تجاذبات وتحولات سياسية تعصف بالمشهد اليمني جعلت من حضرموت، المحافظة الأكبر مساحة والأغنى ثروة، تحت المجهر لما تمثله من أهمية لدى أطراف عدة.
منذ اندلاع ثورة الشباب في 2011 مرت حضرموت بمراحل متقلبة غير أنها ظلت في حضن الدولة اليمنية حتى اللحظة وبعيداً عن الصراعات العسكرية المباشرة.
سيطر تنظيم القاعدة على ساحل حضرموت في العام 2015 تزامناً مع تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية بعد انقلاب الحوثيين في صنعاء تاركاً ساحل حضرموت خالياً من القوات العسكرية النظامية.
بعد عام من حكم القاعدة لساحل حضرموت، تمكنت قوات من أبناء حضرموت شكلتها الإمارات من طرد تنظيم القاعدة والسيطرة على ساحل حضرموت حيث تم ضم هذه القوات لاحقاً ضمن قوام المنطقة العسكرية الثانية.
في وادي حضرموت والذي يضم حقول وشركات إنتاج النفط ظلت الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية والإدارية قائمة حتى اللحظة فيما يبدو أنها رغبة سعودية لتأمين حدودها.
منعطف انقلاب عدن
دخلت اليمن في منعطف خطير الأسبوع الماضي بعد انقلاب عسكري نفذه ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم إماراتيا على مؤسسات الدولة بالعاصمة المؤقتة عدن.
قبل أسابيع من حدوث الانقلاب، زار وفد من مؤتمر حضرموت الجامع - الذي يرأسه عمرو بن حبريش وكيل أول محافظة حضرموت ويضم شخصيات قبلية وسياسية واجتماعية - عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
استغل المجلس الانتقالي الزيارة للوفد الحضرمي عبر تصريح لرئيسه الزبيدي قال فيه إن حضرموت هو الجنوب والجنوب هو حضرموت، وهو مايخالف توجه المؤتمر الجامع الحضرمي باعتبار حضرموت إقليم مستقل.
مطلع العام الجاري، وصلت قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت على متن طائرة إماراتية خاصة في حين وصلت قوات عسكرية كبيرة قادمة من عدن لحماية الاجتماع.
اصصدمت تحركات المجلس الانتقالي في ساحل حضرموت الذي يعتبر تحت السيطرة الإماراتية برفض رسمي وشعبي كبير لهذه الزيارة وهو ما ظهر من خلال عدم التقاء أي مسؤول رسمي وعزوف شعبي عن استقبالهم.
وكتعبير عده مراقبون رغبة حضرموت بالتمسك بالدولة، بعث محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج البحسني تهنئة للرئيس هادي بعيد الأضحى عقب يوم من انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي في العاصمة المؤقتة عدن.
مستقبل حضرموت
المحلل السياسي حسين باراس قال إن حضرموت كانت السباقة للتعبير عن تطلعاتها حيث فضلت العمل على بناء مؤسسات الدولة بدل رفع الشعارات خلال المتغيرات الحالية عقب عاصفة الحزم ومالحقها من أحداث.
يقول باراس في حديثه لـ"المصدر أونلاين" إن بعض الأطراف تحاول جر حضرموت إلى إحدى الجهات من أجل الكيد للآخر وليس من أجل حضرموت، لكن قيادة حضرموت تحاول البقاء على مسافة واحدة من الجميع والنأي بنفسها عن الصراع وتماشياً مع توجهات التحالف الدولي من أجل دعم الشرعية.
"مع الأسف موقف القيادة لا يرقى إلى حجم التحدي وتطلعات المواطن الحضرمي الذي يريد حضرموت ند وليس تابع ،حضرموت بماتمثله من ثقل تستطيع ان تحقق الكثير ولكن إلى الآن القيادة لم ترقى الى تطلعات الجماهير المتعطشة إلى قرار سياسي يضمن للحضرمي السيطرة على كافة المقدرات" يقول باراس.
يرى باراس أن مستقبل حضرموت واليمن مرتبط بموقف دول التحالف على مستوى القريب العاجل مستدركاً بالقول إن هناك تغييرات مستقبلية كبيرة ستكون عند حدوث تسوية سياسية.
وعن طبيعة مستقبل حضرموت يقول باراس المواطن الحضرمي أصبح لديه تطلعات تكون فيه حضرموت شريكاً ونداً مهماً أياً كانت التسويات والصفقات.
الناشط السياسي أحمد سليمان يرى أنه من الحكمة أن يكون الطرح متكاملاً ومتوازناً وصريحاً حتى نحظى كنخبة بالمصداقية مبيناً أن قضية حضرموت حقوقية.
يقول سليمان لـ"المصدر أونلاين" إن الحضارم مهضومو الحقوق في مختلف مراحل التاريخ والسبب هو تسلط مراكز قوى في الجنوب قبل الشمال مضيفاً أنه كلما ضاقت دائرة الدولة الفيدرالية كلما كان تاثير مراكز القوى الجنوبية على الحضارم أكبر.
ويضيف سليمان أن لدى حضرموت تجربة في دولة ما قبل الوحدة حيث ظلت تحت سيطرة قوى نافذة جنوبية أخرى نظراً لامتلاكهم القوة العسكرية وتحكمهم في الجيش آنذاك.
وعن المستقبل الأفضل لحضرموت، يقول إنه لا يفضل دولة حضرمية لأنها ستكون شظية من شظايا المنطقة لكنه يرى أن توازن مراكز القوى بدخول أقاليم أخرى في الشمال من شأنه أن يقلل من سطوة مراكز القوى المؤثرة في الجنوب ضد حضرموت.