الجيش الصيني

بمليوني جندي و170 مليار دولار.. طموح الصين لزعامة العالم عسكريا (صور)

أزاحت الاستخبارات العسكرية الأميركية للمرة الأولى الستار عن تقرير يتناول بالتفصيل القدرات العسكرية والاستخباراتية للصين وسعيها الدائم لتطويرها.

وتصدر الوكالة تقييمها لقدرات الصين بصورة شديدة السرية، حيث لم يسمح بنشر محتوى تقاريرها السابقة التي كان يطلع عليها عدد محدود فقط من كبار المسؤولين.

وكانت إستراتيجية الأمن القومي الأميركي بداية عهد دونالد ترامب قد أشارت صراحة إلى أن الصين تسعى إلى تحدي قوة ونفوذ ومصالح الولايات المتحدة، في محاولة للإضرار بأمن ورخاء الشعب الأميركي.

كما أشارت إستراتيجية الدفاع الوطني الصادرة من البنتاغون منتصف عام 2018 بوضوح إلى الصين على أنها "منافس إستراتيجي يسعى لتحديث قواته المسلحة لضمان سيطرته الإقليمية على المحيط الهادي وجنوب آسيا، ومقارعة نفوذ الولايات المتحدة العالمي".


غواصة نووية صينية أثناء استعراض عسكري (رويترز)
غواصة نووية صينية أثناء استعراض عسكري (رويترز)

تقرير غير سري
ويتحدث التقرير -الذي جاء في 140 صفحة تحت عنوان "قوة الصين العسكرية.. تحديث القوات للقتال وتحقيق النصر"- عن الصعود العسكري الصيني من خلال رصد عدة ظواهر من أهمها:

- الزيادة الكبيرة التي تشهدها الميزانية العسكرية للصين ومقارنتها على مدار الأعوام الماضية.

وتخطت ميزانية الصين العسكرية 170 مليار دولار عام 2018 بعدما بلغت فقط 77 مليارا عام 2007. وارتبط بالزيادة العسكرية زيادة أعداد الجنود لتتخطى المليونين.

- السلوك العدائي المتصاعد للصين في بحر جنوب الصين، واستيلائها على عدد من الجزر محل خلاف مع بعض جيرانها مثل فيتنام والفلبين.

- تصاعد وتيرة وطبيعة المناورات المشتركة التي تجمع بكين وموسكو.

- تأسيس الصين أول قاعدة عسكرية بالخارج ومقرها جيبوتي عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

وتضمّن التقرير عشرات الصور والخرائط لأحدث الأسلحة بالترسانة الصينية، وانتشار القواعد العسكرية ومراكز القيادة والسيطرة.

وعرض خريطة التحالفات الصينية الإستراتيجية، وطبيعة المبيعات العسكرية، وما أهم الدول على قائمة العملاء. وكانت روسيا وإيران ومصر وفنزويلا وباكستان من أهم المشترين لأسلحة صينية خلال السنوات الأخيرة.

وفي سابقة هامة، فصّل التقرير هيكل أجهزة الاستخبارات الصينية، وذكر أفرع قواتها المسلحة وخرائط انتشار قواعدها العسكرية داخل البلاد.

وتتكون المخابرات الصينية من جهاز المخابرات المدنية، مخابرات العمل السياسي، المخابرات العسكرية، الأمن الداخلي، وحدات الإشاعات والتضليل، وأخيرا الاستخبارات الإلكترونية.

كما حظيت طبيعة وتركيبة الأكاديميات العسكرية الصينية وهيكل الأذرع العسكرية الرئيسية والقوات شبة العسكرية بمساحة واسعة من التقرير.


استعراض لقوات التدخل السريع في إقليم غواندونغ (رويترز)
استعراض لقوات التدخل السريع في إقليم غواندونغ (رويترز)

العقيدة القتالية
وتحدث التقرير عن العقيدة العسكرية للصين، حيث ذكر أنها لم تترجم بعد لمحاولة الانتشار العالمي بصورة مماثلة للولايات المتحدة.

وتستهدف الصين في الوقت الراهن ثلاثة أهداف تتعلق بحماية حدودها البرية والبحرية الطويلة، كما تمثل حماية طرق الملاحة التجارية أحد أهم أهدافها، خاصة مع استمرار اعتمادها الكبير على التجارة عبر المحيطات لتوفير موارد الطاقة التي لا ينمو الاقتصاد الصيني دونها.

وتهدف الصين على المدى الطويل لتحديث قدراتها العسكرية لتتماشى مع طموحها كدولة كبرى.

وفي هذا السياق، تحدث مدير المخابرات العسكرية الأميركية الجنرال روبرت أشلي للراديو القومي الأميركي فقال "تحاول الصين أن تطور بعض أسلحتها لتصبح الأفضل عالميا، في حين أن لديها بالفعل بعض أفضل الأسلحة في العالم".


 استقبال عسكري ترحيبا بالمستشارة الألمانية ميركل ببكين (رويترز)
 استقبال عسكري ترحيبا بالمستشارة الألمانية ميركل ببكين (رويترز)

حرب باردة جديدة
وعلى الرغم من عدم استخدام المسؤولين الأميركيين مصطلح "الحرب الباردة" لوصف علاقة واشنطن وبكين، تمتلئ الكتب والدراسات والتعليقات بنقاشات حول الحرب الباردة بين البلدين.

وتختلف حرب واشنطن الباردة مع الصين عن تلك التي خاضتها مع الاتحاد السوفياتي، فالمواجهة الأميركية السوفياتية كانت سياسية وأيديولوجية وعسكرية بالأساس، سعيا لكسب نفوذ حول العالم في معركة صفرية.

في حين تعتبر المنافسة الأميركية الصينية أكثر تعقيدا، حيث يجمعهما تعاملات تجارية تفوق قيمتها سبعمئة مليار دولار سنويا، وتستضيف الجامعات الأميركية ما يزيد على 350 ألف طالب صيني، ويستمتع بالسياحة في الدولتين ملايين الأميركيين والصينيين، ويقلل كل ذلك من وقوع مواجهة شاملة بين الدولتين.

وتنظر الصين للقدرات العسكرية الأميركية بصورة مختلفة، خاصة مع انتشارها في كل أقاليم العالم من خلال مئات القواعد العسكرية.

ولم تتوقف الولايات المتحدة عن التدخل العسكري في مناطق ساخنة منذ وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا، في حين أن الصين لم تعرف التورط في أي نزاعات عسكرية منذ انتهاء نزاع حدودي مع فيتنام عام 1979.

ولا تعرف علاقات واشنطن وبكين توترات عسكرية، إلا أن قرار الولايات المتحدة نشر صواريخ متوسطة المدى تطلق من البر في جنوب آسيا قبل أسابيع مثّل أزمة في علاقات الدولتين العسكرية.

وجاء رد فعل الصين قويا، حيث قالت الخارجية إنها "لن تبقى مكتوفة، وستكون مضطرة إلى اتخاذ تدابير انتقامية في حال نشرت الولايات المتحدة صواريخ متوسطة المدى بهذه المنطقة".

المصدر : الجزيرة