ملف السجون الحوثية بذمار

منطقة عبور المسافرين التي تحولت إلى "مثلث برمودا".. تتبع خارطة السجون الحوثية في ذمار

قرابة ثلاثة آلاف من المخطوفين والمخفيين قسراً في سجون مليشيات الحوثي بمحافظة ذمار، من بينهم 1668 مختطف من ابناء المحافظة ذاتها، حتى نهاية العام الماضي 2018، وفق تقارير صادرة عن منظمات محلية.

وتشير التقارير الحقوقية إلى أن محافظة ذمار، ثاني محافظة في عدد الاختطافات وجرائم الإخفاء القسري الذي تمارسه المليشيات الحوثية منذ انقلابها على الشرعية واجتياحها للعاصمة والمحافظات اليمنية  في 21 سبتمبر 2014م.
 

ومع تزايد جرائم الاختطاف والإخفاء القسري، وانتهاج المليشيات للاعتقال كوسيلة احترازية لردع خصومها، وانتقامية لمعاقبة المناوئين لانقلابها، إضافة إلى كون الاعتقال والخطف،  مصدر جيد للأموال الطائلة التي تدفع كفدية مقابل الافراج عن المعتقلين، تضخم عدد السجون التي استحدثتها المليشيات في المدينة إلى جانب اقسام الشرطة والمعتقلات الموجودة.

في هذا التقرير يرصد "المصدر اونلاين" عدداً من السجون العامة والسرية في ذمار، وكيف تحولت من منطقة عبور تربط جنوب ووسط اليمن بصنعاء، إلى مقر رئيسي لاعتقال واحتجاز أهم القيادات الحزبية والسياسية والمدنية، ومعامل للتعذيب الوحشي والقتل العمد، وأماكن لغسل عقول المخفيين قسراً، وإصابتهم بالأمراض الجسدية والنفسية، إضافة إلى ترويع ذويهم ونهب أموالهم وممتلكاتهم.

 

أرقام

 

أورد المركز الإعلامي بذمار إحصائية بوجود أكثر من  55 سجناً سرياً وعاماً في مدينة ذمار وضواحيها، إضافة إلى المنازل – لا تتوفر احصائيات رسمية بعددها - التي أصبحت معتقلات سرية ومؤقتة لمناوئي المليشيات الحوثية، مع عشرات السجون والمباني العامة والخاصة في مديريات المحافظة التي حولتها الجماعة الانقلابية إلى أماكن لاحتجاز وتعذيب المخطوفين خصوم الجماعة.

وحسب مصادر متعددة في محافظة ذمار تحدثت لـ "المصدر اونلاين" فإن نقاطاً أمنية تتمركز في الخط الرئيسي تابعة للمليشيات تحتجز مسافرين إلى مأرب وحضرموت تحت مبرر الاشتباه في أن لهم صلة بالقوات التابعة للحكومة الشرعية، وتقتاد كثيراً ممن تستوقفهم بعد حجزهم لساعات في نقاط التفتيش شرق ذمار، إلى السجون التابعة للجماعة في مدينة.
 

وبحسب المصادر فإن معدل الاعتقال والخطف للمسافرين في تزايد مستمر، حيث تشدد المليشيات الحوثية في نقاط ابو هاشم، وابو أحمد في سنبان ورداع، ونقاط أخرى، من إجراءاتها الأمنية، وتعتقل ما يزيد عن 30 مواطن يومياً، إضافة إلى عشرات العوائل التي تمنع المليشيات عبورها إلى المناطق المحررة وتجبرهم على العودة إلى ذمار.

ولا تتوفر إحصائيات رسمية عن عدد المخطوفين في ذمار من خارج المحافظة، فيما بلغ المخطوفين من أبنائها 1668 وفق لجنة حقوق الإنسان حتى نهاية 2018، ومنهم من تم إطلاق سراحه في تبادل أسرى أو بفدية مالية، إضافة إلى العشرات من المخفيين قسراً والمعتقلين الذين لم يتم رصد حالات اعتقالهم منذ بداية العام الجاري.

السجون العامة .. أماكن للتعذيب الوحشي

1- السجن المركزي (إصلاحية ذمار)

يقبع في سجن الإصلاحية بمدينة ذمار قرابة 840 سجيناً من أصحاب القضايا الجنائية وغيرها، إلا أنه بات خلال العامين الماضيين، أكثر السجون ازدحاماً، بعد أن حولته المليشيات إلى معتقل رئيسي للمسافرين الذين يتم اختطافهم من نقاط التفتيش التابعة للجماعة المسلحة اثناء محاولتهم المرور من الخط العام باتجاه المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بتهم مختلفة أبرزها الالتحاق بالجيش والمقاومة في مأرب، أو الانتماء للمناطق الجنوبية، ومحافظة تعز على وجه الخصوص.

وتشير الاحصائيات إلى اكتظاظ السجن بأربعة أضعاف قدرته الاستيعابية، جلّهم من الشباب، مخطوفين تم اعتقالهم في نقاط التفتيش، او مناوئين من أبناء المحافظة التي لفقت لهم المليشيات تهماً مختلفة ورمتهم بموجب التهم في السجن المركزي دون أي محاكمة.

 

ولا توجد أرقام ثابتة لعدد المخطوفين والمخفيين في السجن المركزي، حيث يستقبل السجن كل يوم العشرات من المخطوفين والمحجوزين، وفق أحد العاملين في السجن.

ويضم السجن مصحة نفسية للمختلين عقلياً، غدت اليوم أهم مركز للتعذيب النفسي للمخطوفين.

ويتم حشر المئات من المخطوفين داخل ثلاث غرفة مخصصة للمختلين عقلياً، مع ندرة دورات المياه، وانعدام الغذاء وتلوث المياه، وتعرضهم لمعاملة قاسية، وإجبارهم على ترديد الصرخة الحوثية، أو الزج بهم في زنازين انفرادية.
 

وكان سجن الأحداث (مبنى ملحق في السجن المركزي) يضم عدداً من السجناء تحت السن القانونية، قبل سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة، لكنه يكتظ حالياً بمخطوفين، من صغار السن، من أبناء وأقارب المناوئين للجماعة أو من المسافرين مع عائلاتهم، إلى المناطق المحررة.

إضافة إلى عشرات الأحداث والقاصرين الذين تزج بهم المليشيات بين السجناء الجنائيين، في انتهاك واضح لحقوق الطفولة وتعريضهم للخطر من المساجين، إضافة إلى ما يتعرضون له من معاملة قاسية من قبل مسلحي الجماعة.
 

أواخر العام الماضي 2018 تم توسيع سجن الأحداث، ليتسع لمزيد من الأطفال، الذين يحاول الحوثيون غسل عقولهم وتعبئتهم بأفكار الجماعة الطائفية، ليتسنى له بعد ذلك إلحاق بعضهم بجبهات القتال.

ويعيش السجناء والمخطوفون في إصلاحية ذمار بشكل عام والمصحة العقلية والأحداث بشكل خاص، أوضاعاً مأساوية، محرومين من أبسط الحقوق الإنسانية الأساسية كالزيارة والخدمة الطبية، مما سهل انتشار الأمراض الجلدية والمعدية كالسل والجرب.

وأفاد شقيق احد المسافرين أن المليشيات احتجزت أخاه، أثناء سفره إلى المملكة العربية السعودية، للعمل، قبل أن توقفه في نقطة أبو هاشم شرق مدينة ذمار في ديسمبر أواخر العام الماضي، وتنقله إلى السجن المركزي.
 

وأضاف في تصريح لـ"المصدر اونلاين" أن جماعة الحوثي اتصلت بهم بعد 23 يوماً من اختطافهم لشقيقه، وابلغوهم أنه من المغرر بهم الذين كانوا يحاولون السفر إلى مأرب، مطالبين بتحويل مال لشقيقهم المحتجز لإعادة التأهيل في السجن المركزي.

وأشار إلى سماح المليشيات لأخيهم بالكلام عبر الهاتف، وطلبه منهم تحويل مصروف، مالي، كي يتمكن من شراء علاج للتهيج الجلدي الذي حصل له في السجن، وقيمة الطعام الذي يقدم له مقابل 1500 ريال يومياً.
 

وأوضح أنهم تمكنوا من إخراج شقيقهم من سجن الحوثيين في ذمار، منتصف فبراير الماضي، مقابل 5000 ريال سعودي سلمت لقيادي حوثي من أقاربهم متواجد في ذمار.

وتُتهم جماعة الحوثيين ممثلة بالقيادي الحوثي الذماري محمد حسين الغرباني (ابو زكريا) المكلف بأعمال مدير السجن، بارتكاب جرائم مختلفة بحق المخطوفين والسجناء، ليس أخرها، إعدام مختطف يدعى محمد عبدالله الشطر (25 عاماً)، زعمت المليشيات أنه أقدم على الإنتحار في يناير الماضي.




 



2- سجن الأمن السياسي
 

يعتبر سجن الأمن السياسي، الواقع في حي المنزل جنوب ذمار، مقبرة.. الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود، وهو أحد أهم وأخطر  السجون التابعة للحوثيين في محافظة ذمار.

ويتعرض فيها المخطوفون والمخفيون قسراً لألوان من التعذيب الوحشي حيث يحوي العشرات من الذين يتعرضون لتعذيب وحشي، وإخفاء قسري، ومنع من الزيارات، وغالبية المخطوفين ممن تصنفهم المليشيات بـ"الدواعش"، والقيادات العسكرية أو الحزبية أو السياسية التي تمثل خطراً قد يهدد الجماعة الانقلابية في المحافظة والمحافظات المجاورة.

ويضم السجن، عشرات المختطفين من المحافظات الأخرى، يتم ترحيلهم أسبوعياً، ولذلك لا توجد ارقام ثابتة لعدد المخطوفين والمخفيين في سجن الأمن السياسي، وكان يقبع في السجن منتصف العام الماضي نحو 235 مختطفاً ومخفٍ قسرياً وفق ما أفاد مصدر حقوقي لـ"المصدر اونلاين".

 

صور الدكتور منير محمد المشرقي، والحروق الخطيرة الممتدة في كامل الجزء العلوي من جسده حتى راسه، توجز بعض ما يحدث من تعذيب وحشي وإجرامي بحق المخطوفين في سجن الأمن السياسي.

استخدمت المليشيات الحوثية في تعذيب الدكتور المشرقي، الأسيد ومواد حارقة أخرى، إضافة إلى الكي بالنار وحرق أجزاء من وجهه  ويديه ورجليه بالنار والمواد الكيميائية. ومن شدة التعذيب الذي تعرض له في الأمن السياسي، أغمي عليه وظن معذبوه أنه فارق الحياة، ليرموه في إحدى الشعاب الخالية، في ضواحي المدينة.

 

كشف جسد المشرقي وحشية ممارسات القائمين على السجون التي تديرها جماعة الحوثيين وقدم صورة لجانب من الفظاعات التي تحدث داخل السجون السرية في ذمار، بعد أن وصل مدينة مأرب في يوليو العام الماضي.

ووفق شهادات مختطفين فإن القيادي الحوثي أبو عبد الملك الشرفي من جهران رصابة، المسؤول الأول عن ما يحدث من تعذيب وانتهاكات في سجن الأمن السياسي، يشاركه في الجريمة مشرف آخر على السجن يدعى أمين الرشدي من منطقة جبل الشرق مديرية آنس. 

 

وتؤكد أمة السلام الحاج، رئيس رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسراً  أن ما تقوم به جماعة الحوثيين من إجرام في سجونها وخاصة محافظة ذمار، "يندى له الجبين ويرقى إلى أن يكون جرائم حرب".

وأضافت الحاج في تصريح خاص لـ«المصدر اونلاين» إن أكبر دليل على اجرام الحوثيين بحق المخطوفين في السجون السرية أو الرسمية بذمار، وغيرها من السجون، «الضحايا الذي يخرجون من تلك السجون جثثاً هامدة أو تظل لوقت قصير وتتوفى نتيجة التعذيب والإهمال للحالات المرضية وانتشار الأمراض داخل السجون».

وأشارت رئيسة رابطة امهات المخطوفين، إلى مرض السل «أخطر مرض يفتك بالمختطفين وعليه فإن رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسراً تحمل جماعة الحوثيين المسؤولية عن حياة فلذات أكبادنا».

 

3- سجن البحث الجنائي

 

يقع السجن جوار إدارة البحث الجنائي بالمحافظة شرق المدينة على خط المدينة السكنية، ويتكون من هناجر إسمنتية ضيقة مكونة من عدة غرف أرضية، يحتجز فيها العشرات من المخطوفين والمسافرين.

ويتم التحقيق مع المخطوفين في مبنى إدارة أمن البحث، المجاور للسجن، حيث يتم تعذيب المخطوفين جسدياً، بالضرب بالعصي وبأعقاب البنادق، والكي بالنار، والتعليق في الجو والإيهام بالغرق.. إلى آخر وسائل التعذيب الجسدي.

كما تحرم المليشيات المخطوفين من الطعام، وتخضعهم لجلسات تحقيق طويلة ومنع من النوم، حتى تحصل على اعترافات خطية بالانتماء للمقاومة الشعبية أو أنهم كانوا يعتزمون التوجه للانضمام للجيش التابع للحكومة الشرعية في مارب، أو أنهم ساهموا في رفع إحداثيات للطيران، أو الاعتراف بالوجهة المراد الذهاب إليها وعن طريقة السفر والمتواطئين مع المختطف.

 

وبعد عمليات تحقيق وتعذيب يرحل المخطوفون إلى سجون أخرى، حسب التصنيف الذي تضعه لهم المليشيات، فمنهم من يرحل إلى السجن المركزي، وآخرون إلى الأمن السياسي.

ويدير السجن القيادي الحوثي محمد الخطيب (أبو صخر، من إب) ويشرف عليه قيادي آخر من أبناء رصابة بجهران يدعى عبدالعزيز خيران (أبو نصر). ويشرف على عمليات تعذيب المخطوفين، قيادي متحوث من مديرية عنس يدعى حميد ناجي عمران، مسؤول التحريات بالبحث، ومدير مكافحة المخدرات المدعو جبر العصري (أبو عبدالملك).

 

أقسام الشرطة

 

حولت المليشيات الحوثية، أقسام وإدارات الشرطة في مدينة ذمار، إلى معتقلات للمختطفين والمخفيين قسرياً، وأماكن للإحتجاز والتعذيب والنيل من خصوم الجماعة، أو من يعتقد أنه يشكل خطراً ولو بسيطاً على عناصر الجماعة.

وقال مدير عام الشرطة في محافظة ذمار العميد دكتورعادل طماح (مسؤول معين من قبل الحكومة الشرعية والذي لا يستطيع الوصول إلى المحافظة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين) "إن المليشيات الحوثية الإجرامية، حولت أقسام الشرطة من أداة لبسط الأمن والسكينة في ربوع المحافظة إلى أداة قذرة لنشر الخوف والذعر في صفوف المواطنين ومطاردة معارضيها والزج بهم في أماكن التوقيف المؤقتة في تلك الاقسام التي تحولت إلى سجون خارج إطار القانون".

 

وأضاف في تصريح خاص لـ«المصدر اونلاين»: "من المؤسف جداً قيام مليشيات الحوثي الانقلابية بتحويل ذمار وبقية المحافظات التي لا زالت تحت سيطرتها إلى سجون كبيرة، من خلال ممارساتها القمعية العنصرية ضد أبناء الشعب، بتكميم الأفواه تارة والتهديد والمطاردة والملاحقة للمواطنين تارة والاختطاف وتقييد الحريات تارة أخرى".

وأشار العميد طماح، إلى استغلال المليشيات «سيطرتها على مرافق وآليات الشرطة وتأثيرها على بعض منتسبي جهاز الشرطة ممن باعوا شرف المهنة مقابل فتات من الأموال المنهوبة في محافظة ذمار لاستخدامهم في إرهاب المواطنين والتنكيل بهم وإذلالهم». 

 

وأشار مدير شرطة ذمار أنه من خلال تواصله مع بعض المخطوفين المفرج عنهم، "حصلنا على معلومات مؤلمة لما يلاقيه اولئك المختطفين من شتى صنوف العذاب النفسي والجسدي الذي نتج عنه أصابة العديد منهم بالأمراض النفسية والتشنجات العصبية، هذا فضلا عن الأمراض الجسدية الخطيرة والمعدية التي انتشرت في الآونة الأخيرة بين نزلاء تلك السجون".

ولفت إلى عملية إحلال ممنهجة تقوم بها المليشيات في جهاز الشرطة حيث تستبدل المؤهلين من خريجي الشرطة  بقيادات حوثية «لا صلة له بالعمل الأمني ولا تفقه شيئاً في مجال الحقوق والحريات ومنحته رتبة العميد وأوكلت إليه مهمة إدارة الأمن»، إضافة إلى تهميش جميع رؤساء أقسام الشرطة المؤهلين، أو استبدالهم "بمشرفين من عناصر الجماعة غير مؤهلين لا يفقهون شيئاً في القانون ولا يعلمون أبسط متطلبات العمل الأمني والشرطي".

 

وغدت أقسام الشرطة في ظل سيطرة الحوثيين أوكاراً للاختطاف والترهيب والتعذيب والمتاجرة بحرية وحياة المخطوفين ونذكر منها التالي:

 

1-  سجن الوحدة

 

سجن «الوحدة»  الواقع شرق مدينة ذمار «السكنية السفلى»، على خط مديرية الحدا، هو قسم شرطة، حولته المليشيات إلى سجن للمتاجرة بالمخطوفين والمعتقلين، خصوصاً من مناهضي الانقلاب سياسياً أو نشطاء وكتاب الرأي الرافضين لهيمنة المليشيات.

وتمارس المليشيات فيه أشد أنواع التعذيب النفسي على المخطوفين، وابتزاز ذويهم بمصير أبنائهم.

وأكد محمد الواشعي،  مدير عام مكتب الإعلام والعلاقات العامة بذمار، أن المليشيات تعذب المخطوفين في سجن الوحدة بشكل مختلف، حيث يتم أخذ المخطوفين في ساعات متأخرة من الليل إلى وديان وأماكن خالية من السكان، ويتم تعذيبهم وضربهم هناك، ومن ثم إعادتهم إلى قسم الوحدة.

 

وأضاف الواشعي في تصريح خاص لـ«المصدر اونلاين» «أنا خطفوني إلى سجن الوحدة ولم يفرجوا عني إلا بعد وساطات وتدخل ناس كثير، وطالبت المليشيات من والدي فدية 500 ألف ريال، إلا أنه تم اقناع مشرف السجن في ذلك الحين أبو علي يحيى الديلمي، بأن وضع اسرتي المالي لا يسمح بمبلغ كبير، فتم إطلاق سراحي مقابل دفع 70 ألف ريال».

وتحدثت عدة تقارير إعلامية عن حالات متاجرة أخرى، بحرية وحياة المختطفين في سجن الوحدة، جنى المشرفون الحوثيون منها ملايين الريالات، عبر إجبار ذوي المخطوف على دفعها عبر وساطات يقودها مشائخ في الغالب موالون للجماعة الإنقلابية. ويشرف على السجن حالياً القيادي الحوثي أبو صقر عامر وهو من مديرية جبل الشرق آنس.

2- سجن المنطقة الجنوبية

 

قسم المنطقة الجنوبية، يقع جوار المعهد المهني، على شارع المنزل جنوب المدينة، ويمثل أحد أهم المعتقلات للمليشيات الحوثية، حيث يتم فيه اعتقال المدانين بالجرائم الجنائية، والتحقيق معهم قبل أن يتم نقلهم إلى السجون الرئيسية.

ويختص القيادي الحوثي المشرف على السجن المدعو ابو طالب العنسي، من مديرية عنس، بابتزاز المعتقلين والصرف في التهم والأدلة الموجهة ضدهم من قبل زملائه الذين نفذوا عمليات الإختطاف، مقابل حصوله على مبالغ مالية كبيرة، لإخفاء الأدلة التي تدينهم، أو إطلاق سراحهم بعد إيهام موجهي التهم، بعدم كفاية الوثائق والشهود لإدانة المتهمين.

كما يعتقل في السجن كل من يشتبه في مناهضته للجماعة الحوثية ومعتقداتها الطائفية، أو يسخر من قياداتها العسكرية والدينية ومرجعياتها في إيران ولبنان.

 

3- سجن الغربية

 

ويطل على خط الدائري الغربي، غرب مدينة ذمار في حارة الغدراء جوار مسجد الإمام الشوكاني ويشرف عليه قيادي حوثي يدعى محسن لقمان. 

وتقول زوجة أحد المخطوفين، إن السجن مخصص لكوادر وأعضاء الإصلاح من أبناء ذمار الذين لا يوجد لديهم أي نشاط موالي للشرعية، أو ارتباط بالمقاومة، وهو حال زوجها الذي تم اختطافه من جوار منزله، أثناء مغادرته المنزل باتجاه محله التجاري وسط مدينة ذمار.

 

وبحسب إفادة زوجة المختطف لـ«المصدر اونلاين» فإن المليشيات تسمح بين الحين والآخر لزوجها بالاتصال، كما تمكن أحد اقاربهم من زيارته في السجن والاطمئنان على صحته والاطلاع على وضعه ووضع السجناء الأخرين الذين ينتمون للإصلاح، وهي التهمة الوحيدة التي يعتقلهم الحوثيون بسببها.

 

كما تحتجز المليشيات العديد من الشخصيات الاجتماعية المؤثرة في المجتمع وقيادات من حزب المؤتمر رغم أنهم لم يقدموا على ممارسات أو يظهروا أي مواقف معادية أو مناهضة للمليشيات.

 

4- سجن «الغبراء»

 

هو قسم شرطة حولته المليشيات إلى معتقل للتعذيب النفسي والجسدي وانتهاك كرامة وحرمة المخطوفين.

يقع السجن شمال غرب مدينة ذمار، ويشرف عليه القيادي الحوثي أبو يونس من أبناء وادي الحار بمغرب عنس. واشتهر السجن بإصابة المخطوفين فيه بالعديد من الأمراض النفسية كانفصام الشخصية والنوبات العصبية وأمراض الصرع الذي انتشر بشكل كبير.

وكشف مخطوفون محررون، عن تزايد تلك الأمراض في الفترة الأخيرة، مما اضطر إدارة السجن للاستعانة بالمخطوفين وآخرين من خارج السجن للسيطرة على الوضع.

 

5- سجن الشرقية

 

أشارت مصادر في المقاومة الشعبية، إلى احتجاز المليشيات الكثير من المخطوفين في غرف صغيرة في القسم، ويتعرضون بين الحين والأخر للتعذيب والتحقيق معهم.

وأفاد نشطاء لـ«المصدر اونلاين» أن حالات وفاة لمختطفين تم رصدها في السجن، وأجبرت المليشيات ذوي المخطوفين المتوفين على الصمت وعدم نشر تفاصيل ما تعرض له ذووهم في وسائل الإعلام فضلاً عن قيامها بطلب مبالغ مالية مقابل تسليم جثة أحد المخطوفين.

ويشرف على السجن القيادي الحوثي يوسف الوماس المكنى "أبو عاصم الوماس" وهو من ضوران آنس.

 

السجون المستحدثة والسرية:

 

فجع الوسط الصحفي والإعلامي في اليمن، عصر يوم الخميس 21 مايو 2015، بواحدة من أبشع الجرائم التي استخدمت فيها المليشيات الحوثية، المختطفين، درعاً بشرياً لحماية مخازن الأسلحة المخبأة في مبنى الرصد الزلزالي بجبل هران، شمال مدينة ذمار، وسط اليمن.

كان الموت في ذلك اليوم من نصيب الإعلاميين يوسف العيزري وعبدالله قابل، اللذين استشهدا، مع آخرين أبرزهم القيادي في حزب الإصلاح أمين الرجوي في غارة جوية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، استهدفت ترسانة عسكرية للمليشيات، لكنها أسدلت الستار على المئات من المباني الحكومية والخاصة، التي حولتها جماعة الحوثي إلى سجون سرية ومعامل تعذيب لكسر إرادة اليمنيين.

 

1- سجن هران

 

سجن هران ليس سجناً واحداً بل عدة مبانٍ كانت تُعرف فيما سبق بحديقة هران، وتتكون الحديقة من عدة مباني ومرافق حولتها المليشيات الحوثية إلى معتقلات وسجون سرية للمخطوفين، بعد قيامها بإغلاق ابواب الحديقة أمام الزوار مطلع عام 2015م.

وفي أعلى جبل هران كان يتواجد مبنى مركز الرصد الزلزالي الذي استخدمته المليشيات كمخزن للأسلحة ووضعت فيه عدداً من المخطوفين كدروع بشرية، مما تسبب في استشهاد الصحفيين عبدالله قابل ويوسف العيزري.

 

وكشفت منظمة هيومن رايتس واتش في تقريرها عن 12 جثة تم انتشالها من موقع السجن الذي قصفه طيران التحالف العربي في مايو 2015م. بينها جثتي الصحفيين العيزري وقابل.

وأشار تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان - مقرها لندن- إلى أن من ضمن الضحايا القيادي بحزب الإصلاح أمين الرجوي والذي عثر على جثته مع الصحفيين، إضافة إلى طبيبين وناشط سلفي.

ووفق الشهود فإن المليشيات كانت تحتجز نحو 73 مختطفاً في هران مركز الرصد ومرافق أخرى.

وروى عدد من المخطوفين الناجين من القصف الجوي الذي استهدف مركز الرصد الزلزالي، شهادات مؤلمة لما حدث من مجزرة مروعة، ومشاهد الدماء والاشلاء التي اختلطت بحجارة المبنى المدمر، وصناديق من الاسلحة والذخيرة المتناثرة في المكان المستهدف.

 

كان القصف الذي اودى بحياة العيزري وقابل سبباً في تحرر بعض المخطوفين ومنهم خال الإعلامي/محمد الضبياني، الذي روى شهادة خاله – في مقال على موقع الجزيرة نت نشر منتصف عام 2017م- على ذلك المشهد المؤلم، وحقيقة استخدام المليشيات الحوثية المخطوفين دروعاً بشرية.

وبحسب المعلومات التي حصل عليها "المصدر أونلاين" من مصادر خاصة فإن القيادي الحوثي المنتمي لقرية زراجة بمديرية الحدأ، ابو عبد الملك مطهر، ما زال يدير السجون السرية في مباني أخرى بحديقة هران، وهو المتهم الاول في قتل المخطوفين الذين قتلوا في القصف الجوي «مجزرة هران».

 

2- سجن الشونة (مسلخ المخطوفين)

 

استحدثت المليشيات الحوثية سجن «الشونة» أو الأمن الوقائي كما يسميه الحوثيون، للنيل من خصومها الذين تصنفهم أكثر خطراً.

والسجن عبارة عن مدافن "خزانات أرضية" للحبوب والبذور، في مدينة معبر يجاور إدارة أمن المدينة، كان يستخدم في الماضي لحفظ كميات من المحاصيل الزراعية التي يتم تجميعها من المواطنين ضمن بند الزكاة، لكنه ومنذ سيطرة الحوثيين، تحول إلى مسلخ بشري تمارس الجماعة فيه أقسى وسائل التعذيب والإذلال بحق المخطوفين والمخفيين قسراً.

والمعتقل مكون من عدة هناجر أرضية (8 هناجر) ارتفاعها بين الأربعة والثلاثة الأمتار، سقفها من الإسمنت المسلح، وتوجد فيها فتحات تهوية صغيرة في الأعلى، ودورة مياه واحدة فقط لجميع الهناجر.

 

ويقول الصحفي/عبدالله المنيفي، إن سجن الشونة، مسلخ للمخطوفين، مشيراً إلى ما يتعرض له المخطوفون هناك من تعذيب بالكهرباء والضرب والتعليق والكي بالنار.

وتحدث المنيفي عن اختطافه من قبل المليشيات الحوثية في فبراير عام 2016 ونقله إلى سجن الشونة بمعبر، وممارسة المليشيات التعذيب بحقه وبحق مخطوفين آخرين كان يسمع صراخهم.

وفي حديثه  لـ«المصدر اونلاين» يقول المنيفي الذي قضى في سجون الحوثيين فترة سنتين وشهرين كانت ليلتان قضيتهما في الجحيم، الاحتجاز في تلك الهناجر بحد ذاته تعذيب فكيف بالضرب والكهرباء والتعليق والجر والتجويع والماء القذر الذي لا يصلح للحيوانات.

 

وأشار تقرير سابق لمنظمة سام للحقوق والحريات، إلى شهادة مخطوف سابق في السجن يدعى مراد، أوضح فيها «عندما يتم نقل الضحية من سجون الجماعة في مدينة ذمار، إلى سجن واجبات معبر، يتم إيهامه بأنه سيُعدم في مكان ما، والبعض الآخر يوهم بأنه سيرمى من على متن الطقم العسكري وهو في أقصى سرعة، والبعض يوهم بأنه سيٌرمى من شاهق، ويتبادل المسلحون الكلام بما يوحي أنهم سيقتلون الضحية، أما عندما يطلب الضحية الماء فيجيبوه بأنهم سيسقونه البول، موجهين الأمر لأحدهم بأن يتبول حتى يشرب الضحية».

ويشرف على السجن عدة مشرفين حوثيين، منهم القيادي أحمد عبدالله الشرفي المكنى أبو حمزة، والمعين من المليشيات مؤخراً مديراً عاماً للشرطة في محافظة ذمار

 

3- كلية المجتمع

 

تتكون كلية المجتمع الواقعة خارج مدينة ذمار (على بعد 5 كم) باتجاه صنعاء، من مباني وملحقات يجمعها سور مرتفع وبوابة رئيسية كبيرة إضافة إلى بوابات فرعية.

لم تعد مظاهر العلم والنظام حاضرة في كلية المجتمع، فالناظر إليها - المسافر على خط صنعاء تعز-  يشاهد مباني واقفة كأطلال خالية من كل شيئ إلا الرعب والخوف والوحشة التي باتت واضحة حتى على جدرانها.

وفي الليل تتغير الأوضاع ويسمع صراخ وعويل من داخل الكلية، كما تنشط أطقم المليشيات، ذهاباً واياباً من وإلي الكلية، تنقل المخطوفين والمخفيين قسراً تحت جنح الظلام.

وخصصت المليشيات كلية المجتمع للمخطوفين والمخفيين قسراً من أبناء تعز وإب والمحافظات الجنوبية، إضافة إلى مخطوفين من أبناء ذمار.

 

قاعات الدراسة والبدرومات في الدور الأرضي بالكلية هي معتقلات سيئة الصيت للمخطوفين – سبق ان أغلق الحوثيون نوافذها بالإسمنت والطوب والأخشاب - فيما خصصت الأدوار العليا لعمليات التحقيق والتعذيب.

وتستخدم المليشيات الحوثية أدوات ومعامل الكلية في تعذيب المخطوفين والتمثيل بأجسادهم بالنار والمواد الحارقة كالأسيد، والإعتداء عليهم بالضرب والحرمان من النوم والطعام.

أواخر يناير المنصرم نشر "المصدر أونلاين" خبراً عن انتشار مرض السل داخل سجن الحوثيين في كلية المجتمع بذمار ووفاة سجين يدعى هلال الجرف.

في وقت لاحق وجهت رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسراً فرع تعز، رسالة مناشدة للمبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، أكدت فيها على انتشار مرض السل ومراض جلدية أخرى، في المختطفين في سجن كيلة المجتمع بذمار.

 

وقالت الرابطة إن المليشيات الحوثية تحتجز 61  مختطفاً من أبناء محافظة تعز «يحرمون من حقوقهم الإنسانية خاصة الرعاية الصحية».

وأشارت الرابطة في رسالتها آنذاك – حصل المصدر اونلاين على نسخه منها- إلى وفاة عدد من المخطوفين ضحايا لمرض السل وإهمال الرعاية الصحية المتخصصة داخل هذا السجن «الصحفي أنور الركن، محمد ثابت المزارع، ومنذ أسبوع أيضاً توفي هلال الجرف».

وأوضحت رسالة فرع الرابطة في تعز، بأن 17 مختطفاً في حياتهم مهددة بالموت «مصابين بالسل»، مطالبة غريفيث بالتدخل وانقاذ حياة المخطوفين. 

وسبق أن استهدف الطيران الحربي، أحد مباني كلية المجتمع.

 

4- استاد ذمار الرياضي

 

الاستاد الرياضي والملعب الوحيد في مدينة ذمار، الذي تحول إلى مركز العمليات الحربية للمليشيات الحوثية ومقر الإمداد البشري والعسكري للجبهات.

وإضافة إلى ذلك فإن المخازن الأرضية والغرف الواقعة تحت مدرجات الملعب، تكتظ بالمئات من المخطوفين والمخفيين، إضافة إلى أسرى الجيش الذين تنقلهم المليشيات من جبهات الضالع ودمت والبيضاء وتخفيهم في تلك الغرف والمخازن، التي كانت مؤجرة سابقاً لأحد التجار كمخازن.

وفي جزء آخر من الاستاذ الرياضي، تنشط المليشيات الحوثية في طباعة الملازم والشعارات واللافتات الطائفية، مستخدمة المطابع التابعة لجامعة ذمار والتي نهبتها المليشيات أواخر العام 2015 وباتت تستخدمها في نشر ثقافة الكراهية ومسيرة الخراب والدمار.

 

5- مستوصف عيشان

 

يقع مستوصف "عيشان" خارج مدينة ذمار  باتجاه الغرب، على خط (الحسينية - الحديدة) ويبعد عن المدينة (7 كم).

يتكون المستوصف من دورين مع دور أرضي وحوش، واستحدثت المليشيات بعد السيطرة عليه، نقطة تفتيش مجاورة له، فيما عمدت إلى خلع النوافذ وسدها بالإسمنت والبلوك.

ويعتبر المستوصف سجناً سرياً خاصاً بالمعارضين للجماعة، من النشطاء السياسيين والمجتمعيين من أبناء المناطق الغربية للمديرية خصوصاً أبناء عتمة ووصابين.

 

6- سجن الأمن القومي

 

استحدثت المليشيات الحوثية سجناً تحت مسمى الأمن القومي في منطقة رصابة.

والسجن عبارة عن مزرعة أبقار سابقة، حولت المليشيات هناجرها إلى معتقل سري للمتهمين من عناصرها بالخيانة، إضافة إلى عدد من المخطوفين والمخفيين قسراً.

ولا تتوفر معلومات عن السجن، ولا عن المخطوفين، حيث تتكتم المليشيات بشكل كبير حوله، ولم نتمكن من مقابلة أحد ممن كانوا محتجزين بداخله.

 

7- سجن المجلس المحلي

 

مبنى المجلس المحلي في مدينة ذمار المطل على شارع التعاون جوار مقبرة العمودي، تحول الدور الأرضي فيه إلى بدرومات سرية للمعتقلين من مناوئي الجماعة.

وتحتجز المليشيات في بدرومات المجلس المحلي، العشرات من المواطنين الذين قادهم القدر والخلاف على أراضي وأملاك إلى الاحتكام إلى مشرفي الجماعة ومسؤوليها في المدينة.

 

ويفرض قادة المليشيا أحكاماً عرفية للفصل بين المتخاصمين، وغرامات مالية تكاليف التحكيم، وفي حال رفض أحد المتخاصمين الحكم أو ألمح إلى استئنافه عبر المحاكم، فإنه يرمى في بدروم من عدة غرف أرضية في المجلس بعضها كانت فيما سبق محلات تجارية. كما يحجز في السجن شباب من حارات المحافظة، ترميهم وشاية أحد المتحوثين إلى غياهب سجن المجلس المحلي، ولا يفرج عنه إلا بغرامة مالية والتزام خطي  منه ومن عائلته، بعدم الحديث او التطرق للجماعة أو إظهار أي رفض لنظامها القائم.

 

8- سجن المركز التدريبي

 

معسكر التدريب الخاص بالحرس الجمهوري، غرب مدينة ذمار، هو الآخر، بات مكاناً لاحتجاز وتعذيب العشرات من المخطوفين السياسيين وأصحاب الرأي من مختلف المحافظات.

وتستخدم المليشيات المخطوفين دروعاً بشرية لحماية المعسكر والمليشيات من ضربات التحالف العربي، حيث سبق أن استهدف الطيران تجمعات للمليشيات وهناجر في المعسكر بداية عام 2017.

ووفق المعلومات فإن المليشيات الحوثية ما زالت تستخدم المعسكر لتدريب عناصرها، كما تخزن فيه كميات من الأسلحة والذخيرة في هنجر ملاصق للهناجر التي يحتجز ويعذب داخلها المخطوفون بشكل مستمر.

 

سجون سرية ليس لها وجود في الخارطة

 

ليس ما ذكر سابقاً هي السجون الوحيدة التي استحدثها الحوثيون ويحتجزون فيها المخطوفين والمخفيين، فالمعلومات وشهادات المخطوفين المفرج عنهم، تشير إلى عملية تكتم كبيرة تقوم بها المليشيات حتى مع المخطوفين.

وروى المختطف المحرر د.محمود الغابري، عن حادثة اختطافه من قبل المليشيات الحوثية أواخر عام 2015، اثناء مروره من جوار مكتبة البردوني وسط المدينة.

 يضيف لـ«لمصدر اونلاين» «تم اختطافي على طقم ليس له لوحة، وبعد أن ربطوا يدي للخلف وقدمي تحرك الطقم إلى جوار السجن المركزي الإصلاحية، ثم قاموا بربط عيوني وتحرك الطقم مسافة طويلة شعرت حينها بأننا نتجه إلى خارج المدينة».

وأشار الغابري إلى جره من الطقم ووضعه في مكان وهو مغلق العينين ومربوط اليدين والاقدام، وتعرضه للتعذيب المختلف بالنار والضرب لثلاثة أيام، متواصلة، قبل أن تعاود المليشيات جره مسافة 20 متراً تقريباً ويتم وضعه على الطقم الحوثي.

 

وأوضح المختطف تفاصيل الاختطاف: «أصعدوني على الطقم وتحركوا إلى أماكن مختلفة، حتى توهوني، ثم تم رميي من على الطقم بعد فتح عيوني وأنا ما زلت مكبل اليدين والقدمين، في وادي بقاع جهران جوار منطقة الأبحاث الزراعية».

وتستخدم المليشيات العشرات من المنازل كسجون سرية، خصوصاً المنازل التي سيطرت عليها وكانت مملوكة لخصومها الذين تم خطفهم او نزحوا بشكل إجباري إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

أحد تلك السجون - وفق مصادر - يديرها شخص من صعدة يدعى صالح خريم «ابو نصار»، وهو مخصص لاعتقال المهربين وتجار الممنوعات وأبناء القيادات والمسؤولين والتجار الأغنياء خصوصاً، ولا تتوفر معلومات عن ما يحصل داخل السجن من ممارسات أو ما تنتهجه المليشيات من ابتزاز ضد المعتقلين فيه والمخطوفين من أبناء التجار والمسؤولين، كما يصعب تحديد مكانه.

 

وسجون في ريف المحافظة أيضاً

 

للمليشيات الحوثية في كل مديرية من مديريات ذمار سجن سري – منزل كبير تحوله المليشيات إلى مكان لاحتجاز المخطوفين مؤقتاً - إضافة إلى السجون الرسمية التابعة للداخلية وإدارات أمن المديريات.

ومن تلك السجون سجن "المردع" في مديرية الحدا، شرق مدينة ذمار، وهو سجن قديم ومشهور كان يتخذه الإمام احمد سجناً لردع القبائل فسمي بالمردع. ويشرف على سجن المردع قيادي حوثي يدعى أبو وليد الحملي.

و سجن ذي سحر غرب مدينة ذمار، وهو عبارة عن مبنى قديم للغاية ويقع غربي المدينة في قرية بمغرب عنس.

 

كما توجد سجون سرية في مديرية المحافظة، إضافة إلى السجون التابعة للشرطة والداخلية هناك، والتي اصبحت هي الأخرى مكان للمتاجرة بحياة وحرية المخطوفين، لكنها ليست بالدرجة نفسها كما يحصل في المدينة والسجون السرية فيها وبضواحيها.

وتتواجد في ذمار عدة معسكرات ومبان حكومية، منها معسكر الأمن المركزي على خط صنعاء، وقاعدة الإدارية، ومدرسة الحرس الجمهوري، ومواقع أخرى، تشير المعلومات إلى استخدام المليشيات بعض المرافق فيها كسجون سرية أو أماكن للإخفاء القسري.

الجدير بالذكر أن ما تم رصده والإشارة إليه في هذا التقرير هو محاولة لتقديم صورة عن السجون التي استحدثها الحوثيون واغلبها في مدينة ذمار، لكنها ليست كل سجون المليشيات، حيث بإمكان أي قيادي في الجماعة أو نافذ من أتباعها أن ينشئ سجناً خاصاً بكل من يخالفه الراي، بعد أن تم تعطيل كل مشاهد الحياة العامة وما تبقى من هامش للقانون ومؤسسات الدولة.