سائقة سعودية

سعوديات يشترطن في عقود الزواج السماح لهن بقيادة السيارة

وافق مجد (29 عاما) الذي يعمل مندوب مبيعات، خلال التحضير لحفل زواجه في مدينة الدمام في شرق السعودية، على شرط لخطيبته يقضي بالسماح لها بقيادة السيارات.

وتعتبر عقود الزواج بمثابة شبكة أمان للعرائس السعوديات في مجتمع تخضع فيه المرأة لنظام "ولاية" الرجل، وهن يستخدمن هذه العقود لضمان الحصول على مطالب تكون في العادة رهنا بأهواء الزوج أو عائلته.

وتنصّ هذه العقود الملزمة قانوناً على شروط مختلفة، منها حق المرأة في أن تمتلك منزلها، أو توظيف عاملة منزل أو الدراسة أو العمل.

لكن بعد رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة قبل عام، أضيف طلب جديد إلى القائمة الطويلة، إذ بدأت نساء بوضع شرط امتلاك سيارتهن الخاصة وقيادتها في عقد الزواج، بحسب مستندات اطّلعت عليها وكالة فرانس برس ومقابلات أجرتها مع مأذونين شرعيين.

وحتى 24 حزيران/يونيو 2018، لم يكن مسموحا للنساء بقيادة السيارات في المملكة التي تطبق الشريعة، بعدما اعتبر رجال دين متشدّدون على مدى عقود أن السماح بقيادة المرأة للسيارة سيؤدي إلى الاختلاط بين الجنسين.

وبعد رفع هذا الحظر قبل عام، جلست آلاف السيدات خلف المقود، في مشهد يعكس تغييرات اجتماعية سجلت خلال السنوات الأخيرة في المملكة التي ظلت لعقود البلد الوحيد في العالم الذي يحظر على النساء قيادة السيارات.

ووقع مجد الذي سيتزوج هذا الشهر، على شرطين في عقد الزواج من خطيبته البالغة 21 عاما، وهما الحق في القيادة والعمل، وفقا لعقد الزواج الذي اطّلعت عليه وكالة فرانس برس.

وأكّد الشاب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل كونه يناقش مسألة عائلية خاصة، أنّ خطيبته "قالت إنّها ترغب في أن تكون مستقلة"، مضيفا "قلت لها، بالتأكيد، لم لا؟"

ومنح قرار السماح بقيادة السيارات، المرأة السعودية نوعا من الاستقلالية، وأنهى اعتمادها على السائقين أو الأقارب من الرجال في التنقّل.

ولا تحتاج النساء إلى موافقة الأقارب الذكور للحصول على رخصة قيادة، لكن الإجراءات القضائية التي قد تلجأ المرأة إليها في حال منعها من القيادة، ليست واضحة.

ويؤكّد المأذون الشرعي عبد المحسن العجيمي أنّ "بعض النساء يفضّلن إدراج شرط القيادة في العقد لتجنب أي نزاعات زوجية في المستقبل".

ورأى المأذون "إنها طريقة لضمان وفاء الزوج بوعده".

ويعدّ خرق أحد الشروط الواردة في عقد الزواج سببا كافيا يمكّن النساء من طلب الطلاق، بحسب المأذونين.

- "لا أرغب بك"

ولا تتوافّر أرقام رسمية حول عقود الزواج المطالبة بذلك. ولم تردّ وزارتا العدل والإعلام السعوديتان على طلب وكالة فرانس برس التعليق.

وتقول منيرة السناني، وهي ربّة منزل (72 عاما) تقطن في مدينة الظهران في شرق المملكة، إنّها تعلم عن حالتين مماثلتين مؤخّرا بين معارفها.

ونقلت السيدة المسنّة عن امرأة قولها لزوجها المستقبلي "إن كنت لا تسمح لي بالقيادة، وإن قلت لا، انتهى الأمر: لا أرغب بك".

وتظهر هذه النزعة كيف تحاول السيدات استغلال عقود الزواج من أجل الحصول على بعض المطالب والشروط التي تصبح أكثر جرأة مع الوقت.

وروى رجل من مدينة الإحساء لوكالة فرانس برس أنّه خلال حفل زفاف في عائلته، طلبت العروس من زوجها المستقبلي أن يتوقّف عن التدخين.

وطالبت سيدة أخرى بألا يكون لزوجها أي علاقة براتبها، ووضعت أخرى شرطا يضمن لها ألا تحمل في السنة الأولى من الزواج، بحسب الشيخ العجيمي.

وكانت سيدة سعودية أثارت جدلا قبل فترة قصيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعدما نشرت عقد زواجها على الإنترنت.

وتمنع السيّدة، بحسب العقد، زوجها من أن يتزوج امرأة غيرها، مع أن تعدّد الزوجات مشروع في الإسلام. وأثار هذا غضب العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

ويؤكد الشيخ عادل الكلباني أن الرجال يضعون بدورهم شروطا في عقود الزفاف، موضحا "بعضهم يطلبون ألا تعمل المرأة خارج المنزل، وقد يشترط عليها أن تسكن مع أمه".

ويدرج المأذونون الذين يشرفون على عقود الزواج هذه الشروط والمطالب كمؤشر على التغييرات الاجتماعية الحاصلة في المملكة. ولكنها من المسائل التي يمكن أيضا أن تتسبّب بالتوتر في الزواج.

وأوردت وسائل الإعلام السعودية مؤخرا تقارير عن ارتفاع في قضايا الطلاق في الأعوام الأخيرة.

ويقول الشيخ العجيمي "في الماضي، لم يكن المجتمع يستمع إلى النساء. كان الأزواج يقولون بحزم لا لمثل هذه الطلبات".

ويتابع "لكنهم الآن يستمعون إلى طموحات النساء ويتأقلمون مع مطالبهن".