مكان القبض على المهاجري

تفاصيل وخبايا إعلان السعودية القبض على "أمير داعش" في اليمن (صور)

فتح إعلان المتحدث باسم التحالف العربي لدعم الشرعية تركي المالكي إعلان السعودية القبض على أمير تنظيم داعش في اليمن الملقب بـ"أبو أسامة المهاجر"، والذي وصفته بأنه المسؤول المالي للتنظيم مع عدد من المرافقين له، العديد من الأسئلة حول صحة وحقيقة هذه العملية.

ونشرت وكالة "واس" السعودية صورا ومقطع فيديو يظهر "المهاجر" في قبضة قوات سعودية تحيط به، موضحة بأن العملية تمت في الثالث من يونيو الماضي، وجاءت بعد المراقبة المستمرة لأحد المنازل، وأسفرت عن إلقاء القبض على ثلاث نساء وثلاثة أطفال.

وعلم "الموقع بوست" من مصادر محلية متطابقة أن القبض على "المهاجر" كان في محافظة المهرة (شرقي اليمن)، وألقي القبض عليه في الثالث من يونيو الجاري بأحد المنازل في حي يدعى "حي قطر" بمدينة الغيضة عاصمة المهرة، في عملية لا تزال تفاصيلها يكتنفها الغموض، ولم يتسن لـ"الموقع بوست" النشر وقتها بغية الحصول على معلومات دقيقة ومكتملة.

 

ووفقا للمصادر، فقد جرى استدعاء "المهاجر" من إحدى ضواحي مدينة مأرب، واستئجار شقة سكنية تم تأثيثها له في الغيضة عبر محافظ المهرة راجح باكريت الذي استأجر المنزل من امرأة تعمل موظفة عامة، وقام بتأثيثه وتجهيزه ليسكن فيه "المهاجر"، ولم يعرف بعد ما إذا كان الشخص المقبوض عليه هو ذاته القيادي في تنظيم داعش أم لا.

 

وتشير المصادر إلى أن المنزل الذي تم استئجاره لم يكن معروضا من قبل للإيجار، وترفض مالكته الحديث عن طبيعة التنسيق الذي تم معها في عملية الاستئجار، وما إذا كانت تعلم عن انتماء "المهاجر" لتنظيم داعش أم لا، وفقا لشخصيات محلية سعت للتواصل معها، لكنها رفضت الإدلاء بأي تفاصيل.

 

وأثيرت الشكوك من مصادر أمنية ومحلية في محافظة المهرة منذ استقدام "المهاجر" وعلاقة محافظ المهرة به، والوعود التي قدمها لاستدراجه إلى المهرة التي تعيش احتجاجا شعبيا ضد التواجد السعودي منذ أكثر من عام.

 

ووفقا للمصادر، فقد جاءت قوات سعودية واقتحمت المنزل الذي كان يتواجد فيه "المهاجر" بعد أيام قليلة من نزوله في تلك الشقة مع آخرين كانوا برفقته بينهم سعوديون منتمون لتنظيم القاعدة، واقتادت الجميع إلى مطار الغيضة الذي تتخذه قاعدة عسكرية لها في المهرة، ثم جرى ترحيلهم إلى العاصمة السعودية "الرياض".

 

واوضحت المصادر في سياق تصريحها لـ"الموقع بوست" أن القوات السعودية استدعت عقب ذلك محافظ المهرة راجح باكريت إلى الرياض، ومكث فيها لأيام، والتقى خلال الزيارة بالسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، ثم عاد إلى المهرة مجددا عقب إجازة عيد الفطر المبارك.

 

غموض المكان

 

ويثير تحفظ التحالف العربي عن المكان الذي ألقي فيه القبض على "المهاجر" الأسئلة عن الدوافع من وراء عملية التكتم خاصة أن العملية وقعت في محافظة المهرة التي يرفض أبناؤها التواجد السعودي، الأمر الذي يشير إلى سعي السعودية للتلاعب بقضية الإرهاب في محافظة المهرة كورقة أخيرة في وجه الرافضين لتواجدها، والترويج لنفسها كقوات تكافح الإرهاب في اليمن، وفق تصريح قيادي رفيع في لجنة الاعتصام السلمي لـ"الموقع بوست".

 

وتبرر القوات السعودية تواجدها في محافظة المهرة ومحافظات يمنية أخرى بالتصدي للتنظيمات الإرهابية كتنظيم القاعدة وداعش، وهو ذات المبرر الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة في المناطق الأخرى التي تسيطر عليها في اليمن.

 

ولم تتحدث قوات التحالف العربي عن الدور الأمريكي في هذه العملية، حيث تتواجد قوات أمريكية في مطار الغيضة المحلي بالمهرة، إلى جانب القوات السعودية، وهو ما كشفه تحقيق سابق للموقع بوست، وأكدت مصادر أمنية ومحلية في المهرة أن مهمة القوات الأمريكية مواجهة وتتبع العناصر المنتمية لتنظيم القاعدة في اليمن.

 

تكتم إعلامي

 

وكان ملاحظا في هذه العملية عند وقوعها التكتم الإعلامي عليها من قبل الإعلام السعودي حتى اليوم، وهو ما يشير إلى ترتيب القصة لتظهر اليوم مسجلة سبقا أمنيا باعتبارها ألقت القبض على أمير تنظيم داعش في اليمن، بينما تشير أخبار رسمية نشرت في حينها عن تفاصيل مختلفة لرواية التحالف العربي المنشورة اليوم.

 

وكان المركز الإعلامي لمحافظة المهرة والتابع للمحافظ والمختص بتغطية الأخبار الرسمية في المهرة نشر في صفحته بموقع "فيسبوك" خبرا في حينها عن الحادثة، ولم يتحدث عن القبض على قيادي في تنظيم داعش، وأورد أن المقبوض عليهم أعضاء في خلية تتبع تنظيم القاعدة بمحافظة المهرة.

 

وقال المركز الإعلامي في الخبر الذي نشره في الثالث من يونيو، وهو ذات التاريخ الذي ذكر التحالف العربي أنه ألقى القبض فيه على "المهاجر"، إن قوات التحالف والشرطة العسكرية بمحافظة المهرة نفذت عملية نوعية استهدفت منزلاً بمدينة الغيضة يستخدمه إرهابيون مطلوبون للعدالة "وكراً" لتنفيذ مخططات إرهابية وتخريبية، انتهت بالقبض على أخطرهم دون اللجوء إلى استخدام القوة.

 

 

 

وفيما ذكرت قوات التحالف العربي أن "المهاجر" هو أمير تنظيم داعش في اليمن، نقل المركز عما وصفه بمصدر محلي بأن العصابة تنتمي لتنظيم القاعدة، وكانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية بالمحافظة وإقلاق سكينتها واستقرارها، موضحا بأن قوات الشرطة طوقت المكان وداهمت المنزل دون استخدام القوة وسيطرت على الوضع بهدوء.

 

وكان موقع إخباري ناطق باللغة الإنجليزية ويدعي " thereference" يتبنى وجهة النظر الإماراتية نشر خبرا ذكر فيه أن قوات التحالف العربي والشرطة العسكرية اليمنية في محافظة المهرة اعتقلت أحد أخطر الإرهابيين بعد عملية نوعية استهدفت منزلاً يستخدمه الإرهابيون لشن هجمات، كما تم احتجاز خلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة في المهرة.                                           

 

واتهم الموقع دولة قطر وحزب التجمع اليمني للإصلاح في اليمن بالتلاعب بورقة القاعدة داخل المناطق المحررة، زاعما وجود لقاءات بين قادة الحوثيين وحزب الإصلاح والقاعدة في صنعاء بتنسيق من قطر لزعزعة استقرار المناطق المحررة في اليمن وخاصة في الجنوب.

 

وعن ذات العملية كانت قناة الميادين اللبنانية قد نشرت في العاشر من يونيو الجاري تفاصيل عنها، وذكرت نقلا عن مصادر يمنية بأن فرقاً عسكريةً أميركيةً بريطانيةً وسعودية داهمت منزلاً في حي قطر بالغيضة واعتقلت 3 يمنيين وسعودي يعتقد بانتمائهم للقاعدة بينهم نساء.

 

وقالت القناة إن جنود الفرق ارتدوا زياً عسكرياً يمنياً، في حين أن من بين المعتقلين مجموعة من النساء تم اقتيادهن إلى مقر قوات التحالف السعودي الإماراتي في المهرة، وأوضحت بأن عملية الاقتحام تمت بحماية قوات كبيرة من الشرطة العسكرية بقيادة قائدها العقيد محسن مرصع.

 

غموض الإسم والهوية

 

ولم يعرف بعد المنطقة الجغرافية التي ينتمي لها "المهاجر" في اليمن أو خارجه، كما لم يرد اسمه من قبل في تقارير إعلامية أو أمنية تؤكد أنه أمير تنظيم داعش في اليمن، ونشرت وسائل إعلام بعضها تابعة للسعودية  والإمارات عن عمليات قتل أو قبض على قيادات في تنظيم داعش بالمحافظات الجنوبية، لكنها جميعا لم تشر لوجود أمير للتنظيم في اليمن.

 

ومن أبرز أولئك القادة مقتل صالح ناصر فضل الباخشي الملقب بـ"أمير ولاية عدن" في فرع التنظيم باليمن الذي لقي مصرعه في الثامن والعشرين من أبريل 2018 في تبادل لإطلاق النار مع قوات تمولها الإمارات في عدن وفقا لموقع قناة الحرة.

 

وفي التاسع عشر من مايو 2018 أعلنت وزارة الداخلية في عدن أنها تمكنت من إلقاء القبض على مطلوبين أمنيا، بينهم أمير لتنظيم داعش الإرهابي في منطقة يافع بمحافظة لحج، دون أن تذكر إسمه، وفقا لما نشرته قناة العربية.

 

ويتطابق اسم "المهاجر" مع المتحدث باسم تنظيم داعش المعروف بـ أبي الحسن المهاجر الذي أعلن تبني داعش الهجوم على مدينة الأحواز في إيران في سبتمبر من العام 2018، وفق ما نشرته قناة العربيةعلى موقعها الإلكتروني، كما يتطابق لقبه "المهاجر" مع قيادي في تنظيم "داعش" اسمه أبو عمر المهاجر، وقاتل مع التنظيم في سيناء وليبيا وسوريا.

 

ويشكل إعلان التحالف العربي بقيادة السعودية القبض على "المهاجر" باعتباره "أمير داعش في اليمن" مخاوف أيضا من تدشين نوع جديد من الحضور العسكري المكثف للتحالف في اليمن تحت ذريعة مواجهة تنظيم داعش، رغم تأكيد تقارير بمحدودية وجود التنظيم في اليمن، وعلاقته المختلة مع تنظيم القاعدة، كما يشير تقرير الخارجية الأمريكيةعن الإرهاب في اليمن خلال العام 2017، إضافة لتأكيد دراسات ضعف داعش في اليمن.

 

وكان أول ظهور لتنظيم الدولة الاسلامية في اليمنفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2014م حينما غرد التنظيم بموقع تويتر، ونشر رابطا يحتوي على تسجيل صوتي مدته أربع دقائق من قبل جماعة أطلق عليها "مجاهدو اليمن" أعلنت فيه مبايعتها للبغدادي، وبعد ثلاثة أشهر في فبراير/شباط أصدرت مجموعة صغيرة من اليمنيين في ذمار وصنعاء بيانا مشتركا نقضت فيه ولاءها للظواهري وبايعت البغدادي، وقالت بأنها ستعمل لقتال الحوثيين الذين وصفتهم بالمرتدين.

تقرير: الموثع بوست