غريفيث يحيط مجلس الأمن

إحاطة الفرصة الأخيرة بمجلس الأمن.. ماذا سيقول غريفيث، وهل سيواصل تسويق الوهم رغم فشل مهمته؟

يعقد مجلس الأمن الدولي، غداً الخميس، جلسة خاصة بشأن اليمن، يستمع خلالها إلى إحاطة المبعوث الخاص للأمين العام لليمن مارتن غريفيث.

ودعا المبعوث الأممي عبر حساب مكتبه في تويتر وفيسبوك، لمتابعة البث الحي لإحاطته "لمجلس الأمن غداً الخميس 18 يوليو في تمام الساعة 10 صباحاً نيويورك/5 مساءً بتوقيت اليمن، عبر موقع الأمم المتحدة.

وتأتي جلسة مجلس الأمن، بعد ساعات من زيارات خاطفة قام بها المبعوث الأممي إلى العاصمة السعودية الرياض، وصنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وعبر غريفيث عن امتنانه للرئيس وحكومته "على التزامهم باتفاق ستوكهولم"، واضاف معلقاً على حساب مكتبه بتويتر، على لقائه الأول بالرئيس هادي، منذ مقاطعة الحكومة لها خلال الثلاثة الأشهر الماضية، "كما أقدّر دعمه الشخصي لايجاد حلّ سياسي للنزاع في اليمن".

وقال غريفيث إنه بحث خلال زيارته الإثنين، للرياض مع نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، تجنيب اليمن، التوترات الإقليمية، في إشارة منه إلى الأزمة المتصاعدة بين واشطن وحلفائها الخليجيين، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، الداعم الرئيسي للحوثيين في اليمن.

ولم يشر المبعوث الأممي عبر حساباته على التواصل الاجتماعي، إلى زيارته التي قام بها الثلاثاء، لصنعاء، ونتائج لقائه بقيادات الحوثيين، كما لم يتطرق موقع أخبار الأمم المتحدة للزيارة.

لكن جماعة الحوثيين، أعلنت لقاء غريفيث بزعيمها عبدالملك الحوثي.

وقال رئيس وفد الحوثيين في المفاوضات وناطق الجماعة محمد عبدالسلام، إن غريفيث التقى عبدالملك الحوثي، أمس الثلاثاء، وشدد الأخير على وقف الحرب وفتح مطار صنعاء، وجدد جاهزية الجماعة للسلام. حسبما نقلت قناة المسيرة.

وأوضح عبدالسلام، أن اللقاء بحث ضرورة الإسراع في إنجاز ملف الأسرى، وذكر بمواقف ومبادرات الجماعة المنسجمة مع مشاورات السويد، في إشارة إلى الإعادة الانتشار الاحادية التي قام بها الحوثيون في موانئ الحديدة الثلاثة منتصف مايو الماضي، وباركتها الأمم المتحدة، وهو ما تسبب في مقاطعة الحكومة لغريفيث، ورفع الرئيس شكوا للأمين العام اتهم فيها مبعوثه بالانحياز للحوثيين ومحاولة شرعنة وجودهم في الحديدة، وتمرير مسرحيتهم الهزيلة في الموانئ.

واتهم عبدالملك الحوثي، وفق تصريح ناطق جماعته، الحكومة (المعترف بها) بالتلكؤ في تنفيذ اتفاق الحديدة، وحملها كامل المسؤولية عن الخروق العسكرية والمماطلة واستمرار حصار أبناء منطقة الدريهمي، حد قوله.

 

 

انجاز شكلي

كما تأتي إحاطة غريفيث لمجلس الأمن، بعد فشل اجتماعات اللجنة المشتركة لإعادة الانتشار في التوصل لاتفاقات في أبرز الملفات الشائكة، ومنها تصحيح عملية إعادة الانتشار من الموانئ وتحقق الرقابة الثلاثية، وهوية القوات الأمنية وخفر السواحل التي تتسلم الأمن، وإيرادات الموانئ والسلطة المحلية.

وعلى مدى يومي الأحد والإثنين، عقدت اللجنة اجتماعاتها، على متن سفينة أممية في عرض البحر الأحمر، برئاسة الفريق مايكل لوليسغارد، وبحضور ممثلي الحكومة والحوثيين الذين وصلوا متأخرين عن موعد الاجتماع بساعات.

ووفق إفادة مراسل المصدر أونلاين، فإن اللجنة أحالت ملفات إعادة الانتشار والتحقق والسلطات الأمنية والمحلية والإيرادات، إلى المبعوث الأممي مارتن غريفيث للبت فيها والاتفاق حولها مع قيادة الحكومة والحوثيين.

وقالت الأمم المتحدة إن اللجنة المشتركة توصلت إلى اتفاق حول آلية جديدة لمراقبة وقف إطلاق النار وتخفيض التوتر والتصعيد، والتحقق من التزام الطرفين بالتهدئة عبر لجان مشتركة، لكن تطبيق الآلية، يمثل تحدٍ بحد ذاته، كون تصاعد العمليات والمواجهات في الحديدة، وصلت إلى مراحل تنفذ فيها الاطراف هجمات وهجمات مضادة وقصف متبادل، خلفت قتلى وجرحى على مدى الاسبوعين الماضيين، وما زالت مستمرة رغم مرور يومين على إقرار الآلية الجديدة.

وقال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد جميح، إن اجتماع اللجنة المشتركة بشأن الحديدة، سيعمل المبعوث الأممي مارتن غريفيث على تقديمه كنجاح، رغم عدم احراز أي تقدم في الاجتماع.

وأضاف جميح في تغريدة على حسابه الموثق بتويتر، "سيقول مارتن غريفيث في تقريره المقبل إلى مجلس الأمن الدولي إنه حقق نجاحاً بانعقاد لجنة إعادة الانتشار بالحديدة في سفينة عرض البحر، في حين لا يمثل الانعقاد نجاحاً ينبغي ذكره في إحاطة غريفيث للمجلس".

وأوضح أن غريفيث "في كل مرة، وقبيل انعقاد المجلس، يحرص على انجاز شكلي ليقول للمجلس إنه نحج!".

وأشار إلى مضمون إحاطة غريفيث التي سيقدمها غداً لمجلس الأمن، مضيفاً في تغريدة ، "ما لم يشر لأحكام الإعدام التي أصدرها الحوثيون، وفرضهم التجنيد الإجباري، وهجومهم على التحيتا في خرق للاتفاق، فإن غريفيث لم يغير موقفه من مجاملة الحوثي".

 

 

الفرصة الأخيرة

بعد أزمة المقاطعة الحكومية لغريفيث، منح الرئيس هادي -خلافاً للمتوقع- المبعوث الأممي فرصة أخيرة لتصحيح مسار عمله، وتصويب عملية إعادة الانتشار وتنفيذ اتفاق السويد وفق المرجعيات الثلاث.

واشترطت الحكومة مقابل الفرصة الأخيرة، ضمانات شخصية من الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيرش، وقدمها الأخير بشكل شفوي عبر وكيلته للشؤون السياسية والتي التقت الرئيس هادي في العاشر من يونيو الماضي.

ويتعلق مصير اتفاق ستوكهولم على احاطة المبعوث الأممي التي سيقدمها لمجلس الأمن غداً، لكن مصير الرجل ومهمته، ايضاً تتوقف على مضمون إحاطته ومدى التزامه بذكر المستجدات مجرداً من المجاملة والانحياز الذي أظهره أكثر من مرة لصالح الحوثيين حسب ما تقول الحكومة اليمنية.

ويقول الدكتور جميح، أن الكرة "ستكون في مرمى الحكومة التي يحتاجها المبعوث اليوم أكثر مما تحتاجه هي"، مشيراً إلى أهمية ما ستتضمنه إحاطة غريفيث، وما يجب أن يتخذ في حال استمر في مجاملته للحوثيين.

ولا تخفي مليشيات الحوثيين، تخوفها من تغير الموقف ضدها في إحاطة غريفيث القادمة، على خلاف إحاطته السابقة في مايو والتي تضمنت إشادة بالجماعة واعتبارها نفذت ما التزمت به في اتفاق السويد.

وغرد عن هذا محمد علي الحوثي القيادي في الجماعة، قائلاً "يتعمد العدوان ومرتزقته التشويش قبل اي جلسة لمجلس الامن من خلال افتعال قضايا ثانوية أو الاتهام لغريفيث".

وبحسب تغريدته فإن الغرض من ذلك الوصول لهدفين، الأول "المناصرين للمظلومية اليمنية للرهاب عن الحديث عن جرائم العدوان وقتله للاطفال" والثاني "محاولة التضليل عن بحث القضايا الحقيقية لما يقوم به العدوان من صنع أسوأ ازمة".

تجدر الإشارة إلى تناقل وسائل الإعلام تسريبات عن انسحاب الحكومة اليمنية من اتفاق ستوكهولم، بعد توصل مسؤوليها إلى قناعة باستحالة انسحاب المليشيات من الموانئ والحديدة بشكل سلمي، ويعزز ذلك التغييرات الجارية في قيادة العمليات العسكرية في الساحل الغربي، وتشكيل قيادة مشتركة موحدة، وتعيين الرئيس رئيس الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار صغير بن عزيز، قائداً للعمليات المشتركة للقوات المسلحة اليمنية، إضافة إلى تسلم القوات السعودية الإشراف على الجبهة بعد انسحاب القوات الإماراتية.

وكان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق ، ومستشار الرئيس الحالي، عبدالملك المخلافي، أشار في حوار صحفي إلى نهاية مهمة غريفيث، عدم قدرته على استعادة ثقة الحكومة الشرعية، مؤكداً استحالة تطبيق اتفاق السويد على الأرض في ظل ما يتضمنه نصوص تحتمل تفسيرات عدة، وعزز ذلك التوقع بطبيعة الحوثيين ومواقفهم المتشددة والمصرة على الحرب في المشاورات السابقة.