أدت الاجراءات الأمنية التي فرضها التحالف العربي في ميناء عدن، إلى تحول عشرات التجار اليمنيين إلى ميناء صلالة العماني الذي سجل نموا في إيرادات البضائع العامة والحاويات خلال العام الفائت والربع الأول من العام الجاري 2019، ويستفيد من تجارة اليمن على حساب الموانئ اليمنية.
واستفاد ميناء عدن من انحسار نشاط ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر (غرب البلاد) على خلفية المعارك في الساحل الغربي، وأصبح الميناء الرئيسي لليمن ويشهد الميناء نمواً ملحوظاً للنشاط الملاحي والتجاري، لكنه يخسر فرصاً مهمة للنمو بسبب الإجراءات الأمنية للتحالف العربي.
وأعلنت الحكومة اليمنية، منتصف يوليو الجاري، عن ارتفاع حركة الحاويات المتداولة حيث شهدت تزايداً ملحوظاً من عام إلى آخر في الأعوام الثلاثة الماضية، وقالت أنها قاربت العام الماضي 399 ألف حاوية مكافئة، وهذا يعتبر أكبر مستوى في الميناء حتى في مرحلة ما قبل الحرب. كما حقق الربع الأول من العام الجاري مستوى كبيراً، حيث تعدّت الحاويات 110 آلاف.
لكن مسؤول في مؤسسة موانئ خليج عدن، أكد ل"المصدر اونلاين"، أن ارتفاع التجارة عبر ميناء عدن لا يرجع لجهود حكومية، بل جاء نتيجة حصر نشاط ميناء الحديدة بالبضائع الإغاثية والمشتقات النفطية، وبالتالي تحويل خط سير السفن إلى ميناء عدن ليستقبل البضائع الواردة، إضافة إلى المواد الإغاثية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي وبقية المنظمات الإغاثية.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن اجراءات التحالف العربي تعيق تحقيق النمو المنشود في ميناء عدن وتهدر على الميناء فرصا مهمة لاستعادة النشاط بوتيرة عالية.
وبدعوى منع وصول الصواريخ الإيرانية إلى جماعة الحوثيين، يفرض التحالف العسكري، الذي تقوده كل من السعودية والإمارات، إجراءات أمنية تدفع الخطوط الملاحية إلى مغادرة الموانئ اليمنية، وتحاصر النشاط التجاري في البلد الذي يستورد 90% من احتياجاته.
وتسببت إجراءات التحالف ومنها سياسة الموانئ الوسيطة، في تأخير دخول عشرات السفن منذ مطلع عام 2018، وأدت الى تحول تجار يمنيين إلى ميناء صلالة في سلطنة عمان.
كما يعاني ميناء عدن من سياسة المرور عبر موانئ وسيطة لسفن نقل حاويات؛ لقد اثر فرض سياسة مرور سفن الحاويات عبر موانئ وسيطة (الموانئ السعودية/ ميناء جيبوتي) لغرض التفتيش، تأثيرا مباشرا على اقتصاديات النقل البحري مضيفا كلفة إضافية على المستورد وتأخيرا لاستلام الشحنة في ميناء عدن.
واستفاد ميناء صلالة من هذا الاجراء بشكل مباشر. فبدلا من دفع مبلغ (على سبيل المثال) 2500$ تكلفة نقل حاوية الى عدن، يدفع التاجر مبلغ 700$ لارسال نفس الحاوية الى صلالة ومن ثم يشحنها برا الى اليمن (مع تجنب دفع رسوم تأمين مخاطر الحرب).
ترى إدارة ميناء عدن، أن معالجة هذه الإشكالية يتطلب السماح لسفن الحاويات بارتياد ميناء عدن مباشرة دون فرض اجراءات تتضمن ان يتم تفريغ شحنتها في ميناء وسيط لغرض التفتيش حيث يمكن ان تتم إجراءات التفتيش في ميناء عدن.
وقالت إدارة الميناء ل"المصدر اونلاين"، أنها على تواصل تنسيق دائم قيادة قوات التحالف منذ فترة الحرب في عدن والفترة التي تلتها، وأوضحت :" قد لمست تحسنا كبيرا في إجراءات التسريع لمنح تراخيص دخول السفن إلا أنها تتطلع للتخفيف من القيود التي يفرضها التحالف".
وترجع القيود التي تعيق زيادة النشاط في الميناء، تعود إلى الحرب وتداعياتها، حيث اعلنت الموانئ اليمنية "مناطق حرب"؛ ونتيجة ذلك فرضت الخطوط الملاحية العالمية تأمين بحري إضافي على الشحنات المتوجهة الى الموانئ البحرية اليمنية وهو ما كلف (تقديرا) النشاط التجاري في ميناء عدن فقط ما يقارب 150 مليون دولار في العام 2018، بحسب ادارة ميناء عدن
وقال مسؤولون في مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية، أن الرسوم الاضافية تفرض بسبب الحرب وايضا بسبب التأخير المتعمد في اجراءات التحالف بمنح تراخيص للسفن الى ميناء عدن، وقد تسبب هذا الاجراء في هروب كثير من التجار من هذه الكلفة الإضافية، من خلال ارسال شحناتهم إلى صلاله وشحنها برا إلى اليمن.
وكان رئيس مجلس إدارة موانئ عدن، محمد علوي امزربه، طلب في الآونة الأخيرة من وزارة النقل أن تكون مناطق التفتيش على السفن، بخاصة سفن الحاويات، في مساحة المنطقة الحرة لعدن، أو أي منطقة مناسبة للتحالف العربي في العاصمة اليمنية الموقتة، بدلاً من مناطق التفتيش الحالية في موانئ جدة ودبي وجيبوتي.
وقال امزربه في بيان، إن "ميناء عدن هو الميناء المحوري والرئيسي لصادرات الجمهورية اليمنية بشكل عام، وإن نقل مناطق التفتيش المتواجدة في عدة دول إلى مدينة عدن سيخفف المعاناة على التجار والمستوردين وعلى المستهلك اليمني، وسيسهم في تحسين وإنعاش ميناء عدن بشكل أفضل".
وتتوجه السفن القادمة الى ميناء عدن الى مينائي جدة وجيبوتي أولا لاستخراج تصاريح بدخول ميناء عدن، ويستغرق منح الترخيص فترات طويلة تصل لأسابيع وأحيانا تمتد الى ثلاثة أشهر.
بالإضافة الى هروب التجار إلى ميناء صلالة ، تسببت اجراءات التحالف في تكبيد النشاط التجاري بميناء عدن خسائر فادحة، وتشير تقديرات مؤسسة موانئ خليج عدن، إلى أنه كلف النشاط التجاري في ميناء عدن فقط نحو 150 مليون دولار عام 2018.
وأعلنت ادارة ميناء صلالة العماني، منتصف يوليو الجاري، ارتفاع إيرادات محطتي البضائع العامة والحاويات بميناء صلالة بنسبة 23% و 3% على التوالي في الربع الأول من عام 2019، وقالت أن محطة البضائع العامة تعاملت مع 4.234 مليون طن من البضاعة العامة بالربع الأول من العام الجاري، بزيادة قدرها 3% مقارنة بالربع الأول من عام 2018.
كان رئيس مؤسسة موانئ خليج عدن، محمد أمزربة، حذر مطلع العام الماضي، من أزمة اقتصادية بسبب "توقف بعض الخطوط المنتظمة لنقل البضائع المتجهة إلى ميناء عدن، بسبب تأخير إصدار التصاريح".
وأكد أمزربة ، في رسالة إلى وزير النقل في حكومة هادي، أن "توقف الخطوط المنتظمة يعني مزيداً من الضغط الاقتصادي على اليمن، ومزيداً من الخسائر، والذي ينعكس مباشرة على المواطن اليمني، وأشار إلى أن اليمن مصنف لدى شركات التأمين كمنطقة حرب، وبالتالي يتم فرض أقساط تأمين إضافية على السفن الزائرة. وكلما طالت مدة بقائها زادت مبالغ التأمين، موضحاً أن "مبالغ التأمين تنعكس سلبا على المواطن، الذي يعاني أصلا من انهيار المنظومة الاقتصادية".
وأكد رئيس موانئ عدن أن التأخير في إصدار التصاريح، يؤدي إلى إرباك عملية دخول السفن، ويصبح من البديهي لملاك السفن العزوف عن نقل البضائع للموانئ اليمنية، أو المخاطرة بوضع شروط نقل بحري غاية في التعقيد.