الفالح- وزير الطاقة السعودي

نجل الملك سلمان وزيراً للنفط.. ما طبيعية علاقته بأخيه الأصغر الأمير محمد وهل يستطيع إنقاذ «أوبك+»؟

في تصرف نادر في تاريخ المملكة عين الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز ابنه الأمير عبدالعزيز في منصب وزير الطاقة السعودي الجديد، إذ عادة ما تكون هذه الوزارة من نصيب الموظفين التكنوقراط وليس لأفراد الأسرة الحاكمة.

وحل عبدالعزيز محل خالد الفالح، الذي قاد دبلوماسية منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) لتشكيل تحالفٍ عالمي مع بعض الدول الأخرى المنتجة للنفط مثل روسيا، لتقليل معدلات الإنتاج من أجل رفع الأسعار، على مرِّ ثلاث سنوات. 

فهل سيسفر ذلك عن تغيير السياسة، أم سيؤثر في خطة شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام الأولي؟

من الأمير عبد العزيز؟، وما طبيعة علاقته مع محمد بن سلمان؟

شغل الأمير عبدالعزيز منصب نائب وزير الطاقة طوال عشر سنوات، وكان يشغل منصب وزير الدولة لشؤون الطاقة منذ عام 2017. وهو أخ أكبر غير شقيق للأمير محمد بن سلمان، لكن لا يعتقد أنَّ الرجلين قريبان من بعضهما البعض، فضلاً عن أنَّ فارق السن بينهما كبير، حسب وكالة Bloombergالأمريكية.

ويبدو أنَّ السنوات التي قضاها الأمير عبدالعزيز في الوزارة تؤهِّله لشغل المنصب الأعلى فيها.

وكان كذلك عضواً في وفد المملكة العربية السعودية لدى منظمة أوبك، ويشارك بانتظام في اجتماعات المنظمة حول سياسة الإنتاج. ويشتهر باجتهاده وقدرته على التوفيق بين وجهات النظر المختلفة بين الوزراء السعوديين والأعضاء الآخرين في المنظمة. 

واضطلع بدورٍ فعال في إدارة شؤون النفط في أثناء حرب الخليج في عام 1990، والمحادثات السرية مع المكسيك وفنزويلا، التي أدت إلى خفض الإنتاج مما ساعد في رفع الأسعار خلال ذلك العقد.

سيرة ذاتية زاخرة لوزير الطاقة السعودي الجديد  

ووفق ما أورده موقع وزارة الطاقة السعودية، فإن الأمير عبدالعزيز، كان يشغل حتى الأحد، منصب وزير للدولة لشؤون الطاقة في وزارة الطاقة السعودية منذ 2017.

وشغل بن سلمان قبل ذلك، منصب نائب وزير البترول والثروة المعدنية منذ 2015، ومساعداً لوزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول خلال الفترة بين 2004 – 2015.

كما شغل منصب وكيل لوزارة البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول خلال الفترة، ونُصبَ مستشاراً لوزير البترول والثروة المعدنية، ومدير إدارة الدراسات الاقتصادية والصناعية بمعهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

والأمير عبدالعزيز، عضو في اللجنة العليا لشؤون المواد الهيدروكربونية (المحروقات)، وعضو في مجلس إدارة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومجلس إدارة مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة.

ويحمل الوزير السعودي الجديد، درجة البكالوريوس (ليسانس) في الإدارة الصناعية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، عام 1982، وحاز درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن عام 1985.

وخلال فترة عمله في وزارة الطاقة، شغل عضوية فريق التفاوض السعودي المعني بانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية.

وترأس عبدالعزيز، الفريق المشكل من وزارة البترول والثروة المعدنية وأرامكو السعودية لإعداد الاستراتيجية البترولية للمملكة؛ إضافة إلى الفريق المكلف بتحديث الاستراتيجية.

وشارك الأمير السعودي في غالبية اجتماعات المملكة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وحضر مباحثات بلاده بشأن التوصل لاتفاقات لخفض إنتاج النفط خلال الفترة منذ 2017 حتى آخر اجتماع عقد في يونيو/حزيران الماضي.

أولوية الوزير الجديد

وربما تكون الأولوية القصوى للوزير الجديد هي دفع سياسة معينة في إدارة شؤون النفط ترفع أسعار النفط إلى مستوى يمكنه تغطية الإنفاق الحكومي، أي جعل أسعاره أعلى مما هي عليه الآن بـ25 دولاراً للبرميل. 

وتعد هذه المهمة أشد إلحاحاً في ظل جهود الإصلاح التي يقودها محمد بن سلمان لتجديد الاقتصاد وتشكيل صناعات جديدة لتخليص البلاد من اعتمادها على النفط. فضلاً عن أنَّ ارتفاع أسعار النفط سيدعم وضع تقييم أكبر لحصة شركة أرامكو المزمع بيعها. 

ومن جانبه قال مجد دولا، وهو مدير محفظة في بنك أبوظبي الأول، عبر قناة Bloomberg TV: «بالنسبة للسياسة العامة، لا نرى تغييراً ملموساً. ربما تسفر الدماء الجديدة عن جلب بعض التكتيكات الجديدة إلى طاولة المفاوضات، لكن لا عَجَب في أن تحاول المملكة السيطرة على أسعار النفط، وتحاول رفعها».

كيف قَلَبَ القرار الموازين؟ الأسرة المالكة تتحمل المسؤولية الكاملة  

بتعيين الأمير عبدالعزيز في هذا المنصب تُحكِم العائلة المالكة على أدوات صنع السياسة النفطية في المملكة. ورغم أن العاهل السعودي تكون له الكلمة الأخيرة دائماً في قرارات استراتيجية الحكومة، كان الموظفون المدنيون يترأسون وزارة الطاقة منذ تأسيسها قبل ستة عقود.

ويترأس ولي العهد لجنة تشرف على شركة أرامكو السعودية. وكان وزير الطاقة قد شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو، التي تُعرَف رسمياً باسم «شركة النفط العربية السعودية»، إلى أن أُقيل منه الأسبوع الماضي. وتولى ياسر الرميان، رئيس صندوق الثروة السيادي وحليف ولي العهد، المنصب.

وتتيح هذه التغييرات لعائلة آل سعود إشرافاً مباشراً على أنشطة الشركة وسياسة البلاد النفطية. فبدون إلقاء اللوم على وزير يتحمل تبعات القرارات الخاطئة، ستقع مسؤولية نتائج قرارات استراتيجية النفط مباشرة على عاتق أفراد العائلة المالكة.

ما السبب في إقالة الوزير السابق؟

إن الإخفاق الذي لا يُغتفر لأي وزير للطاقة في السعودية هو عدم قدرته على إبقاء أسعار النفط مرتفعة بما يكفي لدعم الإنفاق الحكومي. ورغم أن الملك لم يذكر أي سبب لإعفاء الفالح في إعلان وكالة الأنباء السعودية عن القرار، إلا أن خام برنت الذي يبلغ سعره نحو 60 دولاراً للبرميل لا يكفي لتمويل الموازنة السعودية، التي تحتاج إلى أسعار تصل إلى 80 دولاراً أو أكثر للبرميل.

الوزير الجديد مشهور بدوره التوفيقي في محادثات أوبك/رويترز

فقد أدخلت المملكة العربية السعودية، الزعيمة الفعلية لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، دولاً غير الأعضاء مثل روسيا في خطة المنظمة لخفض الإنتاج. ورغم نجاح ذلك في البداية، إلا أن المخاوف بشأن الطلب واحتمالية حدوث صعوبات اقتصادية قد أوقفت ارتفاع أسعار النفط.

وكان الفالح هو مهندس «سياسة أوبك+» المزعومة، فقد قام بجولات متكررة مع نظيره الروسي ألكساندر نوفاك لضم عشرات المنتجين الآخرين إلى المجموعة وللضغط على الدول للتمسك بحصصها في الصفقة. وسيتعين على الأمير عبدالعزيز مواصلة هذه العلاقات للحفاظ على السياسة -أو إقناع الآخرين بضرورة إجراء تغيير.

خيارات السعودية

ومن المقرر أن يتحدث الأمير عبدالعزيز هذا الأسبوع في أبو ظبي في مؤتمر الطاقة العالمي، وسيراقب السوق أول تصريحات علنية له كوزير. ويبدو أن المحللين قد اختلفوا على ما إذا كانت «أوبك+» بحاجة إلى الحفاظ على خفض الإنتاج أو ستتطلب مزيداً من خفض الإنتاج.

ومن المستبعد أن تضغط السعودية على الائتلاف لإجراء مزيد من خفض الإنتاج لأن هذا ربما لا يكون في صالح رفع أسعار النفط لعدة أسباب، أهمها الزيادة المحتملة في إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة واحتمالية اتجاه باقي الدول في «أوبك+» إلى استعادة الإنتاج، وذلك حسبما ورد في تقريرمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة. وأضاف التقرير أن أوبك ربما تضطر إلى التراجع عن مزيد من التدخل في السوق وتستعد لاستقبال «أوقات عصيبة» لأن الحرب التجارية والطلب المتناقص يلقيان بظلالهما على مستقبل الاقتصاد.

وقال محللو شركة Sanford C. Bernstein المتخصصة في الأبحاث والوساطة ومنهم نيل بيفريدج إن أوبك بحاجة إلى مزيد من الخفض الحالي في الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً في عام 2020 لتثبيت الأسعار عند 60 دولاراً للبرميل في مواجهة زيادة المعروض من الدول غير الأعضاء في أوبك. 

وأضافوا أن المخزونات ربما تبدأ في التراكم مرة أخرى اعتباراً من آخر سبتمبر/أيلول، وستصل زيادة الطلب إلى 1.2 مليون برميل يومياً في عام 2020، الذي ربما يُستوعَب بسبب زيادة المعروض من الدول غير الأعضاء في أوبك بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً.