فاروق الكمالي
خيّم الركود على السلع الإماراتية في اليمن، بعد انتشار حملة شعبية واسعة لمقاطعة المنتجات الإماراتية، رداً على سياسات أبوظبي في تشجيع انفصال الجنوب وتقسيم البلاد، وخلق فوضى تعرقل أعمال الحكومة الشرعية.
وقال صبري مقبل، وهو صاحب صيدلية في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، إن الإقبال على شراء الأدوية المصنعة إماراتياً تراجع إلى الصفر، بعد حملة المقاطعة.
وأوضح مقبل، في تصريح لـ"العربي الجديد": "كان الدواء الإماراتي يحتل المرتبة الأولى في سوق اليمن للأدوية، لكن المقاطعة الشعبية انعكست على مبيعات شركات الأدوية الإماراتية والتي تهاوت بشكل واضح".
وأطلق ناشطون ومواطنون يمنيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي طالبت أولا بمقاطعة طيران الإمارات تحت هاشتاغ (مقاطعة طيران الإمارات)، ردا على الانتهاكات الإماراتية في اليمن، ثم توسعت لتنادي بمقاطعة كل منتجات الإمارات تحت هاشتاغ (مقاطعه_المنتجات_الإماراتية).
وعرض ماهر البشر مجموعة أدوية إماراتية وكتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "أنا كطبيب واجبي نحو وطني مقاطعة هذه المنتجات الإماراتية، وأتمنى من جميع الأطباء مقاطعتها".
وقال أشرف عبد المغني، وهو طبيب معروف: "أدعو الزملاء الأطباء والصيادلة إلى مقاطعة الأدوية والمحاليل والمستلزمات الطبية الإماراتية ما أمكن، وكتابة البديل بما يليق بالأمانة العلمية والواجب الوطني".
وتستحوذ 5 شركات إماراتية، أبرزها شركة الخليج للصناعات الدوائية (جلفار فارما)، على نحو 70 في المائة من سوق الدواء اليمني، وفقا لنقابة الصيادلة اليمنيين.
الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي قال إن "حملات المقاطعة الاقتصادية، التي تنظم على مستوى شعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تؤدي غالبا إلى تغيير مواقف المساهمين والمستثمرين الكبار تجاه الدول أو الشركات المتورطة في انتهاكات إنسانية أو استعمارية ضد شعب ما".
وأضاف العوبلي، لـ "العربي الجديد"، أن "حملة مقاطعة المنتجات الإماراتية ستؤثر بشكل إضافي على الاقتصاد الإماراتي الذي يعاني أصلا من مشاكل وستسبب ضغطا إضافيا عليه، نتيجة تغيير توجهات وسلوك المستثمرين والشركات العالمية ومساهميها تجاه الإمارات، كأحد أهم الوجهات الاستثمارية في الشرق الأوسط".
وشدد على ضرورة التركيز واستهداف الشركات الإماراتية الكبرى، مثل طيران الإمارات والاتحاد وشركة إعمار العقارية وموانئ دبي وأدنوك النفطية، وغيرها من الشركات التي تشكل جزءاً كبيراً من الاقتصاد الإماراتي.
وتستهدف الحملة اليمنية لمقاطعة المنتجات الإماراتية، زيوت وشحوم "فويجر" التي تنتجها شركة أبوظبي الوطنية للتوزيع "أدنوك" وبدأت توزيعها في الأسواق اليمنية منذ منتصف سبتمبر/أيلول 2017.
وقال الخبير الاقتصادي مصطفى ناجي، على صفحته في موقع فيسبوك، إن "مقاطعة طيران ومنتجات الإمارات تأتي كنتيجة طبيعية لتدخلاتها التعسفية منذ الربيع العربي"، مؤكدا أن امتداد ردود الفعل إلى الاقتصاد هو نذير شؤم على بلد يعتمد على الخدمات في ازدهاره".
ويدفع اقتصاد الإمارات ثمنا باهظا لتكاليف تورطها في حروب ونزاعات في مناطق مختلفة من المنطقة، أبرزها اليمن. وتوضح تقارير اقتصادية أن ذلك انعكس على معدلات النمو التي بلغت أقل من 2 بالمائة خلال عام 2018، وأقل من 1 بالمائة خلال العام الذي سبقه.
ودولة الإمارات من أهم الشركاء التجاريين لليمن، وبلغ الميزان التجاري 8 مليارات درهم إماراتي (2.2 مليار دولار) في 2011، أي ما يساوي 444 مليار ريال يمني، وفي عام 2014 بلغ 643 مليار ريال يمني، حسب وزارة الصناعة اليمنية.
وبعد انقلاب الحوثيين واندلاع الحرب، ارتفعت صادرات الإمارات إلى اليمن وبلغت 754 مليار ريال يمني عام 2015، منها 58 في المائة مشتقات نفطية و19 بالمائة مجوهرات وأحجار كريمة ومعادن.
واستثمرت دولة الإمارات مشاركتها ضمن التحالف العسكري لدعم شرعية اليمن، في السيطرة على المحافظات الغنية بالنفط والغاز وموانئ التصدير، سواء عبر قواتها أو قوات محلية موالية لها، مما تسبب في تعميق أزمات الاقتصاد وتقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا.