محاولة اقتحام القصر الرئاسي في عدن من جانب قوات الحزام الأمني في جنوب اليمن وتصدِّي قوات حماية القصر لها ليست كغيرها من حوادث العنف في الحرب اليمنية الدائرة منذ أكثر من أربع سنوات، فالحوثيون لم يكونوا طرفاً فيها، بل كانت اقتتالاً داخلياً بين فصائل الجنوب، فما هي القصة؟ وما دخل التحالف الذي تقوده السعودية بالمحاولة؟ وهل هي حادث عارض أم أنها مقدمة لما هو أخطر؟
ماذا حدث؟
اندلعت مواجهات عنيفة في محيط قصر معاشيق الرئاسي في مدينة عدن بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي.
وأدت تلك المواجهات إلى مقتل ضابط في الحرس الرئاسي وإصابة 3 جنود، حسب قائد لواء في الحرس، بينما قالت مصادر صحفية موالية للمجلس الانتقالي، إن 5 من عناصرها قُتلوا وأصيب العشرات برصاص قوات الحرس الرئاسي، بحسب موقع بي بي سي.
المواجهات امتدت إلى مديرية خورمكسر، حين حاول عناصر المجلس الانتقالي الجنوبي اقتحام معسكر بدر الموالي للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
مَن هما طرفا الاقتتال؟
المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تتبعه قوات الحزام الأمني المدربة والممولة من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة، الضلع الثاني الرئيسي في التحالف الذي تقوده السعودية.
نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك كان قد أعلن النفير العام، داعياً كلَّ قواته إلى اقتحام قصر المعاشيق بعد إصابة شخصين في مواجهات مسلحة، بين قوات الحماية الرئاسية ومتظاهرين محتجين، حاولوا تنفيذ اعتصام قرب المنطقة الرئاسية.
وفي نفس الوقت، أشارت التقارير إلى أن طائرات حربية تابعة للتحالف حلقت في سماء المنطقة، بالتزامن مع انتشار جنود من قوة الواجب السعودية في بوابات القصر الرئاسي.
ما سببُ ما حدث؟
الاشتباكات جاءت في ظل توتر بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحكومة الشرعية في عدن، على خلفية اتهامات أطلقها بن بريك الثلاثاء 6 أغسطس/آب للحكومة بالتواطؤ مع جماعة أنصار الله «الحوثيين»، في استهداف معسكر الجلاء التابع للحزام الأمني في مديرية البريقة، بصاروخ باليستي وطائرة مسيرة مفخخة، الخميس الماضي، والذي أدى إلى مقتل 36 عسكرياً، بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير المشالي اليافعي.
ماذا يعني ذلك؟
هذه المواجهات تُسلِّط الضوء على وجود شقاق داخل الائتلاف، المكون من حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دولياً (تدعمها السعودية التي اتخذ منها هادي مقراً قبل تحرير عدن من قبضة الحوثيين وانتقاله إليها) وممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه الإمارات.
وتدعم السعودية والإمارات هذا الائتلاف في قتاله ضد حركة أنصار الله الحوثية الحليفة لإيران، في حرب استمرت أكثر من أربع سنوات، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف كما دفعت باليمن إلى حافة المجاعة.
ولكن على الرغم من اجتماع طرفَي الائتلاف في حربهما ضد الحوثيين فإن لكل منهما تصوراً مختلفاً بالنسبة لمستقبل اليمن.
مؤشرات واضحة على وجود خلاف
أول هذه المؤشرات هو تصريحات وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش التي قال فيها عبر تويتر: «إن التطورات حول قصر المعاشيق مقلقة والدعوة إلى التهدئة ضرورية، ولا يمكن للتصعيد أن يكون خياراً مقبولاً بعد العملية الإرهابية الدنيئة»، في إشارة إلى الهجوم الذي وقع قبل أيام في جنوب اليمن.
وأضاف قرقاش: «الإطار السياسي والتواصل والحوار ضروري تجاه إرهاصات وتراكمات لا يمكن حلها عبر استخدام القوة» .
المؤشر الثاني يمكن قراءته في ثنايا بيان المجلس الأعلى للحراك الثوري في جنوب اليمن، الذي دعا إلى ضبط النفس وتغليب الحكمة ووقف القتال فوراً، والتوقف عن دعوات التحريض للقتال تحت أي مبرر، وعودة المقاتلين إلى ثكناتهم العسكرية .
والأهم هو مطالبة الحراك الثوري في بيانه التحالف العربي إلى التدخل لمساعدة الجنوبيين على توحيد كلمتهم لا تفرقتهم. والمعنى هنا واضح، فلو أنه لا توجد خلافات لما تم مطالبة التحالف بالعمل على «توحيد كلمة اليمنيين لا تفريقهم» .
لو أضفنا إلى كل ذلك الانسحاب الإماراتي المفاجئ من اليمن والتردد في الإعلان عنه بشكل حاسم، رغم سحب الجزء الأكبر من القوات الإماراتية، يتضح أن محاولة اقتحام القصر الرئاسي في عدن على الأرجح بداية لانشقاقات أعمق داخل التحالف بين السعودية والإمارات في اليمن، لم تكن لتأتي في توقيت أسوأ.