بن زايد وروحاني

اليمن: مهازل لا تضحك أحدا!

بن بريك وحفتر «وكيلان» لأبوظبي في بلادهما كما أن الحوثيين «وكلاء» لإيران.

السعودية حركت الجيوش دفاعا عن الشرعية اليمنية وتتواطأ مع الانفصاليين في عدن.

تضيع حقوق اليمنيين وسيادتهم على بلادهم ويتنافس متنافسون على إرضاء أولياء الأمر ببلدان أخرى.

إيران الأبعد عن اليمنيين تتعهد بتوحيدهم تحت إمرة «الحوثي» والوكيل الصغير اليمني يتقرب من مموله الإماراتي بضرب الشرعية في ليبيا.

*     *     *

تكشف تصريحات وتحرّكات دول الإقليم المتنازعة في اليمن، والأطراف التابعة لها بشكل أو آخر، عن أنواع من المهازل التي لا تثير الضحك بل الغضب والاستفزاز والألم على المآل الذي آل إليه أحد أقدم بلدان العالم حضارة، والذي ينسب للرسول العربي الكريم محمد (ص) قوله في اليمن: «الإيمان يمان والحكمة يمانية».

وإذا بدأنا بالسعودية، التي بدأت التدخل العسكري في الجارة الشقيقة في آذار/مارس 2015 استجابة لدعوة من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وطلبت من دول عربية، بينها الإمارات، المساعدة تحت يافطة «التحالف العربي»، نجدها قد تخلّت مؤخرا عن حماية حكومته الشرعية في عدن جهارا نهارا لصالح ميليشيات مدعومة من الإمارات، التي يفترض أنها تأتمر بأوامرها. 

وكان آخر أمرها أنها تعاملت مع الحجاج القادمين من اليمن على اعتبارهم قادمين من دولتين، الأولى في الشمال، والثانية في الجنوب، فأعطت كل طرف بطاقات تعرفه على أنه «يمني جنوبي» و«يمني شمالي»، كتعبير عن حرصها على وحدة اليمن!

ويبدو أن إيران، خصم الرياض اللدود في اليمن، وجدت في ذلك مناسبة للتعبير عن حرصها هي أيضا على وحدة اليمن، فقال مرشدها الأعلى علي خامنئي، خلال استقباله المتحدث باسم جماعة «أنصار الله» الحوثيين، محمد عبد السلام، إن السعودية والإمارات تسعيان لتقسيم اليمن، بينما تدعم طهران «اليمن الموحد». 

واستثار اللقاء حميّة أبوظبي، التي لا تقل حماسا عن طهران والرياض في السعي لوحدة اليمنيين، فقال أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية فيها إن لقاء قيادات «أنصار الله» بخامنئي «دليل على كونهم وكلاء لإيران»! 

وهو ما يجعل اليمنيين يتساءلون عن الوصف المناسب للعلاقة بين الإمارات وقادة ميليشيات «الحزام الأمني» و«المجلس الانتقالي الجنوبي» الذين ينفذون أجندتها السياسية بحذافيرها.

وبعد المهازل السياسية الفاضحة للكبار لا يعود لائقا بالصغار ألا يدلوا بدلوهم، ولعل أشدها إثارة للسخرية كان تصريح هاني بن بريك، نائب رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الذي بسط سيطرته على عدن السبت الماضي. 

إذ تمنى في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر أن يحسم الجنرال الليبي المتمرد خليفة حفتر أمره «في هذه الأيام الفضيلة» مع من وصفهم بـ«الميليشيات الإرهابية المدعومة من قطر وتركيا والمتسترة بالشرعية في العاصمة طرابلس»! 

يقصد طبعا حكومة «الوفاق» المعترف بها دوليا وعربيا، بل إنه عرض على حفتر المساعدة مقترحا إيفاد خبرات قواته «مع نفس الميليشيات المتسترة بالشرعية». 

وهو اقتراح يمكن إدراجه، لو حصل، ضمن أطر اختراق القوانين الدولية، والارتزاق العسكري وربما الإرهاب، كما يظهر بوضوح أن بن بريك وحفتر «وكيلان» لأبوظبي في بلادهما، كما أن الحوثيين «وكلاء» لإيران.

تفضح «خلطة» هذه التصريحات والأفعال أشكالا من الهزل السياسي غير المعقول، فالإمارات تعلن انسحابها من اليمن وتتقارب مع إيران لتضمن حركة ناقلاتها وعدم تضرر اقتصادها. 

بينما السودان، البعيدة عن اليمن، تتابع إرسال قواتها إليه، وتتبرع أيضا بمرتزقة من قوات «الدعم السريع» لحفتر، والسعودية التي حركت الجيوش دفاعا عن الشرعية اليمنية، تتواطأ وتسكت مع الانفصاليين الجنوبيين. 

وإيران الأبعد عن اليمنيين لغة وحضارة، تتعهد بتوحيدهم تحت إمرة «الحوثيين»، والوكيل الصغير اليمني يقترح، تقربا من مموله الإماراتي، المساهمة في ضرب الشرعية في ليبيا.

وخلال ذلك تضيع حقوق اليمنيين وكراماتهم وسيادتهم على بلادهم ويتنافس المتنافسون على إرضاء أولياء الأمر في بلدان أخرى.

المصدر | القدس العربي