مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي/ رويترز

الإيرانيون لا يستطيعون شراء الحلوى في العراق.. بسبب ترامب

ترجمة: عربي بوست

«لن نبيع لكم إلا بالعملة العراقية»، أصبحت هذه الكلمات التي يسمعها الإيرانيون في العراق بسبب انهيار العملة الإيرانية.

فعلى مدار سنوات، كان المواطن العراقي كرار حسين يبيع الحلوى في متجره بالقرب من مدخل أحد أقدس المزارات الشيعية الإسلامية، وكان يقبل أي عملة يعطيها له زبائنه الذين كان أكثرهم من السياح الدينيين من دولة إيران المجاورة.

لكن مؤخراً عندما كان الحجاج الإيرانيون يأتونه ويسألون عن الأسعار، يخبرهم أنه لن يبيع لهم إلا إذا دفعوا له بالعملة العراقية. وغالباً ما يغادرون خائبي الرجاء، حسبما ورد في تقرير صحيفة Washington Post الأمريكية.

انهيار العملة الإيرانية وصل إلى أنها باتت تعادل ربع قيمتها السابقة

عانى حسين وكثيرٌ من أصحاب المتاجر الأخرى في حي الكاظمية الشيعي في شمال بغداد من انخفاض حاد في المبيعات خلال العام الماضي منذ أن أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض العقوبات على إيران التي يُقيم بها أكبر عدد من المسلمين الشيعة حول العالم.

وقد انخفضت قيمة العملة الإيرانية، الريال، إلى الرُبع تقريباً، ما جعل أسعار كل شيء تقريباً تفوق قدرة المستهلك الإيراني العادي داخل إيران وخارجها.

وقال حسين (27 عاماً)، وهو يقف في متجره مرتدياً سروال جينز وقميصاً، إن مبيعاته انخفضت بنسبة 30% منذ العام الماضي، لكنه لا يزال يُفضِّل ألا يُدفع له بالريال الإيراني بسبب تواصل انخفاض قيمته. وتابع: «عملتهم تنهار».

ملايين الشيعة يأتون للعراق

ويأتي ملايين الشيعة من جميع أنحاء العالم إلى العراق كل عام لزيارة مختلف المزارات الشيعية والأماكن المقدسة، بما في ذلك المدن المقدسة مثل النجف وكربلاء جنوبي العراق ومدينة سامراء المركزية التي يوجد بها ضريح العسكري ذو القبة الذهبية.

ويضخ هؤلاء الشيعة أموالاً كثيرة في الدولة التي تعد السياحة ثاني أكبر موارد دخلها بعد صادرات النفط.

 

ضريح الإمام علي في الكوفة/Reuters

ومنذ سقوط حكومة صدام حسين عام 2003، يُشكل الإيرانيون أغلبية السياح الدينيين في العراق، رغم مجيء عشرات الآلاف من دول أخرى.

ولكن التوترات تتزايد في الآونة الأخيرة في الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة وإيران وهناك مخاوف من أن تصبح العراق، التي تتحالف حكومتها مع طهران وواشنطن في الوقت ذاته، عالقة في المنتصف، ما يؤدي إلى تزايد الضغوط على قطاع السياحة في العراق.

والآن هم يدخلون الأسواق ويخرجون خاليي الوفاض

ويعد حي الكاظمية في شمال بغداد ضمن المقاصد السياحية المفضلة، والذي يعج بالطبع بالإيرانيين الذين يرغبون في شراء الملابس والحلوى والحُلي. ويوجد في المنطقة ضريح العتبة الكاظمية المعروف بقبَّتيه ومآذنه الأربع المطلية بالذهب ويوجد به ضريحا الإمام موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد، وهما من أشهر الشخصيات الشيعية الإسلامية.

وفي ظهيرة أحد الأيام في الآونة الأخيرة في الكاظمية، دخل مئات الحجاج الإيرانيين وغادروا الضريح، ومروا بعشرات المتاجر على جانبي شارع للمشاة يؤدي إلى الضريح المقدس دون شراء أي شيء.

ولكنهم يؤمنون أن إيران ستنتصر

وقال المواطن الإيراني حسين فاضلي أثناء مغادرته الضريح: «المال هو مشكلتنا الكبرى، وهذا حقاً ما يؤلمنا». وأضاف فاضلي، الذي ينقل الحجاج من إيران إلى العراق، أن أعداد الزوار الإيرانيين انخفضت بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف السفر حالياً.

وأشار فاضلي، خلال حديثه بالعربية غير المتقنة، إلى أن إيران ستنتصر في النهاية بغض النظر عن المدة التي ستستغرقها الأزمة، قائلاً: «ترامب سيرحل، وستبقى إيران».

وكانت العملة الإيرانية قد شهدت انخفاضاً متواصلاً خلال سنوات، ولكن تسارعت وتيرة الانخفاض في الأشهر الأخيرة بعد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 مع إيران وإعادة فرض العقوبات عليها.

وقال محمد سعدي هادي، الذي ورث متجر ملابس صغيراً خارج ضريح الكاظمية من والده، إن المبيعات انخفضت بنسبة 70٪. فمثلاً يبلغ حالياً ثمن عباءات الصلاة للنساء أربعة أضعاف ثمنها العام الماضي بالعملة الإيرانية. وكان قد اعتاد على بيع 60 عباءة في اليوم ولكنه الآن يبيع أقل من 10.

ووصل الأمر إلى أنهم يجلبون منتجات من بلادهم لتعويض تكاليف الرحلة

إن السياح الإيرانيين الآن لا يمتنعون فقط عن الشراء، بل أن بعضهم يجلب معه منتجات مثل توابل الزعفران وخواتم الأحجار لبيعها في العراق، لتعويض بعض تكاليف رحلته، حسبما يقول ثامر جبار، مالك متجر للعطور.

وأضاف جبار (38 عاماً) إن أفضل أيامه كانت بعد توقيع إيران والقوى العالمية على الاتفاق النووي عام 2015، ما أدى إلى رفع العقوبات عن إيران والإفراج عن مليارات الدولارات من الأصول المجمدة. فكان جبار يبيع في يوم واحد من تلك الأيام عطوراً بقيمة 700 دولار.

وتابع: «أبيع اليوم أي شيء بالكاد لسائح إيراني. فالعطور في إيران أصبحت أرخص».