البركاني في الإمارات

"البركاني" في مهمة لإقناع أبوظبي لعقد "البرلمان" بعدن.. هل ينجح؟! (صورة)

أخيراً وصل سلطان البركاني رئيس مجلس النواب اليمني إلى العاصمة الإماراتية (أبو ظبي)، كثمرة لجهود حثيثة بذلت من أجل الحصول على موافقة على زيارة يعتقد أنها قد تفضي إلى تمكين مجلس النواب من ممارسة عمله بشكل طبيعي.

 

وتأتي هذه الزيارة بعد مضي حوالي أربعة أشهر على معاودة انعقاد مجلس النواب، في قاعة تابعة للمجمع الحكومي بمدينة سيئون مركز وادي حضرموت، وانتخاب هيئة رئاسته الجديدة.وخلال الأشهر الماضية بدا المجلس عاجزاً عن مواصلة جلساته وبدت جلسة سيئون كما لو أنها الجلسة اليتيمة التي جاءت بعد أربع سنوات من العجز والفشل للشرعية في عقد اجتماعات المجلس رغم ادعائها امتلاك النصاب القانوني الذي يمنح برلمانها الشرعية.

 

وكانت سيئون، وبدعم وحماية سعودية، خياراً مناسبأ لانعقاد اجتماعات مجلس النواب بعد أن قوبلت فكرة عقد الإجتماعات في عدن برفض إماراتي صارم، كون الإجتماع في العاصمة المؤقتة عدن يسند السلطة الشرعية برئاسة الرئيس عبدربره منصور هادي على حساب الكيانات البديلة المدعومة إماراتياً (المجلس الإنتقالي الجنوبي والتشكيلات المسلحة المرتبطة به).

 

مصادر برلمانية قالت لـ"المصدر أونلاين" إن جهود حثيثة بذلها البركاني في التواصل مع الإماراتيين منذ انتخابه رئيساً للمجلس لإقناعهم بتقديم الدعم والإسناد لمجلس النواب إلا أنهم لم يقدموا له أي وعود بهذا الشأن سوى وعود ببحث الأمر، واعتبرت المصادر الموافقة على استقبال البركاني أولى نتائج تلك الجهود.

 

إلا أن المصادر التي تحدثة للمصدر أونلاين عبرت عن عدم تفاؤلها من خروج هذه الزيارة بنتائج إيجابية خاصة أن الإماراتيين وافقوا على استقبال البركاني منفرداً دون أن يصطحب أياً من أعضاء هيئة رئاسة المجلس أو حتى أعضاء عاديين ليبدو الوفد رسمياً وتأخذ الزيارة طابعها المؤسسي.

 

ورجح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن يكون ذلك نابعاً من عدم رغبة الإمارات في تقديم أي دعم لمجلس النواب أو تمكينه من عقد اجتماعاته في عدن، وأضاف: "هناك سبب آخر والذي قد يكون عدم رغبة الإمارات في التعامل مع أعضاء هيئة رئاسة المجلس خاصة أن الإمارات تضع دوائر حمراء حول أي شخصية يمنية رسمية كانت أو شعبية لا تتماهى مع كل سياساتها وتدعم تصرفات قواتها التي تشكل في معظم الأحيان تقويضاً للسلطة الشرعية، وتكريساً لواقع مختلف يدفع بالبلد نحو خيارات سيئة".

 

وتشهد العلاقة بين الإمارات والرئيس عبدربه منصور هادي توتراً متزايداً منذ سنوات إثر اعتراض الرئيس هادي على تصرفات إماراتية حاولت الهيمنة بشكل كامل على القرار اليمني وصلت حد تخطيط الإمارات للإطاحة بالرئيس عبر محاولاتها مطلع العام 2016 وبالتنسيق مع أطراف دولية لنقل صلاحياته إلى نائبه خالد بحاح، ومنذ ذلك الوقت لم تشهد العلاقة تعافياً، وفضلت الإمارات العمل على الأرض عبر فصائل وتيارات هي نقيضة للسلطة الشرعية وتضع نفسها بديلاً لها، وكرست في مناطق سيطرتها واقعاً مختلفاً.

 

"المصدر أونلاين" وجه السؤال لأكثر من مسؤول حكومي هل يتوسط البركاني بين الرئيس والإمارات لتمكين الرئيس من العودة إلى عدن وممارسة صلاحياته خاصة مع تواتر الأنباء عن خطوات إماراتية لسحب قواتها من الجنوب إلا أن الإجابات كانت تتجه نحو استبعاد قبول الإمارات بهذه الفكرة، يقول أحد المسؤولين "لو استطاع البركاني إقناع الإماراتيين بالسماح بانعقاد البرلمان في عدن سيكون نجاحاً كبيراً"، لكنه عاد واستبعد موافقة الإماراتيين على ذلك فضلاً عن أن ينجح البركاني في ترميم العلاقة بين الرئيس والإمارات، وهي مهمة مستحيلة على حد وصفه.

 

خلال الشهر الفائت تحرك نائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري بشكل منفرد لمحاولة كسز الجمود الذي خيم على المجلس وأطلق تصريحات حول ترتيبات لانعقاد المجلس وقال إنه بحث ذلك مع السلطات المحلية في مارب لكنها لم تكن أكثر من محاولة للضغط على رئيس المجلس الجديد للتحرك.

 

مجلس النواب المنتخب، وبحرصه على البقاء داخل جلباب التحالف، سيجد نفسه مكبلاً كما هو حال الرئاسة والحكومة وستظل تحركاته محكومة بمحاذير كثيرة وكوابح أبرزها تحاشي إزعاج التحالف، وسيتجنب الإقدام على أي خطوة يعتقد أنها غير مقبولة لدى السعودية والإمارات.

 

دون تمكن مجلس النواب من مواصلة اجتماعاته بشكل طبيعي داخل اليمن فإنه سيكون قد دخل الثلاجة لحاقاً بما قبله من مؤسسات السلطة الشرعية، وفيما سيكون المكسب الوحيد للنواب هو استلام مرتباتهم بانتظام، فإن هيئة رئاسة المجلس ستتحول إلى هيئة شرفية تتزين بها منصات الاجتماعات البروتكولية واللقاءات الرسمية.