يستقبل المسلمون بطوائفهم ومذاهبهم حول العالم، شهر رمضان المبارك، الذي يعد صيامُه أحد أركان الإسلام، كل عام وسط حالة من الاختلاف، والجدل حول آلية ثبوت دخول رمضان ورؤية هلاله.
وتعتمد بعض الدول الإسلامية في رؤية الهلال على الحسابات الفلكية، بينما يعتمد الغالبية، على الرؤية الشخصية بالعين المجردة أو مناظير دقيقة، كما يفضل فريق ثالث اتباع مراجع دينية أو بلدان مجاورة.
ويؤدي ثبوت الرؤية أو عدم ثبوتها بالعين المجردة؛ وعوامل الطقس التي تؤثر على ذلك، وعدم وجود هيئة أهلة شرعية موحدة بين الدول الاسلامية، إلى انقسام كبير بين الدول، ونادراً ما يصلب الانقسام الاسلامي إلى ثلاثة فرق، واحياناً يصل الانقسام بين سكان البلد الواحد، وحتى أفراد الأسرة الواحدة في بدء الصيام ونهايته.
اسباب الاختلاف
ويكمن السبب من وجهة رأي الفلكيين، في النصوص الشرعية التي تنص على لفظ الرؤية البصرية، والمنصوص عليها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته..".
وعلية فقد أجمع الفلكيون المعاصرون على أنه لا بد من توفر شروط لرؤية الهلال بالعين المجردة في ليلة التحري: وهي كما تقول هيئة الافتاء السعودية:
ألا يقل عمر القمر عند الغروب عن 14 ساعة
ابتعاده عن الشمس مسافة لا تقل عن 8 درجات سماوية.
تأخر غروب القمر عن غروب الشمس مدة لا تقل عن 29 دقيقة .
ألا تقل نسبة الجزء المضاء من سطحه عن 1% .
وتعتمد دول أخرى على الحساب لفلكي المجرد، فيما تعتمد دول ثالثة على الجمع بين الرؤية المجردة والحساب الفلكي، وهو ما ينعكس بشكل كبير على اختلاف المسلمين وعدم وحدتهم في الصيام والافطار في يوماً واحد.
المذاهب
رؤية الهلال في دولة ما، بغض النظر عن اعتماد الرؤية المجردة أو الحساب الفلكي، ليس ملزم للدول المجاورة، يبرز هذا كسبب آخر لعدم توحد الدول المسلمين.
ويعود ذلك إلى خلافات المذاهب الاربعة حول وجوب صيام أهل بلد على رؤية الهلال في بلد أخرى، إَضافة إلى الخلافات التي برزت طائفياً مؤخراً، وتعمق الخلافات السياسية بين الدول الاسلامية في القران الواحد والعشرين.
وتتحرى السعودية، الاهلة بداية كل شهر على مدار العام، وتعتمد أغلب الدول الاسلامية على ما تقرأه هيئة الافتاء السعودية، فيما يتبعها الجميع في ما يتعلق بمواقيت الحج، ويوم عرفة وعيد الأضحى والذي تتوحد في مناسباته كل الدول الاسلامية باستثناء نادر.
وفي عام 2011، الموافق 1432هـ، حدث تشكيك وجدل واسع بعد اعتراف الجمعية الفلكية السعودية بجدة، بأن المواطنين السعوديين أفطروا على رؤية كوكب زحل بدلًا من هلال شوال، فلقد أكد جميع الفلكيين في العالم العربي أن رؤية هلال شوال في سماء المملكة في هذا التوقيت مستحيلًا، ولهذا السبب، قررت المملكة دفع مليار و6 ملايين ريال كفارة للشعب.
لكن تم نفي حادثة الخطأ من جهات أخرى، منها تصريح نشرته صحيفة عكاظ في ذلك الحين، نقلاً عن مفتي المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارات البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الذي صحة رؤية الهلال، مشدداً على ضرورة منع المشككين في رؤية الهلال".
توافق بدون تنفيذ
وفي أواخر مايو عام 2016، عقد مؤتمر إسلامي في مدينة اسطنبول التركية بمشاركة فقهاء وفلكيين من 6 دولة عربية وإسلامية، وحمل المؤتمر عنوان "توحيد الشهور القمرية والتقويم الهجري الدولي".
وأقر المؤتمر تطبيق التقويم الهجري الأحادي، في جميع أنحاء العالم.
ويعتمد التقويم على الرؤية الفلكية للهلال، ولكن لا يغفل الرؤية بالعين المجردة، ويقول بصيام مسلميّ العالم كله في يوم واحد، واعتمده المهندس جمال الدين عبد الرازق الفلكي المغربي.
وجاء المؤتمر الذي استمر ثلاثة ايام، برعاية من رئاسة الشؤون الدينية التركية، وبالتعاون مع المشروع الإسلامي لرصد الأهلة (التابع لمركز الفلك الدولي بالإمارات العربية المتحدة)، ومركز “قنديللي” التابع لجامعة البوسفور، والمجلس الأوروبي للإفتاء.
ورغم تشديد كلمات الدول والعلماء في المؤتمر على ضرورة "توحيد التقويم الهجري، حيث يصوم المسلمون في يوم واحد، ويفطرون في يوم واحد"، إلا أن بعض الدول المشاركة أعلنت عدم التزامها بما توصل إليه المؤتمر "وأنها ستحاول إثبات رؤية الهلال على طريقتها الخاصة"، وفق ما صرح في ذلك الحين، رئيس الشؤون الدينية التركي، محمد غورماز، دون أن يذكر اسماء الدول الرافضة.
ويزعم بعض المختصين في الفلك، أن اختلاف الدول العربية والإسلامية أحيانا في تحديد أشهر قمرية، ودخول رمضان، وأعياد بعينها، يكمن في رغبة بعض الزعماء أو الجماعات الحاكمة في ممارسة نوع من السيادة واستقلالية القرار، وإثبات عدم تبعيتهم لدولة أخرى.
رمضان في اليمن
ومع اقتراب نهاية شهر شعبان الجاري - وكما هو الحال كل عام- يبرز سؤال متى رمضان؟ بين معظم الشعوب الإسلامية، إضافة إلى سؤال أخر لا يقل أهمية عنه: هل سيصوم المسلمون في يوماً واحد؟.
ويبدو هذا السؤال الأخير، أكثر إلحاحاً هذا العام، في ظل تصاعد الخلافات والتوترات السياسية بين الدول الإسلامية، العربية، منها على وجه الخصوص، واحتمال انعكاسها على مزيد من التباين والخلاف فيما يتعلق ببداية شهر رمضان هذا العام.
كما أنه أكثر إلحاحاً بالنسبة لليمن التي تشهد منذ اربع سنوات، انقساً سياسياً كبير، حيث تفرض جماعة الحوثي سلطة الأمر الواقع في المناطق الخاضعة لسطرتها شمال اليمن، فيما تسيطر الحكومة الشرعية والتحالف على المناطق الجنوبية والشرقية، ومعظم الساحل الغربي.
ورغم انعكاس الصراع والحرب على مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والانسانية، إلا أن الخلاف بين المتحاربين لم يصل إلى انقسام، واختلاف حول رمضان وإعلان أول ايامه رمضان ونهايته، على المستوى الرسمي على الأقل.
فالحوثيون اعتادوا منذ زمن على تعاليم خاصة، حيث يلاحظ صيام أغلبهم خلافاً للإعلان الرسمي، ويستبقون رمضان في الغالب بيوم.
ويستندون في خلافهم لعموم الشعب، على نظرية تقوم على حساب خمسة أيام، من اليوم الذي دخل فيه رمضان العام السابق، واعتماد اليوم الخامس بداية لرمضان في العام الجديد، وهي نظرية الخمسة أو التخميس المتوافقة مع نظريات وتعاليم طائفية بدأ الحوثيون فرض بعضها على عموم الشعب كأخذ خمس الربح، كزكاة أو ضريبة، بأثر رجعي طائفي.
يوم الاثنين أول ايام رمضان في اليمن والعالم
وكشف مركز الفلك الدولي, عن موعد أول أيام شهر رمضان للعام الهجري الحالي 1440، الموافق عام 2019م في غالبية الدول الإسلامية.
وقال المركز في بيانٍ صحفي أمس الأحد- أطلع عليه المصدر اونلاين- إنه من المتوقع أن يصادف يوم الاثنين الموافق 6 مايو، الاسبوع القادم، أول أيام شهر رمضان المبارك.
وأضاف البيان، أن شهر شعبان بدأ في معظم دول العالم الإسلامي يوم الأحد 07 إبريل 2019، وعليه، ستتحرى معظم الدول هلال شهر رمضان 1440 هـ يوم الأحد 5 مايو.
وأوضح المركز الفلكي، أنه في يوم خمسة مايو، يمكن رؤية الهلال من الدول الإسلامية بالعين المجردة أو باستخدام التلسكوب في حالة صفاء الغلاف الجوي. وبالتالي من المتوقع أن يكون يوم الإثنين 06 مايو أول أيام شهر رمضان المبارك في جل دول العالم بمشيئة الله”.
وأشار إلى أن "رؤية الهلال ستكون ممكنه باستخدام التلسكوب فقط من شرق وجنوب شرق آسيا وجنوب أوروبا ومعظم الدول العربية، في حين أن رؤية الهلال ممكنة بالعين المجردة بصعوبة في غرب وجنوب أفريقيا ومعظم الولايات المتحدة، وهي ممكنة بالعين المجردة بسهولة نسبيا من وسط قارتي أمريكا.
وأكد الفلكي اليمني أحمد الجوبي، أن اول ايام شهر رمضان 1440ه، سيصادف يوم الاثنين الموافق 6 مايو 2019م.
ونشر الجوبي في صفحته على الفسبوك في الـ20 من يناير الجاري، توقعه، قائلاً "إن يوم الاحد 5 مايو، هو يوم 30 أخر ايام شهر شعبان الجاري"، مشيراً "إلى أن مدة شهر رمضان هذا العام ستكون 29 يوماً".