرة الكهربائية العالية تعني أن بإمكان الميكروويف الطهي والتسخين بطريقة أسرع.
على الرغم من صعوبة تحديدها في بعض الأحيان، فإنها عامل رئيسي في تسخين الطعام بأمان. نصحت جودوين مستخدمي الميكروويف بالاتصال بالشركة المصنِّعة أو البحث عن النموذج نفسه على الإنترنت، لمعرفة قدرته الكهربائية.
تتراوح قدرة معظم الميكروويفات المتوسطة والكبيرة بين 850 و1650 واط. الحد الأدنى للقدرة الكهربائية لأجهزة الميكروويف 500 واط.
إذا أعدت تسخين أو طهي الطعام في ميكروويف منخفض القدرة، فعليك أن تترك طعامك وقتاً أطول.
إهمال تنظيف الميكروويف
لا تؤجِّل عملية تنظيف الميكروويف، بحجة أنه يبدو نظيفاً ولا داعي لبذل الجهد.
ينصح جودوين بالتنظيف الروتيني للميكروويف، لقتل البكتيريا التي خلَّفها الطعام، ومن المهم الحفاظ على نظافة أي جهاز في المطبخ/.
إنها لفكرة جيدة أن تمسح داخل الميكروويف وخارجه بقطعة قماش ناعمة أو منشفة ورقية مبلَّلة بالماء الدافئ وصودا الخبز، أو الصابون السائل. وبذلك تحافظ عليه نظيفاً، وتجعل رائحة المطبخ منعشة. بالإضافة إلى ذلك، لن تلوث بقايا الطعام الأطباقَ التي تطهو فيها داخل الميكروويف.
إن بقايا الطعام إذا تُركت داخل الميكروويف، فإنها يمكن أن تحترق في أثناء عملية الطهي أو التسخين وتفسد رائحة الطعام الذي تطبخه!
تفكيك اللحوم المجمدة الموضوعة في عبوتها داخل الميكروويف
تنصح إدارة سلامة وتفتيش الأغذية بوزارة الزراعة الأمريكية بضرورة فصل اللحم عن العبوة قبل إزالة الجليد منها، لتجنب تسرب المواد الكيميائية الضارة الموجودة غالباً في الستايروفوم أو البلاستيك.
من المهم أيضاً خفض الحرارة إلى 30%، أو الضغط على إعداد «إزالة الجليد» عند إزالة الجليد من اللحوم والدواجن في الميكروويف.
تحتاج اللحوم المجمدة وقتاَ طويلاً نسبياً في الميكروويف ليذوب عنها الجليد، وفي غضون ذلك تبدأ أطراف قطعة اللحم بالنضج، في حين أن المناطق الداخلية لا تزال متجمدة، وتتحول قطعة اللحم إلى بيئة خصبة لنمو الجراثيم. وأظهرت دراسة يابانية أن اللحوم المطبوخة في الميكروويف أكثر من 6 دقائق تفقد نصف محتواها من فيتامين «بي».
ووفقاً لـ «الديلي ميل»، فإن تسخين اللحوم النيئة في الميكروويف سيجعل نسيج اللحم الخاص بك مطّاطاً، والتسخين غير المتساوي يترك اللحم عرضة للتلوث الجرثومي.
لإذابة اللحوم بأكثر الطرق أماناً، يجب ألا تذوب بالميكروويف أو في درجة حرارة الغرفة. بدلاً من ذلك، تقول منظمة الصحة العالمية إنه يجب عليك إزالة الجليد من الطعام في الثلاجة أو بالماء البارد (في أثناء استخدام الميكروويف كملاذ أخير)، ويجب عليك طهي الطعام فور ذوبانه.
مجموعة من الدراسات أُجريت في روسيا، أكدت أن إزالة الجليد عن الفواكه المجمدة، بواسطة الميكروويف يمكن أن تحول المواد المفيدة فيها إلى أخرى مسرطنة.
استخدام الميكروويف كمجفف
في بعض الأحيان، يُستخدام الميكروويف كجهاز تجفيف للقفازات أو الجوارب الرطبة بشكل سريع. يقول جودوين: «من فضلك لا تفعل هذا، لأن المواد غير الغذائية يمكن أن تشكل خطراً، بسبب اشتعال النيران فيها!».
ويضيف: «هذا ليس بالضبط ما يعتزم الميكروويف فعله».
عدم استعمال غطاء لتغطية الطعام داخل الميكروويف
إنَّ وضع غطاء خاص بالميكروويف على الطعام قبل إعادة تسخينه ذكيٌّ؛ فهو يحافظ على عدم انسكاب جزيئات الطعام في أثناء الطهي، ويُبقي الطعام رطباً، ويساعد أيضاً في تسخينه بشكل متساوٍ، من خلال إبقاء الحرارة محتجزة داخل الوعاء الذي يُطهى فيه الطعام، وهو ما يسرّع عملية الطهو.
لكن تغطية الطبق بلفافة بلاستيكية أمر أقل ذكاءً؛ إذ يمكن أن يؤدي تسخين الطعام في حاوية مغطاة بالبلاستيك إلى إنتاج غازات كيميائية تنتقل إلى الطعام، حتى عندما لا يلمس البلاستيك الطعام مباشرةً، وفقاً لبيان حقائق صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية.
يمكنك استخدام غطاء زجاجي مقاوِم للحرارة أو استخدام منشفة ورقية. فقط تأكَّد من استخدام مناشف ورقية بيضاء، وليس تلك ذات التصميمات الملونة.
اترك جزءاً صغيراً مكشوفاً، للسماح للبخار بالهروب؛ فوضع المأكولات في وعاءٍ محكم الإغلاق سيجعلك غير قادر على فتحه، بسبب الضغط الذي ينحبس داخله، وينفجر الوعاء بسهولة في حال كان يحتوي على كميةٍ كبيرة من السوائل.
هناك قواعد للسلامة متعلقة باستخدام المناشف الورقية في الميكروويف. وفقاً لخدمة معلومات سلامة الأغذية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية، يجب أن تكون مناشف الورق الأبيض آمنة للطبخ. مناشف الورق ذات الألوان الجميلة والتصميمات الموسمية مناسبة للاستخدام على الطاولة.
ولكن ليس في الميكروويف، (لا تقلق إذا كنت قد استخدمت مناشف ورقية ملونة بالميكروويف في الماضي. ما عليك سوى البدء باستخدام الأبيض العادي من الآن فصاعداً).
أيضاً، سوف يذكّرك المنطق السليم بأن أي منتج ورقي يمكن أن يحترق إذا كانت الظروف مناسبة، لذلك كن حذراً.
غلي الماء
سأعطيك مثالاً لما يمكن أن يحدث.. يقرر رجل أن يتناول فنجاناً من القهوة سريعة التحضير، لذا يسخّن كوباً من الماء في الميكروويف. عندما ينتهي الموقت، يُخرج الكوب من الميكروويف ويلاحظ أن الماء لم يغلِ.
عندها فقط، ينفجر الماء حرفياً في وجهه. ثم يتلطخ وجهه بالكامل بحروق من الدرجتين الأولى والثانية.
تحذر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من غلي الماء داخل إناء في الميكروويف، فعلى الرغم من أن الماء يسخن إلى درجة حرارة ما بعد درجة الغليان، فإن الإناء الموضوع فيه يبقى بارداً نسبياً.
وهذا أمر خطير، لأن أي اضطرابات أو حركات مفاجئة (كمحاولة تحريك الماء أو إضافة كيس من الشاي)، قد تتسبب في انفجار الماء الساخن خارج الوعاء؛ وهو ما قد يؤدي إلى حروق أو إصابات خطيرة.
ولا تظهر فقاعات الغليان رغم السخونة الشديدة للماء، بسبب فرط الإحماء، فعندما يصل الماء إلى درجة حرارة أعلى من درجة الغليان ويعجز عن تكوين الفقاعات؛ نظراً إلى عدم وجود أي «نقاط تنوٍّ» (النقاط الصلبة التي يمكن أن تتكون فقاعات الماء عليها)، ويبدأ الماء إصدار البخار بشكل سريع جداً.
نسيان الشوكة وغيرها
يُنصح بعدم استخدام الأدوات والأواني المعدنية لطهي الأطعمة وتسخينها داخل الميكروويف؛ حيث من الممكن أن تُنتج حقلاً كهربائياً مركَّزاً، وتُحدث شرارة تتسبب في حريق داخل المطبخ.
أيضاً عند تغطية الطعام بورق الألومنيوم «القصدير» داخل الميكروويف سترتدُّ موجات الميكروويف إلى الورق دون أن يسخن الطعام المغطى، كما أن انعكاسات الموجات قد يُحدث تلفاً بالميكروويف نفسه.
وفقاً لوكالة التفتيش الكندية للأغذية، يحدث هذا عادة مع الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من المعادن، ومن ضمنها الحديد والماغنسيوم والسيلينيوم. فنظراً إلى أن هذه المعادن تتصرف مثل «قطع صغيرة جداً من المعدن»، فإن موجات الميكروويف ترتدُّ من عليها مسبِّبة تأثير الشرارة.
إعادة تسخين البيض المسلوق وغيره من الأطعمة
يعد الميكروويف آلة مريحة للغاية، لكنه ليس أفضل وسيلة لتسخين بعض الأطعمة، فهناك بالطبع أضرار للميكروويف.
إذا كنت في المنزل، فلا بأس في أن تستغرق بضع دقائق إضافية لتدفئة أنواع معينة من الأطعمة بشكل صحيح. يتحول البيض النيء أو المسلوق (سواء أكانت البيضة محتفظة بقشرتها أم لا) إلى قنبلة، لأن إعادة تسخين البيض تؤدي إلى خلق كمية كبيرة من الأبخرة داخله الميكروويف.
اللحوم المصنَّعة كـ «الهوت دوغ» وغيرها، من أخطر الأغذية التي قد يعاد تسخينها، وذلك بسبب تأثير أشعة الميكروويف على المواد الكيميائية الحافظة داخل تلك الأطعمة والتي تضاعف أخطار الكولسترول وأمراض القلب.
إعادة تسخين الخضراوات الورقية كالكرفس والكرنب والسبانخ والبنجر قد تسبب السرطان، لأن أشعة الميكروويف تسهم في تحويل النترات الموجودة داخل الخضراوات إلى مركب النيتروزامين المسبِّب للسرطان.
تعريض الفلفل الحار لأشعة الميكروويف يؤدي إلى إطلاق مادة الكابسيسين الحارقة للعين والحنجرة، وإعادة تسخين الفواكه أمر ضار جداً، وتحديداً العنب الذي تحوله أشعة الميكروويف إلى قنابل تنفجر في أي لحظة.
خلصت دراسة طبية إلى أن الاعتماد على أفران الميكروويف في طهي لحوم الدجاج النيئة من بين مسبِّبات الإصابة بحالات التسمم الغذائي الخطيرة، نتيجة وجود بكتيريا السالمونيلا، التي لا تستطيع حرارة الميكروويف القضاء عليها.
وتتغير مكونات البروتين عند إعادة تسخين الدجاج البارد للمرة الثانية بعد حفظه في الثلاجة؛ وهو ما قد يسبب بعض مشاكل الهضم.
تؤكد بعض الدراسات أنه بمجرد خروج الأرز من الميكروويف وتركه في درجة حرارة الغرفة، فإن أي جراثيم يحتوي عليها يمكن أن تتضاعف وتسبب التسمم الغذائي.
يمكن أن تؤدي البطاطس إلى التسمم الغذائي عند إعادة تسخينها إذا تُركت في البداية لتبرد في درجة حرارة الغرفة بعد طهيها لأول مرة.
لذلك من الأفضل وضع ثمار البطاطس مباشرة في الثلاجة إذا كنت لا تنوي تناولها فوراً.. إن إعادة تسخينها بعد تبريدها في الثلاجة لن تسبب أي مشاكل، بحسب رأي الخبراء.
تجنَّب إعادة تسخين الأطعمة الزيتية في الميكروويف، حيث يمكن أن ترتفع درجة حرارتها وتحترق وتنتج أبخرة سامة ومواد خطرة تسبب السرطان.
يؤدي تسخين حليب الأم في أجهزة الميكروويف الى تقليل نسب بعض الإنزيمات والمواد المهمة لصحة الطفل.