عبداللطيف السيد

من القاعدة إلى اللجان الشعبية إلى الحزام الأمني.. من هو عبداللطيف السيد؟! (صور)

 

 

في أوائل العام 2011 كان عبد اللطيف السيد زعيماً لفصيل من تنظيم القاعدة أسقط "جعار"، مركز مديرية "خنفر"، كبرى مدن محافظة أبين، جنوبي البلاد، والآن بات الرجل قائدًا أمنياً لقوات محلية تدعمها الإمارات.

 

 

وأعادت التحركات العسكرية التي قام بها ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً لإسقاط مواقع القوات الحكومية في "زنجبار" عاصمة محافظة أبين، التذكير بالرجل الذي كان قبيل حرب الحوثيين قائداً للجان الشعبية الموالية للرئيس عبدر بة منصور هادي.

 

 

بعد نشوة سيطرة قوات "الانتقالي" على العاصمة المؤقتة "عدن"، استغلت قيادتها حالة الارباك التي عاشها الجيش الحكومي وأمرت عبد اللطيف السيد، قائد قوات الحزام الأمني، في الـ20 من أغسطس الماضي بقيادة حملة عسكرية لإسقاط قوات الأمن الخاص والشرطة العسكرية المواليتان للحكومة المعترف بها دولياً.

 

 

وكانت القوات المدعومة من الإمارات تسعى من وراء هذه الخطوة لتأمين ما حققته من سيطرة على عدن، من جانب، ومن جانب آخر تأمين طريق إمدادها ناحية مدينة شبوة النفطية التي مُنيت فيها بخسارة كبيرة.

 

 

بدأ السيد مدعوماً بقوة من الإمارات بإسقاط مبنيي الأمن الخاص والشرطة العسكرية، وبحسب مصادر خاصة تحدثت لـ"المصدر أونلاين" فإن عبد اللطيف السيد كان مندفعاً وساهم بتفجير المواجهات بينما كانت لجنة تفاوض تعقد لقاءاً مع قائد الأمن الخاص والشرطة العسكرية.

 

 

وقالت المصادر إن لجنة تضم شخصيات محلية وقبلية تدخلت لوقف المواجهات وذهبت إلى معسكر الأمن الخاص لعقد اللقاء مع قائد الأمن الخاص لكن جنود يتبعون قائد الحزام الأمني في أبين أطلقوا النار على المبنى ما أدى إلى انفجار الوضع وتجدد الاشتباكات في محيط مبنى الأمن الخاص.

 

 

المصادر قالت إن هذا التصرف التي نسفت الهدنة دفع بقائد قطاع الحزام الأمني في شقرة شرقي زنجبار علي المسهرج الذي كان أحد أعضاء لجنة التفاوض، إلى القتال مع قائد الأمن الخاص ضد السيد إثر مهاجمة الأخير للمبنى أثناء ما كانت تتواجد لجنة الوساطة في المعسكر، كما أثار الخلاف بين السيد وبعض قادة القوات الأمنية التابعة له الذين تحولوا للوساطة ولم يشاركوا في القتال.

 

 

وتعدّ هذه المحطة؛ الثالثة في تنقلات "السيد" إذ كان في البداية قائداً في تنظيم القاعدة، ثم انتقل إلى معسكر الرئيس عبدربة منصور هادي في العام 2012، وأصبح قائداً للجان الشعبية الجنوبية بعد خلافه مع تظيم القاعدة في أوائل العام 2011، وبعيد طرد الحوثيين من المدن الجنوبية في العام 2015، عاد للواجهة مجدداً حيث استقطبته الإمارات ليكون قائداً لقوات الحزام الأمني المدعومة.

 

 

من القاعدة إلى اللجان إلى الحزام

في أواخر مارس من العام 2011 ساهم "السيد" الذي كان قائد إحدى فصائل تنظيم القاعدة في إسقاط "جعار" مركز مديرية خنفر التي أُعلنت حينها إمارة إسلامية، ورفعت رايات سوداء تشير إلى تنظيم "أنصار الشريعة" وهو فصيل متشدد يقع تحت لواء "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب".

 

 

أقامت القاعدة في جعار مركزاً لإمارتها التي أطلقت عليها إمارة " وقار" ونفذت محاكمات بحق مدنيين اتهموا من قبل التنظيم بالسرقة وقطعت أيدي بعضهم، لكن على الجانب الآخر كان عبد اللطيف السيد يخوض معارك عنيفة مع قادة في القاعدة حول منهوبات وأموال سيطر عليها التنظيم عند سيطرته على جعار، وأدى هذا الاشتباك البيني المباشر إلى تصدع التنظيم من الداخل.

 

 

لم تُقطع أيدي السيد لكنه غادر التنظيم وانتقل إلى معسكر رجال القبائل والمقاتلين المحليين الذين تلقوا دعماً طفيفاً من الرئيس هادي، لاحق التنظيم السيد وتعهد بقتله لكنه غادر مسقط رأسه جعار باتجاه المنطقة الوسطى في أبين حيث سعى لترتيب صفوفه.

 

 

بحسب مصادر فقد كان السبب الرئيس لخروج السيد من معسكر "القاعدة" هو الصراع على الأموال والمنهوبات التي كان من ضمنها سيارات عسكرية ومدنية وأسلحة، ولم يكن الأمن صحوة من الرجل إزاء سياسة الإرهاب التي ينتهجها التنظيم أو خلافاً على مبدأ.

 

 

تقول مصادر خاصة لـ"المصدر أونلاين" إنه بعد مغادرة السيد جعار وزنجبار ظلّ يتنقل بين يافع والمنطقة الوسطى في أبين لإعادة ترتيب صفوفه ومع قرب معركة تحرير أبين بدأ بالظهور وقاد هجمات منفصلة على التنظيم في جعار عام 2012 ما عزز موقعه كقائد محلي واستطاع استقطاب الكثير من رجال القبائل إلى جانبه وبالتالي مضاعفة نفوذه إلى جانب تأثيره الاجتماعي والقبلي في جعار ليصبح بذلك نقطة الوصل بين الحكومة والمقاتلين المتطوعين من رجال القبائل.

 

 

قائد اللجان الشعبية الجنوبية

مطلع العام 2012 أصبح الرجل بشكل رسمي قائداً لفصائل مسلحة من رجال قبائل ومقاتلين محليين أطلق عليهم اسم "اللجان الشعبية" وتلقى السيد دعماً كبيراً بالسلاح والمال ليؤسس ويقوي تلك اللجان من حكومة الرئيس هادي الذي لجأ إليها لضرب القاعدة اجتماعياً في مناطق نفوذها إلى جانب كونها رديف مساعد لقوات الجيش، وبالفعل فقد قاتل التنظيم بشراسة وساهم في دحرهم من جعار وزنجبار.

 

 

ومنذ ذلك الحين تولى قيادة اللجان الشعبية الجنوبية التي توسعت في عدة مدن، وخلال الثلاثة أعوام تعرض السيد لعدة محاولات اغتيال يُعتقد أن تنظيم القاعدة يقف خلفها، وفي إحدى العمليات تضررت عينه اليسرى وأصيب بجروح في يديه وكسور في جسمه.

 

 

معارك عدن مع الحوثيين

في بداية العام 2015 تحركت اللجان الشعبية بقيادته نحو مدينة عدن بعد نجاح الرئيس عبد ربه منصور هادي في مغادرة صنعاء والإفلات من قبضة الحوثيين، ولم يكن هادي يشعر بالثقة في عدن نتيجة وجود قيادات عسكرية موالية للحوثيين، وكان على ما يبدو يعول على هذه اللجان وبعض القيادات والقطاعات العسكرية المحسوبة عليه.

 

 

أبدت اللجان الشعبية استعدادها للدفاع عن عدن من الحوثيين والتصدي لهم، لكن عندما تمددت الحركة الحوثية مع قوات صالح نحو المدينة غادرت اللجان بقيادة السيد مدينة عدن وسيطر الحوثيون على المدينة الساحلية، وعاد إلى أبين، وحينها قالت قيادات في اللجان إن القيادات الحكومية خذلتها ولم تقدم لها الدعم الكافي لمواجهة الحوثيين.

 

 

ذهب السيد نحو جعار وزنجبار التي لم يقترب منهما الحوثيون وظل هناك فترة قبل أن يغادر صوب المنطقة الوسطى في أبين.

 

 

ومثّل انسحاب اللجان الشعبية من عدن ضربة لحضور اللجان الشعبية في الجنوب كما أدى إلى تفككها وتراجعها في الكثير من الأماكن قبل أن تتلاشى لاحقاً وتتوقف عمليات الدعم لها من قبل الرئيس هادي الذي سحب ثقته في اللجان بعد ما حدث.

 

 

قائد الحزام الأمني في أبين

استغلت أبوظبي تصدع العلاقة بين هادي واللجان الشعبية الجنوبية واستقطبت قادة اللجان لتعينهم في قوات الحزام الأمني، وكان عبد اللطيف السيد هو أول من تم استقطابه وعينته على رأس قيادة الحزام في أبين، وكسبته ورقة ضد حضور هادي المتراجع في مسقط رأسه أبين.

 

 

وبفضل الدعم الإماراتي المتواصل بالسلاح والمال لقواتها فقد استطاعت تقوية نفوذها وتحجيم حضور القوات الحكومية التي كانت تتلقى دعماً قليلاً جداً من الدعم العسكري والمالي مقارنة بما كانت تتلقاه القوات الموالية للإمارات.

 

 

أحدثت الإمارات اختراقاً بالغ الأهمي عبر استقطاب عبد اللطيف السيد وقادة اللجان لصالحها بغية القيام بدور أمني للتحكم بمسار أي تحرك عسكري حكومي في أبين من جهة، ومن جهة فصل عدن عن أبين والتحكم بمنافذ الدخول والخروج من أبين صوب عدن والعكس في إطار خطة للسيطرة الشاملة على مدن الجنوب اليمني.

 

 

كانت مهمة السيد جذب رجال القبائل إلى صفه للتجنيد في القوات المحلية التي تدعمها الإمارات وهي ذات المهمة التي أوكلت له حينما كان قائدًا للجان الشعبية الجنوبية، وبالفعل نجح الرجل في جذب عدد لافت من المقاتلين المحليين للحزام الأمني نتيجة ارتباطه الوثيق بقواعد اللجان الشعبية.

 

 

خلال المعارك الأخيرة، نجح السيد مع القيادات الأخرى، وفي ظل الدعم الإماراتي الكبير، وارتباك القوات الحكومية بعد سيطرة قوات "الانتقالي" على عدن، في السيطرة على زنجبار، مركز محافظة أبين، ما سمح لقوات "الانتقالي" ببدء معركة للسيطرة على محافظة شبوة، غير أن تلك القوات تعثرت في "عَتَق"، عاصمة المحافظة، ومنيت بهزيمة كبيرة.

 

 

استطاعت القوات الحكومية صد هجوم "الانتقالي" على عتق وانتصرت عليها وحررت شبوة بكامل مديرياتها ثم اتجهت نحو أبين ومركزها زنجبار حيث يتمركز السيد وقواته.

 

 

وعلى وقع التجهيزات لاقتحام المدينة دعا نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية، أحمد الميسري، عبداللطيف السيد إلى تجنيب المدينة القتال والانضمام للقوات الحكومية، غير أن الأنباء أشارت إلى رفضه ذلك.

 

 

صباح اليوم الأربعاء، 28 أغسطس 2019، سيطرت القوات الحكومية اليمنية على زنجبار، ولم يتسنَّ لـ"المصدر أونلاين" حتى اللحظة معرفة مصير الرجل.