أشرف الفلاحي- عربي21
تقود الخارجية اليمنية حراكا دبلوماسيا نشطا، في سياق "معركتها" ضد الإمارات، وذلك طلبا لدعم شكواها المقدمة ضد هذه الدولة بشأن قصفها الجوي على قوات الجيش في زنجبار وعدن، أواخر الشهر الماضي، ودعمها للانقلاب الذي يقوده انفصاليون على الحكومة الشرعية.
وأمام جهود الحكومة اليمنية الدبلوماسية ضد حكومة أبوظبي، لحشد الدعم الدولي ضدها وإدانتها، تثار أسئلة عدة حول مدى نجاح مساعيها تلك، واستجابة الدول لدعم موقفها في الأمم المتحدة، والجهود المضادة لإفشالها.
وكان نائب وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، قد تقدم بطلب إلى مجلس الأمن قبل أسبوع تقريبا لعقد جلسة حول القصف السافر الذي قامت به دولة الإمارات ضد قوات الجمهورية اليمنية المسلحة، وهي تمارس حقها الدستوري في مواجهة المليشيات المتمردة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.
"نشاط دبلوماسي مكثف"
وشهدت الأيام الثلاثة الماضية نشاطا مكثفا للدبلوماسيين اليمنيين، حيث أجرى الحضرمي عددا من اللقاءات مع عدد من السفراء، خاصة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، إلى جانب سفراء ألمانيا
ونيوزيلندا لدى اليمن، وسلطنة عمان لدى السعودية.
كما أجرى نائب وزير الخارجية اليمني مباحثات مع وزيرة خارجية السويد "مارغو والسترم"، ونائب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى بلاده، ريكاردو فيلا، وكلها تناقش التمرد المسلح الذي تدعمه الإمارات جنوب البلاد، وتبعات قصفها للقوات الحكومية، وفقا لما نشرته الخارجية اليمنية في حسابها بتويتر.
وفي مقابل لقاءات الحضرمي، التقى القائم بأعمال سفير اليمن في جنوب أفريقيا، أحمد بن حسن، الثلاثاء، بمسؤول ملف اليمن في وزارة العلاقات الدولية هناك، جوناثان باسمور، عرضا بالانتهاكات التي ارتكبتها الإمارات وقصفها لوحدات الجيش اليمني وانتهاك سيادته وما اسفر عنه من مقتل وجرح جنود الجيش الوطني. وفقا لما نشرته وكالة "سبأ" الرسمية.
ودعا السفير بن حسن جنوب أفريقيا باعتبارها عضوة بمجلس الأمن غير الدائمة، دعم الحكومة الشرعية بخصوص الشكوى المقدمة ضد الإمارات إلى الأمم المتحدة.
فيما أكد المسؤول الجنوب أفريقي على وقوفهم مع الحكومة الشرعية، وعدم الاعتراف بأي مليشيا عسكرية خارج إطار الدولة اليمنية.
كما أطلع السفير اليمني لدى الأردن، علي العمراني، مسؤول مدير الدائرة العربية والشرق أوسطية بوزارة الخارجية الأردنية، الدكتور ماهر الطراونة، على تطورات الأحداث جراء تمرد مليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، وقصف طيران الأخيرة للجيش الوطني. حسبما ذكرته الوكالة الحكومية.
وهناك لقاءات أخرى لسفراء اليمن في باكستان، وإندونيسيا، واليابان، وفرنسا، مع مسؤولين في خارجية تلك الدول، وكلها بحثت الاستهداف الإماراتي لقوات الجيش، ودعمها لمليشيات انفصالية في عدن ضد الحكومة المعترف بها دوليا.
"تصعيد وجدية"
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إنه بات واضحا جدية الحكومة في التصعيد الدبلوماسي ضد الإمارات في مجلس الأمن.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أنه تحرك يهدف إلى الدفاع عن آخر فرص الحكومة الشرعية في البقاء كمرجعية سياسية عليا معترف بها دوليا.
وبحسب التميمي، فإن هناك صعوبات تعترض مهمة الحكومة بالنظر إلى تفادي القوى الكبرى مواجهة خيار المواجهة مع الإمارات والسعودية، بما يشكله ذلك من تهديدات للمصالح القائمة مع هاتين الدولتين.
وأكد أن النشاط الحكومي كهذا يبقى مفيدا للغاية في محاصرة المخطط الإماراتي السعودي لفرض خيار الانفصال، عبر إعادة تكييف القضية الجنوبية من كونها جزءا من الأزمة السياسية في البلاد إلى استحقاق منفصل عن سياق الأزمة والحرب.
وأشار التميمي إلى أن الحكومة تحرص على تدويل الاعتداءات الإماراتية، والتملص من الاحتواء الذي تمارسه السعودية؛ بهدف إبقاء هذه المشكلة قيد الحوار الرباعي الذي يضم بالإضافة إلى الشرعية ودولتي التحالف المجلس الانتقالي الذي زرعته أبوظبي في الجنوب، وأمدته بالقوة العسكرية، ودعمت انقلابه على السلطة الشرعية.
وتساءل السياسي اليمني عن قدرة الحكومة في التخلص من حوار يذهب إلى تثبيت المكاسب السياسية للانقلاب الثاني في عدن.
"تحرك ضروري"
من جهته، رأى رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد، أن التحركات الدبلوماسية اليمنية تأتي بالتوازي مع تحركات شعبية ضاغطة بالذات من قبل اليمنيين في المهجر ضد الإمارات، التي تدعم مليشيات انفصالية مسلحة في جنوب اليمن.
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن مساعي أبوظبي ستؤدي إلى شرعنه انقلاب الحوثيين في صنعاء.
وأشار محمد إلى أن التحرك أصبح في موجب الضرورة، وتأخر كثيرا. مؤكدا أنه كان يفترض أن يتم بعد منع الإماراتيين طائرة الرئيس هادي من النزول إلى مطار عدن قبل عامين، ودعم التمرد عليها في العام 2018.
وبحسب الباحث اليمني، فإن القانون الدولي مع الحكومة المعترف بها، وحتى لو حصل ضغط خليجي أو محاولة لتغطية الجريمة الإماراتية في اليمن عن عين الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وأوضح رئيس مركز أبعاد أن الشارع اليمني يخرج في كل مدينة حول العالم ليوصل صوت الحكومة والشعب.
"تأجيل النظر في الشكوى"
بموازاة ذلك، ذكر سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، محمد جميح، أنه تم تأجيل النظر في الشكوى المقدمة ضد الإمارات.
وقال جميح في تغريدة عبر موقع "تويتر"، نقلا عن مصادر دبلوماسية، إن أعضاء في مجلس الأمن الدولي طلبوا تأجيل النظر في شكوى الحكومة اليمنية ضد الإمارات في المجلس، انتظارا لجهود السعودية في إيجاد حل.
وكان الخارجية اليمنية جددت، مساء الأربعاء، ترحيبها بدعوة السعودية للحوار مع المجلس الانتقالي الجنوبي في جدة، بعد يوم من وصول قادة في المجلس إلى المملكة.
وقال نائب وزير الخارجية اليمنية إن الحكومة تجدد الترحيب بدعوة الأشقاء في الرياض للحوار، وفقا لبيان التحالف الصادر في 10 أغسطس 2019.
لكنها شددت على ضرورة أن يتم الوقوف أولا أمام انحراف دور الإمارات في التحالف بكل جدية وشفافية، وأن ذلك هو الطريق الصحيح تجاه إنجاح أي حوار.
مصادر دبلوماسية: أعضاء في مجلس الأمن الدولي طلبوا تأجيل النظر في شكوى الحكومة اليمنية ضد الإمارات في المجلس، انتظاراً لجهود السعودية في إيجاد حل.
— د. محمد جميح (@MJumeh) September 4, 2019