الطاقة المتجددة في الوطن العربي

الطاقة المتجددة في "الوطن العربي".. تجارب ناجحة ومحاولات للوصول نحو الاقتصاد الأخضر

كتب: سحر محمد

التعلم من تجارب الاخرين ومحاوله اللحاق بركب التقدم ضرورة ملحة لتحقيق مستقبل مستدام , و يقترن التقدم والرقي في أي دوله بقدرتها علي خلق موارد مستدامة ولاسيما في مجال الطاقة . تحقيق الامن الطاقي يعد اهم ركيزة للدفع بركب التنمية فمصاذر الطاقة التقليدية من الوقود الاحفوري اصبحث عبأ ثقيل يخنق كوكبنا والذي ترتفع حرارتةبشكل مخيف ومهدد لمستقبل الاجيال القادمة لذا فالبدء بمشاريع الطاقة المتجددة اصبح ضرورة ملحة وخيار اجباري. ورغم ان الوطن العربي يعتمد الي يومنا هذا بشكل اساسي علي طاق االوقودالاحفوري من نفط وغاز وغيرة الا ان هناك تجارب ناجحه ومشاريع لاستثمار الطاقة المتجددة تبشر ببداية جيدة للدفع بعجلة التنمية نحو الاقتصاد الاخضر.

الاردن رائدة الطاقة المتجددة في الوطن العربي

البدايات المبكرة للاهتمام بمشاريع الطاقه المتجددة وسن القوانين والتشريعات في الحد من الاعتماد علي النفط المستورد وتنويع مصادر الطاقة وتعزيز البيئه. وتم تسعي الحكومه الي رفع نسبة الاعتماد علي مصادر الطاقة المتجددة من مستواها الحالي 2% الي 10% في 2020.
يعد الاردن من اكثر البلدان العربية اهتماما بموارد الطاقة المتجددة وتتمتع بوفرة في الطاقة الشمسية من 5-7كيلواط ساعه/م2 وهناك سلسلة واسعه لاستغلال الطاقة الشمسيه في الاردن مثل مشرةعالبرج الشمسي و مشروع التسخين الشمسي حيث يوجد حوالي مليون متر مربع من نظم التسخين الشمسي المركبة في القطاعين السكني و التجاري.

ومن الانجازات الملموسه في مجال الطاقه انشاء المركز الوطني لبحوث الطاقة والذي يسهم بشكل فعال في ابحاث ودراسات الخلايا الفولتوضوئيةوتصميم وتنفيذ الانظمة الشمسية كما يقوم المركز يتنفيذ مشروع طويل الامد لتوفير قاعدة بيانات خاصة بطاقة الرياح ودراسة خصائص الرياح ويصميم انظمه تحلية مياة تعمل بطاقة الرياح كما للمركز اسهامات جديرة بالتقدير في مجالات ترشيد الطاقة والغاز الحيوي.
من الوضح ان الاردن تمتلك قاعدة مؤسسيه في مجال الطاقة المتجددة تسبق بها كثير من الدول العربية ولكن تضل هناك فجوة معرفية متمثله في شح عدد براءات الاختراع والتصنيع في مجال الطاقة النضيفه نأمل ان يتم تجاوزها وتوطين اقتصاد قائم علي المعرفة وخلق شراكة دولية واقليمية مع الدول المتقدمة في هذا المجال.

المغرب العربي وتونس

شهدت المغرب مؤخرا التفاتا ملحوضا نحو الاهتمام بالطاقة المتجددة حيث قامت باستثمار حوالي 13مليار في مشاريع وسياسات متعلقة بالطاقة الشمسية والرياح والطاقه الكهرومائية وذلك في خطوة طموحة لتغطية حوالي 42% من احتياجات البلد من الطاقة الكهربائيه بحلول عام 2020.

المغرب تتمتع بتنوع مصادر الطاقة المتجددة حيث ان نسبة الاشعاع السنوي تزيد بنسبه 30% عن افضل المواقع التي يصلها الاشعاع في اروبا كما تنعم سواحلة برياح تصل معدل سرعتها الي 11م/ث والتي تعد اعلي من اعلي المعدالات علي مستوي العالم ووتنبيء بامكانية توفير طاقه كهربائية لاكثرمن 6 مليون منزل .

تونس تتصدر كنموذج ناجح يتقدم علي كثير من دول المغرب العربي للتحول نحو الطاقة المستدامة , ومن ابرز المشاريع هو مشروع المخطط الشمسي التونسي والذي يمتد للفترة من 2010-2016 وتقدر تكلفة المشروع نحو ثلاثة بلايين دولار ويضم 40 مشروع يخصص جزء كبير منها لاستغلال الطاقة الشمسية لأغراض التسخين والتبريد وتوليد الطاقة الكهربائية والذي جعل من تونس قاعدة دولية لإنتاجوتصدير الطاقة المنتجة عن طريق الشمس.

دول مجلس التعاون الخليجي 
تبذل عدد من الدول الخليجية جهود في مجال الطاقة المتجددة منها مدينة مصدر للطاقة ومدينة الملك عبد الله للطاقة النووية والمتجددة. كما انشئت مؤخرا عدد من المبادرات منها مبادرة مصدر التي تتبنها حكومة ابوضبي والتي تعد مبادرة متكاملة ومتعددة الاوجة لتحقيق تنمية اقتصادية قائمة علي مصادر الطاقة النضيفه وعلي قائمتها الطاقة الشمسية حيث تشمل المبادرة علي دعم ابحاث وتمويلها بالتعاون مع ست جامعات ومراكز عالمية في امريكا واروبا واليابان وتشمل علي ابحاث الاغشية الرقيقية لخلايا الكهرباء الضوئية والخلايا الكروية وابراج استقطاب الاشعة الشمسية والتخزين الحراري للطاقة الشمسية.

"ملائكة الأسفلت" أخيرا في مصر

الأمر في مصر مختلف بعض الشيء، فرغم ما تواجه مصر من زيادة سكانية كبيرة تلتهم كافة أعمال التنمية، إلي أن مصر نجحت في القضاء علي العديد من المشاكل المتعلقة بالطاقة، وانتهت أزمة انقطاع الكهرباء بلا رجعة، حيث استطاعت الحكومة المصرية توفير نحو تريليون جنيه لهذه المشروعات، ويكفي أن نعرف أن 3 محطات جديدة هي العاصمة الإدارية الجديدة، وبني سويف والبرلس، تنتج وحدها 14400 جيجاوات، أي تقريبا بما يعادل نصف طاقة الكهرباء الإجمالية التي كانت تنتج في مصر، ورغم ما واجهه الاقتصاد المصري من عقبات واضطرابات طاحنة منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، لكنها استطاعت إعادة هيكلة اقتصادها بكافة قطاعاته ووضع خطط مستدامة ومشاريع عملاقة خاصة في مجال الطاقة النظيفة.

ومع انتشار عدد من الأبحاث العلمية والتي تفيد بأن التعرض لثاني أكسيد النيتروجين، المنبعث بشكل رئيسيمن وسائل النقل البري، يشكل عامل خطر حقيقي لإصابة الأطفال بالربو، نفذت الحكومة المصرية خطة طموحة لتطوير أسطول النقل العام وتحويله لأتوبيسات تعمل بالغاز الطبيعي، وفقا لخطة شاملة وضعتها الدولة لتحويل السيارات التي تعمل بالسولار والبنزين، لتعمل بالغاز الطبيعي حفاظًا على البيئة وتقليلاً لاستهلاك الوقود خاصة بعد اكتشاف مصر لحقول عديدة في الغاز، الأمر الذي جعل العديد من خبراء البيئة يطلقون علي اسطول الأتوبيسات الجديد "ملائكة الأسفلت" لعدم تسببها في انبعاثات شديدة، حيث تسلمت هيئة النقل العام 10 أتوبيسات من إجمالي 121 اتوبيسا يعمل بالغاز الطبيعي، بتكلفة إجمالية 500 مليون جنيه، بالإضافة لبدء الهيئة تطوير أسطولها وتحويله ليعمل بالغاز الطبيعي خلال 4 سنوات.

 

وتسعي مصر لتنفيذ خطط مستدامة في كافة القطاعات، استثمارًا في مواردها النظيفة من الرياح والشمس ومن أجل الحفاظ علي الكوكب وحقوق الأجيال القادمة في الموارد، فتم إنشاء أول مدرسة تعمل بالطاقة الشمسية بدلا من الكهرباء، كما حولت بعض الفنادق أجزاء كبيرة من المباني لاستخدام الطاقة الشمسية، كما اتبعت وزارة الكهرباء المصريةاستراتيجية جديدة للاعتماد علي وسائل التوسع في مصادر الكهرباء وربط الشبكات ببعضها على مستوى الجمهورية، فهناك أكثر من 32 مشروعًا قوميًا عملاقًا للطاقة الشمسية بطاقة إجمالية تصل إلى حوالى 1.5 جيجا وات، إضافة الي إنتاج الكهرباء باستخدام تكنولوجيا الطاقة النووية، كما حرصت الدولة على إنشاء أول محطة على مستوى إفريقيا والشرق الأوسط لتوليد الكهرباء من المحطات المائية باستخدام تكنولوجيا الضخ والتخزين بقدرة 2400 ميجاواتبجبل عتاقة للاستفادة من الطاقة المنتجة من المصادر الجديدة والمتجددة وتخزينها في أوقات توافرها ثم الاستفادة منها في أوقات الاحتياج إليها، كما نفذت الدولة 10 مشروعات عملاقة حديثة من طاقة الرياح بطاقة إجمالية تقدر بنحو 3370 ميجا وات.

برغم تصاعد الاهتمام بالطاقة المتجددة في الوطن العربي الا ان المبادرات تضل فردية وتفتقد الي النظام التشريعي المؤسسي  في ضل هيمنت الاطر المركزية التقليدية  والدعم الحكومي للطاقة الأحفوري في اغلب الدول فاكثر مبادرات الطاقة المتجددة تواجه عقبه في تطبيقها علميا علي ارض الواقع ويرجع السبب بشكل مباشر الي طبيعة نضام الحوكمة المركزية  و افتقار التناغم بين الاطر الاجتماعية والاقتصادية والقانونية.