"ثمن الشرعية حياتي"، 3 كلمات رددها الرئيس الأسبق محمد مرسي في آخر خطاب له قبل إطاحة الجيش به في 3 يوليو /تموز 2013.
لم تكن هذه الكلمات الثلاث مجرد شعارات ينطق بها مرسي، بل كانت واقعا جسده في حياته ومسيرته طيلة مشواره السياسي.
وبقدر ما جاء جلوس محمد مرسي على مقعد الرئاسة المصرية مفاجأة لم يكن يتصورها أحد قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011، بقدر ما كان رحيله صادما خلال جلسة محاكمته.
توفي محمد مرسي، الإثنين، جراء تدهور وضعه الصحيأثناء محاكمته؛ ما فجر إدانات دولية لأسلوب تعامل النظام المصري مع أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.
في ريف مصر.. النشأة
في قرية العدوة بمحافظة الشرقية شمالي مصر، ولد محمد مرسي، في 20 أغسطس/ آب 1951.
نشأ مرسي وسط عائلة بسيطة، إذ كان والده فلاحا، وأمه ربة منزل. تزوج عام 1978، وله خمسة أولاد، وثلاثة أحفاد.
انتقل إلى القاهرة للدراسة في كلية الهندسة بين 1970 و1975، وتخرج بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وعين معيدا بها.
سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1978، للعمل واستكمال الدراسة، وحصل على الماجستير في الطاقة الشمسية، ثم الدكتوراه، عام 1982، في حماية محركات مركبات الفضاء من جامعة جنوب كاليفورنيا، التي ظل بها حتى حصل على درجة أستاذ مساعد، عام 1985.
عاد إلى مصر، وعمل أستاذا ورئيسا لقسم هندسة المواد في كلية الهندسة بجامعة الزقازيق بين 1985 و2010.
انتُخب عضوا بنادي هيئة التدريس في الجامعة، وكانت له جهود بارزة في العمل الاجتماعي والخدمي.
واختير عضوا في لجنة مقاومة الصهيونية بمحافظة الشرقية، وعضوا بالمؤتمر الدولي للأحزاب والقوى السياسية والنقابات المهنية، وهو عضو مؤسس في اللجنة المصرية لمقاومة المشروع الصهيوني.
** البرلماني اللامع
في 2000 انتخب عضوا في مجلس الشعب (البرلمان) عن جماعة الإخوان المسلمين، وكان رئيس كتلتها البرلمانية، والمتحدث باسمها، ومنذ ذك الحين بدأ نجمه السيلسي يسطع.
كان من أنشط أعضاء البرلمان وصاحب أشهر استجواب عن حادثة قطار الصعيد وأدان الحكومة وخرجت الصحف الرسمية في اليوم التالي تشيد باستجوابه.
تم اختياره عالميا كأفضل برلماني 2000-2005 من خلال أدائه البرلماني.
شارك في تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير، عام 2004، ثم الجمعية المصرية للتغيير، مع الدكتور محمد البرادعي في 2010 فكان له دور محوري في التمهيد لثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وتنبه نظام مبارك لهذا الدور فاعتقله مع بدايات الثورة إلى ان حررته الجماهير وأخرجته من محبسه قبيل تنحي مبارك.
السياسي القيادي..أول رئيس لحزب الإخوان
شارك في تأسيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وكذلك التحالف الديمقراطي، الذي ضم أحزابا عديدة.
انتخبه مجلس شورى الإخوان، في 30 أبريل/ نيسان 2011، رئيسا لحزب الحرية والعدالة، بجانب عصام العريان نائبا له، ومحمد سعد الكتاتني كأمين عام للحزب.
فاز مرسي بأول انتخابات رئاسية بعد الثورة، عام 2012، ليصبح أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر، وخامس رئيس لها.
شهدت مصر، في العام التالي، احتجاجات مناهضة وأخرى منددة بحكم مرسي.
أطاح وزير الدفاع آنذاك، الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، بمرسي، في 3 يوليو/ تموز 2013، وزج به في السجن.
خضع مرسي، على مدار سنوات، لمحاكمات في قضايا عديدة، وصدرت بحقه أحكام، ومُنع لفترات طويلة من رؤية أسرته.
اشتكت أسرة مرسي ومنظمات محلية ودولية مرارا من سوأ أوضاعه الصحية داخل السجن، ومن محبسه الانفرادي، لكن دون استجابة حقيقية من السلطات.
ورغم كل هذه القيود فانه لم يتزحزح قيد أنملة عن مواقفه وتجلي ذلك في مداخلاته أمام قضاة المحاكم في القضايا العديدة التي نال فيها قسطا وفيرا من الاتهامات ثم الاحكام..واستمر على هذا الثبات في جلسة محاكمته اليوم الاثنين في قضية التخابر مع حركة حماس، فسقط مغشيا عليه وهو يخاطب المحكمة بنفس العزيمة والإصرار على مواقفه ومبادئه، ليلقي ربه محافظا على العهد، قابضا على الجمر.
وإذا كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية وصفت وفاته بأنها "أمر فظيع، لكنها متوقعة"، في ظل "عدم توفير الرعاية الصحية الكافية" له، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد نعته بـ"الأخ الشهيد"..