متلئ العاصمة اليمنية صنعاء عموماً، ووسطها المتمثل بمنطقة التحرير على وجه الخصوص، بالكثير من المقاهي الشعبية، التي يقصدها اليمنيون بشكل مستمر لقضاء أوقات لطيفة بعيداً عن المنغصات الحوثية وكوارث الانقلاب.
ويضم «شارع المطاعم العدنية» في التحرير وسط صنعاء، معظم هذه المقاهي، التي تعد مقصداً هاماً ومتنفساً كبيراً للكثير من اليمنيين بمختلف فئاتهم وأطيافهم وانتماءاتهم.
ومن بين المقاهي الأكثر شهرة في هذا المكان، مقهى مدهش، الذي يطلق عليه «ملك الشاي العدني» والواقع بين ميدان التحرير وثانوية عبد الناصر بصنعاء، حيث كان وما زال ملجأ وملاذاً لكثير من المثقفين والفنانين والمفكرين والإعلاميين ورجال السياسة والمواطنين العاديين.
تأسس مقهى مدهش تحديدا وشارع المطاعم بالتحديد قبل أربعة عقود - وفق أحد العاملين فيه - وتعاقب عليه مالكون كثر حتى وصل إلى العم مدهش علي عادل من أبناء مدينة عدن، الذي استمر في العمل فيه طيلة سنوات حتى يومنا هذا.
بالقرب من مقهى مدهش توجد سلسلة طويلة من المطاعم والمقاصف الشعبية المتزاحمة والمتداخلة مع بعضها بكل ود وصداقة، حيث لا يكاد يُعرف حدود أحدها من الآخر ويقابله في الطرف الآخر وعلى بعد أمتار قليلة مقهى آخر يسمى «المقهى العدني»، الذي لا يقل شهرة ومذاقاً عن مقهى مدهش عادل. ويقول الحاج لطفي مقبل (80 عاماً) من عدن، إنه من رواد هذا المكان الشعبي قبل 45 عاما، وما زال حتى اليوم يتردد عليه ما بين الفينة والأخرى.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الشارع العدني ومقهى مدهش لا يزال بهذا الزخم الشعبي المتنوع كما كان عليه من زمن بعيد وما زال زبائنه يتقاطرون عليه من كل مكان رغم الظروف والأوضاع التي يعيشها البلد».
وقطع لطفي حديثه مع «الشرق الأوسط»، للحظات، ثم واصل قائلاً: «لا يستقيم الحديث الآن دون كأس آخر من شاي مدهش يعدل المزاج».
وبعد احتسائه أول رشفة شاي أبدع العم مدهش في تحضيره، تابع لطفي حديثه بالقول: «يعود تاريخ شارع المطاعم لبداية الثمانيات، كان هناك بوفيه واحد صاحبه يدعى شاهر العريقي ويطلق عليه بوفيه (شاهر الله يرزقه)، وكان يحظى بإقبال كبير من الموظفين والطلبة والعمال الذين كان يبدأ سباقهم إلى أعمالهم ووظائفهم من هذا المكان».
وأطلق على هذا المكان الشعبي منذ مر السنين، بحسب سكان محليون، مسميات عدة منها «شارع المواصلات» و«شارع النزيلي»، إلا أن مسمى «شارع المطاعم العدنية» مثل الأكثر شهرة وترسخاً في أذهان الجميع حتى اليوم. ويقول إعلامي يمني: «عندما تأتي كزائر لشارع المطاعم، أول ما تدخل إليه من شارع النزيلي المجاور له تجد نفسك وكأنك تنتقل بخطوة واحدة فقط من صنعاء إلى عدن».
ويضيف: «كل شيء يسير فيه وفق الإيقاع والإبداع العدني من مأكولات ومشروبات وروائح زكية وأصوات وأزياء ولهجة وحتى مواطنين».
ويعد «شارع المطاعم» أحد أقدم الشوارع في صنعاء، حيث يجد فيه الكثير من المواطنين متنفسا لنسيان هموم ومشاغل الحرب ولقاء الأصدقاء لمناقشة مواضيع سياسية واقتصادية وأمنية ورياضية، حتى الطلاب يجتمعون هم أيضا فيه لمناقشة متطلبات الدراسة.
ويؤكد نجيب الحزمي - من إب - أن ما يميز المكان هذا عن بقية الأماكن بصنعاء وجود شيئين أساسيين؛ الأول جودة العمل الذي يقدمه أصحاب المقاهي والمطاعم، والثاني وجوده بقلب العاصمة، حيث تجد المواصلات متوفرة إلى هذا المكان. لكنه - وبحسب تواجده بالمكان باستمرار يشير إلى تراجع ملحوظ في الوقت الحالي بالنسبة لعدد الزوار لهذا المكان، مرجعاً الأسباب إلى شحة الموارد المالية لدى المرتادين.
وقال الحزمي لـ«الشرق الأوسط»: تجد الناس أحيانا لا يمتلكون قيمة المواصلات للوصول إلى هنا أو حتى قيمة ما يأكلونه ويشربونه. واعتبر أن ساحة مقهى مدهش تعد ملتقى للكثير من الأدباء والمثقفين والفنانين والنقاد والمفكرين والرياضيين والسياسيين والإعلاميين والشعراء والعاملين وحتى العاطلين.
ويجتمع وسيم العزعزي وهو طالب جامعي، كل يوم مع أصدقائه الذين ينتمون إلى محافظات يمنية مختلفة في شارع المطاعم ويشربون سويا الشاي العدني ويأكلون الخبز الساخن (خبز الطاوة) المشهور في هذا الشارع، إلى جانب الشاي العدني على وجه التحديد.
يقول وسيم: «يجمع هذا الشارع أشهر الأكلات اليمنية والمواطنين من مختلف المحافظات، وأشعر وكأن هذا الشارع هو منزلي الثاني كوني أشعر فيه بالاطمئنان، ولا أجد فيه البغضاء والشحناء الموجودة في بقية الأماكن الأخرى»، متابعاً: «هذا المكان يشعرنا بالعراقة والأصالة ويعيدنا لزمن جميل يجسد جملة واحدة أننا أبناء يمن واحد ولسنا شماليين وجنوبيين».
وما يميز ساحة مقهى مدهش عن بقية المقاهي الأخرى جلوس كل أطياف المجتمع على طاولات صغيرة متراصة ومتماسكة بعناية، لتناول وجبات شعبية متنوعة واحتساء الشاي العدني حلو المذاق وإطلاق العنان لطرح مختلف النقاشات والحوارات المتعددة المشارب والاتجاهات.
ويعتبر أحد العاملين بالشارع العدني، أن مقاهي ومطاعم الشارع وجهة يومية لبعض النُخب وعوام الناس لتناول الوجبات واحتساء مذاق الشاي العدني.
ويقول: «تختزل يوميات المقهى والشارع بشكل عام لقاءات وحكايات وقصصاً من واقع معاناة اليمنيين وكأنها مكتبة تحتضن لاحتساء مذاق شعبي وحضاري كبير... ليس للأكل أو احتساء الشاي فقط، بل يجد مرتادوه نكهة اليمن وأصالة الإنسان، لذا بات ملتقى ثقافيا ومنتدى فكريا ومطعما شعبيا في آن واحد تجتمع على طاولة واحدة كل فئات المجتمع. ويقول: «هنا شيء من عدن وتعز وإب وحضرموت، بل هنا اليمن بكل تفاصيلها على طاولة واحدة تجتمع ثقافات متعددة ولهجاتهم تقرب المسافات بين المحافظات والمدن».
ويتهامس بعض مرتادي المقاهي بأن أحد الأسباب التي تدفع بالقدوم إلى هنا خلال فترات الصراعات والحروب تتمثل في «التنفيس عما بداخلهم من ضغوط وأعباء حياتية».
ومع ذلك، يقول يمني، تحفظ على ذكر اسمه: «رغم وجود أشخاص في المكان نفسه يحملون أفكاراً مختلفة، فإنهم لا يتجادلون في نقاط الاختلاف بل يجلسون ويمرحون ويتناقشون ثم يغادرون وهم مبتسمون ومن دون مشاجرة أو عداء».
ويعد شارع المطاعم بصنعاء نسخة من شوارع مدينة عدن بمقاهيها ومطاعمها وأكلاتها ومشروباتها، ناهيك عن التجمع السكاني للعدنيين فيه. لذلك يشعر من يدخله لأول مرة وقد زار عدن مسبقاً، أنه متواجد وسطها.
محمود علي يقول إن الاسم لوحده فقط يعني له الكثير، كونه من مدينة عدن ويقطن صنعاء منذ فترة طويلة، ويضيف: «كلمة عدن تعني لي الكثير والأكل العدني والناس العدنيين أيضاً يعنون لي الكثير». ويعتبر محمود أن مسمى شارع المطاعم العدنية في صنعاء يعطي نكهة وقيمة أخرى لهذا المكان. ويقول: «بداية صداقتي مع عدد من شباب صنعاء ولقاءاتنا المتواصلة بهذا المكان تأتي بدرجة أساسية من أجل تعزيز هذه القيمة وتعزيز تواجد عدن في قلب صنعاء عاصمة اليمن ومحبتنا لعدن تحتم علينا أن نجعل من هذا المكان أساسياً في حياتنا اليومية». ولم يقتصر ارتياد الشارع العدني على الطبقات الفقيرة من المُثقلين بالهموم والأحزان والمتعبين، فهناك فئات أخرى زارته من سياسيين ووزراء ودبلوماسيين وفنانين وأدباء ورجال مال وشخصيات اجتماعية.
ويقول محمود علي إنه «يلاحظ بشكل دائم تنوعاً كبيراً في شرائح المجتمع المتواجدة في هذا المكان من الشريحة الكادحة والمتوسطة والعليا».
وبحسب سكان في الشارع العدني، فقد سجلت بتاريخ الشارع زيارات كثيرة لكبار القيادات والشخصيات من جنوب وشمال اليمن. ومن أبرز تلك الأسماء، بحسبهم، نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض الذي زاره في عام 1989، في إطار الزيارات الودية التي كانت تُقام بين جنوب وشمال اليمن تمهيداً للوحدة.
وقبل ذلك، زاره الرئيس علي ناصر محمد في 1986، وزاره أيضاً الفنان اليمني محمد مرشد ناجي في العام نفسه، واللواء عبد الله علي عليوة، وزير دفاع سابق لليمن بعد الوحدة، وغيرهم من المسؤولين، كما زاره حديثاً الفنان أيوب طارش، والفنان فؤاد عبد الله هاشم الكبسي، والكثير من الأسماء البارزة واللامعة في السياسة والثقافة والفن والأدب.
ويشير السكان إلى تسمية الشارع خلال الفترة السابقة وعقب تحقيق الوحدة اليمنية بشارع العدانية نسبة للعدنيين الذين كانوا يتوافدون إليه بكثرة خلال تلك الفترة، ويقولون لـ«الشرق الأوسط» «بعدها بعشرين عاما تحول إلى مسمى آخر هو شارع المطاعم العدنية لاحتوائه على مقهيين وهما «مقهى مدهش والمقهى العدني».
ويضم «شارع المطاعم العدنية» في التحرير وسط صنعاء، معظم هذه المقاهي، التي تعد مقصداً هاماً ومتنفساً كبيراً للكثير من اليمنيين بمختلف فئاتهم وأطيافهم وانتماءاتهم.
ومن بين المقاهي الأكثر شهرة في هذا المكان، مقهى مدهش، الذي يطلق عليه «ملك الشاي العدني» والواقع بين ميدان التحرير وثانوية عبد الناصر بصنعاء، حيث كان وما زال ملجأ وملاذاً لكثير من المثقفين والفنانين والمفكرين والإعلاميين ورجال السياسة والمواطنين العاديين.
تأسس مقهى مدهش تحديدا وشارع المطاعم بالتحديد قبل أربعة عقود - وفق أحد العاملين فيه - وتعاقب عليه مالكون كثر حتى وصل إلى العم مدهش علي عادل من أبناء مدينة عدن، الذي استمر في العمل فيه طيلة سنوات حتى يومنا هذا.
بالقرب من مقهى مدهش توجد سلسلة طويلة من المطاعم والمقاصف الشعبية المتزاحمة والمتداخلة مع بعضها بكل ود وصداقة، حيث لا يكاد يُعرف حدود أحدها من الآخر ويقابله في الطرف الآخر وعلى بعد أمتار قليلة مقهى آخر يسمى «المقهى العدني»، الذي لا يقل شهرة ومذاقاً عن مقهى مدهش عادل. ويقول الحاج لطفي مقبل (80 عاماً) من عدن، إنه من رواد هذا المكان الشعبي قبل 45 عاما، وما زال حتى اليوم يتردد عليه ما بين الفينة والأخرى.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الشارع العدني ومقهى مدهش لا يزال بهذا الزخم الشعبي المتنوع كما كان عليه من زمن بعيد وما زال زبائنه يتقاطرون عليه من كل مكان رغم الظروف والأوضاع التي يعيشها البلد».
وقطع لطفي حديثه مع «الشرق الأوسط»، للحظات، ثم واصل قائلاً: «لا يستقيم الحديث الآن دون كأس آخر من شاي مدهش يعدل المزاج».
وبعد احتسائه أول رشفة شاي أبدع العم مدهش في تحضيره، تابع لطفي حديثه بالقول: «يعود تاريخ شارع المطاعم لبداية الثمانيات، كان هناك بوفيه واحد صاحبه يدعى شاهر العريقي ويطلق عليه بوفيه (شاهر الله يرزقه)، وكان يحظى بإقبال كبير من الموظفين والطلبة والعمال الذين كان يبدأ سباقهم إلى أعمالهم ووظائفهم من هذا المكان».
وأطلق على هذا المكان الشعبي منذ مر السنين، بحسب سكان محليون، مسميات عدة منها «شارع المواصلات» و«شارع النزيلي»، إلا أن مسمى «شارع المطاعم العدنية» مثل الأكثر شهرة وترسخاً في أذهان الجميع حتى اليوم. ويقول إعلامي يمني: «عندما تأتي كزائر لشارع المطاعم، أول ما تدخل إليه من شارع النزيلي المجاور له تجد نفسك وكأنك تنتقل بخطوة واحدة فقط من صنعاء إلى عدن».
ويضيف: «كل شيء يسير فيه وفق الإيقاع والإبداع العدني من مأكولات ومشروبات وروائح زكية وأصوات وأزياء ولهجة وحتى مواطنين».
ويعد «شارع المطاعم» أحد أقدم الشوارع في صنعاء، حيث يجد فيه الكثير من المواطنين متنفسا لنسيان هموم ومشاغل الحرب ولقاء الأصدقاء لمناقشة مواضيع سياسية واقتصادية وأمنية ورياضية، حتى الطلاب يجتمعون هم أيضا فيه لمناقشة متطلبات الدراسة.
ويؤكد نجيب الحزمي - من إب - أن ما يميز المكان هذا عن بقية الأماكن بصنعاء وجود شيئين أساسيين؛ الأول جودة العمل الذي يقدمه أصحاب المقاهي والمطاعم، والثاني وجوده بقلب العاصمة، حيث تجد المواصلات متوفرة إلى هذا المكان. لكنه - وبحسب تواجده بالمكان باستمرار يشير إلى تراجع ملحوظ في الوقت الحالي بالنسبة لعدد الزوار لهذا المكان، مرجعاً الأسباب إلى شحة الموارد المالية لدى المرتادين.
وقال الحزمي لـ«الشرق الأوسط»: تجد الناس أحيانا لا يمتلكون قيمة المواصلات للوصول إلى هنا أو حتى قيمة ما يأكلونه ويشربونه. واعتبر أن ساحة مقهى مدهش تعد ملتقى للكثير من الأدباء والمثقفين والفنانين والنقاد والمفكرين والرياضيين والسياسيين والإعلاميين والشعراء والعاملين وحتى العاطلين.
ويجتمع وسيم العزعزي وهو طالب جامعي، كل يوم مع أصدقائه الذين ينتمون إلى محافظات يمنية مختلفة في شارع المطاعم ويشربون سويا الشاي العدني ويأكلون الخبز الساخن (خبز الطاوة) المشهور في هذا الشارع، إلى جانب الشاي العدني على وجه التحديد.
يقول وسيم: «يجمع هذا الشارع أشهر الأكلات اليمنية والمواطنين من مختلف المحافظات، وأشعر وكأن هذا الشارع هو منزلي الثاني كوني أشعر فيه بالاطمئنان، ولا أجد فيه البغضاء والشحناء الموجودة في بقية الأماكن الأخرى»، متابعاً: «هذا المكان يشعرنا بالعراقة والأصالة ويعيدنا لزمن جميل يجسد جملة واحدة أننا أبناء يمن واحد ولسنا شماليين وجنوبيين».
وما يميز ساحة مقهى مدهش عن بقية المقاهي الأخرى جلوس كل أطياف المجتمع على طاولات صغيرة متراصة ومتماسكة بعناية، لتناول وجبات شعبية متنوعة واحتساء الشاي العدني حلو المذاق وإطلاق العنان لطرح مختلف النقاشات والحوارات المتعددة المشارب والاتجاهات.
ويعتبر أحد العاملين بالشارع العدني، أن مقاهي ومطاعم الشارع وجهة يومية لبعض النُخب وعوام الناس لتناول الوجبات واحتساء مذاق الشاي العدني.
ويقول: «تختزل يوميات المقهى والشارع بشكل عام لقاءات وحكايات وقصصاً من واقع معاناة اليمنيين وكأنها مكتبة تحتضن لاحتساء مذاق شعبي وحضاري كبير... ليس للأكل أو احتساء الشاي فقط، بل يجد مرتادوه نكهة اليمن وأصالة الإنسان، لذا بات ملتقى ثقافيا ومنتدى فكريا ومطعما شعبيا في آن واحد تجتمع على طاولة واحدة كل فئات المجتمع. ويقول: «هنا شيء من عدن وتعز وإب وحضرموت، بل هنا اليمن بكل تفاصيلها على طاولة واحدة تجتمع ثقافات متعددة ولهجاتهم تقرب المسافات بين المحافظات والمدن».
ويتهامس بعض مرتادي المقاهي بأن أحد الأسباب التي تدفع بالقدوم إلى هنا خلال فترات الصراعات والحروب تتمثل في «التنفيس عما بداخلهم من ضغوط وأعباء حياتية».
ومع ذلك، يقول يمني، تحفظ على ذكر اسمه: «رغم وجود أشخاص في المكان نفسه يحملون أفكاراً مختلفة، فإنهم لا يتجادلون في نقاط الاختلاف بل يجلسون ويمرحون ويتناقشون ثم يغادرون وهم مبتسمون ومن دون مشاجرة أو عداء».
ويعد شارع المطاعم بصنعاء نسخة من شوارع مدينة عدن بمقاهيها ومطاعمها وأكلاتها ومشروباتها، ناهيك عن التجمع السكاني للعدنيين فيه. لذلك يشعر من يدخله لأول مرة وقد زار عدن مسبقاً، أنه متواجد وسطها.
محمود علي يقول إن الاسم لوحده فقط يعني له الكثير، كونه من مدينة عدن ويقطن صنعاء منذ فترة طويلة، ويضيف: «كلمة عدن تعني لي الكثير والأكل العدني والناس العدنيين أيضاً يعنون لي الكثير». ويعتبر محمود أن مسمى شارع المطاعم العدنية في صنعاء يعطي نكهة وقيمة أخرى لهذا المكان. ويقول: «بداية صداقتي مع عدد من شباب صنعاء ولقاءاتنا المتواصلة بهذا المكان تأتي بدرجة أساسية من أجل تعزيز هذه القيمة وتعزيز تواجد عدن في قلب صنعاء عاصمة اليمن ومحبتنا لعدن تحتم علينا أن نجعل من هذا المكان أساسياً في حياتنا اليومية». ولم يقتصر ارتياد الشارع العدني على الطبقات الفقيرة من المُثقلين بالهموم والأحزان والمتعبين، فهناك فئات أخرى زارته من سياسيين ووزراء ودبلوماسيين وفنانين وأدباء ورجال مال وشخصيات اجتماعية.
ويقول محمود علي إنه «يلاحظ بشكل دائم تنوعاً كبيراً في شرائح المجتمع المتواجدة في هذا المكان من الشريحة الكادحة والمتوسطة والعليا».
وبحسب سكان في الشارع العدني، فقد سجلت بتاريخ الشارع زيارات كثيرة لكبار القيادات والشخصيات من جنوب وشمال اليمن. ومن أبرز تلك الأسماء، بحسبهم، نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض الذي زاره في عام 1989، في إطار الزيارات الودية التي كانت تُقام بين جنوب وشمال اليمن تمهيداً للوحدة.
وقبل ذلك، زاره الرئيس علي ناصر محمد في 1986، وزاره أيضاً الفنان اليمني محمد مرشد ناجي في العام نفسه، واللواء عبد الله علي عليوة، وزير دفاع سابق لليمن بعد الوحدة، وغيرهم من المسؤولين، كما زاره حديثاً الفنان أيوب طارش، والفنان فؤاد عبد الله هاشم الكبسي، والكثير من الأسماء البارزة واللامعة في السياسة والثقافة والفن والأدب.
ويشير السكان إلى تسمية الشارع خلال الفترة السابقة وعقب تحقيق الوحدة اليمنية بشارع العدانية نسبة للعدنيين الذين كانوا يتوافدون إليه بكثرة خلال تلك الفترة، ويقولون لـ«الشرق الأوسط» «بعدها بعشرين عاما تحول إلى مسمى آخر هو شارع المطاعم العدنية لاحتوائه على مقهيين وهما «مقهى مدهش والمقهى العدني».