أعلن الجيش الحر في أرض الصومال «صوماليا لاند»، تبنِّيه الرسمي لعملية التخريب المتعمَّدة، التي استهدفت الخميس 5 سبتمبر/أيلول 2019، ميناء بربرة، الذي تديره شركة موانئ دبي العالمية، بعد توقيع اتفاقية رسمية مع حكومة أرض الصومال وإثيوبيا، بشأن ميناء بربرة، في مارس/آذار 2018، ويمنح الاتفاق 51% لشركات موانئ دبي و30% لأرض الصومال و19% لإثيوبيا.
وقامت عناصر من الجيش الحر بالتسلل بشكل خفي وسري إلى أرض الميناء، والذين قدر عددهم بخمسة عناصر، بحسب ما أكده المتحدث الرسمي باسم الجيش الحر في أرض الصومال، سعيد هيبة، في تصريحات خاصة لـ «عربي بوست»، مشيراً إلى أنَّ تلك العناصر التابعة للجيش الحر نجحت في زرع عبوات ناسفة في ثلاث من الرافعات العاملة في أرض الميناء.
الأمر الذي أدّى إلى احتراق رافعتين بالكامل، وتضرُّر الثالثة، التي تقدر سعر الواحدة منها بـ5 ملايين دولار بحسب تأكيدات المتحدث الرسمي باسم الجيش الحر، معتبراً أنَّ العملية التخريبية المتعمَّدة تأتي ضمن سلسلة هجمات قادمة ستستهدف المصالح والمنشآت الإماراتية على أرض الصومال.
14 يوماً أمام أبوظبي لسحب موظفيها من ميناء بربرة
وقد أمهل الجيش الحر في أرض الصومال حكومة أبوظبي 14 يوماً لسحب موظفيه وإدارته على ميناء بربرة، الذين يُقدر عددهم بحوالي 120 موظفاً، غالبيتهم من الجنسية الهندية، حيث يتقاضى كل منهم أجراً قدره 500 دولار شهرياً.
وأشار سعيد هيبة إلى أنَّ الجيش الحر حرص من خلال العملية التي استهدفت ميناء بربرة، على عدم الاستهداف المباشر للميناء بالقذائف أو المدفعية، وذلك تجنباً لعدم وقوع ضحايا بين الموظفين والعاملين فيه، الأمر الذي جعله يُدخل عناصر متخفّية إلى داخل الميناء لتنفيذ العملية، مؤكداً أنّ العملية تهدف إلى إيصال رسالة شديدة اللهجة للحكومة الإماراتية، بأنّ وجودها غير مرحَّب به، وأنَّ عليها أن تغادر البلاد.
كما طالب الجيش الحر عبر متحدثه الرسمي الإمارات بسحب تواجدها في القاعدة والمطار العسكري والميناء البديل الآخر عن ميناء بربرة، التي تضم عناصر إماراتية، وذلك بالقرب من ميناء بربرة، حيث تبعد عنها 25 كم.
وحذَّر المتحدث الرسمي باسم الجيش الحر، سعيد هيبة، في حديثه الخاص لـ «عربي بوست»، بأنّ جميع المصالح الإماراتية مستباحة، وسيتواصل استهدافها، إذا لم ترضخ حكومة أبوظبي والحكومة الحالية لأرض الصومال التي يقودها الرئيس موسى بيهي، مشيراً إلى أنَّ الجيش الحر يعطي مهلة قدرها 14 يوماً للإماراتيين والحكومة الحالية، فإذا لم تتم الاستجابة والرضوخ لمطالبها فإنّه سيتم توسيع دائرة الاستهداف والعمليات العسكرية ضد المصالح الإماراتية، وضد الجيش الرسمي لحكومة أرض الصومال.
«نفوذ إماراتي» أحد أسباب الثورة في البلاد
الوجود الإماراتي على أرض الصومال غير مرحَّب به من قبل الشعب، ولا حتى من شخصيات سياسية وعسكرية وأمنية في البلاد، باعتبار أنَّ توسع النفوذ الإماراتي في بلادهم، وخاصة الاتفاق الذي منح أبوظبي حقَّ استغلال ميناء بربرة الحيوي هو أحد أسباب الثورة، بحسب تأكيدات المتحدث الرسمي للجيش الحر سعيد هيبة.
حيث يعارض المتمرِّدون المعروفون تحت مسمى «الجيش الحر» الذين يهدِّدون بانفصال مناطقهم، توجهات الحكومة الحالية لأرض الصومال، التي يقودها الرئيس موسى بيهي، المدعوم بشكل سياسي واقتصادي من حكومة أبوظبي.
وأكثر ما يُغضبهم هو الاتفاق الثلاثي الذي تم توقيعه بين أرض الصومال وشركة موانئ دبي العالمية وإثيوبيا، بشأن ميناء بربرة، في مارس/آذار 2018.
هذا وتقدّر المجموعات الانفصالية في منطقة صوماليلاند، التي تتحرك تحت مسمى «الجيش الحر» بعشرة آلاف جندي، حسبما قالت مصادر مطلعة على الأزمة لـ «عربي بوست»، الذين انشقَّ قسم كبير منهم عن الجيش الرسمي لحكومة أرض الصومال، مؤسسين ما يُعرف بـ «الجيش الحر» .
كما أعلن آخرون من خارج الجيش الانضمام له، احتجاجاً على ما وصفوه بـ «التوجهات المشبوهة» التي تمارسها حكومة البلاد، خاصة فيما يتعلق بإدخال شركة ميناء دبي إلى ميناء بربرة، وخطة الإمارات لتأسيس ميناء بديل لميناء بربرة، بالإضافة إلى معسكر ومطار يخدم أبوظبي في تلك المنطقة، ويبعد عن ميناء بربرة الرسمي 25 كم.
ويخشى المتمرّدون من أن الصلاحيات الممنوحة للإمارات تمثل انتهاكاً لسيادة البلاد، حسبما قالت سعيد هيبة القيادي بالتمرد.
هذا ولا تزال معارك وجبهات قتال ضارية تجري بين الجيش التابع لحكومة أرض الصومال وبين المعارضين الذين يقودهم الجنرال محمد أوتوم، ويسانده الجنرال سعيد جامع، الذي يعدّ أحد أبرز القيادات البارزة للانفصاليين.
حيث ينشط الانفصاليون في ثلاثة أقاليم مهمة هي:
إقليم سناج (Sanaag): وعاصمته مدينة عيريجابو، ويعدّ هذا الإقليم هو الإقليم الأهم لقوات المعارضة، وما يُعرف بـ «الجيش الحر» في البلاد.
الإقليم الثاني هو إقليم توجطير (Togdheer) وعاصمته هي مدينة بورعو، وتعدّ العاصمة الثانية للبلاد.
الإقليم الثالث هو إقليم صول (Sool)، وعاصمته مدينة لاس عانود.
وحدد الجيش الحر ستة مطالب وشروط أساسية، تمثلت في الآتي:
1- تقاسم السلطة بين المعارضة «الانفصاليين» والحكومة الحالية.
2- تقاسم النفوذ والثروة الاقتصادية للبلاد بين الانفصاليين والحكومة.
3- طرد الشركات الإماراتية خارج البلاد، وعلى رأسها شركة موانئ دبي العالمية من إقليم أرض الصومال.
4- منع أي تدخل خارجي أو أجنبي مستقبلي في شؤون وإدارة البلاد.
5- توفير العدالة والمساواة بين جميع فئات الشعب.
6- حرية الرأي والتعبير وعدم التعرّض للصحافة وكتّاب الرأي.
الفترة المقبلة ستشهد تصعيداً كبيراً
هذا وستشهد أرض الصومال تصعيداً كبيراً ضد القوات الرسمية لحكومة أرض الصومال الموالية للإمارات، وهذا ما يشير إليه سعيد هيبة، القيادي والمتحدث باسم الجيش الحر «الانفصالي»، مؤكداً أنّ جيشه بدأ بإدخال كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، عبر إسناد من قوى خارجية.
وأشار هيبة إلى أنّ تلك الأسلحة شملت بنادق حربية آلية وقواذف ومدافع ورشاشات متوسطة وكميات كبيرة من الذخيرة المتنوعة، إضافة إلى أجهزة اتصال ومناظير ليلية، وذلك استعداداً للمرحلة القادمة من الصراع، التي سيدخلها الجيش الرسمي للبلاد احتجاجاً على سياساته، وخاصة تلك الموالية لحكومة أبوظبي.
ويطالب هيبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بسرعة التدخل الرسمي لحل أزمة بلاده الحالية، وذلك عبر ارسال لجنة أممية لمتابعة الأوضاع في شمال الصومال، والوقوف على التدخل السافر للحكومة الإماراتية في شؤون بلاده، والسعي لمنع ووقف هذا التدخل.
كما ناشد هيبة بضرورة التدخل من قبل المجتمع الدولي لرعاية إجراء استفتاء شعبي، يعطي الخيار أمام شعب أرض الصومال، إما الاستمرار على الوضع الحالي تحت قيادة الحكومة الحالية، أو تسليم البلاد، تمهيداً للقيام بانتخابات حرة ونزيهة تحت رعاية دولية تضمن حق الشعب في إدارة بلاده، وتوقف أي تدخلات خارجية بحق بلاده.