الرئيس اليمني- عبدربه منصور هادي

كُش ملك.. الخطوة الأخيرة، هل يفعلها "هادي" على طريقة جورباتشوف؟!

كتب: محمد الثريا

السياسة والشطرنج .. ثمة تشابها كبيرا بين اللعبتين وان اختلفت المسميات اللغوية هنا الا ان المبدأ يبقى دائما واحد، ففي كلتيهما جنود ووزراء واحصنة طروادية وملك وايضا خطط وافكار تحرك كل تلك القطع في ميدان المعركة. معركة وجودية لا تقبل القسمة على اثنين .

فعلها "ميخائيل جورباتشوف "سابقا وقتل الملك السوفييتي، حينها كان جورباتشوف اخر رؤساء الاتحاد السوفييتي عندما استطاع إيهام العالم بشرعيته الرئاسية، في الوقت الذي كانت تتوالى فيه عمليات انفصال جمهوريات الاتحاد السوفييتي واحدة تلو الاخر، إلى ان اعلنها وزير الخارجية الامريكي حينها " جيمس بيكر " للصحفيين في أخر زيارة له من مطار موسكو عام 1992 قائلا : لم يعد هناك شيئ اسمه الاتحاد السوفييتي.

منعطفات كثيرة وظروف معقدة تلك التي مر بها الرئيس "هادي "منذ توليه رئاسة الجمهورية اليمنية خلفا للرئيس السابق "صالح "،خلالها حاول "هادي " كثيرا اثبات وجوده وفرض مخرجات حواره بإرساء مشروع الاقاليم الستة، ذلك المشروع الذي رفضه الشمال قبل الجنوب وان هزت قوى شمالية قليلة آنذاك رأسها تماهيا لا قبولا, فبالمحصلة النهائية ذهب مشروع المارشال ادراج الرياح.

تجربة هادي الفاشلة تلك مع الشمال وقبلها كثير، ربما قد جعلت الرجل يصل الى قناعة كاملة بإستحالة نجاح اي مشروع سياسي يمكن خلاله الابقاء على وحدة الشطرين ولو شكليا .

اذن هل يمكن هنا تفسير ما كان يعتمل جنوبا من حراك سياسي " تشكيل المجلس الانتقالي " رافقه تشكيلا لكيانات عسكرية منفصلة عن الشرعية "الاحزمة الامنية والنخب " على انه إيعازا مبطنا او غضا للطرف ابداه "هادي " للقيادات الجنوبية للعمل بذلك تحت غطاءه الشرعية، في الوقت الذي كان بامكانه وهو الرئيس الشرعي لليمن اعتبار ما يحدث في الجنوب انقلابا واعلانه للعالم كذلك، وبالتاكيد حتى هذه اللحظة يمكنه ذلك والا لما شهدنا تلك الهجمة الشعواء عليه من مثقفي وسياسيي الشمال واتهامه بمهندس الانفصال احيانا.

بالفعل .. ولما .. لا ؟ ولربما كان ذلك هو الترجمة الفعلية لقناعة الرجل بافضلية الحفاظ على شعبين متجاورين بدلا عن شعبين متناحرين ذلك عندما يعود كل شطر لموقعه الطبيعي قبل عام 90 م.

رسالة الاعتراض الاخيرة التي وجهتها الشرعية اليمنية برئاسة "هادي " الى الامم المتحدة حول ادارة المبعوث الاممي للصراع في اليمن وذلك الرد الذي اتى معها سريعا وصادما بتاكيد الامين العام للامم المتحدة ثقته الكاملة بمبعوثه لليمن، ستعيد للاذهان تلك الاجواء التي عاشها العالم خلال لحظات الزوال الاخير لعهد الاتحاد السوفييتي ..

فهل بتنا اليوم على اعتاب مرحلة جديدة خاصة مع انسداد الافق السياسي لمفاوضات السلام اليمنية؟ وهل حان الوقت لعودة دولة سابقة مجددا الى خارطة العالم؟ 
هل بالفعل لعب" هادي" دور "جورباتشوف" بكل تفاصيله لتصل الحال اليوم الى ما وصلت اليه؟
اذ لم يتبقى على اعلان الدولة الجنوبية وانتهاء عهد الوحدة سوى عبارة الاميريكي "جيمس بيكر " ولكن هذه المرة بلسان المبعوث الاممي "مارتن جريفيت " فيقول : لم يعد هناك جمهورية يمنية، بل بات لدينا جمهوريتان منفصلتان احدهما في الشمال والاخرى في الجنوب وعلى هذا الاساس ادعو العالم للتعامل معهما ووفقا للقانون الدولي سيتم رعاية ذلك الواقع الجديد ودعم الدولتين ..

ومع ان الامور باتت اليوم كلها تسير في ذلك الاتجاه .. وهو عودة البلد الى ما قبل الوحدة، الا ان الجميع لازال ينتظر خطوة "كش ملك " من الرئيس هادي والتي ستكون بمثابة رصاصة الرحمة في جسد الوحدة والغطاء السياسي لانفصال الجنوب.
فهل يفعلها جورباتشوف اليمن؟؟