اختار رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون السفر بالقطار مرةً أخرى لحضور أول قمة تجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رغم قصر المسافة بالطائرة بين العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ ومدينة فلاديفوستوك الروسية، ووجود رحلات جوية منتظمة بين الوجهتين.
من المعروف أن كيم جونغ أون رجلٌ غريب الأطوار، لكن الترحال بالقطار حصراً – دون باقي وسائل السفر – لم يأت من بنات أفكاره، بل هو عادةٌ عائليةٌ متوارثةٌ أباً عن جد!
فمنذ تولي عائلة كيم السلطة في كوريا الشمالية في العام 1948، بدأ هوس الخوف من استخدام الطيران، فلم يكن الجد كيم إيل سونغ يستخدم سوى القطار في رحلاته، إيماناً منه بأن السكك الحديدية أكثر أماناً وملائمة لأي قائد يريد مواصلة إدارة الدولة خلال أسفاره.
كيم إيل سونغ: رحلة عبر أوروبا على السكك الحديدية
خلال الحرب الكورية (1950 – 1953)، استخدم كيم إيل سونغ القطار كمركز عملياتٍ متنقّل. وبعد الحرب، أسس القائد الشيوعي عدداً من الملاجئ الآمنة التي يمكنه الإقامة فيها حال اندلاع حربٍ أخرى، وكان حريصاً على أن تكون كل هذه الملاجئ قريبةً جداً من خطوط السكك الحديدية، سواءً كانت سككاً عامةً أو خاصة.
ويُقال إن سونغ كان يعاني من فوبيا الطيران، ما دفعه لإنشاء خطوط سكك حديدية متطورة في بلاده، لدرجة أن بعض هذه الخطوط كانت تصل إلى أماكن ومخابئ تحت سطح الأرض.
مؤسس كوريا الشمالية استخدم القطار في رحلاته الخارجية؛ فسافر به في جولته الأوروبية في العام 1974 إلى كلٍ من الصين والاتحاد السوفييتي السابق وبولندا وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا السابقة والمجر ويوغوسلافيا السابقة وبلغاريا ورومانيا.
وخلال الرحلة الطويلة، رافقت كيم إيل سونغ مركبات صيانة حملت ما قد تحتاجه عربة الزعيم من أدوات، إضافةٍ إلى عددٍ من الوصلات ذات المقاسات المختلفة، لضمان سير القطار الكوري الشمالي على أي سكة حديدية.
كيم جونغ إيل: زيارتان إلى روسيا
ومع تولي كيم جونغ إيل السلطة في العام 1994، ورث خليفة أبيه فوبيا ركوب الطائرات من والده، إلا أنه لم يسافر كثيراً خارج كوريا الشمالية.
والد كيم زار روسيا في العام 2001 في رحلة امتدت 3 أسابيع. وبعد الرحلة، كشف السياسي الروسي كونستانتين بوليكوفسكي – الذي رافق جونغ إيل -، أن القطار كان يحمل صناديق من نبيذ بوردو وبوجوليه الفرنسي، وأن الركاب تناولوا السلطعون الطازج ولحوم الخنازير المشوية.
وبعد الزيارة الأولى بـ 10 سنوات، سافر كيم جونغ إيل إلى مدينة أولان-أودي بجمهورية بورياتيا الروسية باستخدام السكك الحديدية، حيث التقى هناك الرئيس الروسي آنذاك ديميتري مدفيديف.
كيم جونغ أون: الصين – فيتنام – روسيا
ومع تولي كيم جونغ أون السلطة بعد وفاة أبيه في العام 2011، بقي الزعيم الشاب في بلاده 7 سنوات كاملة دون أن يغادرها.
لكن في العام 2018، زار كيم جونغ أون العاصمة الصينية بكين سراً في زيارة عائلية اصطحب فيها زوجته زي سول جو، للقاء الرئيس الصيني جي جينبينغ وزوجته بينغ ليوان.
أما أشهر رحلاته، فجاءت في فبراير/شباط 2019 إلى العاصمة الفيتنامية هانوي للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتباحث حول خفض التوتر في الجزيرة الكورية لقاء رفع بعض العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ.
وفي 24 أبريل/نيسان 2019، غادر قطار كيم الخاص بيونغ يانغ إلى مدينة فلاديفوستوك الروسية دون أن تكشف وسائل الإعلام الكورية عن تفاصيل أخرى عن القطار.
لكن تقارير صحفية مستقلة أفادت أن كيم سافر برفقة حاشيةٍ كبيرة بقطاره – الذي يتميَّز بطلائه الأخضر الداكن وخطوطه الصفراء -، إذ أنَّه مصفح تصفيحاً يشبه الدبابات العسكرية.
وجُهِّزَت عربات هذا القطار بأجهزة اتصالٍ متطورة وأجهزة تلفاز بشاشة مسطحة؛ حتى يتمكن كيم من إصدار الأوامر وتلقي الأخبار والبيانات الموجزة خلال رحلاته. ويُعتقد أيضاً أن القطار يمكنه تلبية الاحتياجات الخاصة الأخرى.
وأشارت التقارير إلى أنَّ المسؤولين يحرصون – لأسبابٍ أمنية – على جمع فضلات كيم وأعقاب سجائره، بغرض منع وكالات الاستخبارات الأجنبية من جمعها وتحليلها من أجل التوصل إلى معلوماتٍ عن الحالة الصحية لرئيسهم.
يشار إلى أن نموذجاً لقطار العائلة يُعرض في ضريح «قصر الشمس» الذي يقع على مشارف العاصمة بيونغ يانغ، ويُظهِرُ النموذج أنَّ القطار ذو غرضٍ رسمي بفضل تصميمه الذي يحتوي على مكتب وقاعة اجتماعات.