حجاج بيت الله الحرام

أمطار ونجوم وأشواق وحرمان.. 11 مشهدا بارزا في حج هذا العام

أنهى ضيوف الرحمن حج بيت الله العتيق هذا العام، وبدأ بعضهم في العودة إلى بلدانهم، في حين يستغل آخرون الفرصة لقضاء ما يمكن من وقت في جنبات المدينة المقدسة مكة المكرمة مهبط الوحي ومهوى أفئدة المؤمنين.

 

ورمى الحجاج الجمرات في منى قبل أن يعودوا إلى الحرم المكي الذي امتلأ بالطائفين والمصلين الذين يستعدون للمغادرة.

وتدفق ما يقرب من 2.5 مليون حاج -أغلبهم من خارج السعودية- لأداء الفريضة التي تستغرق خمسة أيام هذا العام.

ونشرت السلطات أكثر من 120 ألف فرد من قوات الأمن وأكثر من 30 ألفا من العاملين في القطاع الصحي، للحفاظ على سلامة الحجاج وتقديم الإسعافات الأولية لهم.

أقسام ثلاثة
ومع انتهاء موسم الحج الذي يجمع أكبر عدد من المسلمين على صعيد واحد في توقيت واحد؛ ينقسم الحجاج في الأيام الموالية له إلى ثلاثة أقسام: قسم يبقى في مكة المكرمة لفترة، فيما يغادر أغلب الحجاج إلى بلدانهم، ويتجه آخرون إلى المدينة المنورة لزيارة مسجد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وقبره الشريف، والصلاة في الروضة الشريفة.

 

وفيما يأتي أبرز المشاهد التي بدت بارزة خلال موسم الحج الحالي، دون أن يعني ذلك أن بعضها لا يتكرر في مواسم أخرى:

1- أمطار الرحمة والسلام
في درجة حرارة شديدة، وقفت حشود الحجاج في صعيد عرفات، المنسك الأهم بالحج، ترجو رحمة الله ومغفرته، فحضرت أمطار نادرة في فصل الصيف، بردا وسلاما في المشهد الإيماني الكبير.

تروي تلك الأمطار ظمأ المترقبين للرحمات، وهو ما جعل الناس تفرح وتغمر نفسها بآمال العفو الوشيك والمغفرة العامة.

وقال الفنان الإندونيسي دودي هارلينو حنيف في حديث لوكالة الأنباء السعودية -يوم الاثنين- إن "أكثر شيء شد انتباه متابعيه هو هطول الأمطار خلال الوقوف في صعيد عرفات الطاهر، واختلاط المطر بدموع الحجيج، وهم يرون رحمة الله وعنايته بهم سبحانه".

2- مشاهير تركوا نجوميتهم
توافد إلى المشاعر المقدسة عدد من النجوم البارزين في بلدانهم، تركوا نجوميتهم سعيا لمغفرة الله تعالى.

الفنان الإندونيسي دودي هارلينو حنيف كان أحدهم، وقال إنه "يعيش أجمل اللحظات وأسعدها لأنه يؤدي فريضة الحج لأول مرة في حياته".

وأوضح أنه قام بتصوير لقطات لرحلة الحج، وسيعرضها على مجتمعه تحت عنوان "مشاهداتي في المملكة العربية السعودية خلال الحج".

وعن عرفات، أضاف حنيف: "لم أتمالك عيني في تلك اللحظات، على صعيد عرفات وأنا بين الحجيج، كانت اللحظات الأروع على الإطلاق، والتي أتوق لأن أعيدها كل عام".

ومن مصر أيضا، برز حضور المطرب أحمد سعد، والفنانتين يسرا وإلهام شاهين، والإعلامية هالة سرحان.

 

3- رغبة تقابلها رهبة
الرغبة في الحج جعلت بعض المقيمين في صراع مع النفس بين تلك الرغبة الجامحة التي تسكن قلوبهم وأشواق دموعهم، والخوف من ترك العمل وترحيلهم لبلادهم بسبب العقوبات المشددة التي وضعتها المملكة.

وهي ظاهرة سنوية لم تنقطع ولكنها قلت هذا العام، حيث أعلنت السلطات السعودية انخفاض نسبة الحجاج المخالفين هذا العام بواقع 29% مقارنة بالعام الماضي.

وقال رئيس اللجنة المركزية للحج أمير مكة خالد الفيصل -في مؤتمر صحفي- إن "عدد الحجاج المخالفين بلغ 298 ألفا و379 حاجا، بانخفاض نسبته 29% عن العام الماضي، الذي بلغ عدد الحجاج المخالفين فيه 383 ألف حاج".

4- حديقة الكعبة
برزت حول الكعبة التي ضمت حشود الحجاج، مشاهد بدت وكأنها حديقة فيها مختلف الأزهار، حيث يرفع الحجاج وهم يرتدون زيهم الأبيض الناصع، شمسيات بألوان مختلفة وجميلة للوقاية من أشعة الشمس، وهو ما يبدو من أعلى الطوابق المحيطة بالكعبة حديقة مبهجة للناظرين.

5- شرب ماء زمزم
لم يتخلف الحجاج عن تلك العادة المحببة للنفس سنويا للنهل من ماء بئر زمزم الموجود في صحن المطاف في المسجد الحرام.

ورغم أن شرب ماء زمزم ليس من أركان الحج ولا واجباته، فإن الحجاج يلزمون أنفسهم غالبا بشربه كلما حضروا إلى الحرم، ويجدون فيه ما يروي عطشهم ويسد رمقهم، ويداوي آلامهم وأوجاعهم.

وأعلنت السعودية قبل أيام أنها استهدفت إيصال أكثر من 13 مليون عبوة ماء زمزم من سعة 200 مليلتر إلى المشاعر المقدسة.

6- مخيمات التعارف ومسيرات الحب الإلهي
في شوارع متكدسة بين الحجاج والحافلات، ما إن تطأ قدمك منطقة عرفات حتى تجد مخيمات لا حصر لها كل منها تحمل اسم مطوّف، وكل مطوف معه نحو ألفين أو ثلاثة آلاف حاج.

وفي إحدى الخيم التي تبلغ مساحتها نحو خمسين مترا، تجد نفسك محاطا بجنسيات مختلفة، مصداقا للآية الكريمة "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" (الحجرات 13).

وفي جو مماثل وأشبه بالمسيرات، تسير قوافل من كل دولة تضم حجاجها، تلهج بتلبيات واحدة وسعي لنيل المغفرة غير عابئة بمشاغل الدنيا من أجل حب متفرد مع الله، في هذا المشهد الإيماني الكبير الذي لا فرق فيه بين غني وفقير أو عربي وأجنبي.

7- مظاهرة في حب الله وجبل يكسوه البياض
صباح يوم عرفات يبدأ عشرات الآلاف في التوافد على جبل الرحمة ومسجد نمرة، لأداء صلاة الظهر والاستماع إلى الخطبة.

ويسير الحجاج في تجمعات بالآلاف مرددين "لبيك اللهم لبيك"، في مشهد إيماني وجو روحاني يسعد القلوب.

وفي المسار إلى جبل الرحمة يتسابق الحجيج للوصول إليه، والظفر بالصعود عليه لمناجاة الله والتضرع بالدعاء، حتى يكتسي باللون الأبيض ولا يكون فيه موطأ قدم، فيما يقبع مئات الآلاف في صعيد الجبل من كبار السن أو من منعتهم الشرطة من الصعود خشية التكدس والسقوط.

8- دعوات الحرم
حفل حج هذا العام بعادة سنوية للحجاج ولا سيما المصريين، حيث ضجت منصات التواصل الاجتماعي بصور لوريقات تحمل أدعية تم تصويرها أمام الكعبة المشرفة، وداخل كل ورقة اسم شخص ما ودعاء له.

9- توسع في أعمال الخير
من أبرز المشاهد في المشاعر المقدسة، التوسع في أعمال الخير، حيث بدت مشاهد العطاء والخير حاضرة، ولا سيما في توزيع عبوات المياه والأطعمة وغيرها مما يريح الحجاج ويخفف عنهم، وهي ظاهرة ترافق الحج كل عام.

10- مئات ملايين المكالمات
تفيد الأرقام والمعطيات الواردة من السعودية عن تزايد كبير في مستويات الاستهلاك والإنفاق لدى الحجاج هذا العام.

فقد أجرى الحجاج -وفقا للأرقام الرسمية- أكثر من 309 ملايين مكالمة صوتية، خلال موسم هذا الحج.

وقال محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية عبد العزيز بن سالم، إن حج هذا العام شهد زيادة عالية في استخدام خدمات الاتصالات وتقنية‎ المعلومات من الحجاج، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية (واس).

وأضاف أن معدل المشتركين بلغ حوالي 7.4 ملايين مشترك يوميا، وتجاوز حجم المكالمات الصوتية خلال موسم الحج 309 ملايين مكالمة، كما تجاوز حجم استهلاك البيانات خلال كامل الموسم 32.5 ألف تيرابايت (وحدة قياس لسعة التخزين الإلكتروني) بزيادة قدرها 26% عن الفترة المماثلة في العام الماضي.

11- حرمان من الحج
للعام الثالث على التوالي، تبقي السعودية أبواب بلاد الحرمين موصدة في وجه سكان قطر مواطنين ومقيمين، وتحرم الراغبين منهم في أداء فريضة الحج من الوصول إلى البقاع المقدسة، استغلالا للمكانة الدينية والروحية للحرمين في أزمة سياسية، وتحويلا للميزة الجغرافية التي حباها الله بها بخدمة بيته ورعاية ضيوفه إلى سلاح في وجه الدوحة ومواطنيها.

المصدر : الجزيرة + وكالات