شمبانزي يرتدي ملابس ويتسخدم جهاز خلوي/ Istock

فيديو لقرد يتصفَّح إنستغرام قد يكون أمراً مضحكاً.. لكن مهلاً، المشهد أبهر العلماء، فما الذي يعنيه ذلك؟

ترجمة: عربي بوست

يُعرف عن قرود الشمبانزي استخدامها لما لا يقل عن 22 نوعاً من الأدوات في البرية، لكنها على ما يبدو قادرة الآن على استخدام أداة أقل بدائية، وهو تطبيق إنستغرام.

ففي الأسبوع الماضي، نُشر فيديو على موقع انستغرام يُظهر شمبانزي يتصفح تطبيق إنستغرام على هاتف ذكي. ونشر هذا الفيديو كودي أنتل، ابن ماهمايافي بهاغافان أو الدكتور أنتل، مؤسس محمية Myrtle Beach Safari، وهي محمية حيوانات برية تقع على مساحة 50 فداناً في ولاية كارولاينا الجنوبية، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.

تمكن هذا الشمبانزي من تصفُّح الصور والفيديوهات بطريقة دقيقة وغير عشوائية

أظهر الفيديو الشمبانزي الذي يحمل اسم سوجريفا، وهو يتصفح الصور ويعرض الفيديوهات التي تُظهر الحيوانات تقفز إلى ذراعي مايك هولستون، وهو لاعب كرة قدم أمريكية محترف سابق ينشر فيديوهات لحيوانات غريبة على مواقع التواصل الاجتماعي، مُلقباً نفسه بـ «طرزان الحقيقي» (The Real Tarzan).

سلَّط الفيديو الضوء على الطبيعة الفضولية والتكيفية لدى حيوانات الشمبانزي، التي تتشارك مع البشر في 99% من الحمض النووي، مما يجعلها أقرب الكائنات الحية لنا في عالم الطبيعة.

الفيديو لفت انتباه المتخصصين في مجال الحيوانات وأثبتوا أن الشمبانزي لديه قدرة على استخدام التكنولوجيا

قالت باتريشيا رايت، وهي عالمة رئيسيات في جامعة ستوني بروك: «علمنا منذ مدة طويلة أن لديها قدرات فكرية كبيرة. يختار هذا الشمبانزي حيوانات الشمبانزي الأخرى في إنستغرام، مما يوضح أنه لا يدرك الأشياء فقط بل يدرك أيضاً الكائنات التي تنتمي لفصيلته».

أثبت باحثون من قبل أن حيوانات الشمبانزي قادرة على استخدام التكنولوجيا إلى ما هو أبعد مما نتصور، حيث التقطت فيديوهات للقرود وهي تستخدم المطارق الحجرية لكسر الجوز، وتدس العصا في تلال النمل الأبيض لإخراج الحشرات، وإمساك أوراق الشجر لاستخدامها مظلات في الأجواء الماطرة.

تخيل أن دراسات أثبتت أن حيوانات الشمبانزي برعت في ألعاب الحاسوب، بل وتفوقت على البشر

وتوصلت دراسات إلى براعة الشمبانزي مع ألعاب الحاسوب، لدرجة أن شمبانزي يبلغ من العمر 22 عاماً يدعى بانزي نجح في التفوق على 12 طفلاً وأربعة بالغين في متاهة معقدة بإحدى ألعاب الواقع الافتراضي.

تستطيع القرود أيضاً تعلم استخدام الأدوات عفوياً، دون أن تشاهد الآخرين أولاً، ويبدو أنها قادرة على حل الأحجيات للتسلية، حتى دون الحصول على أي نوع من المكافآت.

ويعكس استخدام سوجريفا لإنستغرام العمل المستمر من جانب العلماء للدخول أكثر في عقول الشمبانزي، من أجل التوصل إلى استيعاب أفضل لمهارات وعواطف الحيوانات.

إلا أن ذلك يجري بصورة أكثر تنظيماً ورسمية من الفيديو المنشور على إنستغرام، الذي بدا مُلتقطاً في منزل عادي.

مثل هذه الفيديوهات لها مخاطر على هذا النوع من الحيوانات

لكن حذرت جين جودال، عالمة الرئيسيات الشهيرة، من أن الفيديو قد يديم التجارة المزدهرة غير القانونية للحيوانات البرية، التي تلبي احتياجات الأشخاص الذين يرغبون في الحصول على حيوانات مثل الشمبانزي لتكون رفقاء مستأنسين.

بالرغم من هذا، ضلَّت مثل هذه المحاولات طريقها خلال التجارب التي يقودها العلم، مثلما حدث في مشروع نيم في السبعينيات، حيث جرت تربية شمبانزي على أنه طفل بشري  على يد الباحثين، لينتهي به الحال في النهاية في الأسر بعد أن زادت قوة القرد الناضج وأصاب عديداً من معالجيه.

قالت رايت: «إنه أمر مقلق بالنسبة لي أن الشمبانزي بدا داخل منزل، وهو شيء خطير للأشخاص والشمبانزي أيضاً. حيوانات الشمبانزي مخلوقات عاطفية جداً ونريد حماية كل من الشمبانزي والبشر».

اتفق عالم الرئيسيات بجامعة إيموري، فرانس دي فال، مع هذا الأمر، قائلاً عبر البريد الإلكتروني: «لا أوافق على الظروف التي أُنتج فيها الفيديو أو الهدف منه، وهو على الأرجح كسب المال».

ولم يردّ أنتل ولا هولستون على طلبات للتعليق.

كما أن الشمبانزي تصنَّف ضمن الحيوانات المهددة بالانقراض

ويشدد علماء الرئيسيات على أن الطبيعة المماثلة للبشر لدى الشمبانزي يجب أن تؤكد أهمية ضمان عدم تعرض الأنواع للانقراض. ومثلما هو الحال مع القردة العليا الأخرى -إنسان الغاب، والغوريلا، والبونوبو- تعتبر حيوانات الشمبانزي مهددة بالانقراض.

وأصبحت الأنواع البرية في إفريقيا ممزقة بصورة متزايدة، فقد توصل باحثون ألمان في 2017 إلى أن حيوانات الشمبانزي الغربية، التي يُعثر على كثير منها في غينيا وساحل العاج، عانت من تراجع أعدادها بنسبة 80% خلال الأعوام الـ 25 الماضية.

وقالت رايت: «إنها تعاني بشدة. ثمة كثير من الأشياء لا نفهمها حولها، لكننا نعرف أنها مهددة بالانقراض، وأنه من الواجب علينا إنقاذها من المشكلة التي تواجهها في مجتمعاتها الأصلية».