إيثار شلبي- بي بي سي
قد لا تخلو خيمة من خيمات الحملات الانتخابية الخاصة بمرشحي الرئاسة من حضور قوي للنساء الموريتانيات.
وسواء كن مشاركات في تنظيم تلك الحملات أو ناشطات من أجل حشد الأصوات لمن يؤيدنه من المرشحين أو مجرد ناخبات يرغبن في التعرف على البرامج الانتخابية المختلفة؛ تلعب الموريتانيات دورا سياسيا لا يستهان به في الانتخابات الرئاسية المرتقبة يوم السبت القادم.
ويتنافس في هذه الانتخابات ستة مرشحين؛ هم وزير الدفاع السابق والمرشح عن الحزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، محمد الشيخ محمد أحمد أحمد الشيخ الغزواني، ورئيس الوزراء الانتقالي السابق المدعوم من حزب "تواصل" الإسلامي المعارض، سيدي محمد ولد بوبكر، والناشط في مجال مكافحة العبودية، بيرام ولد ابداه اعبيدي، ورئيس حزب "اتحاد قوى التقدم" اليساري، محمد ولد مولود، والصحفي، كان حاميدو بابا، والمسؤول في وزارة المالية محمد الأمين المرتجي الوافي.
وعلى عكس الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت عام 2014 وترشحت فيها امرأة واحدة؛ هي مريم منت مولاي إدريس، لم تترشح أي سيدة في هذه الدورة.
وكانت امرأة واحدة قد أعلنت عزمها الترشح للسباق الرئاسي، ولكنها لم تستوف شروط الترشح وقررت الانضمام لحملات دعائية لمناصرة أحد المرشحين.
هابي بنت رباح: "المستعبدة" سابقاً التي تسعى لدخول البرلمان في موريتانيا
موريتانيا: هل تمكنت الدولة من القضاء على العبودية؟ نقطة حوار
وتقول المترشحة في انتخابات 2014 مريم بنت مولاي لبي بي سي عربي، إن خبرتها في مجال تنظيم حملات دعائية لمرشحين رئاسيين سابقين هي ما دفعتها لخوض غمار السباق الرئاسي الماضي.
وتحدثت عن تجربتها قائلة إن "السباق الرئاسي ليس بسيطا ويتطلب امرأة على دراية كاملة بالتحديات المختلفة التي ستواجهها إذا تقلدت هذا المنصب. وذلك لأن المسألة تتعلق بثقة المرأة في نفسها قبل أي شيء آخر" على حد قولها.
وتضيف مريم التي حصلت على أقل من 1% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية لعام 2014، إن خبرتها في الترشح للرئاسة تشير إلى أن الموريتانيات، على الرغم مما وصفته بحضورهن الطاغي في الحملات الدعائية للمرشحين، يملن أكثر إلى التصويت للمرشحين الرجال في العملية الانتخابية قائلة "النساء لا يصوتن للنساء".
لماذا لم يُفاجأ الموريتانيون بترشيح وزير الدفاع لرئاسة بلدهم؟
تحمل القوائم الانتخابية أسماء أكثر من مليون و نصف المليون موريتاني يحق لهم التصويت في الاقتراع الرئاسي.
ويقول محمد يحيى أحمدناه، المتحدث باسم اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، إن نسبة النساء المسجلات في القوائم بلغت 53.16٪. ويتوقع أحمدناه مشاركة واسعة للموريتانيات في عملية التصويت نظرا لحجم عدد النساء المسجلات على اللوائح الانتخابية.
ما الذي يميز المرأة في موريتانيا عن مجتمعات عربية أخرى؟
موريتانيا: هل تم فعلا تحرير العبيد؟
ولم توفر اللجنة الوطنية للانتخابات نسبة مشاركة النساء في الانتخابات الرئاسية عام 2014، ولكن نسبة الناخبات المسجلات على اللوائح الانتخابية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في سبتمبر/آيلول 2018 بلغت 52%.
ويقول الناشطون في مجال الدفاع عن حقوق المرأة إن الانتخابات الرئاسية والنيابية التي شهدتها البلاد على مدار السنوات الأخيرة تشير إلى أن الموريتانيات قطعن أشواطا كبيرة في المشاركة في العملية السياسية، غير أن حضورهن لا ينعكس بالضرورة على حجم المناصب العليا التي يتقلدنها في مختلف مؤسسات الدولة.
وتقول الناشطة الحقوقية، فاطمة بنت محمد المصطفى، إن ما ينقص النساء في موريتانيا هو "تجسيد حضورهن الكمي على اللوائح الانتخابية والحملات الدعائية في مقاعد البرلمان والوظائف السامية في الدولة".
ويبلغ عدد النساء في البرلمان الموريتاني 29 سيدة من أصل 157 عضوا، وهو ما يعني أن التمثيل النسائي في البرلمان يقارب 19%. غير أن الناشطات في مجال حقوق المرأة يرون أنها نسبة لا ترقى لطموحات النسوة الموريتانيات في الانخراط في الشأن السياسي.
وكان قانون قد تم المصادقة عليه عام 2006 يعرف بـ "قانون الكوتا" قد خصص 20% من مقاعد البرلمان للنساء.
ويقول خبراء اجتماع إن ما يبدو عزوفا نسائيا عن احتلال الصدارة في العملية السياسية ربما يرتبط بالطبيعة المحافظة للمجتمع الموريتاني، بينما يصف الباحث الاجتماعي، الولي سيدي هيبة، المجتمع الموريتاني بالتقليدي الذكوري، الذي تفضل فيه النسوة أن تقف في الصفوف الخلفية في عدة مجالات من بينها السياسة والاقتصاد، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن "المرأة الموريتانية تمارس حرية كبيرة في المشاركة في العملية السياسية ولكنها في الوقت ذاته تلتزم بالضوابط الاجتماعية التي يفرضه عليها المجتمع والثقافة الصحراوية".
و بينما تفرض هذه الالتزامات الاجتماعية قيودا على الموريتانيات، اللواتي يشكلن ما يقرب من 53% من إجمالي أربعة مليون ونصف المليون نسمة، فإن حجم حضورهن القوي في الحملات الانتخابية الممهدة للاقتراع الرئاسي المنتظر وحجم مشاركتهن في العمليات الانتخابية الماضية يشير إلى أن مشاركتهم قد تؤثر - وبقوة- في تحديد الوجه الجديد الذي سيحكم بلادهن على مدى السنوات الخمس المقبلة.