تناولت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية حريق كاتدرائية نوتردام في قلب العاصمة الفرنسية باريس، ومشاعر التضامن التي اجتاحت العالم.
ووصفت صحف هذا التضامن بأنه "إنسانية عابرة للأديان"، وعبر بعض الكتاب عن تفاؤل بأن الكاتدرائية ستعود "إلى ما كانت عليه".
"إنسانية عابرة للأديان"
يؤكد جورج طريف في صحيفة الرأي الأردنية أن "كاتدرائية نوتردام معلم ديني وتاريخي وحضاري وتدميره يعني خسارة حضارية كبرى لا لفرنسا وإنما للإنسانية جمعاء".
وتقول القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها: "لم يكن مستغرباً أن يتحول حريق كاتدرائية نوتردام في قلب العاصمة الفرنسية باريس إلى حدث عالمي بامتياز، وعلى مستوى ردود الفعل الشعبية العفوية التي سبقت ردود رؤساء الدول والحكومات، وكان طبيعياً أن مظاهر التضامن تجاوزت حدود البلد وأهله وشملت شعوب العالم بصرف النظر عن الأديان والثقافات والتواريخ".
وتضيف الصحيفة: "صحيح أن الكاتدرائية تنتمي إلى فرنسا جغرافيا، وإلى أوروبا تاريخيا، وإلى نطاق الكنيسة الكاثوليكية روحيا، إلا أنها باتت ملكا للإنسانية بأسرها لأسباب كثيرة صمدت على مدار السنين والعقود والقرون".
وتضيف: "فإلى جانب مكانتها كمحفل شاهد على دهور باريس وفرنسا وشطر كبير من أوروبا منذ العصور الوسطى، دخلت الكاتدرائية إلى الوجدان العالمي الكوني من خلال احتضان أسوارها وأجراسها حكاية حب فريدة عابرة للأديان والطبقات والجغرافيات".
بدوره، يقول حسن مدن في الخليج الإماراتية: "يمكن النظر إلى حالة الحزن التي أصابت العالم كله جرّاء حريق كاتدرائية نوتردام وسط باريس، على أنها علامة أن البشر، على ما بينهم من اختلافات وصراعات، يشعرون في قرارات أنفسهم، حتى وإن كان ذلك بنسبٍ متفاوتة، أنهم أبناء حضارة إنسانية واحدة أو مشتركة، رغم اختلاف اللغات والثقافات والديانات".
ويضيف: "هل بوسعنا، مثلاً، نسيان ما نال جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء المشيدة في القرن الثاني عشر في مدينة الموصل، والتي تعد من أبرز معالم العراق التاريخية، على أيادي عصابات «داعش»؟ وهل بوسعنا نسيان ما حلّ بكبريات المدن الأوروبية في الحرب العالمية الثانية من تدمير قامت به الطائرات الحربية الألمانية بتوجيه من هتلر، وهو يسعى لتحقيق حلمه الجنوني في إخضاع القارة، لا بل والعالم كله، له؟"
يشير محمد جميعان في رأي اليوم اللندنية إلى إن كارثة الكاتدرائية قد أظهرت "إعلاء قيم التسامح".
ويقول: "العالم كله حزين على ما جرى لهذا المعلم الانساني وأبدى ردود فعل غاضبة تمتزج بالحزن الشديد رغم ان الاسباب لم تعلن بعد".
ويدين الكاتب من لم يبد تعاطفه، قائلاً: "هناك من غمز وتشفى من دوافع تخصه ربما، ولكن الكثير منهم اندفع عن جهل... حين انساق الى هذا التشفي؟!"
أما سامح فوزي فيقول في الشروق المصرية: " بالتأكيد سوف تنهال التبرعات من داخل وخارج فرنسا لترميم كاتدرائية نوتردام لتعود إلى ما كانت، وربما أكثر بهاء وفخامة، وهو ما سوف يشكل صدمة لأعداء الحضارة الإنسانية الذين أفرطوا في التعبير عن مشاعر التشفي، والفرحة لحريق معلم إنساني بديع. هؤلاء نعرفهم جيدا، فهم الذين عبروا عن سعادتهم من قبل لتدمير الحضارة الإنسانية فى مجتمعات أخرى مثل العراق وسوريا وأفغانستان، وغيرها".