تقرير: عماد أبو الروس- عربي21
في ظل الحديث عن سحب الإمارات لجزء من قواتها الموجودة في اليمن، تثار التساؤلات حول مصير القوات الموالية لها، التي قامت الأخيرة بدعمها ونشرها هناك خاصة في الجنوب.
وتدور تكهنات حول نية الإمارات استبدال قواتها الرسمية هناك في المناطق التي تنشط فيها، بـ"مرتزقة"، أو أن قرار الانسحاب يشمل التخلي عن تلك القوات الموالية أيضا.
وكان "الحراك الثوري الجنوبي" في وقت سابق، قد اتهم أبو ظبي بالسعي لتفجير الأوضاع في مدن جنوبية في اليمن من خلال القوات الموالية لها، بهدف إحكام السيطرة على مواقع الثروات النفطية والموانئ الحيوية.
الجماعات الموالية للإمارات
ويخوض المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات طارق قتالا ضد الحوثيين، لكنهما يرفضان الاعتراف بشرعية هادي. وقد دربت الإمارات نحو 90 ألف جنديا، وفي الآونة الأخيرة أقدمت الإمارات على توحيد جميع القوات العسكرية في غرب اليمن، بما في ذلك القوات المتمركزة في مدينة الحديدة ، تحت قيادة طارق صالح، وسعت إلى تعزيز سيطرتها على القوات في المنطقة لمنع أي تصعيد عسكري.
ومن ضمن الجماعات المسلحة التي تدعمها الإمارات في اليمن، كتائب أبو العباس، والتي نمت نفوذها في مدينة تعز، بالإضافة لقوات جزيرة سقطرى، حيث عكفت الإمارات على انشاء معسكرات تدريبية لشباب الجزيرة لتجهيزهم كقوة أمنية وشرطية في الجزيرة، ويخضع أفرادها تدريبا مكثفا في التخصصات كافة، كما دعمت الإمارات إنشاء كتائب "حماة سقطرى" والذين جرى تدريبهم في أبو ظبي وتم تزويدهم بمعدات وآليات عسكرية.
كما دعمت الإمارات قوات الحزم الأمني في عدن، والتي أثار دورها جدلا وأحدث موجات كبيرة من الاستقطاب بينها وبين الحكومة اليمنية، ووسعت نطاق نفوذها خارج المدينة ليصل إلى مدينتي لحج وأبين.
أما في شبوة النفطية، فقد قامت قوات النخبة الشبوانية الموالية لأبو ظبي، باستحداث نقاط ومواقع تمركزت فيها داخل المدينة، كما نشرت مدرعات دون إذن أو تنسيق مع اللجنة الأمنية بالمحافظة.
وتسيطر تلك القوات على المناطق الحيوية وحقول الإنتاج وموانئ التصدير، في الوقت الذي ما تزال القوات الإماراتية تتخذ من شركة الغاز في بلحاف قاعدة عسكرية لها، كما لا تعترف تلك القوات بسلطة الرئيس هادي، وتتلقى أوامرها من قيادة القوات الإماراتية في بلحاف.
في هذا السياق، رأى الباحث السياسي اليمني، عادل دشيله، أن الانسحاب الإماراتي ليس سوى ضجة إعلامية أكثر من كونه انسحاب حقيقي.
التقاسم مع الحوثيين
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الإمارات انسحبت من مأرب وبعض الأجزاء الغربية من البلاد، وبقيت في المناطق الجنوبية.
وأوضح، أن الإمارات تريد أن تسلم شمال اليمن للحركة الحوثية، وتبقى جنوب اليمن للنخب المناطقية التي أنشأتها ،"ولا يوجد لدى الحركة الحوثية اعتراض على ذلك، وفي حال تم تنفيذ هذا السيناريو فسيدخل اليمن في نفق مظلم، وسيكون الشعب اليمني هو المتضرر إلى جانب السعودية".
وحول مصير تلك القوات المدعومة إماراتيا، نوه الكاتب اليمني، إلى أن ذلك مرتبط بتوجهات أبو ظبي المستقبلية، فإذا استمرت الإمارات بالدعم السخي لها، فقد تفرض أمر واقع في جنوب البلاد وهو ما يجري العمل عليه حاليا.
وتابع، بأنه في حال أوقفت الإمارات الدعم عن هذه "المليشيات"، فإنها ستنهار عند أول مواجهة حقيقية مع الدولة وسيكون مصيرها الفشل مثل ما فشل التيار الانفصالي في العام 1994 حينما أراد أن يفرض أمر واقع في جنوب اليمن وبدعم مباشر من نفس الدول الخليجية التي تقود عاصفة الحزم.
واستدرك بأنه على الرغم من حديث الإمارات بالانسحاب، إلا أنها لن توقف دعمها للقوات الموالية لها، مؤكدا على أنها ستبقى أداة بيد أبو ظبي في المستقبل لتعطيل أي مصالحة وطنية أو مسار تنموي لاسيما في جنوب البلاد.
دور تخريبي
الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أوضح أن القوات التي أنشأتها الإمارات في جنوب اليمن، لاتزال تحظى بالدعم الذي تقدمه أبو ظبي لها، ما سيتبعه بقاء الدور التخريبي لتلك القوات باليمن.
ونوه في حديثه لـ"عربي21" إلى أن الانسحاب الإماراتي من اليمن لا يزال ملتبسا، ويكاد يستقر عند مستوى خفض للتواجد العسكري المباشر جنودا وآليات.
واستدل في حديثه في مقال رأي لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، في صحيفة واشنطن بوست أشار فيه إلى أن بلاده ستبقى جزءا من التحالف، إلا أنه لم يحدد طبيعة هذا البقاء ومستوياته، بعد انسحاب أبو ظبي من الجبهات الأساسية التي أدارتها طيلة الفترة الماضية من زمن الحرب، ومنها جبهة الساحل والحديدة على وجه الخصوص.
تشكيلات قوامها 90 ألف مسلح
ورأى التميمي أن أبو ظبي تتبنى تكتيكا واضحا يبقي على نفوذها عبر تشكيلات عسكرية وأمنية يصل قوامها إلى نحو 90 ألف في جنوب اليمن.
وأوضح أن هذا النوع من إعادة التكييف، ليس إلا تكتيك يشير إلى بقاء أجندة أبوظبي في ممارسة النفوذ والهيمنة على أجزاء واسعة ومضطربة من جنوب البلاد، دون أن تتحمل تبعات ومآلات الخيارات الكارثية المحتملة التي وضعتها كأهداف للتشكيلات المسلحة والكيانات السياسية المناهضة للسلطة الشرعية التي زرعتها في جنوب البلاد.
انفصال الجنوب
وأسهب بأن من تلك الخيارات الكارثية الدفع بخيار الاستفتاء الذي تعتقد أبو ظبي أن أدواتها المحلية الخشنة والمتشنجة ستوجهه نحو فرض الانفصال، ولو استدعى الأمر تفجير حربا أهلية موازية شبيهة بتلك التي اندلعت في كانون الثاني/ يناير 2018 في عدن.
وأردف بأن أبو ظبي خطت خطوات متسارعة باتجاه التهدئة وربما التنسيق مع الحوثيين، وتزامن ذلك مع انفتاح مفاجئ على التواصل مع طهران، على وقع المواقف الأمريكية المشوشة تجاه أمن المنطقة في مواجهة التصعيد الإيراني، ضد سفن تحمل نفط ومشتقات نفطية سعودية وإماراتية.
وحول إمكانية دمج القوات الموالية للإمارات بالجيش اليمني، لفت إلى أنه من الصعب حدوث ذلك، ما لم يحدث تحول دراماتيكي يقوض النفوذ الإماراتي ويدفع بما تبقى من قوات أبوظبي إلى إنهاء تواجدها في اليمن.
اقرأ أيضا: اشتباكات بين قبليين وقوات النخبة الموالية للإمارات شرق اليمن
وساق التميمي، معلومات ترد من أوساط القوات المدعومة إماراتيا لاستعدادها للاندماج في الجيش النظامي، بسبب الإدارة الاستعلائية المستفزة وغير الودية التي تعتمدها أبو ظبي مع قيادات وأفراد هذه القوات التي تقاتل بالوكالة.
الهيمنة على أرخبيل سقطرى
وأكد على أن أبو ظبي حتى اللحظة تظهر استماتة في كسب معركة الولاء والنفوذ اللازمين لإبقاء رغبتها في الهيمنة والاستحواذ المباشر على أرخبيل سقطرى، إلا أنه لا توجد وصفة مضمونة يمكنها أن ترسخ النفوذ الاماراتي هناك، في ظل تذبذب الولاءات في الأوساط الاجتماعية والعسكرية والأمنية.
ورأى أن الطريق الذي تسلكه أبوظبي للاستحواذ على أرخبيل سقطرى يمر عبر انفصال الجنوب عن الدولة اليمنية، الأمر الذي سيمنحها فرصة لتوظيف الإرادة الشعبية في فرض انفصال الأرخبيل عن الجنوب.
ولفت إلى أنه مؤخرا ضغطت القوات السعودية باتجاه تسليم سيارات رباعية الدفع كانت محتجزة لدى السلطة المحلية، للمجلس الانتقالي في أرخبيل سقطرى الموالي لأبوظبي، ما يعد جزءا من دعم مادي هدفه تسليح قوات الحزام الأمني الذي دربتها لفرض سيطرة مباشرة على الأرخبيل.
ولم يستبعد التميمي أن يواجه مخطط أبوظبي برمته لنكسة في ضوء تنامي الأصوات الرافضة للوجود الإماراتي واعتباره احتلالا مرفوضا، ما قد يدفعها إلى التخلي عن طموحها الصعب والمحفوف بالتحديات لفرض نفوذ في جنوب اليمن، والاستحواذ على سقطرى.