السعودية والإمارات

سجال سعودي إماراتي على "تويتر".. هل يعكس خلافاً حقيقياً بينهما، أم هي مجرد آراء شخصية؟

فجَّرت الأحداث التي تعيشها اليمن وما أفضت إليه من سيطرة للقوات المدعومة إماراتياً على عدن ومناطق أخرى في الجنوب الجدل بين كتاب ومغردين سعوديين على موقع "تويتر" وآخرين من دولة الإمارات، وأشعلت خلافاً هو الأول من نوعه منذ التحالف بين الدولتين قبل سنوات.

 

 

ومنذ سقوط مدينة عدن بيد المسلحين الذين تدعمهم الإمارات، وما قبلها، وتحديداً بعد التقارب الإماراتي ـ الإيراني؛ بدأ مغردون وكتاب سعوديون ينتقدون ضمناً وصراحة ما تقوم به الإمارات في اليمن.

 

 

الأحداث التي أزاحت الستار عن انقلاب عسكري، لا يستهدف الوجود الرمزي والمحدود للشرعية، بقدر ما يستهدف السعودية وأمنها القومي ودورها العسكري كقائدة للتحالف العربي. هذا ما استنتجه الكاتب والاكاديمي السعودي سليمان العقيلي، من تغريدة لعميد إماراتي وجهها كرسالة للمملكة، وألحقها لبلاده، من باب السخرية.

 

 

تساءل العقيلي في تغريدته "الأمر واضح… هل تريدون طرد النفوذ السعودي من اليمن كله؟". مضيفاً "يمن جنوبي تسيطرون عليه، يكرس يمنا شمالياً تسيطر عليه إيران!".

 

 

وأوضح في التغريدة ذاتها "تريدون إسقاط الحكومة الشرعية (صديقة الرياض) لكي يتحقق هذا السيناريو، ولا يبقى في اليمن صديق للسعودية!؟ … هكذا الأمر واضح سجل يا تاريخ واشهد يا زمن".

 

 

كان العميد والمحلل العسكري الإماراتي، خلفان الكعبي، قد تطرق في تغريدته إلى الهجوم الحوثي الأخير الذي استهدف حقل الشيبة النفطي شرق السعودية، وهو منجم ذهب كما وصفته الجارديان البريطانية لكمية الاحتياطي الكبيرة فيه، وإضافة إلى كون الحقل على بعد كيلومترات من حدود ابوظبي عاصمة الإمارات، فهو منطقة متنازع عليها وفق الإماراتيين المطالبين باستعادته والغاء اتفاقية مجحفة كان زايد آل نهيان قد أبرمهما في سبعينات القرن الماضي مع الأمير فيصل بن عبدالعزيز.

 

 

قال الكعبي :"رسالة من ابن التحالف إلى رجال الإمارات والسعودية.. الحوثة استهدفوا حقل نفطي يبعد أكثر من ألف كيلو متر من شمال اليمن بعد مضي 53 شهرا".

 

 

وأضاف في تغريدته : كمتتبع عن قرب للحرب في اليمن السنوات الأولى للعمليات كانت ناجحة بكل المقاييس"، متسائلاً "فماذا حدث في الفترة الأخيرة؟"، وتابع "ارجو مراجعة اسلوب إدارتكم للحرب.. الامر واضح".

 

 

وتقود السعودية منذ مارس 2015م، تحالف عربي لدعم الشرعية في اليمن، والإمارات هي العضو الأكثر حضوراً بين الدول الأخرى في المعركة المستمرة لقرابة خمس سنوات.

 

 

ماذا حدث؟

أخرج اتهام الحكومة اليمنية للإمارات بالوقوف خلف تمرد الانتقالي الجنوبي في عدن، مسؤولي أبوظبي ونشطائها المقربين من ولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي للإمارات، عن طورهم الطبيعي، فوجهوا سهامهم للرياض، كونها لم تمنع الحكومة من إحراج الإمارات واتهامها بدعم الانقلاب في مجلس الأمن الثلاثاء الماضي، واتهامها بعرقلة جهود السعودية والتحالف في احتواء الاحداث وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها".

 

 

ظهر ذلك جلياً في رد العميد الإماراتي على تساؤل الكاتب السعودي، قائلاً "اليمن سيبقى لأهله، السعودية والإمارات تدخلهم لمنع أي نفوذ إيراني في المنطقة".

 

 

أضاف الكعبي أن "الجنوب تحرر"، ناسبا الفضل في ذلك لبلاده، "لنا الدور الأبرز وهذا واضح"، مشيراً إلى أن اساس تدخل الإمارات في اليمن "وقوفا مع المملكة إيمانا بوحدة المصير".

 

 

لم ينكر العميد الكعبي سعي الإمارات للقضاء عبر اذرعها في جنوب اليمن على أي نفوذ أو أصدقاء للسعودية في اليمن، كما لم يؤكد ذلك، وأعاد المسألة إلى قيادة الدولتين "مسألة النفوذ هذة يقررها القادة".

 

 

ووجه سؤاله للعقيلي "اخ سليمان ألم تلاحظوا أن الشرعية لم تحقق شيئا؟" وأتبعه بسؤال ردده الكثير من نشطاء الأمارات في اليومين الماضيين وهو سبب في تصعيد خطابهم الإعلامي ضد المملكة "لماذا سمحتم لهم بتوجيه التهم أمام مجلس الامن؟".

 

 

الكاتب السعودي العقيلي رد على سؤالي العميد الإماراتي، مؤكداً أن "الحكومة اليمنية (المقيمة في الرياض) ليست خاتما في اصبع، كما هي المليشيات"، مضيفاً "كيف لنا ان نمنع التعبير السياسي لحكومة مستقلة؟".

 

 

وعن اتهامات الحكومة للإمارات بدعم انقلاب الانتقالي في جنوب اليمن ، تساءل العقيلي "الم تعلنوا (رسميآ) اعتزازكم بتدريب وتسليح 90 الف عنصر غالبيتهم مليشيات متمردة على الحكومة؟.. من ضرب جيشها؟، الم تمجدوا بإعلامكم الرسمي تمزيق وحدة اليمن؟".

 

 

وتابع الكاتب السعودي رده في تغريدة أخرى، متحدثاً عن مساعي الإمارات المتوافقة مع أهداف إيران في تقسيم اليمن، "ان فصلكم جنوب اليمن (وهو ما سعى له الايراني) يضاعف التهديد ضد السعودية ؟"، مشيراً إلى وحدة المصير الثابتة بين المملكة والإمارات والتي تستدعي وفق تغريدته "خدمتها باستمرار المعركة حتى النهاية وليس الارتماء بحضن العدو"، وهو تلميح للتقارب الإيراني الإماراتي الأخير، والذي يعتقد الكاتب السعودي أنه وراء تغير موقف أبوظبي في اليمن.

 

 

وقال العقيلي إن "المقصود بالنفوذ كثرة الاصدقاء في البلدين للبلد الآخر؛ انتم تطلبون منا تدمير اصدقائنا وعزلهم عن ادارة بلدهم ؟!!".

 

 

هذا الرد اضطر الكعبي لاستحضار مواقف بلاده الداعم لسياسية السعودية خارجياً "اذكرك الإمارات سحبت سفرائها من دول كالمانيا وكندا والسويد تضامنا معكم"، يضيف في تغريدته "لم اسمع احد منكم انتقد شرعية عبد ربه، المنطق يقول لا تجامل الفاشل".

 

 

غير أن مغرداً سعودياً آخر (سلطان الطيار) وهو أحد الناقدين بشدة للسلوك الإماراتي، ذكره أن هذه المعلومات غير صحيحة وأن الإمارات لديها سفراء في هذه الدول، ولديها علاقات حتى مع إيران.

 

 

أكد الكعبي في رده أن "الإمارات الداعم الأكبر للملكة هذا مبدأ لن نحيد عنه"، لكنه أكد ايضاً تعالي بلاده وقدرتها الكبيرة في المنطقة على سبيل التذكير "اذكرك الإمارات دولة من العيار الثقيل وهذا لصالح المنطقة".

 

 

ذكر الكاتب السعودي، العقيلي، في رده على خلفان مذكراً بمواقف بلاده المماثلة "اننا فعلنا الأمر نفسه مع دول واحزاب وجماعات تلبية لمصالح مشتركة".

 

 

أضاف العقيلي في تغريدته "الضرب في حكومة أزمة وطنية لاجئة ليس عملاً نبيلاً وليس حلاً لمشكلة بل تصعيداً لها"، مشيراً في رده إلى وجهة نظر المملكة للحكومة الشرعية في مواجهة المشروع الإيراني "خاصة عندما تكون هي الغطاء الشرعي للمعركة"، مذكراً العميد الإماراتي أن بلاده " السعودية ايضاً دولة من العيار الثقيل وهذا لصالح المنطقة".

 

 

ويعكس السجال بين العقيلي والكعبي، حالة الخلاف والتناقض التي بدأت تظهر علناً في إطار التحالف العربي، والذي يواجه حالياً مشكلة خطيرة لا تتعلق بهزيمة مشروع إيران في اليمن فقط، بل مشروعية تدخله وحقيقة أهدافه التي أعلنها بداية انطلاق عمليات عاصفة الحزم، والمتمثلة بإعادة بسط سيطرة الحكومة المعترف بها على كامل الأرض اليمنية، بعد هزيمة مليشيات الحوثيين المدعومة من إيران.

 

 

وكان مؤسس ورئيس لجنة العلاقات العامة الأمريكية ـ السعودية "سابراك" شن هجوماً شديد اللهجة ضد "من كان وراء" ما حدث في عدن، متوعداً إياهم بـ"خسارة فادحة جداً" نتيجة ما فعلوه.

 

 

وقال سلمان الأنصاري في تغريدة له في تويتر، "إن خلط الأوراق الذي حدث في عدن وجنوب اليمن بلا تنسيق مع قيادة التحالف ما هو والله إلا خيانة صريحة مكتملة الأركان؛ وطعن حقيقي في الظهر؛ وسيخسر خسارة (فادحة جداً) كل من كان وراءه على المدى المتوسط والبعيد.

 

 

وأضاف رئيس "سابراك" التي توصف بـ"اللوبي السعودي" بواشنطن: "السعودية قد تسامح بحكمتها وعلو شأنها متى رأت ذلك؛ ولكنها (لا تنسى).

 

 

وفي حين تعلن السعودية وقوفها منذ بداية الأزمة مع الحكومة الشرعية، قدمت الإمارات الدعم اللامحدود للتشكيلات العسكرية والأمنية التي أنشأتها ودربتها وسلحتها بمعدات ثقيلة ومتطورة، للسيطرة على مؤسسات الدولة جنوب اليمن، وفرض سلطة الأمر الواقع، وقد ظهر موقف الإمارات المتمرد حتى على السعودية، في خطابات قيادات الانتقالي الجنوبي المقربة من محمد بن زايد، وهم يهددون السعودية ويذكرونها بعجز طائراتها عن هزيمة الحوثيين طيلة خمس سنوات، فكيف إذا واجهتهم وهم –حسب ما يدعون أصحاب عقيدة.

 

 

تجدر الإشارة إلى أن الاحداث الاخيرة في عدن واليمن بشكل عام، تزامنت مع حالة استقطاب كبيرة لنشطاء وكتاب وإعلاميين خليجيين، انخرطوا في حملة ترويج لمشروع تقسيم اليمن، يقابلها حالة اصطفاف لنشطاء وكتاب سعوديين، خرجوا عن الخطوط الحمراء التي كانت تحكم كتاباتهم سابقاً عن الإمارات، وشاركوا في حملة غير منظمة، على ما يبدو، للدفاع عن السعودية والحكومة الشرعية وانتقاد دور الإمارات ومليشيات الانتقالي وخدمتها للمشروع الإيراني في اليمن.

 

 

وتثير هذه السجالات السؤال حول ما إذا كانت تعكس خلافاً حقيقياً بين الدولتين يتم التعبير عنه من خلال كتاب ونشطاء على صفحات وسائل التواصل أم أنها مجرد آراء شخصية؟