ترجمة: عربي بوست
تحدو سكان الحُديدة آمال حذرة، من أنَّ المدينة اليمنية ستتجنب المزيد من إراقة الدماء، وسط أنباء غير مؤكدة بأنَّ المتمرِّدين الحوثيين ينسحبون من الموانئ، لكنَّ مناصري الحكومة اليمنية يقولون إن الحوثيين سلَّموا الموانئ لأنفسهم.
وتأتي أنباء ترك الحوثيين للموانئ في الحديدة حسب صحيفة The Guardian البريطانية قبيل اجتماع مجلس الأمن الدولي الأسبوع الجاري، الذي من المتوقع أن يشهد انتقادات أمريكية وبريطانية للحوثيين، لفشلهم في مساعدة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث على تطبيق الاتفاقيات التي توصلت إليها الأطراف المعنية، في ديسمبر/كانون الأول 2018، في اجتماع شهد انفراجة.
ويعيش المواطنون في الحديدة تحت حكم الحوثيين الذين نشروا الخوف في إحدى أفقر المدن اليمنية.
وقال أحد سكان مدينة الحديدة، غربي اليمن، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً من ملاحقة الحوثيين: «الوضع هنا في الحديدة مروع وغير مستقر بالمرة».
وأضاف: «ما زلنا خائفين، ولا يوجد ما يكفي من الطعام. وبدأ الحوثيون مؤخراً إجبار الأطفال على المشاركة في القتال، وإذا رفض آباؤهم يهددونهم بالقتل. آمل من الله أن يكون هذا (الانسحاب) نقطة تحول فارقة».
حيلة مصممة لخداع المجتمع الدولي
ولا يزال هناك افتقار شديد للثقة بين الأطراف المتناحرة في اليمن، ما يُهدد بإحباط عملية السلام. فمن جانبه، قال الحسن طاهر، مسؤول في الحكومة اليمنية، يوم الأحد، 12 مايو/أيار، إنَّ انسحاب الحوثيين كان حيلة «مصممة لخداع المجتمع الدولي»، واتهم المتمردين بتخفّي مقاتليهم في الأزياء الرسمية للشرطة وخفر السواحل الحياديين، لمواصلة السيطرة على الموانئ.
في حين نفى الحوثيون هذه الاتهامات، وقالوا في بيان إنَّ إعادة الانتشار أحادية الجانب من الحديدة تعكس التزامهم بأهداف عملية السلام، التي تحدَّدت في ستوكهولم العام الماضي.
وبالرغم من ذلك، يستمرّ القتال الشرس في أجزاء أخرى من الدولة، إضافة إلى أنَّ التوتر بين إيران، التي تدعم المتمردين الحوثيين، والسعودية، التي تتزعم التحالف الذي يقاتل لإعادة الحكومة اليمنية للسلطة، وصل إلى مستويات عالية في الأيام الأخيرة، عقبإعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن شنِّ هجمات على ناقلات نفط وخط أنابيب نفط سعودي.
من جانبها، علَّقت الدكتورة إليزابيث كيندال، باحثة في جامعة أوكسفورد، قائلة: «ليست هناك بدائل في الوقت الحالي لإنجاح اتفاقية ستوكهولم المبرمة في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وهناك حاجة ملحة لإجراء المزيد من المشاورات الهادفة للسلام، إلا أنَّ الجولة القادمة تقرر ألا تُعقَد سوى عقب إحراز تقدم حقيقي في تطبيق اتفاق (ستوكهولم)».
وأضافت: «ويكمن الأمل في أنه إذا كان الانسحاب الحوثي حقيقياً، فهذا يعني إزالة العراقيل أمام إجراء المزيد من المحادثات، ما يُفسح المجال بدوره للأمم المتحدة لبحث تدابير أخرى يمكن أن تسهم في بناء الثقة، وتحرز في النهاية بعضَ التقدم على الطريق الطويل وصولاً للسلام».
غير أنَّ وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني قال، لصحيفة The Guardian، إنَّ الانسحاب الحوثي «هزال» وخداع، متحدياً الحوثيين بأن يسمحوا للمدنيين بمراقبة الانسحاب بما يتماشى مع الاتفاقيات التي توصلوا إليها مع الأمم المتحدة.
وقال الإرياني إنَّ كل ما فعله ضباط الجيش الحوثي هو نزع الثياب العسكرية عنهم وارتداء الثياب الحكومية أو المدنية؛ حتى يتسنَّى لهم الاستمرار في مراكز القوى الأساسية في الميناء. وأضاف: «الأمر هزلي ومسرحية».
وتابع الوزير في الحكومة المدعومة من السعودية: «ندعم عمل مارتن غريفيث، لكنه يحاول الخروج بأي شكل من أشكال النجاح، لكن للأسف لا يمكن تحقيق أي نجاح مع الحوثيين. هذه مجرد أوهام. وستخرج الحقيقة للعلن قريباً. وسيتبين أنَّ الحوثيين لم ينسحبوا، ولن يسلموا الخرائط التي توضح أماكن الألغام المزروعة، أو يسحبوا أي مظاهر للوجود العسكري، ولن يسمحوا أيضاً بالتحقق من صحة سحب قواتهم».
الانسحاب لن يستمر كثيراً
وأشار الوزير: «حتى وإن سمحوا بذلك لفترة من الوقت، فلن يستمر هذا».
وقال إنَّ الحوثيين يتصرفون فقط مُكرَهين، وبدافع الخوف من اجتماع مجلس الأمن الدولي القادم.
وزعم أيضاً أنَّ الحوثيين وضعوا كاميرات مراقبة، وجلبوا مزيداً من الجنود المتنكرين في زي خفر السواحل. وقال: «هذه منظمة لم تحترم أي اتفاق منذ عام 2004».
يشار إلى أنَّ الموانئ اليمنية تُستخدَم لنقل الحبوب والنفط والإغاثة وفي التجارة، مع مرور 70% من واردات الدولة من الغذاء والمساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة. ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من انسحاب الحوثيين اليوم الثلاثاء، 15 مايو/أيار، لكن يبدو أنَّ الأمم المتحدة تقبَّلت أنه ربما تكون هناك حاجة لمزيد من الوقت لإتمام العملية.
وأعرب الحوثيون عن معارضتهم للانسحاب من الحديدة، إذا كانت القوات المدنية التي ستحل محلهم في المدينة تتألف في أغلبها من القوات الحكومية اليمنية.