قال مركز دراسات يمني، إن السعودية تجاهلت عروضا روسية للدخول كوسيط بالحرب اليمنية، فيما أثبتت موسكو مهارتها في صون درجة ما من العلاقات مع جميع الأطراف الإقليمية والمحلية في النزاع اليمني.
جاء ذلك في دراسة بحثية صادرة عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية (يمني غير حكومي)، أعدها الباحث والدبلوماسي اليمني "مصطفى ناجي".
وقالت الدراسة إنه على عکس العديد من الدول الغربية، تحافظ روسيا على تواصلها مع جميع أطراف الحرب اليمنية، فهي تعترف بالحكومة، ولكنها لا تُدين جماعة الحوثيين المسلحة.
وأضاف الباحث اليمني أن الدبلوماسيي الروس، يؤكدون دعمهم ليمن موحد، ولكن لا مشكلة لديهم بلقاء المناصرين للانفصال من الجنوب، فيما على الجانب الآخر، ترفض موسكو اتهامات السعودية لإيران بتسليحها جماعة الحوثيين، دون أن يؤثّر ذلك على مساعيها لكسب ود شيوخ الخليج في الوقت نفسه، وترسيخ الشراكات الاقتصادية والدفاعية مع السعودية والإمارات.
وأوضح أن "هذه المقاربة الروسية، تعكس نقلة براغماتية تأخذ بروسيا بعيداً عن الاستراتيجيات التي توجهها الأيديولوجيا، حيث كانت تلك إحدى السمات التي عُرِفت بها في الحقبة السوفيتية، وكانت تحديداً ما رسم ملامح علاقتها مع اليمن".
وتابع "اليوم تسعى روسيا لتقديم نفسها كوسيط دولي قوي بالتعامل مع جميع الأطراف اليمنية الداخلية والإقليمية".
وأردف "ما زالت هذه الأحلام الروسية تواجه بعض التحديات، فالسعودية، الجهة الأبرز في الحرب اليمنية، قد تجاهلت حتى الآن عروض روسيا بالدخول كوسيط في الحرب اليمنية".
وزاد "من الواضح أن المملكة، أسوةً بحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، ما تزال متوجسة من علاقات روسيا الوثيقة والقديمة مع إيران، في حين تبقى الأمم المتحدة إحدى الأدوات التي تحاول موسكو توظيفها لتحقيق مآربها الاستراتيجية في اليمن".
ولفت الباحث إلى أن "روسيا، أثبتت بالفعل مهارتها في صون درجة ما من العلاقات مع جميع الأطراف الإقليمية والمحلية في النزاع اليمني، ويصب ذلك بكل تأكيد في مصلحة موسكو في ظل الضبابية التي تطغى على ما سيؤول إليه الوضع السياسي مستقبلاً في اليمن".
وبين أن "روسيا تتعامل بصورة مؤسساتية ورسمية مع الحكومة اليمنية، لكنها أيضاً تلتقي مع ممثلين لمجموعات يمنية أخرى مثل سلطات الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي (يطالب بالانفصال ويتهم بتلقي الدعم من الإمارات)، وأيضاً حزب المؤتمر الشعبي العام (كان يرأسه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح) بما تسمح به أدنى مستويات البروتوكولات الدبلوماسية".
وأشار إلى إن مقاربة روسيا للملف اليمني تختلف عن منهجية إدارتها للملف السوري، حيث اتخذت موقفاً تعارض مع الموقف الغربي ودول الخليج، فهي تعي جيداً أن الملف اليمني هو ملف تتحكم به السعودية أكثر من أي طرف آخر.
وقالت الدراسة إن روسيا تعتبر الحكومة اليمنية التي تحظى بدعم من المملكة ومن الولايات المتحدة الأمريكية حكومة شرعية، كما إنها تتحرك بحذر وتأن للحفاظ على علاقاتها مع الأطراف اليمنية المختلفة في توجه من شأنه أن يرسخ مكانتها كقوة مؤثرة في المنطقة.
وأوصت الدراسة بأن الجهود الروسية، في حال آتت ثمارها، قد تمثل مكسباً اقتصادياً، فضلاً عن الانتصار الجيوسياسي الذي يبقى في النهاية الغاية الأهم في نظر موسكو.