مآسي كثيرة، وحوادث متكررة، ضحايا يفارقون الحياة بشكل شبة يومي، تاركين خلفهم أحزان ودموع، ودعوات بان يكون مصير المسؤولين في الحكومة كعموم الشعب والمسافرين والمغتربين الذين يفقدون حياتهم في طريق الموت، المسماة مجازاً "العبر".
البرلماني شوقي القاضي، أحد الذين عبروا عن غضبهم، من تقصير الحكومة، وعدم قيامها بترميم وإصلاح الحفريات التي باتت الصفة الملازمة لخط العبر الرابط بين مأرب ومنفذ الوديعة.
قال القاضي موجهاً رسالته عبر الفيسبوك للرئيس ونائبه ورئيس الحكومة ومحافظ مارب، والمسؤولين المعنيين، "بطريق العبر التي حصدت - ولازالت تحصد - مئات الأرواح من المسافرين (ليس آخرهم الشيخ حسن الغراب وزوجته، رحمة الله تغشاهم جميعاً)".
وأضاف القاضي في منشوره "أسأل الله أن يحرق قلوبكم بأعز ما تملكون وتحبون، كما تحرق قلوب أطفال وأمهات وأهالي أولئك الضحايا، لإهمالكم وفشلكم في إصلاح وتأمين طريق سفر".
مشيراً إلى ابتلاء اليمنيين بمصيبتين "إجرام مليشيا الحوثي، و فشل وفساد رئاسة وحكومة الشرعية".
وكان الداعية حسن الغراب وزوجته، توفوا في حادث مروري يوم الثلاثاء الماضي، وهو عائد من اداء العمرة، عبر خط العبر- مأرب، فيما أصيب أولاده، بجروح متفاوتة، وفق الصور التي نشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
أعادت الحادثة، الطريق ومصير ترميمه إلى الواجهة، عبر انتقادات لاذعة وجهت هذه المرة بشكل أكثر استنكاراً وغضباً من تجاهل قيادة الشرعية والسعودية التي تقود التحالف وتزعم تدشين برنامج لإعادة الاعمار، وإهمال لإصلاح الخط، الذي يحصد ارواح اليمنيين، كجبهة لا تقل خسائرها عن الخسائر التي يتكبدها الشعب، في جبهات القتال.
ويقول الدكتور محمد القباطي، إن مستشفى مأرب العام، يستقبل، يومياً عشرات الحالات المصابة بحوادث مرورية نتيجة القيادة المتهورة ورداءة الطرقات كما هو الحال في خط العبر.
وأكد القباطي في تصريحات صحفية سابقة أن ضحايا الطرقات يصل إلى نفس عدد ضحايا إحدى الجبهات المنتشرة في نهم والجوف، وصرواح والبيضاء، موضحاً "أن نسبة ضحايا الطرقات يصل إلى نحو 30% من الحالات التي يستقبلها المستشفى يوميا، ويحتل خط العبر النصيب الأكبر".
تنصل من المسؤولية
الناشط محمد المحيميد أشار إلى إجابة رئيس الوزراء على سؤال طرحوه عليه أثناء لقاء جمعهم به في الرياض مطلع الأسبوع، "سألنا رئيس الوزراء د. معين عبدالملك ماذا فعلتم لطريق العبر وأنت وزير للأشغال وبعد أن أصبحت رئيسا للوزراء؟ أفاد بأنه تم إصلاح 40 كم وأن الميزانية في مارب غير قادرة على تمويل إصلاح كل الطريق".
وبحسب المحيميد فإن معين عبدالملك قال إن "الأشقاء أكثر من مرة وعدوا بالتمويل وحصل تعثر".
العمل البطيء يقتل المسافرين
منتصف العام الماضي، وقعت بمحافظة مأرب اتفاقية إعادة تأهيل طريق صافر- العبر، بين السلطة المحلية المنفذة للمشروع و شركة سبأ للمقاولات المنفذة للمشروع، على مرحلتين، تكلفة الأولى مليارين و400 مليون ريال يمني وبطول 40 كم، تمتد من صافر حتى منطقة "غويربان" بمدى زمني للتنفيذ عشرة أشهر من تاريخ التوقيع.وبحسب تصريحات المحافظ - في ذلك الحين- فأن مشروع الترميم وإصلاح الطريق البالغ طولة من صافر حتى العبر172 كم سينفذ على أربع مراحل، لكن المرحلة الأولى لم تنفذ وبرر المحافظ ذلك ب"الظروف، وضعف الإمكانات، واضطراب سعر الصرف، هو ما عرقل المقاولين عن العمل لفترة محدودة".
وأكد مدير عام مكتب الأشغال العامة والطرق بمحافظة مأرب، المهندس، عبدالودود المذحجي، إنجاز 60٪ من المرحلة الأولى من مشروع إعادة التأهيل الشامل لطريق صافر- غويربان البالغ طوله 40 كم بتكلفة اجمالية للمشروع 5ر2 مليار ريال .
توقع المذحجي في تصريحاته قبل أشهر، استكمال تنفيذ المرحلة الأولى منتصف العام الجاري 2019م.
وتوجه الانتقادات في الغالب لمحافظة مأرب باعتبار جزء من الطريق في نطاق حدودها الإدارية، بينما نفت سلطات وادي حضرموت في وقت سابق أي مسؤولية لها عن إصلاح وترميم الطريق، وقالت إنها من اختصاص وزارة الاشغال العامة والطرق والحكومة المركزية في عدن.
وعود عرقوبمطلع يناير الماضي، كشف محافظ مأرب سلطان العرادة، في اجتماع للمكتب التنفيذي للمحافظة، عن تكفل المملكة العربية السعودية عبر برنامج إعادة الإعمار الذي يراسه السفير محمد آل جابر، بتمويل وتنفيذ المرحلة الثانية طريق (مأرب-العبر)، وبخط دولي مزدوج.
لكن مصادر محلية تحدثت في وقت لاحق، عن تراجع المملكة، وتبخر وعودها المتعلقة بإصلاح طريق (العبر-مأرب)، وتنصل برنامج إعادة الإعمار التابع لها، ومركز الملك سلمان، من تمويل وتنفيذ ترميم للخط على الاقل، رغم أن وعودهم السابقة بإنشاء خط دولي مزدوج.
الوجه القبيح للحكومة
تساءل الإعلامي والمسؤول في الفضائية اليمنية جميل عزالدين، عن من "يقتل اليمنيين في طريق العبر؟ من يحرم اليمنيين من الحياة؟ من ندين! ومن نطالب!، ومع من نتكلم؟"، مضيفا في حسابه على تويتر، "الكل مش مسؤول طيب من المسؤول والله تعبنا يا صفيه".
ووجه عضو مجلس الشورى والقيادي بحزب الإصلاح، صلاح باتيس، مناشدة للرئيس، عبد ربه منصور هادي، إلى سرعة اتخاذ قرارات صارمة وجريئة تضع النقاط على الحروف وتنقذ ما يمكن إنقاذه وتدخل السرور على شعب.
وأضاف باتيس في منشور على صفحته بالفيسبوك "أناشدك ونحن في أعظم الليالي الأخيرة من رمضان ولازال طريق العبر يحصد أرواح اليمنيين ومنهم من ترك أسرة أيتام بدون أب ولا أم او العكس وكل نفس من هذه الأنفس أغلى من تكاليف إصلاح هذا الطريق وهل ستعيد لنا كنوز الدنيا بأسرها من فقدناهم ؟".
واعتبر نشطاء أخرون، بينهم صحفيون ومسؤولون حكوميون، استمرار خط العبر في حصد أرواح المسافرين من المعتمرين والمغتربين، يكشف حجم تراخي الحكومة وعدم مقدرتها على إصلاح طريق يمثل الشريان البري الأهم لليمنيين بالمحيط العربي، وممر لعبور أغلب المساعدات ومعظم الفئة العاملة في الخارج التي ترفد اليمن بالعملات الأجنبية.
وأكد النشطاء في تغريدات ومنشورات أن خط العبر والحفر المنتشرة فيه، يمثل الوجه القبيح للحكومة، والتي يجب أن تسارع في إصلاحه، قبل أن يفقد الشعب الأمل في صلاحها وقدرتها على حمل راية استعادة الدولة.
ووجه النشطاء انتقادات حادة للملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف العربي الداعم للحكومة منذ مارس 2015م، مؤكدين أن أولوية المملكة إن كانت جادة في مشروعها "إعادة إعمار اليمن"، أن تبدأ بخط (الوديعة-العبر-مأرب).