تفجيرات الفجيرة

لماذا لم توجِّه السعودية والإمارات اتهاماً رسمياً لإيران في مجلس الأمن بتخريب السفن؟

السعودية والإمارات ومعهما النرويج أبلغت مجلس الأمن الدولي أن نتائج التحقيق التي أجرتها توصلت إلى أن الهجمات التي تعرضت لها أربع سفن وناقلات نفط يوم 12 مايو/أيار 2019، تحمل بصمات «عملية معقدة ومنسقة»، وأن إحدى الدول تقف وراء العملية على الأرجح، فلماذا لم يتم توجيه الاتهام بشكل رسمي لإيران رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية على لسان كبار مسؤوليها قد اتهمت طهران بالفعل؟

 

مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون قال لدى زيارته الإمارات، الأسبوع الماضي، إن إيران تقف وراء عملية التخريب التي استهدفت السفن قرب ميناء الفجيرة الإماراتي، وإنه سيعرض أدلته على مجلس الأمن الدولي.

سفير السعودية لدى الأمم المتحدة أبلغ الصحفيين عقب انتهاء الجلسة المغلقة لمجلس الأمن بأن بلاده تتهم إيران بالوقوف خلف عملية التخريب التي تم تنفيذها باستخدام ألغام بحرية زرعها غواصون أسقطتهم قوارب حربية سريعة.

شِق قانوني وعملي

هذه المواقف المتأرجحة بين اتهام إيران بالاسم والإحجام عن تسميتها بشكل رسمي من خلال نتائج التحقيقات التي تم تقديمها لمجلس الأمن، يقف خلفها التباين بين ما هو قانوني وبين ما هو سياسي.

من الناحية القانونية، لابد من وجود دليل دامغ على تورط إيران كدولة في استهداف السفن الأربع مثل القبض على مرتكبي الجريمة واستجوابهم، وهو ما لم يحدث، أو جمع أدلة كافية عن مصدر الألغام البحرية، وهو أمر بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً.

في ضوء هذا الشق القانوني لا يمكن تسمية إيران كدولة في أوراق رسمية مقدمة للأمم المتحدة، حيث إن حلفاء إيران أو أعداء الولايات المتحدة الأمريكية سيستخدمون الاتهام بدون دليل لبناء موقف دولي موحَّد ضد شن حرب على إيران من جانب واشنطن وحلفائها.

في هذا السياق يأتي موقف الاتحاد الأوروبي وروسيا الصين المعارض أصلاً للانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015، وهذه الدول لا تزال تسعى للحفاظ على الاتفاق، وبالتالي توجيه اتهام رسمي لإيران دون دليل دامغ من خلال التحقيقات سيأتي كدليل على سعي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأنظمة السعودية والإمارات ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للدخول في حرب ضد إيران باعتبارها عدواً إقليمياً يجب التخلص منه.

أسباب سياسية

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - رويترز
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – رويترز

هنا يأتي دور الشق السياسي وهو لا يحتاج لأدلة، وهو تصوير إيران على أنها تمثل خطراً داهماً على السلام العالمي، وهي خطوة تستخدمها واشنطن لتقديم دفعة معنوية جيدة لحلفائها السعودية والإمارات، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية البي بي سي الجمعة 7 يوني/حزيران.

النقطة الأخرى أن تقديم نتائج التحقيقات لمجلس الأمن الدولي يحقق من الناحية السياسية هدفاً مهماً آخر وهو أن تراجع طهران موقفها قبل الإقدام على أي خطوة أخرى كتعريض مسار ناقلات النفط البحري عبر مضيق هرمز للخطر.

القائد العام للقيادة المركزية الأمريكية الجنرال فرانك ماكنزي عبَّر عن هذه النقطة عندما أخبر الصحفيين المرافقين له إلى الخليج الخميس 6 يونيو/حزيران بأن إيران «اختارت التراجع وإعادة الحسابات» بعد أن كانت وضعت خططاً لمواصلة الهجمات على مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

حاملات الطائرات الأمريكية تحمل رسائل مبطنة للإيرانيين/Reuters

ماكنزي لم يؤكد انتهاء التهديدات الإيرانية ولا احتمالات الإقدام على خطوة أخرى تشبه تخريب السفن، لكنه قال إن الخطوات التي اتخذتها واشنطن بتعزيز وجودها العسكري في منطقة الخليج قد ساعد على أن تعيد طهران حساباتها في ضوء المستجدات على الأرض.

إيران كانت وصفت اتهامها باستهداف السفن بأنه «أخبار كاذبة»، نافية علاقاتها بتلك العملية التي دعت مبكراً إلى تحقيق بشأنها، وفق بيانات رسمية.

واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مؤخراً، أن الحديث عن تورط إيران «اختلاق لمعلومات زائفة».