عاشت العاصمة الليبية طرابلس، مساء الأحد 28 أبريل/نيسان 2019، تحت قصف جوي و»حرب شوارع» تخللتها اشتباكات عنيفة بين قوات حكومة «الوفاق الوطني»، وأخرى تابعة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يسعى للسيطرة على المدينة عسكرياً.
ولليوم الثاني على التوالي تتعرض طرابلس لقصف جوي، ونشر ليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قالوا إنه يظهر آثار القصف الجوي على طرابلس، أمس الأحد، والتي عاش سكانها أجواءً من الرعب انتهت بصدّ قوات حكومة «الوفاق» لهجوم قوات حفتر.
حرب شوارع
ووصلت حدة المواجهات في العاصمة طرابلس، أمس الأحد، إلى حد أن قوات حكومة «الوفاق» وقوات حفتر خاضت معارك من منزل إلى آخر.
وقالت وكالة رويترز إن جنود قوات الحكومة الذين ارتدى بعضهم ملابس مدنية، احتموا بأبنية مهجورة مع إطلاقهم النار على مواقع قوات حفتر. وحمل بعضهم مدافع مضادة للطائرات اضطروا لإنزالها من شاحناتهم لتعذر مرورها داخل شوارع ضيقة.
ومنذ 3 أسابيع بدأت قوات حفتر هجوماً على طرابلس، ورغم القتال الضاري فشلت حتى الآن في اختراق الدفاعات الجنوبية للعاصمة، وفقاً لوكالة رويترز.
ودمرت معركة طرابلس تقريباً الجهود التي تدعمها الأمم المتحدة لإعلان اتفاق سلام بين الفصائل المتناحرة وهددت بمزيد من تعطيل صناعة النفط الليبية.
تأييد تركي لحكومة الوفاق
في غضون ذلك، قالت حكومة «الوفاق»، إن رئيس المجلس الرئاسي للحكومة، فائز السراج، أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس التركي، رجب الطيب اردوغان.
ونقلت الصفحة الرسمية للحكومة أن أردوغان «جدد تنديد بلاده واستنكاره للاعتداء الذي يشن على العاصمة طرابلس واستنكاره للمؤامرة التي تحاك على ليبيا واستقراره».
وبحسب حكومة «الوفاق» أيضاً، فإن الرئيس التركي أكد أنه «سيسخّر كل إمكانيات بلده لمنع هذه المؤامرة على الشعب الليبي».
وقال إن «بلاده ستقف بكل حزم إلى جانب الليبيين وستدعم الحكومة الشرعية المتمثلة في حكومة الوفاق الوطني»، كما أكد على أنه «لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية وأن المسار السياسي هو المسار الوحيد لبناء الدولة المدنية التي يتطلع إليها كل الليبيين».
اتهامات لدول أجنبية
وتتهم حكومة «الوفاق» دولاً عربية لم تسمِّها بدعم حفتر من خلال سلاح الطيران، حيث قال وزير الداخلية الليبية فتحي باشاغا إن الطائرات التي قصفت طرابلس، السبت 27 أبريل/نيسان، مزوّدة بتقنيات لا تملكها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لافتاً إلى وفاة 5 مدنيين وإصابة 27 آخرين جراء صاروخ أطلقته تلك الطائرات.
وأوضح باشاغا أن الطائرات التي قصفت طرابلس، أول من أمس، كانت إصاباتها دقيقة جداً، وأكد أن «هذه التقنيات تتوافر لدى دول معروفة» (لم يذكرها)، معتبراً أن ليبيا «تتعرض لعدوان أجنبي».
لكن موقع قناة «الجزيرة» ذكر أن الوزير الليبي قال إن دقة القصف على طرابلس تدل على أن الطائرات تتبع لدولتين عربيتين. وقال إن لديهم دلائل على أن طائرات أجنبية شاركت في القصف.
وجاءت هذه التصريحات على لسان باشاغا، أمس الأحد، خلال مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة تونس، والتي زارها بشكل مفاجئ، والتقى فيها نظيره التونسي هشام الفوراتي، حسب بيان للداخلية الليبية.
وكان باشاغا قد طالب فرنسا باحترام قيمها الديمقراطية وعدم دعم حفتر. وقال إن «فرنسا دولة رائدة في الديمقراطية وساهمت في إسقاط النظام الليبي السابق (نظام العقيد معمر القذافي) سنة 2011 وهذه المعطيات جعلتنا نتعجب من دعمها لحفتر وأبنائه».
وأضاف: «لا يعقل لدولة عريقة لها تاريخ في الحرية والديمقراطية أن تتورط في دعم المجرم (حفتر) الذي يقتل المدنيين في طرابلس يومياً».
وقبل أيام، أثارت صحيفة «لوموند» الفرنسية، واسعة الانتشار، موضوع دعم باريس لقوات حفتر، في مقال تحت عنوان: «انتقادات لفرنسا لدورها الغامض في الملف الليبي».
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن ولفرام لاشر، الباحث المختص في الشؤون الليبية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن (مستقل)، قوله إن «الدعم التقني الذي تقدمه باريس، منذ 2016، لقوات حفتر تحت عنوان محاربة الإرهاب، يُنظر له مع الزمن، كدعم سياسي يعزز صعود الجنرال الليبي بقوة».