النفط الإيراني

إيران مستمرة في إنتاج النفط لكن لا يوجد مشترون.. فما الذي تفعله بإنتاجها، ولماذا لا توقفه لحين حل الأزمة؟

تفيد بيانات ومصادر بالقطاع النفطي أن مخزونات النفط الإيرانية تزداد في البر والبحر، بفعل العقوبات الأمريكية المفروضة على الصادرات، وجهود طهران المضنية للإبقاء على حقولها المتقادمة قيد التشغيل وعلى تدفق الخام.

وأعلنت واشنطن، في مايو/أيار 2019، إنهاء إعفاء من العقوبات كانت منحته لبعض كبار مستوردي النفط الإيراني، وهو ما نال من مَصدر الدخل الأكبر لطهران.

 

إيران تحتاج تخزين النفط غير المبيع، لأن إيقاف الإنتاج سيكلفها ثمناً باهظاً

وفي ظل بنية تحتية ضعيفة وأسطول سفن متقادم بسبب عزلتها المتزايدة، فإن إيران ستحتاج تخزين كميات النفط غير المبيعة، إلى أن تعثر على مشترين.

ومن الحيوي لطهران أن تُبقي على النفط متدفقاً، لأن أي تعطيل سيضر بأنشطتها في المستقبل، بسبب التكاليف الباهظة والتعقيدات المرتبطة باستئناف الإنتاج.

وأظهرت بيانات من «كايروس»، وهي شركة ترصد التدفقات النفطية، أن المخزون البري في إيران بلغ 46.1 مليون برميل، من سعة إجمالية تبلغ 73 مليون برميل، ليسجل أعلى مستوياته منذ منتصف يناير/كانون الثاني 2019.

وتفيد بيانات الناقلات ومصادر بالقطاع أن صادرات إيران النفطية تراجعت في مايو/أيار 2019، إلى 500 ألف برميل يومياً أو أقل، وهو ما يزيد على نصف المستوى المسجَّل في أبريل/نيسان 2019.

توجد حالياً 16 ناقلة إيرانية عائمة تحمل 30 مليون برميل كان من المخطط بيعها

وتُظهر بيانات من واقع تتبُّع نظام التعريف الآلي لمنصة معلومات الشحن البحري «مارين ترافيك» أن هناك 16 ناقلة إيرانية، تحمل نحو 20 مليون برميل، يجري استخدامها للتخزين العائم، بعد أن ظلت ساكنة ما بين أسبوعين وأربعة أسابيع.

وعشر من تلك الناقلات، تحمل نحو 11 مليون برميل، ظلت ساكنة أربعة أسابيع.

 

وبالمقارنة، كان هناك نحو 12 ناقلة تحمل ما لا يقل عن 13 مليون برميل من النفط في مارس/آذار 2019، ظلت ساكنة بين أسبوعين وأربعة أسابيع، وفقاً لبيانات «مارين ترافيك».

إيران لا تستطيع حتى تعزيز أسطولها من حاملات النفط بسبب العقوبات الأمريكية

كانت مصادر أبلغت رويترز، في مارس/آذار 2019، أن إيران تسعى إلى تعزيز أسطولها عن طريق مشتريات سرية لناقلات مستعملة، بعد توقُّف مباحثات لشراء سفن جديدة، وهو ما أبقى على خيارات أقل لطهران.

وفي حين بوسع إيران محاولة استئجار ناقلات من السوق العالمية، فإن مصيدة العقوبات المتنامية ونقص التأمين والتمويل يعنيان أن شركات شحن قليلة سترغب في مخالفة القيود التي تفرضها واشنطن، في ضوء المخاوف من غرامات باهظة أو العزل عن النظام المالي الأمريكي.

هناك توجُّه لدى طهران لإغلاق أجهزة نظام التعريف الخاصة بسفنها التي تنقل النفط

تُقدِّر «جيبسون» لسمسرة السفن أن ثماني ناقلات إيرانية عملاقة، بمقدور كل منها حمل مليوني برميل، يجري استخدامها لتخزين النفط، إضافة إلى سفينتين أخريين غير إيرانيتين.

وقالت سفيتلانا لوباسيوفا، كبيرة محللي السوق في «جيبسون»: «بخلاف هذه السفن، هناك بالفعل في الفترة الأخيرة توجُّه متزايد بأن تغلق الناقلات الإيرانية أجهزة نظام التعريف الآلي على متنها».

واستدركت لوباسيوفا قائلة: «لكن، وفي هذه المرحلة، لا نستطيع أن نقول بأي درجة من اليقين، ما إذا كانت تلك الوحدات تقبع خاوية أم أنها تُخزَّن أم تواصل التجارة».

وقالت شركة التحليلات «غلوبال داتا»، إن إيران كانت تعتزم استثمار نحو 900 مليون دولار، لزيادة السعة عن طريق مشاريع تخزين جديدة بين 2019 و2023.

تبقى طاقة تخزين النفط الإيرانية محدودة، وتوسيعها في الوقت الحالي أمر صعب

وبحسب تقديرات «غلوبال داتا»، تعتزم إيران زيادة طاقة التخزين من 69.1 مليون برميل في 2019 إلى 79.9 مليون برميل في 2023، بمعدل نمو سنوي يبلغ 3.6% في المتوسط.

لكن محللين آخرين يقولون إن من المرجح أن تجد إيران صعوبة في مشاريع التوسع، لأسباب منها قيود الميزانية.

وقال فرزين نديمي المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «طاقة تخزين النفط الإيرانية محدودة حالياً، وتتوسع فقط ببطء. في نهاية الأمر، هي معضلة عليهم أن يجدوا حلاً لها».

«توجد مشاريع -بعضها طموح ويشمل مشاريع للتخزين تحت الماء- لكن أياً منها لن يكون جاهزاً في الوقت المناسب».

ويقدِّر محللون أن أكثر من 50% من إنتاج النفط الإيراني يأتي من حقول يزيد عمرها على 50 عاماً، وأن تطوير طاقة إضافية سيتطلب مليارات الدولارات.

وقال نديمي: «إيران تستخدم مرافق تخزين في الصين، وقد تحاول أيضاً استخدام مرافق تخزين بسلطنة عمان المجاورة على سبيل المثال. لكن، إذا استهدفت الولايات المتحدة مثل هذه الخيارات للتخزين الخارجي، فإنها ستخلق مشاكل خطيرة وستثير حنق إيران».