عدنان الجبرني
خمسة أشهر انقضت منذ اتفاق ستوكهولم منتصف ديسمبر 2018، ولا يزال المبعوث الأممي مارتن غريفيث يترجى جماعة الحوثيين أن ترفع عنه الحرج وتقبل بأي خطوة على الأرض مهما كانت شكلية.
قبل أيام وصل غريفيث إلى صنعاء للمرة الخامسة منذ توقيع الاتفاق، في زيارة غير معلنة، لعرض التعديل الرابع لخطة تنفيذ جزئية لإعادة الانتشار في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.
وفي كل مرة يبدو غريفيث مبتهجاً بفرصة لقائه بعبدالملك الحوثي، وينقل اليه خشيته ونصحه الصادق مما يضمره المجتمع الدولي سلباً نحو جماعته إن هي لم تشرع في تنفيذ الاتفاق.. يستمع من الحوثي الى عموميات أُعدت سلفاً لتناسب مزاج العجوز البريطاني المثابر، ثم يخرج ليستكمل ماراثون لقاءاته مع بعض شياطين الحوثي التي تأخذه إلى متاهة التفاصيل.
وهكذا في كل مرة يدخل غريفيث أرجوحة الحوثي ويعود مثقلاً بالحرج من وعوده التي أسرف في الجزم بها أمام المجتمع الدولي خلال عام كامل منذ بدء مهمته.. ويبدو مع مرور الوقت أن غريفيث لن يُكافئ من قبل الجماعة نظير حماسه في تأكيد "جدية الجماعة ووضوح رغبة زعيمها نحو السلام".
في نهاية إبريل الماضي عقدت اللجنة الرباعية التي تضم (أمريكا وبريطانية والسعودية والامارات) اجتماعا في لندن، وخرجت ببيان شديد اللهجة أمهل الحوثيين حتى منتصف الشهر الجاري لتنفيذ خطة اعادة الانتشار، مالم فإن الرباعية ستقود المجتمع الدولي الى مسار جديد يجبر الحوثي على تقديم التنازلات.
يشعر غريفيث بهَمهَمة التشفي والضغط الذي بدأ تحالف دعم الشرعية بممارسته بصوت أكثر ثقة، بعد تضاؤل آمال المبعوث في زيارته الأخيرة إلى حد طلب السماح لرئيس فريق إعادة الانتشار مايكل لوليسغارد بالعودة إلى الحديدة لعقد اجتماعات مع ممثلي الطرفين لبدء تنفيذ المرحلة الأولى قبل الموعد المحدد.
في إحاطته الأخيرة أثنى غريفيث على تجاوب عبدالملك الحوثي وبدا محتفياً بما سمعه منه قبل الإحاطه بأيام، رغم أنها ليست المرة الأولى التي يحتفل المبعوث ويتفاءل وحيداً بين العالمين، دونما سبب أو تقدم في الملف الذي اعتقد أن تجزيئه سيقوده إلى النجاح.
وحتى اليوم لا نتيجة لاتفاق ستوكهولم، سوى وقف استكمال انتزاع الحديدة من الحوثيين.
ويتفادى الحوثيون أي مواقف مباشرة من قبل مجلس الأمن من خلال "الحماسة المؤقتة" وتقتضي إظهار نوع من الجدية وضخ وعود للمبعوث بما يضمن عرضها في إحاطته وما إن تنتهي الإحاطة حتى يبدأ القادة الحوثيون بتبادول الأدوار والتملص مما وعدوا به واللعب مع "الصديق مارتن" حتى يحين موعد الإحاطة القادمة.
وفي كل مرة يقف مارتن غريفيث بمطار صنعاء مغادراً بخفي حنين .. يصفف شعره السلس بيديه بحركة متثاقلة، ويتخاطر مع الحوثي معاتباً: أحرجتمونا.
لكنه لا يريد أن يصحو من أحلامه ولا يريد أن يقر بأن رومانسية ومصطلحات "السلام، والنزاع، والحل) لا تفت في عضد "الحق الإلهي" ولا تضمن لمبعوث تتويجاً ولا نصراً.
وإذا كان نقاش تنفيذ "مرحلة أولى" من بند في الاتفاق، قد تطلب خمسة أشهر من النقاش دون أي خطوة على الأرض، وربما لن ينجح إلا بنهاية العام في حال توفرت ضغوط كافية، فإن المرحلة الثانية قد تتطلب عاماً آخر، فيما ملف الأسرى والمختطفين، وملف تعز قد يتطلب كلٌ منهما عاماً بذاته إن استمر غريفيث بنفس حماسه الحالي.
الجمود العسكري القائم وتضارب الأجندات داخل معسكر التحالف والشرعية، يقود لنقاش المدى الذي يمكن أن يصل إليه ممثل المنظمة الدولية العاثرة، وإن كانت شبيهة بالتمثيل الرديء.
نقلا عن: المصدر أونلاين