حفتر وماكرون في لقاء سابق بباريس/ AFP

حفتر يحاول محاصرة طرابلس بحرياً، وهذا ما حدث لأول إنزال ينفذه!

مع إخفاقها في حسم معركة طرابلس، يبدو أن قوات حفتر لجأت إلى محاولات القيام بإنزالات بحرية، لمحاصرة طرابلس وكذلك استهداف المنشآت النفطية، وسط مساعٍ فرنسية لدعم الهجوم المتعثر.

فبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع من إطلاق الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر عمليته العسكرية «الفتح المبين»، كثر الحديث عن سعيه إلى القيام بعملية إنزال بحري بدعم فرنسي على السواحل القريبة من طرابلس بمدينتي صبراتة وصرمان، حيث توجد الكتائب السلفية الموالية لحفتر.

قوات حفتر لجأت إلى محاولات القيام بإنزالات بحرية.. فماذا كانت النتيجة؟

مصادر بخفر السواحل الليبي أكدت لـ «عربي بوست»، احتجاز قاربين مطاطيَين لقوات حفتر حاولا تنفيذ عملية إنزال على شواطئ مدينة الزاوية (40 كيلومتراً غرب العاصمة)، تزامناً مع بدء هجومها على طرابلس من جهة بوابة 27 غرب طرابلس.

كان وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، قال في مؤتمر صحفي، إن لديهم معلومات أمنية عن سعي حفتر إلى استهداف مصفاة الزاوية، إحدى أهم المنشآت النفطية غرب العاصمة.

رئاسة أركان القوات البحرية التابعة لحكومة الوفاق أعلنت من جهتها جاهزيتها للتصدي لأي هجوم بحري يستهدف سواحل  طرابلس والمدن المجاورة، واصفةً تلك المحاولات بالعملية الانتحارية واليائسة.

فرنسا ترسل سفينة حربية للهلال النفطي

الساحة الثانية للحرب هي منطقة الهلال النفطي التي تنتج الجزء الأكبر من نفط ليبيا.

وشهدت الموانئ النفطية شرق ليبيا والطرق المؤدية إليها استنفاراً أمنياً غير مسبوق، سبقه إبعاد موظفي قطاع النفط من الأماكن الحساسة بالموقع، حسبما ذكرت مصادر محلية بمنطقة الهلال النفطي لـ «عربي بوست».

أنباء عززتها تصريحات الناطق الرسمي باسم جيش حفتر، الذي قال إنهم أرسلوا سفينة حربية إلى ميناء رأس لانوف في إطار مهمة تدريبية، على حد وصفه، بعد أن سربت وسائل إعلام محلية ودولية معلومات تفيد برسوّ بارجة فرنسية في ميناء رأس لانوف أكثر من ثلاث ساعات ظهر الخميس 25 أبريل/نيسان 2019.

قوات حفتر لجأت إلى محاولات القيام بإنزالات بحرية
المواجهات العسكرية تجعل الأوضاع في ليبيا ماساوية/ رويترز

ويسيطر ما يُعرف بـ «الجيش الوطني الليبي» على رأس لانوف والموانئ النفطية الأخرى بشرق البلاد والحقول النفطية الليبية، ولكن من الناحية العملية ترك إدارتها للمؤسسة الوطنية للنفط.

ويقع مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، وقد سعت للبقاء بعيداً عن الصراع بين الحكومتين، لتتعامل مع صادرات النفط والغاز التي تمثل شريان الحياة لليبيا.

ومؤسسة النفط ترفض عسكرة فرنسا وحفتر لمنشآتها

مصدر عسكري بحرس السواحل الليبي قال لـ «عربي بوست»، إن سفينة حربية فرنسية رست بميناء رأس لانوف النفطي، دون أن يؤكد ما إذا حملت زوارق بحرية لقوات حفتر أم لا.

وتعليقاً منها على هذه الحادثة، أعربت المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس عن إدانتها الشديدة ورفضها لعسكرة منشآتها ومرافقها واستخدامها لأغراض حربية، مؤكدةً رصدها  سفناً حربية رست في ميناء رأس لانوف.

كما أكدت المؤسسة أن سفناً أخرى استخدمت الميناء لأغراض عسكرية، في حين حاول عسكريون السيطرة على قوارب تابعة للمؤسسة بميناء السدرة في منطقة الهلال النفطي التي تخضع لسيطرة حفتر إضافة إلى استيلاء مجموعة تابعة له قبل أسبوعين على مهبط  للطائرات بالميناء ذاته.

 

التدخل الفرنسي في #ليبيا يتطور، من فضيحة مخبريها العسكريين والذين ضُبطوا في #تونس، مروراً بمقتل ثلاثة من جنودها داخل الأرض الليبية، وانتهاءً هذا اليوم برسوّ بارجة فرنسية حربية في ميناء رأس لانوف الليبي. دعم #حفتر يتّسق مع التاريخ الكولونيالي لفرنسا، وما عدوانها في #مالي ببعيد. pic.twitter.com/qRuoJUJzxq

— أحمد بن راشد بن سعيّد (@LoveLiberty) ٢٥ أبريل ٢٠١٩ ">http://

 

طرابلس تتهم، وباريس تنفي

وعلى الصعيد السياسي، أبدى رئيس حكومة الوفاق فايز السراج استغرابه الشديد مما وصفه بدعم فرنسا لديكتاتور مثل حفتر.

السراج قال في مقابلة مع صحيفتي «لوموند» و»ليبراسيون» بطرابلس، إنَّهُ متشائمٌ منْ موقفِ فرنسا، مُضيفاً أنَّ فرنسا تَعترفُ بحكومةِ الوفاقِ، لكنَّها تقدمُ الدعمَ لخليفة حفتر هي ودولٌ أخرَى.

وهو الأمر الذي دفع وزير الداخلية بحكومة السراج، فتحي باشاغا، إلى إيقاف التعاون الأمني مع فرنسا، بقرارٍ نص على إيقاف التعامل مع الجانب الفرنسي في الاتفاقيات الأمنية الثنائية وكذلك المجالات التدريبية أو الأمنية أو أي اتفاقيات أخرى.

وهو ما وصفه عضو المجلس الرئاسي محمد عماري زايد بالخطوات العملية لحكومة طرابلس في الرد على المتورطين بدعم حفتر.

زايد قال لـ «عربي بوست»، إنهم يحتفظون بحق الرد سياسياً وإعلامياً وقضائياً وقانونياً ضد كل من دعم حفتر، وعلى رأسهم فرنسا والإمارات ومصر والسعودية.

في حين يواصل الجانب الفرنسي نفي اتهامات حكومة الوفاق، مؤكداً أنه «لا أساس لها من الصحة»، مجدداً دعم باريس للحكومة الشرعية برئاسة فايز السراج، ودعمها مبادرة الأمم المتحدة من أجل حل سياسي شامل في ليبيا.

«السترات الصفراء» في طرابلس

أهالي طرابلس الذين اتخذوا من ميدان الشهداء وسط المدينة مكاناً للتظاهر السلمي عشية كل جمعة، قرروا ارتداء «السترات الصفراء»؛ احتجاجاً منهم على ما وصفوه بالدعم الفرنسي لقوات حفتر المعتدية على العاصمة.

المتظاهرون رفعوا شعارات منددة بالهجوم العسكري على طرابلس وبمشروع حفتر لعسكرة الدولة، مطالبين المجتمع الدولي ومجلس الأمن بدعم المسار الديمقراطي في البلاد، واتخاذ موقف حازم تجاه الاعتداء على مدينتهم.

تاريخ التدخل الفرنسي

قبل عامين وفي أثناء حرب حفتر على بنغازي، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية مقتل ثلاثة جنود فرنسيين خلال مهمة في ليبيا، في حين أكدت حينها مصادر خاصة لـ «عربي بوست»، وجود قوات فرنسية خاصة في ليبيا وضباط اتخذوا من قاعدة بنينا الجوية جنوب بنغازي غرفة عمليات لدعم حفتر.

وكانت فرنسا في ذلك الوقت، تقر بتحليق طائراتها فوق ليبيا لجمع معلومات، دون أن تؤكد وجود قوات خاصة على الأرض الليبية.  

وفي ظل انتشار تقارير إعلامية تتحدث عن دعم فرنسي لقوات حفتر في هجومها على طرابلس، أكدت مصادر أمنية من الحدود الليبية التونسية لـ «عربي بوست»، إيقاف 24 شخصاً بينهم 13 فرنسياً، حاولوا اجتياز الحدود التونسية قادمين من ليبيا.

خبر أكده رسمياً وزير الدفاع التونسي، عبدالكريم الزبيدي، بعد ساعات، قائلاً إنهم اجتازوا، في مجموعتين، وبشكل غير متزامن، الحدود التونسية، قبل أن تجبرهم السلطات التونسية على تسليم أسلحتهم.

وفنّدت السلطات التونسية رواية السفارة الفرنسية، التي قالت إن الفرنسيين المذكورين من أفراد فريق الحماية الأمنية لسفيرة باريس لدى ليبيا، وإن عملية تنقّل المجموعة جرت بالتنسيق مع الجانب التونسي.

كما ذكرت مصادر «عربي بوست» العسكرية والأمنية، أن قوات حفتر تستخدم في هجومها على طرابلس طائرة مروحية حديثة مزودة بنظام الرؤية الليلة، يرجح أنها فرنسية.