أعلنت سيدة لبنانية في مقطع فيديو قيام «مملكة الجبل الأصفر»، وقالت إنها ستكون «دولة نموذجية»، ستضاف إلى قائمة الدول العربية، مثيرة بذلك تساؤلات عن «الدولة الجديدة» الغامضة، التي زُعم أنها ستقع بين مصر والسودان، وستكون «موطناً للاجئين والمشردين».
وقالت نادرة ناصيف في إعلانها الرسمي لـ «مملكة الجبل الأصفر»، إنها تتولى منصب رئيسة وزراء المملكة، وأشارت في مقطع الفيديو الذي نُشر الجمعة 6 سبتمبر/أيلول 2019، إلى أنها تُعلن رسمياً «قيام المملكة» من مدينة أوديسا في أوكرانيا، بعد عقد قمة بهذا الخصوص.
ولم تذكر ناصيف في «بيان الإعلان» أية تفاصيل عن الملك الذي ما زال مجهولاً حتى الآن، ولا عن المشاركين في القمة.
وأشارت إلى أن المملكة المزعومة التي تحدثت عنها ستمثل «حلاً» لأزمة النازحين، والمهجَّرين، ومكتومي القيد، حيث يُزعم أن هذه «المملكة ستستقبلهم على أراضيها».
ماذا يُقال عن حدود المملكة المزعومة؟
لا توجد كثير من المعلومات حتى الآن عن «مملكة الجبل الأصفر»، لكن حسابات باسمها على مواقع التواصل الاجتماعي نشرت تغريدات ومنشورات تتحدث عنها.
يشير فيديو تعريفي عن المملكة المزعومة، إلى أنها ستكون دولة عربية «ذات سيادة، وستقع في شمال إفريقيا، ضمن المنطقة الواقعة بين مصر والسودان، ومساحتها تقريباً 2060 كيلومتراً مربعاً».
ويزعم الفيديو التعريفي أن الأرض التي «ستُقام عليها المملكة» كانت تصنَّف «قبل تأسيسها في القانون بالأراضي المباحة، أي التي لا يطالب بها أي طرف، أو لا تقع تحت سيادة أية دولة في الأرض».
وأضاف أن هذه الأرض «حتى عام 1895 كانت تتبع للسلطنة المصرية، وفي عام 1899 وضعت مصر خط عرض 22 حدوداً لها، وهو ما جعل أرض الجبل الأخضر خارج الحدود المصرية، ثم حصلت اتفاقية الحدود السياسية مع السودان عام 1902، وهو ما جعل الدولتين لا تعترفان بهذه الأرض ضمن حدودهما، مما تسبب في تصنيفها كأرض مباحة».
لماذا ستُنشأ هذه المملكة المزعومة؟
يشير الفيديو الترويجي لها إلى أن «السبب الرئيس والأهم في تأسيس مملكة الجبل الأصفر هو توطين عديمي الجنسية، واللاجئين، والمهاجرين، وتوفير الحياة الحرة الكريمة والأمن لهم، ويشكل غالبيتهم من العرب والمسلمين».
ويزعم القائمون على «مملكة الجبل الأصفر»، أن رؤيتها الوطنية «تهدف إلى بناء دولة قوية ذات ناتج اقتصادي قوي يؤهلها لأن تكون في مقدمة الدول وفق رؤية 2030 وبرنامج التنمية المستدامة».
وأضافوا أن دستور «المملكة» سيكون مبنياً على الشريعة الإسلامية، ومقتبساً من قوانين أكثر من 6 دول: اليابان، والسعودية، وسنغافورة، والسويد، والكويت، والإمارات.
وعن مصدر تمويلها يشير الفيديو التعريفي إلى أن «المملكة» «سيتم تمويلها حالياً من دعم مؤسسيها لهذا العمل الإنساني»، وأما القائمون عليها «فهُم عدد من أبناء الوطن العربي الذين استشعروا المسؤولية تجاه القومية العربية والمبادئ الإسلامية الإنسانية السامية».
وتساءل الفيديو التعريفي: «هل إنشاء المملكة مجرد فكرة؟»، وأجاب بأن العمل على «مشروع مملكة الجبل الأصفر واقع بُدئ التنفيذ به منذ مطلع العام 2019».
ماذا عن الموقف الدولي؟
يزعم القائمون على مشروع «المملكة» أنها تستند في الاعتراف بإقامة الدولة إلى الوفاء بالمعايير المنصوص عليها في القانون الدولي باتفاقية مونتيفيديو لحقوق وواجبات الدول والتي صدرت في 26 ديسمبر/كانون الأول 1933، في المؤتمر الدولي السابع للدول الأمريكية، الذي تم به تدوين النظرية التقريرية للدولة، وأصبحت جزءاً مقبولاً من القانون الدولي العرفي، لتصبح الدولة -كما هي محددة في النظرية التقريرية- تُرى كشخص في القانون الدولي إذا استوفت معاييرها، حيث التزمت مملكة الجبل الأصفر معايير الدولة كما حددتها اتفاقية مونتيفيديو، وهو ما يجعلها نافذة بالقانون الدولي.
وبحسب القائمين على مشروع «المملكة»، فإن السكن بها سيكون متاحاً نهاية العام 2020 بعدما «تكون قد هيأت كل شيء».
صمت مصري وسوداني
وليس الحديث عن تأسيس مملكة «الجبل الأصفر» بالأمر الجديد، حيث بدأ الحديث عنها منذ أبريل/نيسان الماضي، وفي أغسطس/آب الماضي نشرت حسابات «المملكة» المزعومة بيانات عدة، وفيديو تعريفياً قال إن أراضي المملكة ستكون مجاورة لدولتي مصر والسودان، كما أُعلن منذ الشهر الماضي أن الإعلان الرسمي عن المملكة سيكون يوم 5 سبتمبر/أيلول 2019 في «قمة أوديسا» بأوكرانيا.
واللافت أنه حتى الآن لم يصدر أي تعقيب مصري أو سوداني على الإعلان عن «المملكة» المزعومة المجاورة لهما، لا سيما القاهرة التي كما ذُكر أن «أرض المملكة» كانت بالأصل لمصر.
مخاوف وتساؤلات
وقوبل الإعلان عن «المملكة» في مواقع التواصل الاجتماعي بردود فعل تنوعت بين السخرية من جهة، وطرح تساؤلات ومخاوف من جهة أخرى.
فعلى الرغم من أن «مشروع المملكة» المزعومة يشوبه كثير من الغموض، فإن مغردين عرباً لم يخفوا مخاوفهم من أن يكون «المشروع» بديلاً لموطن ملايين العرب الذين يعانون بسبب اللجوء، وغير قادرين على العودة إلى بلدانهم؛ خشية أنظمة الحكم الموجودة فيها.
وكانت أبرز المخاوف من أن يُنقل سوريون، وفلسطينيون إلى هذه «المملكة» المزعومة، في حين أشار البعض إلى أن أزمة «البدون» في الكويت قد تُحل بنقلهم إلى «المملكة».
وكتب فاتح حسون، وهو قيادي في المعارضة السورية: «لا بد من أن يشعر اللاجئون والمهجّرون السوريون بالقلق حيال مصيرهم وحق عودتهم لمساكنهم بعد الإعلان عن (مملكة الجبل الأصفر)، وعلى مؤسسات الثورة السورية أن تدرس بجديةٍ النوايا الدولية حيال حق اللاجئين».
وقال أحمد مقلد، وهو طبيب وسياسي سوداني: «أتمنى من المسؤولين في السودان التعامل مع ما يسمى بـ #مملكة_الجبل_الأصفر بجدية وحزم، هناك ذباب إلكتروني سعودي ومصري يدعم تكوين هذه الدولة الخرافة لهدف معروف. فها هي مصر وبمساعدة شركات سعو-إماراتية تنقّب عن الغاز والنفط على ساحل حلايب والتوغل بسرقة خيراته، في حين نتعامل بطيبة ساذجة!».
يشار إلى أن حسابات «المملكة» المزعومة لفتت إلى أنها تلقت «برقيات ورسائل تهنئة من زعماء ورؤساء وملوك ومسؤولي الدول الصديقة والشقيقة بمناسبة إعلان قيام مملكة الجبل الأصفر».