كمال السلامي- المصدر أونلاين
لم يكتفِ الحوثيون بتصفية "مجاهد قشيرة الغولي"، في منزله بمدينة ريدة، بل قام مسلحوها بسحل جثته والتمثيل بها بشوارع المدينة، في مشهد أثار استياءً واستنكاراً في أوساط السياسيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتمكنت الجماعة أمس الأول من قتل "قشيرة" بعد اشتباكات اندلعت بينه وبين حملة أمنية أرسلتها الجماعة لاعتقاله في منزله، بمدينة ريدة، تمكن خلالها من قتل 5 من عناصر الجماعة بينهم قيادي كبير يدعى "محمد حسين الشتوي".
أمعنت الجماعة في الانتقام من "قشيرة" بتفجير وإحراق منزله، وأحد المنازل المجاورة، ونشرت في وسائل إعلامها رواية تقول إن "قشيرة" اعتدى على حملة أمنية خرجت للقبض عليه بتهمة الحرابة، والتقطع للمواطنين.
مصادر محلية، قالت إن مبالغة الحوثيين في التنكيل بـ"قشيرة"، وسحل جثته، لا يمكن حصرها في سياق ردة الفعل فقط، وإنما هي رسالة تحاول الجماعة إرسالها لجميع شيوخ القبائل في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، بأن مصير من يتمرد أو يخرج عن طاعة الجماعة سيكون مثل مصير هذا الشخص الذي كان من أوائل من استقبلوا "مسيرة الحوثيين"، وقاتل معهم في عمران وفي صنعاء.
سياسيون وإعلاميون اعتبروا جريمة سحل جثة "مجاهد قشيرة"، والتمثيل بها، انعكاسا للطبيعة الإرهابية للجماعة الحوثية، والتي لا تتورع في التنكيل بخصومها وحتى حلفاءها إذا استغنت عن خدماتهم، كما حدث لـ"قشيرة"، ومن قبله الكثير، وعلى رأسهم الرئيس السابق "علي عبدالله صالح"، الذي لم يسلم جثمانه من الإهانة وإطلاق التعابير الانتقامية كما رأينا في المقطع الشهير الذي نشره محسوبون على الجماعة بعد ساعات من مقتل "صالح" مطلع ديسمبر 2017.
وتعليقا على جريمة السحل التي تعرضت لها جثة "قشيرة"، قال وزير حقوق الإنسان بالحكومة الشرعية، محمد عسكر، إن إقدام جماعة الحوثي على سحل جثث الأسرى والتمثيل بهم، يؤكد أنها تجاوزت كل الأعراف اليمانية، كما أن هذه الجريمة تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني.
وتساءل الوزير "عسكر" في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "إذا كان تعاملها مع من مالئها وساندها بهذه الوحشية فكيف بمن ناوئها؟!"، مشددا على ضرورة إدانة مرتكبي هذه الانتهاكات في اليمن.
وأكد أن جماعة الحوثي قامت بتصفية "قشيرة"، وسحلت جثته في شوارع مدينة ريدة بعمران، بنفس طريقة داعش والتنظيمات الأكثر دموية وتطرفا في العالم.
من جانبه قال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني إن الحوثيين قتلوا الشيخ "مجاهد قشيرة الغولي" أحد مشائخ عمران الذين ساندوا الجماعة، بنفس الطريقة الداعشية، كما أنهم لم يكتفوا بقتله بل نكلو بجثته وسحلوه بعد أن فجروا منزله.
وقال "الإرياني" في تغريدات على حسابه بموقع "تويتر": "نتمنى أن تكون هذه الجرائم الارهابية عبره لمشائخ القبائل ممن لا يزالون في صف المليشيات الحوثي، ويدفعون بأبنائهم وإخوانهم للقتال في جبهاته"، لافتا إلى أن هذه الجريمة، تؤكد أن جماعة الحوثي لا عهد لها ولا ذمة، وأن هذه الجرائم ستطال كافة المشائخ بعد أن تستغني الجماعة عن خدماتهم.
واستطرد قائلا: "هذه الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية والتي لم يسلم منها عناصرها تؤكد وحشيتها ودمويتها وتعطشها للدماء وان فكرها وعقيدتها مبنية على القتل واستباحة الدماء وانتهاك كل الحرمات، وأن وضعها على قوائم الإرهاب بات ضرورة للحفاظ على الأمن والسلم والتعايش".
من جانبه علّق السفير السابق عبد الوهاب طواف، على جريمة سحل جثة "قشيرة" على يد الحوثيين بالقول "إن جماعة الحوثي الانقلابية، خلقت ببذور عنصرية وتغذت بالدماء وكبرت بأشلاء وممتلكات الناس وتوسعت بصراخ الأطفال ودموع الشيوخ ونحيب الثكالى، وحكمت بآنين الناس وجوعهم ومعاناتهم".
واستعرض "طواف" في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك"، حوادث قتل سابقة، أقدم عليها الحوثيون، منها قتل طه الصعدي بين ذراعي والدته، وإعدام الدكتور أحمد الأعجم بأكثر من 100 رصاصة؛ وكذا إعدام رجل الأعمال عبدالسلام الشميري داخل غرفة نومة، وأعدموا العميد حميد القشيبي بأكثر من 150 رصاصة ومثلوا بجسده.
واستطرد قائلا: "قتلوا نساء وأطفال وأختطفوا بنات اليمن ومثلوا بأجسادهن وأعراضهن، دفعوا باليمن إلى مستنقع الموت والتشرد والضياع والمذلة، أقترفوا آلاف الجرائم، ومازالت الدماء تسيل بغزارة حتى اللحظة، مذابح بشعة حُفرت في وجدان وذاكرة وتاريخ اليمنيين، بشاعات لن تُنسى بسهولة ويسر، وستظل مشانق متدلية لهم في كل مناطق وجبال وسهول وصحارى وشواطئ اليمن".
بدوره تساءل الصحفي والكاتب نبيل سبيع قائلا:"إذا كان الحوثيون يقتلون رفاقهم الذين قاتلوا في صفوفهم منذ البداية وينكلون بهم بتلك الصورة التي رأينا فيها قتل مجاهد قشيرة الغولي، فكيف يقتلون وينكلون بأعدائهم؟!".
وأضاف "سبيع" في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك": "ما أزال حتى الآن لا أستطيع تصور أن كل تلك الهمجية والوحشية تسرح وتمرح الآن في اليمن وتتصرف بأرواح الناس بكل أريحية وتنكل بجثثهم بكل حقارة وقذارة.. ثم تحتفل فوق الجثث مطلقة الصرخة الخمينية!".
وأشار إلى أن مجاهد قشيرة، قيادي حوثي كبير في عمران، قاتل إلى جانب الحوثيين من قبل اقتحام عمران، ويقال إنه ممن ساعدوهم على اقتحامها، وقد قتله الحوثيون أمس بطريقة بشعة ووحشية فظيعة، مضيفا: "قتلوه وسحلوه، ثم أطلقوا الصرخة- التي لطالما أطلقها معهم- فوق جثمانه!".
واستطرد "سبيع" قائلا: "هشموا فمه ورأسه، وكسروا أضلاعه، ويبدو من الفيديو المتداول أنهم كسروا حتى أيديه وأرجله!، وقد ظلوا يركلونه ويشتمونه ويهينونه ويتفّون عليه بعد أن أشبعوه قتلا وتنكيلا!، بل إن أحدهم أبدى حرصا أكبر: فقام بتكسير ما تبقى من أضلاع الرجل بعقب رشاش الكلاشينكوف، وجّه لصدر القتيل المهشم أصلا عدة ضربات، ثم انحنى على الجثة، ولمس كتلة كبيرة انزاحت على جانب بطن الرجل، كتلة بدت لينة، وبدا أنها من أعضاء الرجل الداخلية".
ووجه "سبيع"، رسالة لكل من يقاتل مع الحوثيين أو يؤازرهم من اليمنيين، قائلا: "لا تؤازروا الحوثي في إهانة وسحل اليمنيين وتفجير بيوتهم، لأنه في نهاية المطاف سينتهي بإهانتكم وسحلكم وتفجير بيوتكم أنتم، هذه مسألة لا تحتاج أبدا إلى ذكاء".
وأكد أن "الحوثية هي أبشع وأفضع حركة، أو جائحة بعبارة أدق، مرت على اليمن، وهي تثبت كل يوم وتؤكد أن مصائبها وهمجيتها ووحشيتها لن تصيب خصومها وأعداءها فقط، بل ستطال قادتها وعكفتها المخلصين أنفسهم.. بل وقد تغدق عليهم من همجيتها ووحشيتها أكثر".
الناشط براء شيبان، المسؤول عن ملف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة ريبريف الحقوقية، قال إنه "من هول المشهد لم يستطع مشاركة ما فعله الحوثيون في محافظة عمران على صفحته.
وأضاف في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "تسمعهم يصرخوا شعارهم وهم يسحلوا جثة الشيخ مجاهد قشيرة، ويضربوا جسده الميت"، مؤكدا أن نفس المشايخ الذي ساعدوهم في السابق، تقوم الجماعة بتصفيتهم الآن، مختتما حديثه بالقول: "شاهدت المشهد وكأنني ارى داعش تماما، لا فرق..نفس الممارسات".
الكاتبة ميساء شجاع الدين، قالت بدورها إن الجريمة الوحشية المتمثلة في سحل جثة الشيخ مجاهد قشيرة، لها دلالات كثيرة، أبرزها – حسب قولها – أنها تمثل رسالة ترهيب للأحياء، وأن جماعة الحوثي لن يحكموا أو يتعاملوا بمنطق المصلحة أو السياسة، بل بمنطق وحيد هو الإرهاب واشاعة الخوف وسيطبق على الجميع بما فيهم حلفائهم وأنصارهم.
وأضافت في تغريدات على حسابها بموقع "تويتر": "يصر الحوثيون على وصم خصومهم بالمنافقين وليس عملاء أو مرتزقة، لا يستثنى من هذا الوصف من صار خصم بعد أن قاتل معهم، وهذا التوصيف(منافقون) موغل بدلالته الدينية ويطابق أوهام الوحي والنبوة التي تلبست زعيمهم عبدالملك الحوثي وصدقها أنصاره".