قمم مكة الثلاث

السعودية تشهد "ثلاث قمم" وسط أجواء تصعيدية مع إيران

مع تصاعد التوتر في منطقة الخليج، وانتقال التصعيد إلى مرحلة الحشد العسكري والمناوشات، تستضيف المملكة العربية السعودية ثلاث قمم متتالية، لدول الخليج والدول العربية والدول الإسلامية.

مكة — سبوتنيك. وتعقد في مكة، اليوم الخميس، القمة الخليجية الطارئة التي دعت لها السعودية لمواجهة التدخلات الإيرانية، تليها في نفس اليوم قمة عربية طارئة، لبحث الموقف العربي من الاعتداءات الإيرانية على سفن تجارية في المياه الإقليمية للإمارات، يعقب القمتين في اليوم التالي مباشرة انعقاد قمة دول منظمة التعاون الإسلامي برئاسة السعودية.

العاهل السعودي الملك سلمان مع أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني
© AP Photo / Uncredited
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، لوكالة "سبوتنيك"، أن "السعودية تريد ضمان تناسق في المواقف الخليجية والعربية والإسلامية حول موقفها من إيران".

ويضيف نافعة: "هناك صراع بين السعودية وإيران، وللأسف يأخذ طابعا طائفيا، حول من يقود العالم الإسلامي، الإسلام الراديكالي الذي تمثله إيران، أم الإسلام المعتدل الذي تمثله السعودية".

ويشير نافعة إلى أن "السعودية ستواجه مشاكل في خلق توافق حول موقفها في القمم الثلاثة، فخليجيا ما زال حصار قطر يمثل صدعا في الموقف الخليجي، الذي يستبعد أحد الأعضاء، ولا تبدو مساعي التهدئة والتسوية منتجة حتى الآن، كذلك الموقف العماني الذي وإن لم يعارض الموقف السعودي، إلا أنه يبدى تحفظا عربيا يضاف إلى موقف قطر وعمان، موقف لبنان والعراق، حيث تتقاطع العلاقات العربية مع العلاقات بإيران، أما في القمة الإسلامية، فالوضع أعقد، فهناك عدد أكبر من الدول، وبالتالي مواقف أكثر تنوعا، كما أن منظمة التعاون الإسلامي تضم إيران نفسها والتي ستحرص على وضع بصمتها في المؤتمر، كذلك تركيا التي ستكون بالمرصاد للسعودية، لذا فخلق توافق حول الموقف السعودي في قمة منظمة التعاون الإسلامي سيكون أصعب بكثير".

ولكن القمم الثلاث التي يمكن أن توظف في التصعيد في المنطقة، يمكن أن تكون هي نفسها مدخلا للتهدئة، هذا ما يراه الكاتب والباحث السعودي زيد الفضيل، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك"، إذ يوضح "هذه قمم سلام وليست قمم حرب، لكونها تعقد في أرض السلام، وشهر المغفرة (رمضان)، ولذا أتصور بأنها ستقدم رسالة إيجابية، وعلى الآخر التقاطها والتعامل معها".

ويضيف الفضيل:

"طبيعة المكان والزمان تفرض أهمية بالغة للحدث، فدلالة الاجتماع في أقدس البقاع كبيرة، وفي شهر رمضان، وهو من أقدس الشهور لدى المسلمين، في ذلك رسالة إيجابية، ومن حيث المبتدأ والمنتهى، وترغب المملكة والدول المجتمعة أن تبعثها لكل القوى المختلفة معها".

حديث الفضيل يأتي متفقا مع بيان الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء‏ الصادر عشية انعقاد القمم الثلاثة، والذي أكدت فيه أن "انطلاق القمم الإسلامية والعربية والخليجية ‏بجوار بيت الله الحرام في العشر ‏الأواخر المباركة من رمضان ‏وبدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل ‏سعود — حفظه الله — يكسب هذه القمم أهمية بالغة، ‏التي يتطلع إليها جميع المسلمين والعرب ‏والخليجيين لوحدة الصف ‏وجمع الكلمة‏ ووقاية الأمة من الشرور والفتن".

عباس عراقجي، كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني
© AP Photo / Julie Jacobson
وبينما تسعى السعودية لحشد رأي عام خليجي وعربي وإسلامي خلفها، تستبق إيران القمم الثلاث بطرح اتفاقية لعدم الاعتداء بيم إيران ودول الخليج، في محاولة لقطع الطريق على الجهود السعودية، فضلا عن نشاط دبلوماسي إيراني شمل العراق وقطر وعمان.

على الرغم من أن التوتر بين السعودية وإيران يحتل مركز الصدارة في عناوين القمم الثلاثة، إلا أن عناوين أخرى لا تقل أهمية تشغل المشاركين في القمم الثلاث.

ربما أكثر تلك العناوين أهمية هو الصراع العربي الإسرائيلي، والذي يتخذ منحنى تاريخي بانعقاد منتدى السلام والتنمية في البحرين بعد أقل من شهر من انعقاد القمم الثلاث، والذي يحمل في طياته أول طرح رسمي للمشروع الأمريكي لتسوية القضية الفلسطينية، والذي يعرف باسم (صفقة القرن)، ورغم عدم اتضاح تفاصيل المشروع الأميركي رسميا بعد، إلا أنه يثير الكثير من الجدل حول مستقبل القضية الفلسطينية.

ولا يقل أهمية عن ذلك تصاعد العداء للمسلمين (الإسلاموفوبيا) في الكثير من المناطق في العالم، والذي اتضحت خطورته بعد هجمات نيوزلاندا. كما تمثل الأزمات الممتدة من اليمن إلى أفغانستان، مرورا بسوريا وليبيا، عناوين هامة سواء لدول الخليج أو للدول العربية أو الإسلامية.

ودعت السعودية لعقد قمة لمجلس التعاون الخليجي وقمة عربية في الثلاثين من أيار/مايو الجاري، لمواجهة ما اعتبرته تدخلات إيرانية في شؤون دول الخليج، وذلك بعد تصاعد التوتر بين إيران والسعودية، والذي صاحبه حشود عسكرية أميركية في المنطقة، وتصعيد في لغة التهديد بين مختلف الأطراف، ويعقب القمتين العربية والخليجية قمة منظمة الدول الإسلامية.

وتستضيف مكة المكرمة القمة الإسلامية في دورتها العادية، يوم الجمعة 31 مايو/ أيار، بينما دعا الملك سلمان لقمتين طارئتين (عربية وخليجية)، يوم الخميس 30 مايو، لبحث التطورات التي تشهدها المنطقة.

ودعا الملك سلمان في 19 مايو/ أيار، قادة مجلس التعاون لدول الخليج والدول العربية، من أجل عقد قمة خليجية وعربية طارئتين يوم الخميس 30 مايو/ أيار، وذلك من أجل التشاور والتنسيق مع الدول الشقيقة في كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، في ظل الاعتداءات الأخيرة على المملكة والإمارات.