أكد المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، أن هناك مؤشرات مقلقة بشأن الصراع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات في هذا البلد الفقير رغم الخطوة الملموسة الأولى في تنفيذ اتفاق الحديدة غربي البلاد.
وقال غريفيث خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي في جلسته اليوم الأربعاء، إن "اليمن ما زال في مفترق طرق بين الحرب والسلام، على الرغم من التقدم المحرز خلال الأيام الماضية بعد إعادة انتشار قوات الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى. وبينما يبقى وقف اطلاق النار في الحديدة قائما، هناك تصعيدا مقلقا للصراع في جوانب شتى".
واعتبر غريفيث أن "التغيير في الحديدة قد صار واقعا، وهناك مؤشرات على بداية جديدة في الحديدة"، مشيراً أن قوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) نفذت "بين 11 و14 مايو الجاري إعادة انتشار أولية من موانئ الحديدة وصليف ورأس عيسى بمراقبة الأمم المتحدة. وغادرت القوات العسكرية التابعة لأنصار الله تلك الموانئ الثلاثة".
وأضاف: "من خلال الالتزام المستمر للطرفين وللتحالف، والدعم السريع والحاسم لمجلس الأمن، وقيادة الفريق مايكل لوليسجار لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، رأينا الآن الخطوة الملموسة الأولى نحو تطبيق اتفاق الحديدة".
ويعيش اليمن منذ أكثر من أربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية.
وذكر المبعوث الأممي في إحاطته لمجلس الأمن، اليوم الأربعاء، أن التقدم الذي تحقق مؤخراً في جهود السلام في اليمن سيُمكن الأمم المتحدة من القيام بالدور الرئيسي الموكل لها في دعم شركة موانئ البحر الأحمر اليمنية في إدارة وتفتيش الموانئ بما في ذلك تعزيز دور آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش، مؤكداً أن المفتشين الأمميين مستعدون للانتشار.
وحذر غريفيث من تداعيات أي انتكاسة في جهود السلام على المكاسب التي تحققت بصعوبة في مسار التسوية، موضحاً بالقول: "هناك بوادر أمل، ولا يجب أن يقضي أي شيء على ترحيبنا بإعادة الانتشار في الحديدة خلال الأيام الماضية وآفاق تحقيق المزيد. ولكن هناك أيضا مؤشرات مقلقة، والحرب عادة ما تقضي على السلام، كما أن تداعياتها تفوق الأثر الإيجابي للمكاسب التي تتحقق بصعوبة على مسار التسوية. إن سهولة القضاء على التقدم المحرز، يمكن أن تكون مخيفة".
وشدد على ضرورة أن تتبع عملية إعادة الانتشار أعمال حاسمة من طرفي الصراع، الحكومة الشرعية والحوثيين، لتنفيذ تعهداتهما وفق اتـفاق ستوكهولم، مؤكداً أ، "اللحظة الحالية مهمة، ولكنها تعد البداية فقط".
وأكد على ضرورة أن يحافظ طرفا الصراع على الزخم الحالي من خلال تطبيق الخطوات اللاحقة لإعادة الانتشار المتبادل في الحديدة والذي سيتم التحقق منه ومراقبته بواسطة الطرفين، مشيراً إلى أهمية تقديم الدعم اللازم لتعزيز دور الأمم المتحدة في الموانئ.
ودعا المبعوث الأممي طرفي الصراع في اليمن إلى الاتفاق على خطة عملية للمرحلة الثانية لمواصلة إعادة الانتشار في الحديدة.
واتفق طرفا الصراع في اليمن خلال مشاورات احتضنتها السويد في ديسمبر الماضي برعاية الأمم المتحدة، على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وإعادة انتشار قواتهما من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ الثلاثة، مع إرسال بعثة أممية لمراقبة إعادة الانتشار، بالإضافة إلى تبادل كل الأسرى لدى الطرفين وتخفيف حصار الحوثيين على مدينة تعز.
لكن الاتفاق الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه في يناير الماضي، تعثر وسط تبادل الطرفين للاتهامات بعرقلة التنفيذ، قبل أن تبدأ الأمور في التحلحل السبت الفائت عندما بدأ الحوثيون انسحاباً أولياً من الموانئ الثلاثة.
ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة وموانئها منذ أواخر العام 2014، فيما تحتشد قوات يمنية مشتركة موالية للحكومة "الشرعية" والتحالف العربي منذ مطلع نوفمبر الماضي، في أطراف المدينة بغية انتزاع السيطرة عليها من قبضة الحوثيين.
واعتبر المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته لمجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء، أن "التقدم الملموس في الحديدة سيمكننا من المضي قدما في مفاوضات إنهاء الصراع، وسيمكننا من استئناف المفاوضات السياسية".
تصعيد في مناطق أخرى
وتطرق غريفيث إلى تصعيد الصراع في أجزاء أخرى من اليمن، أبرزها تصاعد القتال في محافظة الضالع جنوبي البلاد، معتبراً ذلك "تطورا مقلقاً لعملية السلام، كما فاقم الوضع في الجنوب".
وأكد أن الحل الشامل هو الوحيد الكفيل بإحلال السلام الدائم في اليمن، معرباً أن أمله في أن يتمكن طرفا الصراع من بدء مفاوضات في أقرب وقت ممكن. لكن المبعوث الأممي قال "إن المفاوضات تتطلب صبرا وثقة، وبالطبع تقديم تنازلات".
وأدى الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من أربع سنوات إلى أزمة إنسانية هي "الأسوأ في العالم" وفق تأكيدات الأمم المتحدة التي تتحدث عن أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.
توسيع مشاركة النساء
وفي إحاطته لمجلس الأمن الدولي، قال غريفيث إن "إنهاء الصراع لن يكون ممكناً إذا لم يتم شمول أصوات طائفة واسعة من اليمنيين. إن شمول المرأة، بوجه خاص في عملية السلام سيشكل مستقبل مشاركتهن في عملية الانتقال. إن مساهمة المجموعة الاستشارية النسائية اليمنية في عملية السلام كانت قيمة بالفعل أثناء مشاورات ستوكهولم".
وأضاف: "أود أن أقوم بالمزيد لإفساح المجال لمساهمة النساء اليمنيات، وأشجع الطرفين على جعل هذا الأمر أولوية".
نيويورك (ديبريفر)