صور صادمة لجمال تنزف من شدة الضرب وتخر أرضا استثارت مشاعر المصريين على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، وحركت عددا من جمعيات حقوق الحيوان في البلاد في محاولة لانقاذ الجمال من الضرب بالعصي الغليظة في الأسواق المختلفة أثناء عمليات البيع والشراء، وخلال عمليات الشحن والتفريغ من الموانئ.
دخل فريق بي بي سي إلي موقع أشهر وأقدم سوق في مصر لتجارة الجمال، سوق برقاش، في الشمال الغربي لمحافظة الجيزة. تنتشر السوق على مساحة خمسة وعشرين فدانا، ويدخلها شهريا ما يصل إلي أثني عشر ألف رأس من الجمال معظمها قادمة من السودان.
على باب سوق برقاش عدد من السيارات تخرج محملة بالجمال إلى مصيرها الأخير. استوقفنا سيارة نصف نقل عليها ثلاثة جمال وقد جلست جلستها الشهيره، رأيت الجمل الذي يتوسط السيارة مجروحا في وجهه، سألت صاحب السيارة عما حدث له، قال الرجل "ساعات وهو عرضة للضرب العنيف والجمال بتتأذي كما ترى".
الجمل المجروح يصرخ بين الفينة والأخري، ربما بسبب الألم، الدم المتخثر ما زال على أنفه وفمه وهو يقاوم الذباب الذي يقف على أنفه المجروح، ذهب الرجل بسيارته بعد أن اشترط عدم ظهوره في الصور.
القسوة مع الجمال
دلفنا إلى سوق برقاش ووجدنا عدداً كبيراً من الشباب الصغير والأطفال يسوقون الجمال بعصي تتراوح بين المتوسطة والكبيرة طولا والغليظة سمكا، وبهذه العصي يحاول العاملون السيطرة على الجمال أثناء عمليات المزاد على بيعها، حيث تصاب الجمال بالخوف من الجمهرة التي تحوطها من كل مكان، لكن الأمور قد تخرج عن السيطره وتتحول إلى التعامل بعنف معها.
فريق بي بي سي تجول في عدد من الحظائر وحضر عددا من المزادات على بيع الجمال ورصد نوعا من القسوة من البعض على الجمال.
الكل في سوق برقاش يعرف أن هذه الجمال مصيرها الذبح لأن هناك في مصر سوقا ضخمة للحوم الجمال وقليل منها يذهب للترفيه في الأماكن السياحية أو للتربية في بعض البيوت وهو عدد قليل للغاية.
داخل سوق برقاش لتجارة الجمال تجمع حولنا بعض الصبية والشباب العاملين في السوق، وردا على سؤال لمراسل بي بي سي قال أحدهم وبيده العصا الغليظه: "إحنا ما بنضربش للأذى إحنا بنهوش للتوجيه بس هناك فرق".
وقال آخر "مفيش ضرب يابيه اللي بيضرب يخش السجن في لافتات متعلقة في السوق في كل مكان" وقال ثالث الضرب المؤذي يؤذي الجزار في اللحوم التي سيحصل عليها بعد ذبح الجمل.
وأوضح أكبرهم سنا أن بعض الجمال تأتي من أماكن وعرة وغير متعودة على رؤية البشر، وهي شرسة والتعامل معها صعب للغاية وهو ما قد يضطر البعض إلى استخدام العصا.
أحمد سليمان العتموني، مستأجر السوق، قال إن السوق فيه مكتب بيطري ونقطة شرطة وأنهم يسمحون لجمعيات حقوق الحيوان بالتوعية ويوزعون المنشورات التوعوية بل ويعلقونها على المكاتب. وقال العتموني: "مفيش ضرب مفيش ضرب خالص ده توجيه إنما الضرب لا ممنوع".ك
تعذيب غير مبرر
دينا ذو الفقار ناشطة في مجال حقوق الحيوان قالت لبي بي سي: "إن الجمال تعاني رحلة من العذاب المطبق من أول خطوة تخطوها على أراضي البلاد في الميناء، حيث تتعرض لانتهاكات وتعديات جسدية".
وكان فريق بي بي سي قد اطلع على فيديو مصور في ميناء الأدبية جنوب السويس ويطهر فيه عدد من الشباب يضربون جمالا بعنف على ظهرها بمواسير معدنية غليظه وذلك حتى "يبرك الجمل" و يقع على الجزء الخلفي من جسده ثم يقوم أحدهم بربط قدم واحدة للجمل فيما يسمى "بالعنقلة" ليمشي الجمل على ثلاثة أرجل بدلا من أربع، حتى لا يكون حراً ولا يشرد ولا يجري أثناء عملية النقل.
وتقول ذو الفقار: "إن التعامل فظ مع الجمال في الموانئ"، مشيرة إلى أنه في هذه المنطقة تحدث "مصيبة". وأضافت أن النقل يحتاج إلى مراجعة والسوق أيضاً على حد قولها.
جمعية سويسرية تطالب بجعل الكلاب والقطط حيوانات أليفة وليس أكل لحومها
وتضيف ذو الفقار أن الحيوانات بشكل عام تعاني كلها من التعامل العنيف، وليس هناك من رادع قانوني، أو وسائل آدمية للنقل، أو حتى حملات توعية حقيقية على الأرض، وتشير بيدها بعصبية قائلة: "أنا أدين مديرية الطب البيطري التي تبعث بأناس لحضور دورات تدريبية بالخارج لتعلم كيفية التعامل مع الحيوانات، وكيفية نقلها، بدون نفوق أو تعذيب، ويعودون دون أن يفعلوا شيئا من ندوات أو توعيه، أين هؤلاء؟أذهبوا إلى هناك للتصوير وركوب الطائرات فقط؟".
مسؤولية مشتركه
قال الدكتور أشرف اسماعيل، مدير مديرية الطب البيطري بمحافظة الجيزة، لبي بي سي إن السلطات المحلية قامت بتركيب كاميرات مراقبة على بوابات السوق بعد ظهور الصور الدامية للجمال، وبصدد تركيب كاميرات في الحظائر الخلفية بالسوق في برقاش.
وفي إجابة على سؤال لبي بي سي قال إسماعيل إن المسؤولية في تطبيق القانون لحماية الحيوانات هي بالتنسيق بين الطب البيطري والشرطة، نحن نستقبل الشكاوي ونحيلها للشرطة بعد توصيفها.
وأضاف "نحن نذهب إلي الأسواق ونعلق اللافتات، ونقوم بحملات توعية للمتعاملين ولا نسمح بالتعامل الفظ مع الحيوانات".
ويرى ناشطون ومواطنون على مواقع التواصل أن الأوضاع في أسواق الجمال في مصر وعلى رأسها سوق برقاش، مازالت كما هي منذ قديم الأزل، لم تتطور بالشكل الكافي الذي يسمح بنقل آمن للجمال، سواء برافعات حديثة، أو بسيارات متخصصة، أو حتي بعمالة واعية تعامل الحيوانات برفق.