لا تزال الحكومة اليمنية الشرعية تصر على موقفها الرافض لإجراء أي حوار مع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، حيث جددت تأكيد ذلك على لسان وزير الداخلية أحمد الميسري الذي صرح بأنه إذا كان هناك من حوار فإنه سيكون مع أبو ظبي مباشرة "لأن الانتقالي في الواقع مجرد أداة إماراتية ولا يمثل حتى القضية الجنوبية".
ولكن السؤال الذي يطرحه بعض المراقبين للشأن اليمني: ما الأسباب الفعلية التي تجعل الحكومة ترفض الحوار المزمع عقده بمدينة جدة السعودية، حيث تظهر قيادة "الانتقالي" مرونة ورغبة في الجلوس للحوار بالمقابل من خلال حضورها للمرة الثانية إلى جدة رغم رفض الحكومة.
قوات الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا سيطرت على عدن(رويترز) |
أسباب واشتراطات
ولمعرفة الأسباب الحقيقية لهذا الرفض من جانب الحكومة، تواصلت الجزيرة نت مع مصدر بمكتب علي محسن الأحمر نائب رئيس الجمهورية، وأفاد بأنه لا يوجد أي حوار مع "الانتقالي" حتى الآن.
وأضاف المصدر الحكومي أن سبب هذا الرفض يعود لضرورة تنفيذ اشتراطات الحكومة أولا، والتي تنص على تطبيق ما ورد في بيان التحالف الصادر عقب ما سماه "انقلاب المجلس الانتقالي" في العاشر من أغسطس/آب، ويتضمن وقف النار في عدن والانسحاب الكامل من جميع المواقع والمعسكرات الحكومية التي سيطر عليها الانتقالي وتسليم أسلحته بالكامل قبل الذهاب لأي حوار.
وبشأن عقد بعض الاجتماعات غير المباشرة بين اللجنة الحكومية والانفصاليين الجنوبيين -كما ذكرت بعض وسائل الإعلام- قال المصدر للجزيرة نت إنه ليس هناك أي حوارات، وإن ما يحدث فقط لقاءات ثنائية بين الحكومة اليمنية والجانب السعودي هدفها تصحيح مسار التحالف وانتزاع موقف سعودي واضح إزاء ما يجري من تدخل إماراتي وإساءة لليمن واليمنيين، حسب قوله.
وأضاف المصدر الحكومي "السعودية هي من استدعت قيادات الانتقالي مؤخرا لعقد جلسات ثنائية معهم، وليس من أجل مشاركتهم في أي مباحثات مع الحكومة".
ووفق مصدر رئاسي رفيع تحدثت معه الجزيرة نت، فإن موقف الجانب السعودي حتى الآن يبدو إيجابيا ولصالح الحكومة الشرعية.
وأشار المصدر إلى أن موقف الحكومة الرافض للدخول في أي حوارات خلال الفترة الراهنة يتفهمه الجانب السعودي ولا يؤثر على العلاقة بين الشرعية اليمنية والمملكة كما يتحدث البعض، وهو الحال ذاته بالنسبة للعلاقة بين الرياض وأبو ظبي، حيث تحاول المملكة احتواء جميع الأطراف -وفق المسؤول الرئاسي- وإعادة مسار التحالف إلى شكله الصحيح.
وفي الاتجاه ذاته، أفاد الناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية راجح بادي -في بيان جديد نقلته وكالة الأنباء الحكومية سبأ- بأن وجود قيادات الدولة في جدة يأتي ضمن توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي للتواصل مع الجانب السعودي ومناقشة تمرد "الانتقالي" المدعوم في محافظات الجنوب وقصف الإمارات لمواقع الجيش الوطني.
وذهب الناطق الرسمي في بيانه للتأكيد على التزام الشرعية بموقفها المعلن منذ اليوم الأول والذي رحبت فيه بدعوة الخارجية السعودية للحوار، ولكنه قال في نفس الوقت إنه ليس هنالك أية أشكال من أنواع الحوار مع الانتقالي حتى اللحظة "لأن الثوابت الوطنية وسلامة ووحدة الأراضي اليمنية ليست محل مساومات أو نقاش".
وفد المجلس الانتقالي الجنوبي في جدة بالسعودية (مواقع التواصل) |
موقف الانتقالي
ولمعرفة موقف المجلس الانتقالي إزاء موقف الحكومة الرافض لإجراء الحوار قبل تنفيذ شروطها، تواصلت الجزيرة نت مع الناطق باسم المجلس نزار هيثم، وأفاد بأنهم ملتزمون بدعوة التحالف والسعودية للحوار، وقال "رفض الحكومة المستمر يدل على أن هناك تصدعا في صف الشرعية بين من يدعم الحوار ومن يرفضه".
ولفت الناطق باسم "الانتقالي" إلى أن "هناك الكثير من المسؤولين في الحكومة الشرعية يدعمون حوار جدة، وأن من يعارض هم مجموعة من المنتمين لحزب الإصلاح، والذي يختطف قرار الشرعية".
وفي حال أصرت الشرعية على رفض الحوار بشكل قطعي، قال الناطق باسم الانتقالي -في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت- إن المجلس سيستمر في التعامل الإيجابي مع دعوة السعودية وسيحضر وفده إلى جدة من أجل ذلك حتى تصدر السعودية بيانا يوضح موقفها من الطرف المعرقل للتهدئة.
المصدر : الجزيرة