ناقلة نفط سعودية

من المنفذ، وما هي التداعيات المتوقعة.. "تقرير أمريكي" يقدم قراءة للهجمات التي تعرضت لها منشآت نفطية سعودية

لقد  اثار هجوم على  خط أنابيب سعودي في أعقاب التخريب المزعوم لأربع ناقلات نفط في الخليج الفارسي (الخليج العربي) مخاوف واسئلة في شبه الجزيرة العربية. وفي حين أنه من الممكن تقديم تفسيرات أخرى لتوقيت وأهداف الحادثين ، حيث أن الهجمات يمكن ان تبشر ببداية حملة أوسع للاضطرابات التي تشنها إيران، بعد تقلص صادراتها النفطية بالعقوبات الامريكية ، والتي من شانها ان تضع ما يقرب من ربع إمدادات النفط الخام في العالم في مرمى التعرض لخطر الهجوم.

 

ماذا حدث

للمرة الثانية خلال ثلاثه أيام ، استهدف المهاجمون عمليات النفط والغاز الطبيعي في شبه الجزيرة العربية. وفي 14 مايو/أيار ، أكد وزير الطاقة في المملكة العربية السعودية ، خالد الفالح ، ان طائرتين بدون طيار أطلقهما الحوثيون في اليمن استهدفتا محطتي ضخ علي طول خط أنابيب شرق المملكة العربية السعودية الذي يحمل النفط من حقول في المنطقة الشرقية إلى البحر الأحمر. وأدت النيران الناجمة عن ذلك في أحدى المحطات إلى وقف نقل النفط عبر خط الأنابيب ، الذي تبلغ سعته 5,000,000 برميل في اليوم من النفط الخام ، مع اجراء تقييمات للاضرار.

 

وياتي ذلك في أعقاب حادث وقع في 12 أيار/مايو قبالة السواحل الاماراتية  بالقرب من ميناء الفجيرة الإماراتي ، مما الحق اضرارا بأربع ناقلات نفط ، بما في ذلك سفينتين مملوكتين للسعودية. وتثير هذه الهجمات معا تساؤلات حول ما إذا كانت البنية التحتية للنفط والغاز في المنطقة مستهدفة اما مباشرة من قبل إيران أو من قبل ميليشيات إقليمية مرتبطة بإيران انتقاما لمحاولات الولايات الامريكية تخفيض صادرات النفط والغاز الايرانية إلى الصفر. ويوفر خط الأنابيب بين الشرق والغرب للمملكة العربية السعودية بديلا حاسما لتصدير النفط الذي يسمح لها بتجاوز مضيق هرمز ، وهو نقطة العبور بين الخليج الفارسي( العربي)  وخليج عمان التي هددت إيران بإغلاقه. كما أن الميناء الإماراتي هو ميناء رئيسي للتزود بالوقود لسفن النقل التي تقع بالقرب من مدخل مضيق هرمز.

 

هجوم فريد من نوعه

ما الذي يجعل هجوم 14 أيار/مايو ملحوظا بشكل خاص هو انه حدث في العمق داخل الأراضي السعودية. وكانت معظم الهجمات الناجحة التي قام بها الحوثيون قد وقعت في السابق قرب الحدود السعودية اليمنية. ومن الشائع نسبيا شن هجمات قصيرة المدى بالقذائف والصواريخ والطائرات بدون طيار في منطقه جازان ، بما في ذلك الهجمات التي تستهدف منشات شركة النفط العربية السعودية (أرامكو) في المناطق القريبة من  الحدود. كما استهدفت هجمات الحوثيين ناقلات أرامكو السعودية وغيرها من التحركات البحرية التي تبعد بضعة كيلومترات عن الساحل اليمني في البحر الأحمر. ولكن في أقرب نقطه له  يمتد خط الأنابيب السعودي علي بعد حوالي 800 كيلومترا (نحو 500 ميلا) بعيدا عن الحدود السعودية-اليمنية ، وهو المكان الذي وقعت فيه الهجمات.

 

ويشير نجاح الهجمات إلى القدرات المتزايدة للطائرات الحوثية الطويلة المدى (وربما إلى زيادة الدعم الذي يقدمه فيلق القدس ، وهي وحدة تابعة للحرس الثوري الإسلامي الإيراني الذي يتولى العمليات خارج الحدود الايرانية). وخلال السنه الماضية ، استخدم الحوثيون العديد من طائراتهم المسيرة الطويلة المدى ، التي حددتها الأمم المتحدة بأنها "طائرة بدون طيار" ، والتي يقدر مداها الأقصى بين 1,200 و 1,500 كيلومترا ، مما يضع معظم السعودية والامارات العربية المتحدة ضمن مسافة الاستهداف. هذا النموذج من الطائرات بدون طيار يناسب ما قد يكون قد استخدم في هجوم خط الأنابيب.كما يبرهن الهجوم الناجح علي ان الحوثيين-أو ربما الافراد المدربين من قبل الحرس الثوري الإيراني في اليمن-يمكنهم استخدام الطائرات المسيرة الطويلة المدى في العمليات التي تغطي مدي 1,000 كيلومتر تقريبا. ولم تكن المحاولات السابقة لإطلاق هجمات طويلة المدى باستخدام الطائرات بدون طيار ناجحة بالقدر الذي كانت عليه.

 

والشيء غير الواضح هو كم عدد الطائرات البعيدة المدى التي تحت تصرف الحوثيين. ولا يبدو ان الطائرة بدون طيار هي احدى أنواع الطائرات ايرانية الصنع ، كما ان بقايا المركبات المستعادة من بقايا الهجمات الفاشلة السابقة تكشف عن مكونات ألمانية وصينية الصنع ، مما يوحي بان الحوثيين قد يكون لديهم عدد محدود لا يمكن تحديده بسهولة. ومع ذلك فان الهجوم يظهر الفعالية المحتملة للحوثيين في اصابة الاهداف غير العسكرية مثل أنابيب النفط.


 

ربط النقاط

وعلي الرغم من ان إيران أنكرت دائما وجود علاقة ، الا انه من المعروف جيدا ان المتمردين الحوثيين في اليمن يتلقون العتاد والدعم المالي والسياسي من الجمهورية الاسلامية الايرانية . كما أن اعمال الحوثيين ضد المملكة العربية السعودية مدفوعة بأهدافهم الخاصة المتمثلة في التصدي للإجراءات السعودية والامريكية في اليمن ، حيث سعت الجماعة منذ فتره طويلة إلى اقامة قاعدة سياسية اقوى. بالتالي لا يمكن اعتبارهم قوة ايرانية بنفس المعني الذي يتخذه حزب الله اللبناني الذي ياخذ المزيد من التوجيه من طهران. لكن الحوثيين يتشاركون في علاقة ايديولوجية مع الجمهورية الاسلامية ، ومن جانبها ، تري إيران ان دعم حركه الحوثيين وسيلة فعالة من حيث التكلفة لضرب خصومها العرب الخليجيين- السعودية والامارات العربية المتحدة-المتورطين في الحرب ضد الحوثيين.

 

ومن المؤكد ان هذا الاتصال الإيراني-الحوثي الذي طال أمده ولكنه بشكل مبهم ، يعزز إمكانية ان تدعم إيران الهجوم علي خط الأنابيب. ولكن حتى إذا لم تكن إيران مسؤوله ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، عن هذا الاعتداء بالذات ، فان الحادث يزيد مع ذلك من خطر ان تتمكن من سحب استجابة  من الولايات المتحدة-التي دابت علي المساواة بين الهجوم الذي تشنه القوات التي تدعمها إيران كهجوم من جانب إيران نفسها.

 

تفسيرات  ممكنة

مع هذا العدد الكبير من الشكوك والمعلومات غير المؤكدة والاسئلة التي تحوم حول الصلة بين حوادث ناقلة النفط وهجوم خط الأنابيب ، أربعه سيناريوهات محتملة و يبدو على الأرجح:

  • 1-  الحرس الثوري الإيراني قد أمر بالهجومين. حيث يشكل كلا الهجومين جزءاً من تحرك منسق من قبل «الحرس الإيراني الذي له نظامه الخاص للقيادة والسيطرة خارج الحكومة المركزية في إيران – ضد الأصول العربية الخليجية. وقد يكون الدافع وراء ذلك هو الرغبة في إرسال رسالة ردع ، لتقليل الضغط  المكثف الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية ، أو إظهار الرغبة في إلحاق ضرر اقتصادي بدول مجلس التعاون الخليجي ، وكذلك بالداعم العسكري ، الولايات المتحدة الأمريكية.
  • 2- عمل مستقل.حيث قامت الجماعات المدعومة من إيران التي تعمل بشكل مستقل بهذه الهجمات دون التوجه الصريح للحكومة الايرانية أو الحرس الثوري الايراني. وقد تبنت الرئاسة الايرانية ووزارة الخارجية باستمرار الاعتدال في التعاملات مع الولايات المتحدة حتى مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران.
  • 3- اشارة زائفة. تسمى هذه  الحوادث ب “عمليات العلم الزائف” التي تقوم بها الولايات المتحدة الامريكية أو الخليج العربي أو الجهات الاسرائيلية الفاعلة التي تحاول تهيئة الظروف للتحرك عسكريا ضد إيران. وبينما يواصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الإصرار علي ان حملة الضغط الامريكية ضد الحكومة الايرانية لا تهدف إلى اثارة حرب، إلا أن بعض العناصر في واشنطن تتخذ موقفا أكثر تشدداً.
  • 4- مصادفة. بحيث تكون قد وقعت هذه الحوادث مصادفة-أو كانت الاولى من جانب إيران والأخرى مدفوعة محليا ، وكان التوقيت متزامنا.

 

 

ما الذي يمكن أن يحدث لاحقا

إذا كانت هذه الحوادث تمثل مقدمة  في حملة عدوانية قام بها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لاستهداف مصالح الطاقة الاقليمية ، فان هناك العديد من نقاط التصعيد الحاسمة. وفيما يلي بعض الأهداف المحتملة الأكثر ضعفا التي يتعين رصدها إذا ما أريد تكثيف هذه الحملة.

البصرة والكويت: تربط إيران علاقات عميقة بالعديد من المليشيات في العراق ، ولكن إذا أرادت البدء في مهاجمة المزيد من البنية التحتية للنفط ، فان عدد الأهداف المحتملة في مدينة البصرة والكويت بجنوب العراق سيوفر نقطة انطلاق منطقية.
 

مضيق هرمز: هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز لنقل الحركة البحرية ، لكنها لم تقم حتى الآن بأي تحركات فعلية لعرقلة المرور في المضيق.

باب المندب: استهدف الحوثيون الناقلات في باب المنديب في الماضي ، وحاولوا مرة أخرى شن حملة عدوانية في النقطة التي تربط بين البحر الأحمر وخليج عدن.

البنية التحتية البحرية: تمتلك كل من الامارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية وقطر البنية الاساسية للنفط والغاز الطبيعي في الخليج الفارسي التي يمكن ان تستهدفها إيران.

 

* التقرير نشر في موقع (وورلد فيو) الأمريكي
* ترجمة خاصة بالمصدر أونلاين