خالد محمود- عربي بوست
أعلن جاريد كوشنر، مستشار البيت الأبيض، الخميس 2 مايو/أيار 2019، أن خطة التسوية في الشرق الأوسط المعروفة إعلامياً بـ «صفقة القرن» من المتوقع الإعلان عنها الشهر المقبل، بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وانتهاء شهر رمضان، فما هو دور الأردن في الصفقة؟ ولماذا يعارض ملك الأردن عبدالله الثاني ذلك الدور؟ وما هي نوعية الضغوط التي يتعرض لها؟ وهل يصمد أمام تلك الضغوط؟
تحدث كوشنر في ندوة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قائلاً: «ما سنتمكن من إعداده هو حل نعتقد أنه سيكون نقطة بداية جيدة للقضايا السياسية، ومن ثَم إطار لما يمكن القيام به لمساعدة هؤلاء الناس على بدء حياة أفضل».
وأضاف كوشنر، زوج ابنة الرئيس دونالد ترامب: «تم تكليفي بمحاولة إيجاد حل بين الجانبين، وأعتقد أن ما سنطرحه هو إطار عمل أعتقد أنه واقعي… إنه قابل للتنفيذ، وهو أمر أعتقد بشدة أنه سيقود الجانبين إلى حياة أفضل كثيراً».
لم يكشف كوشنر عن تفاصيل الصفقة، لكنه قال إنها تتألف من شقين رئيسيين؛ أحدهما سياسي ويتعلق بالقضايا الجوهرية مثل وضع القدس، والآخر اقتصادي يهدف إلى مساعدة الفلسطينيين على تعزيز اقتصادهم.
ما هو دور الأردن في الصفقة؟
يبدو أن الدور المطلوب من الأردن القيام بتنفيذه في إطار الصفقة أكبر وأخطر بكثير مما يمكن تصوُّره، ويبدو هذا واضحاً من حالة القلق الشديد وربما الذعر في الشارع الأردني، والمنعكس في التغطية الإعلامية كرد فعل للتسريبات حول ذلك الدور المفترض من المملكة الهاشمية القيام به، وكانت تلك الحالة تتزايد مع كل زيارة للملك إلى واشنطن مؤخراً.
التسريبات في الصحافة الغربية والإسرائيلية تتحدث عن الدور المتوقع من الأردن في إطار الصفقة، والمتمثل في تأسيس اتحاد كونفدرالي يضم الأردن والسلطة الفلسطينية، وإدارة مدنية فلسطينية لإدارة الضفة الغربية، مع ضم المستوطنات في الضفة بشكل نهائي لإسرائيل، وأن تكون القدس موحَّدة عاصمةً لإسرائيل.
في هذا الإطار، يرى الأردنيون أن الصفقة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي على حساب الأردن، حيث إن التسريبات تتحدث أيضاً عن توطين مليون فلسطيني في الأردن، والمقابل 45 مليار دولار.
صحيفة الدستور الأردنية عبَّرت عن الموقف الرسمي الأردني قائلة: «إن الحديث عن وطن بديل للفلسطينيين لن يجد منا نحن الأردنيين سوى التجاهل، فالأردن هي الأردن، وفلسطين هي فلسطين».
وكتب مروان المعشر، في صحيفة الغد، يوم 20 مارس/آذار الماضي: «تمثل صفقة القرن بلا شك تهديداً وجودياً للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين، فما هي إلا محاولة لضم القدس ووادي الأردن والمناطق المحتلة التي تضم المستوطنات غير القانونية، والخوف هو السعي المحموم للإدارة الأمريكية لإقناع الأردن بتولِّي الحكومة الإدارية أو السياسية للفلسطينيين، وبالتالي تحرمهم من حق إقامة دولتهم على أراضيهم، وعاصمتها القدس الشرقية».
«بالنسبة للأردن صفقة القرن ليست إلا تهديداً وجودياً يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وأعتقد أن الأردن مدرك تماماً لهذه الحقيقة وتبعاتها المباشرة، وبالتحديد قتل مفهوم حل الدولتين من جانب أمريكا وإسرائيل».
القدس حجر الزاوية في مقاومة الأردن
وبحسب الصحافة الإسرائيلية، سيتم تغيير وضع الأردن الخاص بالنسبة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، عن طريق منح دور شرفي لدول أخرى مثل السعودية والمغرب أيضاً، وهذه نقطة حساسة للغاية لدى المسؤولين الأردنيين الذين يعتبرون أن الدور الأردني في القدس تاريخي، وهذا ما انعكس بوضوح في مقالات كبار الصحفيين في الأردن الذين يعبِّرون عن الموقف الرسمي.
وضع القدس تحديداً هو النقطة الأبرز التي يعترض عليها الأردن، حيث إن كوشنر يقول إن القدس هي عاصمة إسرائيل، بينما يرفض ملك الأردن الموافقة على ذلك، وقد أعلن الملك عبدالله موقفه بشكل معلن في الأيام الماضية.
في هذا الإطار تتم الإشارة للصفقة على أنها مؤامرة وتهديد وجودي للقضية الفلسطينية وحل الدولتين، وكرَّر الملك عبدالله موقفه الرافض «لكل الضغوط فيما يخص القدس»، معلناً أن توحُّد الأردنيين بشأن قضية القدس هو الضامن الوحيد لعدم تنفيذ المخطط.
نوعية الضغوط ومصادرها
أما عن نوعية ومصادر الضغوط التي يتعرض لها الأردن، فيبدو أنها غير مقتصرة على الجانب الأمريكي، حيث وجهت هند الفايز النائبة السابقة في البرلمان الأردني أصابع الاتهام لعدد من الدول الخليجية دون أن تسميها، بحسب ميدل إيست مونيتور في أبريل/نيسان الماضي.
«عندما أتحدث عن الضغوط التي تمارَس على الأردن فأنا أتحدث بوضوح عن عدد من الدول الخليجية»، مضيفة أن تلك الدول تستخدم أموال المساعدات كوسيلة ضغط، ورفضت تسمية تلك الدول، لكنها قالت إن الدولة الوحيدة التي رفضت التطبيع هي الكويت.
القصة إذن ملامحها واضحة؛ حيث تم إبلاغ الملك أن الأردن سيقوم بتوطين مليون فلسطيني والقبول بوضع القدس كعاصمة لإسرائيل وضم معظم أراضي الضفة الغربية والمقابل مليارات تدفعها دول الخليج لتحسين الأوضاع الاقتصادية لمواطنيه (أردنيين وفلسطينيين).
وفي هذا الإطار تتم ممارسة الضغوط على ملك الأردن من واشنطن ومن الدول العربية أيضاً، وسلاح الملك الوحيد كما قالها بنفسه هو «توحُّد الأردنيين».