عماد أبو الروس- عربي21
بعد كشف نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، عن وجود اتصالات سرية بين جماعة الحوثي، ودولة الإمارات، تثار التساؤلات حول طبيعة الشراكة بين الإمارات والسعودية باليمن، في ظل الانسحاب الذي جاء على أوتار تكبد الرياض المزيد من الخسائر في منطقة الحد الجنوبي.
وخلال لقاء مع قناة الميادين اللبنانية، قال قاسم إن "هناك لقاءات تحصل بين مسؤولين إماراتيين وآخرين من الحوثيين، لتنظيم خطوات لاحقة للانسحاب من اليمن".
وكان متحدث عسكري حوثي صرح في حديث مع "تي آر تي" التركية، قبل أيام، عن وجود قنوات تواصل سرية مع الإمارات بشأن عملية الانسحاب، وأن تطبيعا حوثيا إعلاميا مع الإمارات تم بالفعل، حيث لم تعد تشير وسائل الإعلام الحوثية للدور العسكري الإماراتي في اليمن منذ ذلك الحين، وفق تلك التفاهمات.
وفي هذا السياق، أشار الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إلى أن اللافت في اعلان الإمارات الانسحاب من اليمن، جاء في توقيت حرج للغاية، بالنظر إلى تحول إيقاع المواجهات الذي تطورت معه القدرات الجوية للحوثيين إلى حد باتت فيه هذه القوة مصدر تهديد عملي لأكثر المنشآت العسكرية والمدنية حيوية في جنوب المملكة وفي عمقها كذلك، وبات استهداف المطارات والقواعد الجوية والمحطات الضخمة لتوليد الطاقة عملا يوميا روتينيا، ويحقق معظم أهدافه.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن الإمارات في إعلانها الانسحاب الذي تراجعت عنه فيما بعد، كانت تستند إلى حيثيات لا تأخذ في الحسبان الهجمات الخطيرة التي تتعرض لها حليفتها وقائدة التحالف السعودية، والوضع العملياتي المعقد والخطير الذي انتهت إليه المواجهات خصوصا في مدينة الحديدة.
وأضاف، أن الإعلان الإماراتي يظهر، أنها منفصلة من حيث الأهداف والأجندات والمسار القتالي، إلى حد أن وزير الشؤون الخارجية أنور قرقاش، تحدث صراحة عن تأثير إعادة الانتشار الذي قامت به قوات بلاده في اليمن على السلام في سياق مطالبته للحوثيين بإبداء حسن نية مماثلة.
وأوضح، أنه في ظل الضغط الذي يمارسه الحوثيون عبر الضربات الجوية والهجمات البرية العابرة للحدود في جنوب السعودية، والتي تسببت في سقوط العشرات من الجنود السعوديين خلال الأيام الماضية، تتجلى حقيقة أن الإمارات فتحت قنوات اتصال مع الحوثيين ومع الإيرانيين، وأن المعلومات التي كشف عنها مسؤولون إيرانيون وقيادات بارزة في حزب الله اللبناني بمن فيهم زعيم الحزب ونائبه، تكتسب مصداقية.
وأشار إلى أنه إذا ما نظر لهذا النوع من القنوات الإماراتية المفتوحة مع أعداء السعودية، فإنه يأتي في سياق التخفيف من تداعيات الحرب في اليمن على الإمارات واقتصادها الذي تأثر بالحرب بشكل كبير، وتحصين هذه الدولة من تبعاتها المستقبلية، خصوصا على صعيد الجبهة الداخلية المأزومة، كما تأتي في سياق الحرص على تجنب التهديدات التي أطلقها الحوثيون بضرب المدن الإماراتية، لذا بقيت هذه المدن حتى الآن بعيدة عن صواريخ الحوثييين، وطائراتهم المسيرة المصنوعة في إيران.
وحول العلاقة بين السعودية والإمارات باليمن، لفت التميمي إلى أن شراكة الحرب بينهما ليست ذات بعد استراتيجي، بقدر ما مثلت فضاء للمناورة التي استهدف من خلاله محمد بن زايد السيطرة على العقل الحاكم في الرياض، وتحقق له ذلك بوصول محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد.
وأوضح، أنه ثمة دلائل قوية على عدم وجود تطابق في التفكير بين الرياض وأبوظبي حيال مسار وأهداف الحرب التي يخوضها البلدان في اليمن، منذ البداية، إلى أن تمكن ابن زايد من تكييف هذه الحرب وفقا لأولوياته.
وأكد على أن السعودية الآن تدفع ثمن الانقياد وراء المخطط الإماراتي الذي حول التدخل العسكري بسرعة قياسية من فعل مرحب به من أغلب اليمنيين، إلى أحد الأطراف المعادية لخيارات اليمنيين وتطلعاتهم الوطنية، وسبب من أسباب استدامة الانقلاب وزيادة فرصه في تحقيق أهدافه.
وأضاف، أن السعودية تذهب الآن، إلى مواجهة خيار الحرب وتداعياتها وحيدة، مكبلة بالقيود التي وضعتها الإمارات على أغلالها فيما يخص محاذير الاعتماد المفتوح على القوى اليمنية المعادية للانقلاب، على قاعدة الكراهية المطلقة للربيع اليمني وقواه السياسية الإسلامية.
العميد الركن والخبير الاستراتيجي اليمني عبد الله الجفري، أكد على أن السعودية تركت وحدها ومجموعة من السودانيين، في التحالف العربي باليمن.
اقرأ أيضا: مصدر: هذه أسباب انسحاب الإمارات من اليمن.. ماذا عن الرياض؟
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الإمارات في الساحل الغربي قامت بتعيين بعض الشخصيات في إطار مكون واحد تحت قيادة طارق عفاش، وقامت بحسب معداتها من مأرب ومواقع أخرى هناك، ما يشير إلى أن وجود اتصالات فعليه مع جماعة الحوثي باليمن حول آلية الانسحاب.
ونوه الخبير المقرب من جماعة الحوثي، إلى أن الإعلام اليمني لم يعد يتحدث عن تحالف سعودي إماراتي، بل عن "عدوان سعودي أمريكي فقط"، مشددا على أن الانسحاب الإماراتي سببه تلقيها ضربات قاسية في اليمن لم تعد تحتملها، ما جعلها تعيد حساباتها، بسبب الخسارة الاقتصادية التي جنتها وقد تجنيها، ما يؤثر على تواجد الشركات الأجنبية فيها.
وأوضح أن الانسحاب الإماراتي جاء في ظل الضغط الحوثي، الذي أصبح بحوزته أسلحة نوعية صاروخية، وكذلك سلاح الجو المسير الذي يخترق الأجواء على مسافة 1500 كم دون كشفه أو إسقاطه من قوى التحالف، ما أدى إلى تأثيره على قواعد الاشتباك.
وأشار إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبو ظبي، تم تسليمه للسعودية التي تمد له السلاح والمال بديلا عن الإمارات، وتم استبدال القوات العسكرية الإماراتية في بعض الجبهات بأخرى سعودية، ما جعل الأخيرة تستعين بقوات أمريكية تحت بند "الخبراء".
وأكد الجفري، على أن الإشكالية القائمة بين السعودية والإمارات، تكمن في أن انسحاب الأخيرة كان مفاجئا، ولم يكن بالحسبان لدى الرياض التي ترى أن أبو ظبي تخلت عن التزاماتها باليمن.