أضاحي العيد في اليمن

كيف انتعش اقتصاد "الريف اليمني" مع حلول عيد الأضحى

يهجر اليمنيون المدن الرئيسية ويعودون الى الأرياف لقضاء اجازة عيد الأضحى ، وهي طقوس ما تزال مستمرة رغم الحرب وتمزق الجغرافيا ومئات الحواجز الأمنية ، ويسهم ذلك في انتعاش مؤقت لاقتصاد الريف الذي يعتمد على الزراعة وتربية الماشية.



صنعاء التي يقطنها نحو ثلاثة مليون نسمة بدت شبه خالية من السكان خلال أيام عيد الأضحى ، أغلب المحلات مغلقة وحركة المركبات خفيفة في الشوارع، وتشير تقديرات غير رسمية الى ان نصف سكان  العاصمة اليمنية هم من مواطني المحافظات ويغادرونها الى الأرياف خلال المناسبة الدينية التي يحصل فيها موظفو الدولة على إجازة لمدة أسبوع.



سليمان الصلوي ، واحد من آلاف اليمنيين الذين غادروا صنعاء الى الريف في مسقط رأسه بمحافظة تعز (جنوبي غرب البلاد)، حيث سيقضي هناك اجازة العيد مستمتعاً بجو القرية النقي وسينفق الكثير من المال.



وقال الصلوي ، وهو مالك كافتيريا لبيع العصائر والشاي والوجبات الخفيفة لـ" المصدر اونلاين": "لم أسافر منذ عام كامل إلى قريتي حيث يعيش الوالد والوالدة، وعيد الأضحى فرصة لزيارتهم مع أسرتي وأطفالي سأقضي عشرة أيام هناك، أنفق خلالها نحو 300 ألف ريال (545 دولاراً)".


وعلى مدار العشرين سنة الماضية كانت مدينة صنعاء مركز جذب بوصفها العاصمة حيث تتوفر فرص العمل والتجارة وفيها المقرات الرئيسية للمصارف والشركات والوكالات التجارية، كما استقطبت مدن رئيسية أخرى عدداً كبيراً من العمالة والنشاط التجاري مثل عدن وتعز والمكلا والحديدة.



لكن ورغم هجرة آلاف اليمنيين إلى المدن، ظل الريف اليمني يمثل الجزء الأكبر من البلد: حيث لا يزال نحو 70%  من سكان اليمن يعيشون في قرى ريفية مشتتة، ويعتمد أكثر من نصف السكان جزئياً أو كلياً على الزراعة وتربية الحيوانات.



وتعتبر ملكية الثروة الحيوانية ذات أهمية كبيرة لسكان الريف في اليمن. تحتفظ الأسر عادةً بالأغنام والماعز والماشية، وتعتمد على استهلاك وبيع منتجاتها للبقاء على قيد الحياة، وواجهت الأسر صعوبة خلال سنوات الحرب في نقل الماشية الى أسواق المدن لبيعها قبيل حلول مناسبة عيد الأضحى.

لكن انتقال آلاف اليمنيين الى الأرياف لقضاء اجازة العيد ساعد الريفيين في بيع منتجاتهم الزراعية والحيوانية، وأوضحت آمنة ، وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال، أنها تعتمد على تربية الماشية للحصول على المال وتغطية احتياجات المنزل.



وقالت آمنة التي تقطن ريف محافظة تعز ، إن عشرات الأسر انتقلت من مدينتي عدن وصنعاء لقضاء العيد في القرية وهذا ساعدها في بيع ثمانية من الماعز بسعر 80 ألف ريال لكل رأس (نحو 150 دولارا) ، حيث يفضل القادمون من المدن الماشية المحلية على المستوردة ويعتبرون أن لحومها ألذ.


واعتبرت آمنة أن 660 ألف ريال (1200 دولار) مبلغ جيد سيعينها على تغطية تكاليف المعيشة خلال بقية العام، نظرا لأن الانفاق في الريف يقتصر على المواد الأساسية مثل القمح والأرز والسكر، بالاضافة الى شراء ملابس للأطفال خلال الاعياد وتغطية رسوم ومصاريف الدراسة.
وأوضح الباحث الاقتصادي حسام السعيدي ، أن المجتمع اليمني يتسم بالريفية إذ تصل نسبة ساكني الارياف الى 70٪ من السكان، ويعتمد غالبية سكان الارياف على الزراعة، والرعي، وتربية الماشية.



وقال السعيدي لـ" المصدر اونلاين:  "جرت العادة أن يعود المغتربون وكذلك بعض ساكني المدن إلى الارياف و القرى لزيارة الأهل والأقارب والاستمتاع بالطبيعة خلال فترات الاعياد، محققين بذلك نوعاً من الطفرة الموسمية في الارياف، إذ يتم إنفاق مبالغ جيدة فيها، وتتحقق الطفرة بشكل اساسي في أسواق المواشي، وأسواق القات، وبعض المنتجات الزراعية، والأزياء الشعبية والمنتجات الحرفية".
ويفضل سكان المدن شراء الماشية المحلية من الريف لجودة لحومها ولأن ثمنها أرخص عن تلك التي يتم بيعها في أسواق المدينة، وقال جمال اليافعي، أحد سكان مدينة عدن الجنوبية، إنه انتقل إلى ريف مدينة أبين المجاورة لشراء الأضاحي، رغم أنه قضى إجازة العيد في مدينة عدن.



والسكان في المناطق الريفية فقراء لأنهم لا يحصلون على ما يكفي من الاحتياجات الأساسية، مثل المياه المأمونة والرعاية الصحية والتعليم، ويعتمد الريفيون على مياه الأمطار أو مياه الآبار في الشرب، لكن زوار الأرياف القادمون من المدن خلال اجازة العيد يفضلون شرب المياه المعدنية المعبأة في قوارير.

وقال محمد هزاع ، وهو تاجر مواد غذائية في منطقة شرعب بضواحي ريف مدينة تعز، أنه مبيعاته من المياه المعدنية والمواد الغذائية والعصائر ترتفع بشكل قياسي خلال أيام عيد الأضحى مع عودة مئات من المدن لقضاء اجازة العيد في القرية.



ويشهد اليمن حرباً مستمرة منذ خمسة أعوام بين الحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من تحالف بقيادة السعودية من جهة، والمتمردين الحوثيين المتهمين بموالاة إيران من جهة أخرى.

وتركت الحرب المستمرة ، إلى جانب عدم استقرار الأوضاع السياسية الممتد، والأزمة الاقتصادية الناشئة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، وارتفاع معدلات البطالة، أكثر من نصف سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي