نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية تقريرا مطولا، تحدثت فيه عن انسحاب القوات الإماراتية من اليمن، وسط الحرب الدائرة فيه منذ عام 2015، ضد "أنصار الله" (الحوثيين).
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن الإمارات لم تكشف رسميا عن عدد القوات التي سحبتها من اليمن، مكتفية فقط بالتأكيد أنها خفضت أعدادهم بشكل كبير.
ولكن مصدر وصفته الوكالة بالمطلع على تلك التحركات العسكرية، قال لها "كان هناك حوالي 10 آلاف جندي إماراتي في اليمن قبل بدء عمليات الانسحاب".
وتابع المصدر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأن تلك الأرقام سرية ولا يمكن نشرها على الملأ:
"تم تخفيض نحو 50 إلى 75% منهم من جميع الألوية العسكرية الإماراتية في اليمن".
وزعم المصدر أن القوات الإماراتية، لم تشارك إلى حد كبير في القتال المباشر، وكانت مهتمة بالإشراف على العمليات الاستخباراتية وإدارة العمليات وتدريب القوات المحلية.
وأكد المصدر أن القوات الإماراتية نجحت في تدريب نحو 90 ألف جندي يمني في جنوب اليمن، مضيفا "قادة الألوية الإماراتية مستمرون في التواجد باليمن، من أجل مواصلة توجيه وتقديم المشورة العسكرية لتلك القوات، بالإضافة إلى عملهم عن كثب مع الولايات المتحدة في عمليات مكافحة الإرهاب".
وقال المصدر أيضا، إن
القوات الإماراتية، خفضت أيضا، من مستويات القوات المتواجدة في القاعد العسكرية الإماراتية في ميناء عصب الإريترية.
وزعمت الوكالة أن القاعدة العسكرية في ميناء عصب الإريترية، تعد نقطة انطلاق للعمليات في الحديدة، زودها الإماراتيون ببطاريات دفاع جوية "باتريوت"، وأنظمة دفاعية أخرى وسط تزايد التوترات في الخليج بين أمريكا وإيران.
تأثير على المعركة
وقالت "أسوشيتد برس" إنه ليس من المرجح أن يغير ذلك الانسحاب الإماراتي، من التوازن العسكري في الحرب الدائرة باليمن، خاصة وأن الميليشيات المتحافلة مع الإمارات، لا تزال موجودة على الخطوط الأمامية.
ونقلت الوكالة عن بيتر ساليسبري، المحلل البارز في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات: "الانسحاب على الأقل في الوقت الراهن، يأخذ خيار تجديد الهجوم على الحديدة خارج طاولة الطرح".
وتابع
"هذا سيمنح الحوثيين بعض التنفس، خاصة وأن الإماراتيين كانوا يتمركزون لأشهر بالقرب من الحديدة للضغط على الحوثيين لتطبيق شروط وقف إطلاق النار".
رد فعل السعودية
وتطرقت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية إلى ما وصفته بـ"رد فعل السعودية" على الانسحاب الإماراتي.
ونقلت الوكالة عن إليزابيث ديكنسون، المحللة البارزة في مجموعة إدارة الأزمات "ربما تشعر السعودية بأنها لا تزال بحاجة إلى انتصار في اليمن، أي كان شكله للضغط على المفاوضات السياسية".
وأردفت "هناك شعور في الرياض، أن هذا ليس الوقت المناسب للانسحاب".
لم يصدر أي تعليق رسمي من السعودية، على الانسحاب الإماراتي في اليمن، لكن موقع "عدن الغد" نشر معلومات حصرية عن تحرك عسكري سعودي كبير في عدن، ووصول معدات وآليات سعودية إلى المدينة اليمنية البارزة.
ونقل الموقع عن مصدر عسكري قوله إن القوات والمعدات العسكرية السعودية التي وصلت إلى عدن، هدفها دعم وتعزيز القوات العسكرية السعودية المتواجدة في عدن.
وأوضح المصدر الذي لم يكشف عن هويته "المعدات العسكرية والآليات السعودية، التي وصلت إلى عدن هي مجرد دفعة أولى من تجهيزات سعودية لإقامة قاعدتين لقوات التحالف العربي في عدن".
وأضاف "تلك الدفعة الأولى ستكون في شرق عدن، وتحديدا في شرق العريش، أما الثانية فستكون غربا في منطقة صلاح الدين".
واستطرد "تلك التجهيزات العسكرية، نواة لبدء إقامة وتشييد معسكرين سعوديين تابعين للتحالف".
وبدورها قالت "أسوشيتد برس": "طالما أراد السعوديون طرد الحوثيين من صنعاء، وإضعاف قدراتهم العسكرية على طول الحدود المشتركة، لكن رغم مرور سنوات لم تتمكن من تحقيق ذلك، فيما كان يتركز اهتمام الإماراتيين على الجنوب".وأضافت "رسخت الإمارات نفسها كحاكم فعلي في الجنوب، من خلال تمويل وتسليح الميليشيات، بما في ذلك الانفصاليون الجنوبيون، كما يدير الإماراتيون قاعدة جوية رئيسية في عدن، المدينة الرئيسية في الجنوب".
ونقلت الوكالة عن مسؤول في حكومة "هادي" قوله: "الانسحاب الإماراتي لن يقلل من سلطتها على الجنوب".
وتابع المصدر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته:
"لديهم بالفعل رجالهم (الإمارات) في جميع أنحاء اليمن، وتسيطر تقريبا على كل شيء في عدن وغيرها من المناطق، التي تخضع نظريا لسيطرة الحكومة الشرعية".
يذكر أنه سبق وأصدر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، تحذيرا من توريط اليمن في صراع إقليمي، وجعل "التقسيم" هو "الحل الوحيد".
وأعرب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، عن يقينه في إمكانية إيجاد حل للصراع في اليمن، وحذر من صعوبة تحقيق ذلك إذا طال أمد الصراع هناك.
وقال غريفيث في إحاطة صحفية "كلما طال أمد الصراع، كلما أصبح من الصعب إيجاد حل، ويصبح الاتجاه إلى تجزئة اليمن هو الحل الوحيد، وهو أمر يدعو إلى القلق".
وحققت القوات اليمنية المدعومة من الإمارات المكاسب العسكرية المحدودة التي تحققت للتحالف، إذ سيطرت على مدينة عدن الساحلية الجنوبية التي أصبحت الآن مقرا للحكومة، وعلى بعض المدن الساحلية.
وتقول أبوظبي والرياض إنهما لن تتساهلا مع حركة "أنصار الله" في اليمن التي تشبه "حزب الله" في لبنان.
وتدور على الأراضي اليمنية، منذ أكثر من 4 سنوات، معارك عنيفة بين "أنصار الله" الحوثيين وقوى متحالفة معها من جهة، وبين الجيش اليمني مدعوما بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة أخرى.
ويسعى التحالف وقوات الجيش الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لاستعادة مناطق سيطرت عليها "أنصار الله"، في يناير/كانون الثاني عام 2015.
وبفعل العمليات العسكرية المتواصلة، يعاني اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وبحسب بينات الأمم المتحدة، قتل وجرح مئات الآلاف من المدنيين والعسكريين نتيجة للنزاع في اليمن؛ كما يحتاج نحو 22 مليون شخص، يشكلون 75% من السكان، إلى المساعدة والحماية الإنسانية.